منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Empty
مُساهمةموضوع: تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية   تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Emptyالخميس مايو 14, 2020 2:08 pm

تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع عين على العينية العارف بالله عبد الكريم الجيلي شرح معاصر للقصيدة العينية د. سعاد الحكيم

شرح الأبيات 282 إلى 319 على مدونة عبدالله المسافر بالله  

تاسعا الأبيات من ( 282 ) إلى ( 319 ) الجيلي يروي سيرته الروحية    الجزء الأول
(282) أقصّ حديثا تمّ لي من بدايتي   .....   لنحو انتهائي علّه لك نافع
(283) برزت من النّور الإلهيّ لمعة   .....   بحكمة ترتيب قضتها البدائع
(284) إلى سقف عرش اللّه في أفق العلا   .....  ومنه إلى الكرسيّ جئت أسارع
(285) إلى القلم الأعلى ، ولي منه برزة  .....  إلى اللوح ، لوح الأمر للخلق واسع
(286) إلى الهبأ السّامي ، وقيل  مكرّما   .....   نزلت الهيولى ، وهو للخلق جامع
(287) هناك تلقّتني العناصر حكمة   .....   ومنها أحلّتني حلاها الطّبائع
(288) وأنزلني المقدور في أوج أطلس  .....   هو الفلك العالي الذرى وهو تاسع 
(289) ومنه هبوطي للمكوكب نازلا   .....   على فلك ، كيوان ثمّة  سابع
(290) فلمّا نزلت المشتري وهو سادس  .....   سماء به للسّعد في الكون تابع
(291) أتيت سما بهرام من بعد هابطا   .....   على فلك للشمس والشّمس رابع
(292) وفي كرة الزهراء أعني سماءها   .....   حثثت مطيّ السير والدار شاسع
(293) إلى كاتب الأفلاك وهو عطارد   .....   نزلت وكانت لي هناك مراتع
(294) وبالقمر الباهي نزلت وشرّعت   .....   على الفلك النّاري الأثير ، شرائع
(295) ومنه هوى للأمر في فلك الهوا   .....   ركائب عزم ما لهنّ موانع
(296) وبالكرة المائيّة العين إذ سرت   .....   أضافت ركاب العزم فيها البلاقع 
(297) وهذا نزول الجسم من عند ربّه   .....   وللرّوح تنزيل مجازا متابع
(298) وذلك أنّ الرّوح في المركز الّذي   .....   لها هو روح الحقّ فافهم أسامع
(299) فليس لها فيه هبوط منزّل .....   وليس لها فيه صعود مرافع
(300) ولكنّ في تعيينها بمخصّص  .....   تنزّل عن حكم بأن هو شائع
(301) وذلك للأرواح خلق حقيقة .....   وذلك تنزيل لها وقواطع
(302) ففي المثل المفروض منه ترتّبت  .....   مراتبه حتّى بدا متناوع
(303) فيبرز في حكم المرآة للورى  .....   على الجرم والمقدار إذ ذاك طالع
(304) فتنويعها ذاك التّجلّي هو الّذي   .....   نسمّيه  روحا ، وهو بالنّفخ واقع
(305) وإلّا فلا اسم له غير ربّنا   .....   وليس له إلّا الصّفات مواضع
(306) تنزّه ربّي عن حلول بقدسه   .....   وحاشاه ، ما بالإتّحاد مواقع
(307) ومهما تحلّ الرّوح جسما فإنّها   .....   لتصوير ذاك الجسم في الصّور تابع
(308) ويتبعها في نصبها وارتفاعها   .....   وتتبعه إن جرّ يوما طبائع
(309) فإن قويت بالتّزكيات رقت به   .....   إلى المركز العالي الّذي هو رافع
(310) وإن ضعفت واستقوت النّفس والهوى   .....   تكن تبعا للجسم إذ قام مانع
(311) فتشقى به في سجن طبع وإن رقت   .....   به كان مسعودا وفي العزّ راتع
(312) وإنّ نزول الجسم للخلق في الثّرى .....   سواء ، ولكن بعد ذاك تناوع
(313) فمن سبقت للّه فيه عناية .....    فغير مكوث في التّراب ، مسارع
(314) ومن أبعدته السّابقات فإنّه   .....   له بين نبت والتراب تراجع
(315) فقد يك عشبا ثم ترعاه دابة   .....   ويترب إذ يفنى فيخضرّ ضارع
(316) على قدر تكرار التردّد بعده   .....   لتنسى عهود بالحمى ووقائع
(317) وعند مرور النّفس في كلّ منزل   .....   سينقش فيها منه طبعا طبائع
(318) فتظهر نفس المرء كاملة البها   .....   ومن نسخة الأكوان فيها خلائع
(319) لتذكر بالمشهود غابر أمرها   .....   فيرجع للأوطان من هو راجع
 
شرح الأبيات :-
 
(282) أقصّ حديثا تمّ لي من بدايتي   .....   لنحو انتهائي علّه لك نافع
المعنى :
ابتداء من هذا البيت رقم ( 282 ) وإلى آخر القصيدة ، أي إلى البيت رقم ( 535 ) ، سيروي لنا الجيلي قصته الكاملة : قصة خلقه وتكوينه في العوالم وظهوره على الأرض ومجاهداته وترقيه في المقامات ووصوله إلى مقام الخلافة والبقاء ، ثم سيبين لنا مظاهر مقام الخلافة من قدرة وتصريف. . .
 باختصار سيقص علينا الجيلي هنا حديث رحلته ، منذ بدايتها إلى نهايتها ، وقد أوردنا في المقدمة الفائدة من روايته هذه ، فلتراجع .
 
( 283 ) برزت من النّور الإلهيّ لمعة   .....   بحكمة ترتيب قضتها البدائع
المفردات :
لمعة : في رؤية الجيلي أن الكائن الإنساني هو لمعة من النور الإلهي . والمقصود بالنور هو العلم بحكمة : يشير الجيلي هنا إلى أن العالم الذي يعيش فيه الإنسان ، هو عالم بني قانونه على الحكمة ؛ بمعنى أنه عالم بني على ربط الأسباب بمسبباتها . فعالمنا هو عالم أسباب وحكمة ، في مقابل عوالم قانونها ونظامها هو القدرة الإلهية كأرض السمسمة أو كعالم الخيال كما وصفه الجيلي ، ومن قبله محيي الدين بن عربي . ترتيب : هذا الظهور ليس دفعة واحدة ، وإنما ترتّب متسلسلا ؛ خلق من بعد خلق ، وعالم من بعد عالم ، وكون من بعد كون .
المعنى :
يرى الجيلي أنه برز - شأنه شأن كل مخلوق - لمعة من النور الإلهي ، بمعنى من العلم الإلهي . وهذا الظهور لحكمة أرادها اللّه عزّ وجلّ ، وبترتيب اقتضاه الإبداع الإلهي .
 
( 284 ) إلى سقف عرش اللّه في أفق العلا   .....   ومنه إلى الكرسيّ جئت أسارع
المفردات :
عرش اللّه : إن العرش هو الفلك المحيط بجميع الأفلاك المعنوية والصورية ، وهو مطلق الوجود عينيا كان أو حكميا . ولهذا الفلك ظاهر وباطن ، فباطنه عالم القدس وهو عالم أسماء الحق سبحانه ، وظاهره عالم الأنس ، وهو محل التشبيه والتجسيم والتصوير . [ را . الإنسان الكامل ، 2 / 4 - 5 ] .
الكرسي : هو مظهر الاقتدار الإلهي ومحل نفوذ الأمر والنهي ، وفي الكرسي أول توجّه الرقائق الحقيقية إلى إبراز الحقائق الخلقية ، ومنه يبرز الأمر الإلهي في الوجود . [ را . الإنسان الكامل ، 2 / 5 ] .
المعنى :
بعد أن برز الجيلي ، شأن كل إنسان ، من العلم الإلهي لمعة ، يتنزّل في الأكوان هابطا إلى الأرض . ولكن تنزّله يتمّ في عالم بعد عالم ، ويتطور في خلق بعد خلق .
وأول تنزّل هو إلى سقف عرش اللّه . والمقصود إن الإنسان يتنزّل من كونه
لمعة نور غير محددة الصورة ، إلى التجسيم والتصوير في العرش ...
وبعد التجسيم والتصوير تتنزّل لمعة النور إلى الكرسي ، أي يتوجه هذا الأمر الإلهي إلى التنفيذ والبروز في عالم الخلق .
 
( 285 ) إلى القلم الأعلى ، ولي منه برزة  ....  إلى اللوح ، لوح الأمر للخلق واسع
المفردات :
القلم الأعلى : “ القلم الأعلى عبارة عن أول تعينات الحق في المظاهر الخلقية على التمييز “ .
ويقصد الجيلي بقوله “ على التمييز “ ، إن الخلق له تعين إبهامي أولا في العلم الإلهي ، ثم له وجود مجمل حكمي في العرش ، ثم له ظهور تفصيلي في الكرسي ، ثم له ظهور على التمييز في القلم الأعلى ، لأن وجود الإنسان في تلك المجالي الأول جميعها قبل القلم الأعلى هو غيب ، ووجوده في القلم وجود عيني مميز . [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 5 ]
للوح : اللوح المحفوظ . لوح الأمر : اللوح المحفوظ ؛ ينقش القلم الأعلى كل ما يقتضي وجوده في اللوح المحفوظ ، ففيه صور الوجود جميعها منقوشة ، بحيث لا تظهر صورة في العالم إلا إن كانت منقوشة ومنطبعة في اللوح المحفوظ.
 للخلق واسع : يسع المخلوقات .
المعنى :
بعد أن تنزّل الجيلي ، وكل إنسان ، إلى التجسيم والتصوير في العرش ، ومن ثمّ إلى التنفيذ في الكرسي ، تنزل هذا الأمر الإلهي - أي الإنسان - إلى التعيين والتمييز في وجود مستقل في القلم الأعلى ، ثم انتقش هذا الوجود العيني المميز في صورة حواها اللوح المحفوظ .
 
( 286 ) إلى الهبأ السّامي وقيل : مكرّما   .....   نزلت الهيولى ، وهو للخلق جامع
المفردات :
الهبأ السامي : الهباء هو المادة المحدثة التي خلق اللّه فيها صور العالم ، أي هو الجسم القابل للتشكل . [ را . المعجم الصوفي . للشارحة . مادة “ هباء “ ] . وهو ما يسميه الفلاسفة بالهيولى . وهي للخلق جامع : الهباء يجمع المخلوقات .
 
المعنى :
بعد أن طبعت صورة الجيلي في اللوح المحفوظ ، تتنزّل إلى الهباء لتتشكل في الجسم .
 
( 287 ) هناك تلقّتني العناصر حكمة   .....   ومنها أحلّتني حلاها الطّبائع
المفردات :
هناك : في الهيولى . تلقتني : استقبلتني . العناصر : إشارة إلى العناصر الأربعة المكوّنة للهيولي وهي : الماء والهواء والنار والتراب.
حكمة : إن استقبال العناصر الأربعة للوجود الإنساني هو حكمة إلهية ، لأنه يتضمن الإشارة بأن الإنسان سيكون من عالم العناصر ويكون أيضا محكوما للعناصر .
أحلّتني حلاها : أعطتني صفاتها . الطبائع : إشارة إلى الطبائع الأربعة وهي الحرارة واليبوسة والرطوبة والبرودة .
 
المعنى :
استقبلت الجيلي ، كما كل إنسان ، حين وصوله الهيولى العناصر الأربعة وهي الماء والهواء والنار والتراب .
ونفهم من استقبال العناصر للإنسان في طور تخلّقه وتنزّله إلى الظهور في الأرض ، حكمة مفادها أن الإنسان سيكون في ظهوره من عالم العناصر . . .
ومن العناصر اتصف بصفات الطبائع الأربعة أي الحرارة واليبوسة والرطوبة والبرودة .
 
( 288 ) وأنزلني المقدور في أوج أطلس  .... هو الفلك العالي الذري وهو تاسع
المفردات :
المقدور : التقدير الإلهي . أطلس : الفلك الأطلس هو الفلك التاسع ، وهو الفلك الكبير سطحه هو الكرسي الأعلى ، وعرضه سدرة المنتهى . [ را جع الإنسان الكامل ، 2 / 66 ] .
المعنى :
بعد أن تنزل وجود الجيلي الإنساني في عوالم ما قبل الأفلاك يصل في تنزله الآن إلى عالم الأفلاك ، وابتداء من هذا البيت رقم 288 وإلى البيت رقم 297 ، سوف تبرز رؤية الجيلي لجغرافية الكون وخاصة جغرافية السماوات السبع .
ونحن سنتابع تصورات الجيلي دون تدخّل نقدي لرؤيته الفلكية مكتفين بايراد الكواكب وأفلاكها وما يقابلها من طباق السماوات .
أول الأفلاك التي ينزل المقدور إليها خلق الجيلي هو الفلك التاسع أي فلك الأطلس .
 
( 289 ) ومنّه هبوطي للمكوكب نازلا   .....   على فلك ، كيوان ثمّة سابع
المفردات :
كيوان : فلك كيوان ، وهو سماء كوكب زحل ، وهي السماء السابعة .
ويصور الجيلي السماوات يحيط بعضها ببعض وأكبرها سماء زحل وأصغرها سماء القمر .
والفلك أمر معنوي لأنه اسم لسمت دوران الكوكب في أوجه . والكوكب اسم للجرم الشفاف المنير من كل سماء ، [ راجع . الإنسان الكامل ، 2 / 61 ] .
وسماء زحل المكرّم جوهرها شفاف أسود كالليل المظلم ، تلوّنت بالسواد إشارة إلى سؤددها وعلوها على السماوات جميعا ، وهي أول سماء خلقها اللّه تعالى وخلق السماوات التي تحتها بعدها [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 66 ] .
المعنى :
من فلك الأطلس يهبط وجود الجيلي الإنساني إلى الفلك الثامن ، وهو الفلك المكوكب ، ثم ينزل منه إلى فلك كيوان أو سماء زحل وهي السابعة ..
 
( 290 ) فلمّا نزلت المشتري وهو سادس  .....  سماء به للسّعد في الكون تابع
المفردات :
المشتري : فلك المشتري ، وهي السماء السادسة سماء كوكب المشتري .
وهي جوهر شفاف روحاني أزرق اللون ، خلق اللّه تعالى هذه السماء من نور الهمّة ، وجعل ميكائيل عليه السلام هو روحانية كوكب هذه السماء أي روحانية المشتري [ راجع. الإنسان الكامل ، 2 / 64 - 66 ] .
سماء به للسعد في الكون تابع : جعل اللّه تعالى في هذه السماء السادسة ميكائيل موكلا بملائكتها ، وهم ملائكة الرحمة ، وهم أهل البسط والحظوة ، وهم بين الملائكة مجابو الدعوة لا يدعون لأحد بشيء إلا أجيب ، ولا يمرون بذي عاهة إلا ويبرأ ويطيب .
ويرى الجيلي أنه إليهم الإشارة في قوله صلّى اللّه عليه وسلم : “ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة أجيبت دعوته “ .
وحيث أنهم مجابو الدعوة لذلك يتبع دعوتهم السعد في عالم الأكوان [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 65 ] .
المعنى :
ثم ينزل وجود الجيلي في مراتب التكوين والظهور إلى السماء السادسة ، وهي سماء كوكب المشتري .
وفي هذه السماء ملائكة الرحمة الذين دأبهم رفع الوضيع ، وتسهيل الصعب المنيع ، يجولون في الأرض لرفع أهلها من ظلمة الخفض [ الإنسان الكامل ، 2 / 65 ] .
 
( 291 ) أتيت سما بهرام من بعد هابطا   .....   على فلك للشمس والشّمس رابع
المفردات :
بهرام : السماء الخامسة هي سماء الكوكب المسمى بهرام ، أو المريخ . وهي سماء مخلوقة من نور الوهم ولونها أحمر كالدم .
وملائكة هذه السماء خلقها اللّه تعالى مرائي للكمال ، ومظاهر للجلال .
وعبادة هؤلاء الملائكة تقريب البعيد وإيجاد الفقيد ؛ فمنهم من عبادته تأسيس قواعد الإيمان في القلب والجنان ، ومنهم من عبادته طرد الكفّار عن عالم الأسرار.
وحاكم هذه السماء هو الملك المسمّى عزرائيل ، وهو روحانية المريخ ، لا ينزل ملك إلى الأرض للانتقام ، ولا لقبض الأرواح ، ولا لنشر انتظام ، إلّا بأمر هذا الملك الذي هو روحانية بهرام [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 64 ] .
فلك للشمس : السماء الرابعة هي سماء كوكب الشمس .
إنها جوهر أفخر ذو لون أزهر ، وهي قطب الأفلاك ، يحكم على ملائكة هذه السماء الملك إسرافيل ، وهو روحانية الشمس وهو أعظم الملائكة هيبة وأقواهم همّة [ راجع
الإنسان الكامل ، 2 / 63 - 64 ] .
المعنى :
يتابع وجود الجيلي تنزله في الأكوان قبل ظهوره في الأرض ، وهي رحلة كل إنسان في خلقه قبل الظهور ، يقول ثم تنزلت إلى السماء الخامسة سماء تأسيس قواعد الإيمان وانتظام الأمور . ثم تنزلت إلى السماء الرابعة قطب الأفلاك ونقطة الأسرار وقلب الوجود وبها عمارته ونضارته .
 
( 292 ) وفي كرة الزهراء أعني سماءها   ....  حثثت مطيّ السير والدار شاسع
المفردات :
كرة الزهراء : السماء الثالثة هي سماء كوكب الزهرة ، لونها أصفر ، وجوهرها شفاف ، وأهلها المتلونون في سائر الأوصاف ، خلقت من حقيقة الخيال .
جعل اللّه كوكبها مظهرا لاسمه العليم ، وملائكتها مخلوقون على كل شكل من الأشكال ، فيها من العجائب والغرائب ما لا يخطر بالبال ، يسوغ فيها المحال .
وملائكة هذه السماء تحت حكم الملك صورائيل ، وهو روحانية الزهرة [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 62 - 63 ] .
المعنى :
ثم ينزل وجود الجيلي في تخلقه إلى السماء الثالثة ، وهي سماء الخيال التي يسوغ فيها المحال ويمتنع فيها أحيانا الجائز الحلال.
 
( 293 ) إلى كاتب الأفلاك ، وهو عطارد   .....   نزلت ، وكانت لي هناك مراتع
المفردات :
إلى كاتب الأفلاك وهو عطارد نزلت : نزل الوجود الإنساني ، وهو هنا الجيلي ، إلى السماء الثانية وهي فلك الكاتب أي كوكب عطارد .
وهذه السماء هي جوهر شفاف لطيف ، لونها أشهب ، خلقها اللّه تعالى من الحقيقة الفكرية ، ومنها ينزل العلم إلى عالم الأكوان ، وفي هذه السماء يوجد الملائكة الذين يمدون أهل الصنائع جميعا .
وخلق اللّه فيها ملائكة ليس لهم عبادة إلا إرشاد الخلق إلى أنوار الحق ، يطيرون بأجنحة القدرة في سماء العبرة ، على رؤوسهم تيجان الأنوار مرصّعة بغوامض الأسرار ، من ركب على ظهر ملك من هذه الأملاك ، طار بجناحه إلى السبعة الأفلاك ، وأنزل الصور الروحانيّة في القوالب الجسمانية متى شاء وكيف شاء ؛ فإن خاطبها كلّمته ، وإن سألها أعلمته . [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 62 ] .
وكانت لي هناك مراتع : كانت للجيلي مراتع في السماء الثانية ، وفي ذلك إشارة إلى أن صلته بعالم الكتابة والتأليف والفهم كانت قبل ظهوره في هذا العالم .
المعنى :
تنزل وجود الجيلي في تكوينه الإنساني إلى السماء الثانية ، وهي سماء عطارد . وملائكة هذه السماء الذين يمدون أهل الصنائع جميعا ، بصناعتهم.
 
( 294 ) وبالقمر الباهي نزلت وشرّعت   .....   على الفلك النّاري الأثير شرائع
المفردات :
وبالقمر الباهي نزلت : إشارة إلى وصول الوجود الإنساني في تنزّله إلى فلك القمر ، آخر الأفلاك .
وهو السماء الأولى أو السماء الدنيا ، وكوكبه القمر .
والسماء الدنيا أشدّ بياضا من الفضّة ، خلقها اللّه تعالى من حقيقة الروح ، لتكون نسبتها للأرض نسبة الروح للجسد .
وكذلك جعل تعالى فلك القمر فيها ، لأنه تعالى جعل القمر مظهر اسمه الحيّ . . . ثم جعل تعالى فلك الكوكب القمري هو المتولي تدبير الأرض ، كما أن الروح هي التي تتولى تدبير الجسد ، ثم أسكن تعالى آدم في هذه السماء ، لأن آدم روح العالم الدنيوي [ الإنسان الكامل ، 2 / 59 ] .
وشرّعت على الفلك الناري الأثير : إشارة إلى نزول الوجود الإنساني بعد السماوات السبع إلى فلك الأثير وهو فلك النار .
وقد ضمن الجيلي هنا لفظ الأثير تورية لطيفة ، فمن ناحية أن فلك النار هو فلك الأثير ، ومن ناحية ثانية أن فلك النار هو الأول في أفلاك العناصر ، وهو المفضّل الأثير على بقية العناصر ، لقول إبليس وهو من نار يفاخر الطين : أنا خير منه .
 
المعنى :
وصل وجود الجيلي في تكوّنه الإنساني إلى فلك القمر وهو السماء الدنيا ، وبعده سيتنزل في فلك العناصر واحدا بعد الآخر .
وأول هذه الأفلاك هو فلك النار . وقد ربط الجيلي بين عنصر النار في الإنسان وبين تشريع الشرائع .
وهذا الربط مثير للاهتمام ولعل مصدره أن الشريعة أمر إلهيّ يحرق بالذل والطاعة النفس البشرية التي هي في جوهرها فرعنة ورياسة .
والدليل أن إبليس المخلوق من نار ، هو رمز العصيان الشرائعي .
 
( 295 ) ومنه هوى للأمر في فلك الهوا   .....   ركائب عزم ما لهنّ موانع
المفردات :
ومنه هوى : ومنه هبط . للأمر : تنفيذا للأمر الإلهي . في فلك الهوا : إشارة إلى وصول الوجود الإنساني إلى فلك الهواء الذي يلي فلك النار .
المعنى :
وتنفيذا للأمر الإلهي هبط وجود الجيلي في تكوّنه الإنساني من فلك النار إلى فلك الهواء .
ومن نزول الإنسان إلى فلك الهواء تكتسب إنسانيته صفة العزم ؛ وقد ربط الجيلي بين الهواء والعزم ، ربما لأن العزم يشبه المركوب الذي يحمل السالك ويجري به إلى مطلوبه .
 
( 296 ) وبالكرة المائيّة العين إذ سرت   .....   أضافت ركاب العزم فيها البلاقع
المفردات :
وبالكرة المائية : إشارة إلى تنزل الوجود الإنساني إلى فلك الماء .
البلاقع : إشارة إلى تنزل الوجود الإنساني إلى فلك التراب ، لأن البلاقع ؛ جمع بلقع وهي الأرض القفراء. "الجدباء . أرض قفر".
 
المعنى :
ويتابع وجود الجيلي تكونه الإنساني وتنزله باتجاه الظهور في الأرض ، فبعد أن اكتسب من فلك النار صفته ، ومن فلك الهواء صفته ، نراه هنا يتنزل على فلك الماء فيكتسب صفة السريان ، ويتنزل على فلك التراب فيكتسب صفة الصلابة والعزم .
  
( 297 ) وهذا نزول الجسم من عند ربّه   .....   وللرّوح تنزيل مجازا متابع
المفردات :
وللروح تنزيل مجازا متابع : أي تنزيل الروح يتبع مجازا مقولة تنزيل الجسم ، وفي حقيقة الأمر أن الروح لم تفارق موطنها وليس ثمة تنزيل في حقها . ( راجع الإنسان الكامل ، 2 / 19 ) .
المعنى :
يقول الجيلي ، وهذه قصة نزول الجسم الإنساني منذ كان لمعة من النور الإلهي ووصولا إلى عالم العناصر ، وقد مرّ بعوالم هي على التوالي العرش المحيط والكرسي والقلم الأعلى واللوح المحفوظ ، والهباء والهيولى والعناصر والطبائع ، والأطلس والمكوكب وكيوان والمشتري وبهرام والشمس والزهرة وعطارد والقمر ، والنار والهواء والماء والتراب . . .
الآن "وبعد 21 عالما " وصل الجسم الإنساني إلى عالم العناصر حاملا في تكوينه صفة كل عالم مرّ به ، وأصبح جاهزا لإستقبال الروح .
وهنا سيبدأ الجيلي بشرح رؤيته لعلاقة الروح بالبدن .
فيرى أنه إن كان للجسم نزول ، فإننا لا نطلق لفظ نزول على الروح إلا على سبيل المجاز ، وذلك لأن الروح في الأصل بدخولها في الجسد ، وحلولها فيه ، لا تفارق مكانها ومحلّها ، ولكن تكون في محلّها وهي ناظرة إلى الجسد.
وعادة الأرواح أنها تحلّ في موضع نظرها ، فأيّ محل وقع فيه نظرها تحلّه من غير مفارقة لمركزها الأصلي.
 وهذا أمر يعترف الجيلي بأن العقل يجعله محالا ولا يعرف إلا بالكشف [ را . الإنسان الكامل ، 2 / 19 ] .
 
( 298 ) وذلك أنّ الرّوح في المركز الّذي   .....   لها هو روح الحقّ فافهم أسامع
المفردات :
هو روح الحق : إن الروح الإنسانية هي روح الحق بحسب موطنها الأصلي ، لقوله تعالى :وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي[ الحجر : 29 ] .
فافهم أسامع : فافهم أيّها السامع .
المعنى :
يتابع الجيلي كلامه على رؤيته للروح ، ويحاول التدليل عليه بالنص ، فيقول ؛ إذا نظرنا إلى الروح بحسب المركز الذي لها والذي لم تفارقه لتدخل البدن وتنزل معه إلى الأرض ، فإننا نقول إنه روح الحق ، لأنه تعالى يقول :وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ ُوحِي[ الحجر : 29 ] أي من روح الحق .
فافهم هذا الكلام أيها السامع .
 
( 299 ) فليس لها فيه هبوط منزّل   .....   وليس لها فيه صعود مرافع
المفردات :
فليس لها فيه : ليس للروح في الجسم .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته للروح ، فيقول ؛ إذا تقرر لدينا أن الروح لم تفارق موطنها الأصلي ، بل عندما نظرت إلى البدن حلّت فيه من غير مفارقة لموطنها ...
إذا تقرر لدينا هذا ، فلن نقول إنّ للروح في الجسم هبوط ونزول ، وليس لها منه أيضا بالموت صعود ومفارقة .
 
( 300 ) ولكنّ في تعيينها بمخصّص   .....   تنزّل عن حكم بأن هو شائع
المفردات :
تعيينها بمخصص : تعيين الروح وتخصيصها ببدن محدود . تنزل : أي تتنزل الروح من حكم إلى حكم ؛ وهنا تتنزل من حكم العموم والشيوع إلى حكم الخصوص والتخصيص ، أي تصبح روحا خاصة لجسم محدود .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته للروح ، فيقول ؛ عندما تنظر الروح إلى بدن مخصوص ، تتنزّل من حكم الشيوع إلى حكم التخصيص ، وتصبح روحا مخصصة لبدن معين . وفي ذلك ردّ على وحدة الوجود الهندية التي تنكر استقلال البدن بروح تخصه وحده .
 
( 301 ) وذلك للأرواح خلق حقيقة   .....   وذلك تنزيل لها وقواطع
المفردات :
وذلك للأرواح : أي وهذا التعيين للروح ببدن مخصوص . خلق حقيقة : هو معنى خلق الأرواح في الحقيقة .
وقواطع : موانع تحرمها حكم الشيوع .
 
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل علاقة الروح بالبدن ومعنى خلق الروح فيقول ؛ عندما تنظر الروح من موطنها إلى بدنها المخصوص ، يسمى هذا النّظر في الحقيقة خلقا وتنزيلا . وهذا النظر يقطعها كذلك ويمنعها عن شيوعها السابق.
 
( 302 )  ففي المثل المفروض منه ترتّبت   .....   مراتبه حتّى بدا متناوع
المفردات :
المثل المفروض منه : المثل المقطوع من روح الحق، الفرض هو القطع . متناوع : متنوع .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل هويّة الروح فيقول ؛ إن الروح الجزئية الإنسانية هي مثال لروح الحق ، ومقطوعة منه ، إلا أنه فيه تتنوّع مراتب الروح الحق .
 
( 303 ) فيبرز في حكم المراءة للورى   .....  على الجرم والمقدار إذ ذاك طالع
المفردات :
فيبرز : فيظهر روح الحق . في حكم المرآة : ضمن شروط المرآة وأحكامها .
على الجرم والمقدار : أي أن ظهور الروح الكل للورى هو على مقدار المرآة .
إذ ذاك طالع : أي واضح وظاهر .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته للروح ويشير هنا إلى علاقة الحق بالخلق ، فيقول ؛ عندما تنظر الروح إلى البدن الذي يخصها ، تفترق من ناحية عن روح الحق على الرغم من أنها مثال له ومقطوعة منه .
ومن ناحية أخرى تبرز روح الحق ، وتظهر للورى ؛ ولكن في حكم المرايا التي تتجلّى بها ، وعلى مقدارها وجرمها .
 
( 304 ) فتنويعها ذاك التّجلّي هو الّذي   .....   نسمّيه روحا ، وهو بالنّفخ واقع
المفردات :
فتنويعها : تنويع روح الحق . وهو بالنفخ واقع : التنويع حصل بالنفخ ووقع به ، وفي ذلك إشارة إلى قوله تعالى :وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي[ الحجر : 29 ] .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته لخلق الروح فيقول هنا ؛ عندما نفخ الحق من روحه في الإنسان ، تجلّى تعالى في أسمائه الحسنى ، وتنوع في معانيها ؛ وهذا التنويع هو الروح بالنسبة لنا .
 
( 305 ) وإلّا فلا اسم له غير ربّنا   .....   وليس له إلّا الصّفات مواضع
المفردات :
وإلا : وإن لم يحدث النفخ والتنويع والتجلي . فلا اسم له : فلا اسم لروح الحق ، أي ينتفي تجلي الحق في الأسماء الإلهية . غير ربنا : غير اسم الرب .
مواضع : مواضع للظهور .
المعنى :
يتابع الجيلي رؤيته لخلق الروح فيقول ؛ إن لم يحدث النفخ والتنويع والتجلي ينتفي تجلي الحق في أسمائه الإلهية ، ولا يبقى من الأسماء الإلهية التي تدل على المسمى إلا اسم الرب ، ولا يبقى إلا الصفة موضعا لظهوره تعالى .
وذلك لأنه في المخلوق تتجلّى معاني أسماء الخالق ، ونستدل بآثار أسمائه فينا إليه تعالى ، فنصل مثلا من الكرم الظاهر في المخلوقات إلى الكريم الخالق . وهكذا ...
 
( 306 ) تنزّه ربّي عن حلول بقدسه   .....   وحاشاه ، ما بالإتّحاد مواقع
المفردات :
عن حلول بقدسه : الحلول هو القول بأن اللّه عزّ وجلّ يحل في جسم عبد .
ما بالاتحاد : الاتحاد هو القول بأن الإنسان يتحد باللّه [ راجع شروحات البيت رقم 203 ] .
 
المعنى :
ينزّه الجيلي هنا الحقّ عزّ وجلّ عن الحلول في المخلوقات ، كما ينفي إمكانية أن يتّحد مخلوق باللّه الخالق . فحلول الحقّ في العبد المخلوق ، أو اتحاد العبد المخلوق بالحقّ كلاهما مرفوضان عند الجيلي ، 
وهو يؤكد على ذلك كي لا يفهم من كلامه السابق عن روح الحق وروح الإنسان أي اتحاد أو حلول .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية   تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Emptyالخميس مايو 14, 2020 2:09 pm

تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع عين على العينية العارف بالله عبد الكريم الجيلي شرح معاصر للقصيدة العينية د. سعاد الحكيم

شرح الأبيات 282 إلى 319 على مدونة عبدالله المسافر بالله  

تاسعا الأبيات من ( 282 ) إلى ( 319 ) الجيلي يروي سيرته الروحية          الجزء الثاني
( 307 ) ومهما تحلّ الرّوج جسما فإنّها  .....  لتصوير ذاك الجسم في الصّور تابع
المفردات :
تحل : تنزل . فإنها لتصوير ذاك الجسم في الصور تابع : الروح تتبع الجسم في صورته .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته لخلق الروح ، وأنه يعني نظرها إلى بدنها المخصوص ، فيقول ؛ عندما تنظر الروح إلى الجسم نظر الاتحاد ، تحلّ فيه حلول الشيء في هويته ؛ وتكتسب التصوير الجسمانيّ بهذا الحلول من أول وهلة [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 19 ] .

( 308 ) ويتبعها في نصبها وارتفاعها   .....   وتتبعه إن جرّ يوما طبائع
المفردات :
ويتبعها : ويتبع الجسم الروح . في نصبها وارتفاعها : في ارتفاعها إلى ربها ، إلى مقامها العالي ، قال تعالى :فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ[ الشرح : 7 ] .
وصعود الروح هو تمكّنها من العالم الملكوتي وهي على حال تصوّرها بهذه الصورة الإنسانية [ الإنسان الكامل ، 2 / 19 ] . وتتبعه : تتبع الروح الجسم . إن جر يوما طبائع : إن جرّت الطباع الجسم إلى أسفل .
المعنى :
يفصّل الجيلي مدى اتحاد الروح بالبدن فيقول ؛ إن الروح عندما تنظر إلى البدن تتصوّر بصورته فتكتسب بالتالي الثقل والحصر ، وتفارق ما كان لها من الخفّة والسريان .
ولكن هذه المفارقة ليست مفارقة انفصال وإنما هي مفارقة اتصال ، بمعنى أن الروح تظل متصفة بجميع صفاتها الأصلية ولكنها غير متمكّنة من إتيانها .
فإن كان صاحب الجسم يستعمل الأخلاق الملكية فإن روحه تتقوّى ، وترفع حكم الثقل عن نفسها ، ولا تزال تترقى إلى أن يصير الجسم نفسه كالروح الذي فيه ، فيمشى الإنسان على الماء ويطير في الهواء .
أما إن كان صاحب الجسم يستعمل الأخلاق البشرية والمقتضيات الأرضية فإن بدنه يتقوّى على روحه ، ويفرض حكم الرسوب والثقل الأرضي ،
والروح تتبع الجسم في ثقله وحصره . باختصار إما أن يتبع البدن الروح في أحكامها بممارسة صفات الروح ، وأما أن تتبع الروح البدن بأحكامه إن مارس الإنسان صفة البدن [ راجع الإنسان الكامل ، 2 / 19 ] .

( 309 ) فإن قويت بالتّزكيات رقت به   .....   إلى المركز العالي الّذي هو رافع
المفردات :
فإن قويت : أي الروح . بالتزكيات : جمع تزكية وهو تزكية النفس بأنواع الرياضات والمجاهدات . رقت به : ارتفعت الروح بالجسم . الذي هو رافع : الذي يرفع صاحبه .
المعنى :
في هذا البيت تأكيد على معنى البيت السابق ؛ فالروح إن قويت بمجاهدة النفس ورياضتها ارتفعت بالجسم إلى المراتب العليا التي تشرّف صاحبها وترفعه .
 
( 310 ) وإن ضعفت واستقوت النّفس والهوى   .....   تكن تبعا للجسم إذ قام مانع
المفردات :
وإن ضعفت : أي الروح . تكن : أي الروح . تبعا للجسم : تابعة . إذ قام مانع : أي مانع من الترقي والارتفاع .
المعنى :
يتابع الجيلي رؤيته للعلاقة بين الروح والبدن ؛ ومرجعه هو تجربته الشخصية ، يقول ؛ إن ضعفت الروح واستقوت النفس والأهواء على الإنسان ، فماذا يحدث ؟ تثقل الروح وتخسر خفّتها وسريانها ، وتتبع الجسم في ثقله ، لأنه قام مانعا من العلو والارتفاع .

( 311 ) فتشقى به في سجن طبع وإن رقت   .....   به كان مسعودا وفي العزّ راتع
المفردات :
فتشقى به : فتشقى الروح بالجسم . في سجن طبع : شقاء الروح هو في دخولها سجن الطباع . وإن رقت به : وإن رقت الروح بالجسم . كان مسعودا : كان الجسم سعيدا . راتع : متنعم .
المعنى :
يبين الجيلي للسامع طريق السعادة ، سعادة الروح والبدن ، السعادة الحقة غير الممزوجة بغصة خوف الآتي . سعادة الروح التي ترخي مدّها على البدن والحياة بأكملها يقول ؛ إن ضعفت الروح تبعت البدن في ثقله ، وأصبحت شقيّة في دخولها سجن الطباع .

أما إن رقت الروح بالجسم ، كان الجسم سعيدا متنعما في العز . فعلى حين أن الروح تشقى باتّباعها للبدن ، فإن البدن يسعد باتّباعه الروح .

( 312 ) وإنّ نزول الجسم للخلق في الثّرى   .....   سواء ولكن بعد ذاك تناوع
المفردات :
وإن نزول الجسم للخلق في الثرى سواء : إن الأجسام تتساوى في خلقها من تراب . 
ولكن بعد ذاك : بعد نفخ الروح . تناوع : تتناوع ، تختلف مراتبها .
المعنى :
يتابع الجيلي تفصيل رؤيته للروح وأنها سبب التفاضل بين البشر ، يقول ؛ تتساوى كل المخلوقات في نزولها للخلق من تراب ؛ وفي كونها تترب بعد الموت .
فالجسم واحد عند بني البشر جميعا ، ولكن سبب التناوع والتفاضل هو الأرواح المنفوخة في هذه الأبدان . . . فلا يفضل إنسان إنسانا ببدنه ، ولكن يفضله بما يعمل من مجاهدات لتقوية روحه المنفوخة في بدنه ، وتنقيتها وتطهيرها وخلاصها في ثقل هذا البدن .

( 313 ) فمن سبقت للّه فيه عناية   .....   فغير مكوث في التّراب ، مسارع
المفردات :
فمن : فمن من الأجسام . سبقت للّه فيه عناية : أي كان في العلم الإلهي من أهل العناية الإلهية . فغير مكوث في التراب : لا يمكث ولا يبقى في عالم التراب . مسارع : يسارع إلى الخروج .
المعنى :
يتابع الجيلي هنا رواية تنزّل الوجود الإنساني في العوالم ، فبعد إن قص علينا تنزّله من العرش إلى كرة التراب في الأبيات من رقم ( 284) إلى رقم (296)؛
يتابع هنا بأن الوجود الإنساني لا يمكث في كرة التراب إن سبقت له من اللّه عناية ؛ بل يسارع إلى الظهور بكامل انسانيته .
فالسعيد من أهل العناية ، هو الذي عندما يصل في تنزّله إلى كرة التراب لا يمكث فيها بل يخرج مكتمل النفس ، يحمل في تكوينه صفة العوالم كلّها التي مرّ بها ، من العرش إلى كرة التراب .


( 314 ) ومن أبعدته السّابقات فإنّه   .....   له بين نبت والتّراب تراجع
المفردات :
ومن : ومن من الأجسام . أبعدته : جعلته من أهل البعد والحرمان .
السابقات : ما سبق له في العلم الإلهي . بين نبت وتراب : بين عالميّ النبات والتراب .
تراجع : دوران وانعكاس .
المعنى :
ويكمل الجيلي عن أهل البعد والحرمان بعد أن أشار في البيت السابق إلى أهل العناية والسعادة ، يقول ؛ ومن كان من أهل البعد والحرمان فإنه لا يخرج من كرة التراب سريعا ، بل يظل وجوده يدور ويتراجع بين عالميّ التراب والنبات .


( 315 ) فقد يك عشبا ثم ترعاه دابة   .....   ويترب إذ يفنى فيخضرّ ضارع
المفردات :
يترب : يرجع ترابا . ضارع : اليابس من الشجر والنبات .
المعنى :
يكمل الجيلي عن أهل البعد ، يقول ؛ من كان من أهل البعد والحرمان ، يظل يتردّد بين العشب والتراب ، يكون عشبا ثم يترب عند فنائه .
وهكذا ...

( 316 ) على قدر تكرار التردّد بعده   .....   لتنسى عهود بالحمى ووقائع
المفردات :
تكرار التردد : التردد بين النبت والتراب بعد خلق الأجسام. عهود : جمع عهد ، بمعنى أيام أو مواثيق . ووقائع : جمع واقعة بمعنى حادثة.
المعنى :
يرى الجيلي هنا أن أهل البعد والحرمان يتكرر تردّدهم بين التراب والنبت ، وينتج عن هذا التكرار ، وهذا المكوث في كرة التراب ، أن ينسى الكائن البشري عهوده ومواثيقه التي أعطاها ، وينسى ما يحمل تكوينه من خبرات عاشها في العوالم والأفلاك السابقة . . . وخاصة ينسى الميثاق الإلهي ، وهو عندما أخذ الحق تعالى العهد والميثاق على بني آدم جميعا بأنه ربّهم ، وأقروا جميعهم بربوبيته تعالى ،
قال عزّ وجلّ :وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى[ الأعراف : 172 ] .
هذا ولا يجب أن نفهم من كلام الجيلي هنا أنه يقول بالتطور أو بالنشوء والارتقاء الدارويني ، البداية من التراب ثم النبات ثم الإنسان ، لأن كلامه من ناحية لا يمتّ إلى الجنس أو إلى النوع عامة ، بمعنى أنه لا يتكلم على جنس الإنسان وتطور خلق هذا الجنس بل يفصّل تنزّل الفرد من بداية وجوده أمرا إلهيا إلى تخلقه في العوالم ، ومن ثمّ إلى ظهوره من أب وأم .
ومن ناحية ثانية فالجيلي كما يفهم من كلامه لا يطلق على الإنسان اسم الإنسان إلا بعد ظهوره من أب وأم ، وهي اللحظة التي تنفخ فيها الروح ، وكل أطوار تخلقه التي تقدم الكلام عليها من تنزّل في العوالم ، هو ترتيب خلق ، وتنزّل أمر من الغيب إلى الشهادة .

( 317 ) وعند مرور النّفس في كلّ منزل   .....   سينقش فيها منه طبعا طبائع
المفردات :
في كل منزل : من المنازل السابقة أي العرش والكرسي وصولا إلى كرة التراب . 
سَيُنقَش فيها منه : سينقش في النفس من المنزل الذي تنزله . طبعا : طباعة ، أي ستطبع . طبائع : جمع طبع وطبيعة .
المعنى :
يتابع الجيلي شرح طبيعة النفس الإنسانية وكيف أنها تكونت من جماع طباع العوالم التي مرت بها بالإضافة إلى أصل خلقها قبل التنزل ، يقول ؛ إن النفس الإنسانية في حال تكوينها وتنزّلها في العوالم ، تكتسب من كل منزل تمرّ به صفات هذا المنزل ، وتنتقش على صفحتها طبيعته .
فعندما تمر مثلا في كرة النار تنتقش فيها طبيعة النار ، وعندما تمر في كرة الماء تنتقش فيها طبيعة الماء .
وهكذا في كل منزل من المنازل ، ابتداء من العرش إلى كرة التراب .

( 318 ) فتظهر نفس المرء كاملة البها   ..... ومن نسخة الأكوان فيها خلائع
المفردات :
كاملة البها : كاملة الحسن ، وكمال النفس هنا معناه تحصيلها لكل صفات وحقائق الكون المتفرقة .
فالكمال الصوفي في مدرسة ابن عربي ليس كمالا أخلاقيا ، وإنما هو كمال وجودي يتجلّى في أن الإنسان يجمع في كونه كل متفرقات صفات الأكوان .
نسخة الأكوان : الإنسان هو نسخة الأكوان لأنه يجمع كل حقائق الأكوان .
خلائع : حلل وأثواب . وذلك لأن كلّ كون أو عالم يخلع خلعته على النفس الإنسانية عند مرورها فيه .
المعنى :
يتابع الجيلي تعريف السامع بالنفس الإنسانية وبكمال أوصافها ، يقول ؛ عند مرور الإنسانية بالأكوان السابقة كلها ، يخلع عليها في كل كون من خلائع هذا الكون .
ولذلك عندما يصل الإنسان إلى عالم الشهادة يظهر جامعا لصفات الأكوان المتفرقة كلها ، وبالتالي يكون كامل البهاء والصورة  .

( 319 ) لتذكر بالمشهود غابر أمرها   .....   فيرجع للأوطان من هو راجع
المفردات :
بالمشهود : بما تشهد من نفسها . غابر أمرها : ماضيها . للأوطان : جمع وطن ، والوطن هنا المراد به أصل الوجود الإنساني الذي هو لمعة من النور الإلهي [ راجع شروحات البيت رقم 283 ] . من هو راجع : أي من هو ذو قلب يرجع إلى الحق .
المعنى :
يقول الجيلي هنا أنه عندما ينظر الإنسان إلى نفسه ، وتظهر له صورتها الكاملة الوجود والبهاء ، يتذكر بما يشهده فيها من صفات أصله وماضيه والعوالم التي تنزّل فيها .
ومن هذا التذكر يرجع إلى اللّه عزّ وجلّ ، لأنه يعلم منه أن اللّه عزّ وجلّ هو موطنه الحقيقي .
ألسنا جميعا للّه وإليه راجعون ؟! 
وهكذا يرى الجيلي أن الكمال الذي يشهده الإنسان في نفسه سيذكره باللّه عزّ وجلّ ، إن كان صاحب قلب مؤمن يرجع إلى اللّه
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تاسعا شرح الأبيات من 403 إلى 448 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الرابع .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» تاسعا شرح الأبيات من 449 إلى 494 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الخامس .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» تاسعا شرح الأبيات من 495 إلى 535 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء السادس .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» تاسعا شرح الأبيات من 320 إلى 356 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الثاني .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» تاسعا شرح الأبيات من 357 إلى 402 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الثالث .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة :: الإمام عبد الكريم الجيلي -
انتقل الى: