ذهاب الذئب والثعلب مع الأسد إلى الصيد المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
ذهاب الذئب والثعلب مع الأسد على منتدى عبدالله المسافر باللهذهاب الذئب والثعلب مع الأسد إلى الصيد الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
ذهاب الذئب والثعلب مع الأسد إلى الصيد
- كان أسد وذئب وثعلب قد ذهبوا إلى الجبل من أجل الصيد وطلبا له .- حتى يتعاونوا معا على أنواع الصيد ، ويتكاتفوا فيما بينهم في شد وثاقه .- ويصيدوا معا في هذه الصحراء الشاسعة صيدا كثبرا وسمينا .- وبالرغم من أن الأسد الهصور كان يشعر منهما بالعار ، لكنه أكرمهما بالصحبة . 3030 - فإن مثل هذا الملك يشعر بالضيق من الجند ، لكن صحبة الجماعة رحمة .- ومثل هذا القمر يشعر بأنواع العار من النجوم ، لكنه موجود بين النجوم سخاء منه .- ولقد نزل الأمر ب " شاورهم " على الرسول ، مع أنه لم يكن هناك رأى ند لرأيه .- وإذا كانت حبات الشعير قد صارت في الميزان قرينة للذهب ، فليس ذلك لأنها أصبحت معدنا كالذهب .- ولقد قرن الروح بالبدن حتى الآن ، ولفترة صار الكلب حارسا على العتبة . 3035 - وعندما ذهب هذان إلى الجبل في ركاب الأسد ذي المجد والعظمة .- صادوا ثورا جبليا وما عزا وأرنب ، وتقدمت بهم الأمور كثيرا .- وكل من يكون قتاله تحت قيادة الأسد ، فإن الشواء لا يقل عنده ليل نهار .- وعندما نقلوا " صيدهم " إلى الغابة قتيلا وجريحا جابرين إباه في الدم .- كان الذئب والثعلب يطمعان في أن تتم القسمة بعدل الملوك . « 280 » 3040 - وانعكس طمع كل منهما على الأسد ، وعلم الملك أن لهذه الأطماع سندا .- وكل من يكون أسدا على الأسرار أميرا لها ، فإنه يعلم كل ما يجري في الضمير .- فحذار ، واحفظ يا صاحب القلب المعتاد التفكير ، قلبك من التفكير السيء أمامه .- إنه يعلم ، لكنه يسوق الحمار صامتا ، وإنه ليضحك في وجهك سترا عليك .- وعندما علم الأسد ما يوسوس به صدراهما ، لم يفصح عنه ، وتغاضى عنه مراعيا . 3045 - لكنه قال لنفسه : فلأبدين لكما الجزاء أيها الخسيسين الشحاذين ؛ - ألم يكن يكفكما رأيي ؟ أو هكذا ظنكما في عطائي ؟- ويا من عقولكم ورأيكم " نابعان " من رأيي ومن عطاياي التي يزدان بها العالم .- وأي مكر للنقش مع النقاش آخر الأمر ، وهو الذي أوحى له بالمكر ولديه خبر به .- أكان لديكما إذن هذا الظن الخسيس بي ؟ ! . . يا عار الزمن ! ! 3050 - وإن لم أقطع رؤوس " الظانين بالله ظن السوء " لكان هذا هو عين الخطا .- ولأخلص الفلك من عاركم ، حتى تظل هذه الحكاية تروى في الدنيا .- ومع هذا التفكير كان الأسد يضحك عاليا ، فلا تكن آمنا من بسمات الأسد .- ولقد صار مال الدنيا من قبيل بسمات الحق ، جعلنا سكارى مغرورين متهتكين . ! ! - والفقر والتعب أفضل لك أيها السيد ، فإنها تقتلع بسمات فخاخه وشباكهاإمتحان الأسد للذئب قائلا : تعال أيها الذئب واقسم الصيد بيننا
3055 - قال الأسد : أيها الذئب ، قسم هذا بيننا ، وجدد " سيرة " العدل ، أيها الذئب العجوز . « 281 » - وكن نائبا لي في القسمة ، حتى يبدو من أي جوهر أنت .- قال : أيها الملك ، الثور الوحشي نصيبك ، فهو الأكبر ، وأنت كبير وضخم وجلد .- والماعز لي ، فهو متوسط في حجمه ، ويا أيها الثعلب : خذ الأرنب . . . ولا خطأ في هذا .- قال الأسد : أيها الذئب . . كيف تحدثت ؟ قل : وعندما أكون أنا موجودا تقول أنت : نحن وأنت ؟ 3060 - وأي كلب يكون الذئب أصلا حتى يرى نفسه أمام من هو مثلي أسد بلا نظير ولا ند ؟ !- وقال : تقدم أيها الحمار الذي اشترى نفسه « 1 » ، فتقدم ، فضربه بمخالبه ومزقه .- وعندما رآه خاوي المخ وبلا تدبير رشيد ، عاقبه بسلخ جلده عن رأسه .- وقال : ما دامت رؤيتي لم تخلصه من نفسه ، فإن مثل هذه الروح ينبغي أن تموت ذليلة .- ولأنك لم تصر فانيا أمامي ، فإن من الفضل قطع رقبتك . 3065 - ذلك أن كل شيء هالك إلا وجهه ، وما دمت لست " متجها " إلى وجهه ، فلا تطلب الوجود .- وكل من يكون فانيا في وجهنا ، لا يكون مصداق الآية منطبقا عليه .- ذلك أنه مقيم من الشهادة على " إلا " وتجاوز " لا " ، وكل من أقام في " إلا " لم يفن...............................................................( 1 ) في نسخة جعفري ( 2 - 422 ) : يا من لم ير أحد مثلك حمارا ، وفي نسخة نيكلسون : أيها الحمار الذي أبصر ذاته . والنص هنا من نسخة استعلامي . « 282 » - وكل من هو على الباب ويقول " أنا " و " أنت " ، فهو مردود من الباب طائف حول " لا " . قصة ذلك الشخص الذي دق باب صديق فقال من الداخل :
من ؟ قال : أنا ، قال : ما دمت أنت أنت لن أفتح الباب ،
فلا أعرف أحدا من أصدقائي يسمى " أنا " فاذهب”
- جاء أحدهم ودق باب صديق ، فقال الصديق : من أنت أيها المعتمد ؟ 3070 - قال : أنا ، قال له : إمض ، فليس الوقت مناسبا ، وليس هناك مكان لساذج على هذه المائدة .- وأي شيء ينضج الساذج إلا نار الهجر والفراق ؟ وأي شيء يخلصه إذن من النفاق ؟ « 1 » - وذهب ذلك المسكين ، وأمضى عاما في الرحيل ، وهو يحترق من نار فراق الحبيب .- ونضج ذلك المحترق ثم عاد ، وطاف ثانية بدار قرينه .- ودق حلقة الباب بوجل وأدب شديدين ، حتى لا يتطاير من شفته لفظ لا أدب فيه . 3075 - فصاح صديقه : من بالباب ؟ قال : الذي على الباب هو أنت يا سالب القلب .- قال : الآن ما دمت أنت أنا ، فيا أنا أدخل ، فالدار لا تتسع لاثنين يقولان " أنا " ................................................................( 1 ) ج / 2 - 429 : - وما دامت ذاتيتك لم تغادرك حتى الآن ، ينبغي إحراقك في نار حامية . « 283 » - ولا " توجد " إبرة قط تسع خيطا مزدوجا ، فإن كنت مفردا ، أدخل في تلك الإبرة .- والخيط له ارتباط بالإبرة ، ولا يناسب الجمل سمُ الخياط .- ومتى يصبح الجمل نحيل الجسد ، إلا بمقراض الرياضات والعمل ؟ 3080 - وينبغي لهذا يد الحق يا فلان ، الذي يكون قادرا على كل محال ب " كن فكان " .- وكل محال يصبح ممكنا من يده ، وكل عقل عنيد يصبح ساكنا من خشيته .- وما الأكمه ؟ وما الأبرص ؟ إن الميت ليبعث حيا من رقية ذلك العزيز .- وذلك العدم الذي هو أشد موتا من الميت ، يصبح مستسلما مضطرا في كف إبداعه وخلقه .- فاقرأ " كل يوم هو في شان " ولا تعتبره بلا عمل وبلا فعل . 3085 - وأقل عمل له في كل يوم ، أنه يسير ثلاثة جيوش إلى هذه الناحية .- فجيش " يسيره " من الأصلاب نحو الأمهات ، من أجل أن ينبت في الأرحام النبات .- وجيش " يسيره " من الأرحام صوب الدنيا ، حتى تمتليء الدنيا بالذكور والإناث .- وجيش " يسيره " من الدنيا صوب الأجل ، حتى يرى كل إنسان جزاء ما عمل . « 1 »...............................................................( 1 ) ج / 2 - 430 : - ثم يصل بلا شك ما هو أكثر منها ، وهو ما يصل من الحق إلى الأرواح . - وما يصل من الأرواح إلى القلوب ، وما يصل من القلوب إلى الأجساد . - هذه هي جيوش الحق بلا حد ولا مراء ، ومن هنا قال تعالى " ذكرى للبشر " . « 284 » - وهذا الكلام لا نهاية له ، فهيا أسرع نحو هذين الرفيقين الطاهرين المتعاملين بطهر . [ صفة التوحيد ]3090 - قال رفيقه : أدخل يا من أنت كلي ، ولست مخالفا ، كما تخالف الأشواك الورود والرياض .- لقد صار الخيط مفردا ، ومن ثم قل الخطأ الآن ، وإن رأيتهما اثنين حرفي الكاف والنون .- فالكاف والنون كلاهما جاذب كالوهق ، حتى تجر العدم إلى " دنيا " الخطوب .- ومن ثم ينبغي أن يكون الوهق مكونا من شقين في شكله ، بالرغم من أن هذين الاثنين ذوا أثر واحد .- وإن كان المخلوق يمشي على اثنين أو على أربع ، فهو يقطع الطريق ، كالمقراض له طرفان ، والقص واحد . 3095 - وانظر إلى هذين القصارين الشريكين ، فهناك خلاف في الظاهر بين عمل هذا وعمل ذاك .- فأحدهما قد ألقي بالكرباس في الماء ، وشريكه الآخر يقوم بتجفيفه .- ثم يقوم الآخر بغمسه في الماء ثانية ، وكأن كليهما من العداوة يقوم بعمل مضاد للآخر .- لكن هذين الضدين باديي الخلاف ، قلب واحد وعمل واحد ، وكلاهما راض .- ولكل نبي ولكل ولي مسلكٌ ما ، لكنها ما دامت توصل إلى الحق ، فكلها مسلك واحد . 3100 - ولما كان النوم قد غلب جميع المستمعين ، فقد جرف الماء حجارة الطاحون . « 285 » - وإن جريان هذا الماء ليفوق قدرة الطاحون ، ودخوله إلى الطاحون من أجلكم أنتم .- وما دمتم لم تعودوا في حاجة إلى الطاحون ، فقد ردُ الماء إلى مجراه الأصلي .- و " قوة " النطق إنما تحل في الفم من أجل التعليم ، وإلا فإن لهذا النطق في الأصل مجرى منفصلا .- فهو يمضي دون هدير ودون تكرار إلى الجنان ، إذ " تجري من تحتها الأنهار " . 3105 - فيا إلهي ، هب الروح هذا المقام ، الذي يتيسر فيه نمو الحروف فيها دون كلام .- حتى تجعل الروح الطاهرة من الرأس قدما ، صوب ساحة العدم البعيدة الواسعة .- فهي ساحة شديدة الإتساع ذات خلاء ، وهذا الخيال وهذا الوجود يجدان منها القوت .- وإن الخيالات لأشد ضيقا من العدم ، ومن هنا يكون الخيال سببا للحزن .- ثم إن الوجود أكثر ضيقا من الخيال ، ومن ثم يصبح فيه القمر كأنه الهلال . 3110 - ووجود عالم الحس واللون أكثر منهما ضيقا ، فهو سجن ضيق .- وعلة الضيق هي الكثرة والتكاثر ، وهو لا يفتأ يجذب الأحاسيس نحو الكثرة .- ومن تلك الناحية من الحس ، إعلم أن هناك عالم التوحيد ، وإن كنت تريده ، فسق مركبك نحو ذلك الجانب .- وأمر " كن " فعلٌ واحد ، والنون والكاف مجرد كلمة والفعل يكون صافيا منها .- وهذا كلام لا نهاية له ، فعد " لنر " ما حدث من أحوال الذئب في المعمعة . تأديب الأسد للذئب الذي أبدى عدم الأدب في القسمة
3115 - لقد أطاح ذلك الرفيع الشأن برأس الذئب ، حتى لا تبقى هناك رئاستان ، ولا يبقى إمتيازان . « 286 » - لقد انطبقت عليك " فانتقمنا منهم " أيها الذئب العجوز ، لأنك لم تكن ميتا أمام الأمير .- ثم التفت الأسد إلى الثعلب قائلا : قسم هذا الصيد من أجل الطعام .- فسجد وقال : هذا الثور السمين هو إفطارك أيها الملك المختار .- وذلك الماعز من أجل وسط النهار ، ويمكن أن يطبخ عليه " يخني " للملك المظفر . 3120 - ثم إن ذلك الأرنب من أجل عشائه ، هو تقوت بالليل من أجل الملك ندي اللطف والكرم .- قال : أيها الثعلب ، لقد رفعت راية العدل ، من أين تعلمت هذه القسمة ؟- من أين تعلمت هذا أيها العظيم ؟ قال : مما جرى للذئب يا مليك العالم .- قال : ما دمت قد صرت رهينا لعشقنا ، فاحمل " الفرائس " الثلاثة وخذها كلها وامض .- أيها الثعلب ، ما دمت قد صرت بكليتك لنا ، فكيف أوذيك ، وقد صرت أنت نحن 3125 - فنحن لك ، وكل الصيد لك ، فضع قدمك على الفلك السابع ، واصعد .- وما دمت قد اعتبرت من " مصير " الذئب الدني ، فلست إذن بثعلب ، بل أنت أسدي .- والعاقل هو الذي يعتبر من موت الرفاق في البلاء المحترز .- فساق الثعلب في تلك اللحظة مائة شكر أن الأسد قد استشاره بعد أن استشار الذئب .- ولو كان قد قال له من البداية قسم هذا الصيد ، ما كانت الروح لتنجو منه . 3130 - ومن ثم ، فإن له - سبحانه وتعالى - الشكر الجزيل ، أنه أوجدنا في الدنيا من بعد السابقين .« 287 » - وعلى أننا سمعنا عن عقوبات الحق ، على القرون الماضية ، فيما سبق .- وحتى قمنا أكثر برعاية أنفسنا " اعتبارا " من حال الذئاب من قبلنا ، كما فعل الثعلب .- ومن هنا ، سمانا لهذا الأمة المرحومة ، ذلك الرسول الحق صادق البيان .- فانظروا أيها العظماء ، أنظروا إلى عظام تلك الذئاب وشعورها ، واعتبروا . 3135 - وإن العاقل ليضع عن رأسه ذلك الوجود وريح " الكبر " عندما يستمع إلى عاقبة فرعون وعاد .- وإن لم يفعل ، فإن الآخرين يعتبرون بحاله ، وبضلاله . تهديد نوح عليه السلام لقومه : لا تمكروا معي فإنما بفعلكم
هذا تمكرون بالله حقيقة
- قال نوح : أيها العصاة ، إن " من ترونه " أنا ليس أنا ، لقد مت عن الروح وأحيا بالأحبة . « 1 »- وعندما مت عن حواس أبي البشر ، صار الحق لي السمع والإدراك والبصر .- وما دمت أنا لست بأنا ، فهذا النفَس منه هو ، ومن تنفس أمامه فهو كافر . 3140 - وإنما يكمن أسد في إهاب هذا الثعلب ، فلا تجوز إذن الجرأة على هذا الثعلب .- وإن كنت لم تستجب له من أجل صورته ، لما سمعت منه زئير الأسود ................................................................( 1 ) ج / 2 - 452 : - قال نوح ناصحا قومه ، إقبلوا العطاء من الله آخرا . - وانظروا أيها العصاة فأنا لست أنا ، لقد مت عن الروح وأحيا بالأحبة . « 288 » - ولو لم تكن لنوح يدٌ من الله ، فلما ذا إذن حطم عالما بأكمله ؟ ! - ولقد كان هو مئات الآلاف من الأسود في جسد ، لقد كان نارا والعالم بيدر .- ولما لم يراع البيدر إعطاءه عشر " الزكاة " فقد سلط مثل تلك الشعلة على ذلك البيدر . 3145 - وكل من فتح فاه أمام هذه الأسود الخفية بغير أدب مثلما فعل الذئب ؛- فإن ذلك الأسد يمزقه كما مزق الذئب ، ويقرأ عليه آية " فانتقمنا منهم " .- ويتلقى الطعنة من مخلب الأسد كما تلقاها الذئب ، ويكون أبله ذلك الذي يبدي جرأة أمام الأسد .- وليت تلك الطعنة قد أصابت الجسد فحسب ، وليته كان سليم القلب والإيمان .- لقد خارت قواى عندما وصلت إلى هذا الموضع ، فكيف أستطيع أن أفشي هذا السر ؟ ! « 1 » . 3150 - وكونوا مثل ذلك الثعلب ، وقللوا الاهتمام ببطونكم ، وكفوا أمامه عن ألاعيب الثعالب .- وضعوا أمامه كل " نحن " وكل " أنا ، فالملك ملكه ، أعطوه ما تملكون .- وعندما تكونون فقراء في الطريق ، يكون الأسد وصيد الأسد كله لكم .- ذلك أنه طاهر ، والتنزيه وصفه ، وهو بلا حاجة إلى حلو أو جلد أو لب .- وكل صيد ، وكل إنعامات تكون ، إنما تكون كلها من أجل عبيد ذلك المليك . « 2 »...............................................................( 1 ) ج / 2 - 452 : - لكن عليّ أن أحدثكم برمز من الرموز ، ربما تفهمونه وتصبحون عارفين .( 2 ) ج / 2 - 453 : - قال : أليس الله بكاف عبده ، حتى لا يصبح العبد باحثا في كل صوب . - وكل من يتوكل على الحق ، يتفضل عليه بدوره . « 289 » 3155 - وليس عند المليك طمع ، لقد خلقها كلها ، كل هذه الدولة من أجل الخلق ، وما أسعد من عرفه .- وذلك الذي خلق الدولة ، وخلق الدارين ، أي نفع له من الملك والممالك . ؟- فاحفظوا قلوبكم إذن أمامه سبحانه ، حتى لا تصبحوا خجلين من ظن السوء .- فإنه يعلم السر والفكر والسعي والطلب ، كما تكون الشعرة في اللبن الصافي .- وكل من صار صافي الصدر من الصور ، صار مرآة لصور الغيب . 3160 - وتصبح قلوبنا مؤمنة يقينا ، ذلك أن المؤمن مرآة المؤمن . « 1 »- عندما يعرض نقدنا على المحك ، يميز هو بلا جدال اليقين من الشك .- وعندما تصبح روحه محكا لأنواع النقد ، فإنه يميز إذن بين النقد وبين الزيف إجلاس الملوك للصوفية العارفين أمام وجوههم حتى تستنير عيونهم بهم
- كان عند الملوك عادة ، لعلك سمعتها ، إن كنت تذكر .- بأن يقف الإبطال على يسراهم ، ذلك أن القلب معلق بالناحية اليسرى . 3165 - والمشرفون وأهل القلم على يمناهم ، ذلك أن علم الخط والتسجيل مرتبط باليد اليمنى .- ويجعلون للصوفية موضعا أمامهم ، فهم مرايا الروح ، وأفضل من المرآة . « 2 » - فلقد صقلوا الصدور بالذكر والفكر ، حتى تقبل المرآة الصورة البكر ................................................................( 1 ) ج / 2 - 453 : - وإيمانك وإيمانه بلا شك ، بينهما فرق لا حد له .( 2 ) ج / 2 - 463 : فهم حجاب أولئك الصوفية يا بني ، بسطاء أحرار متواضعون . « 290 » - وكل من ولد جميلا من صلب الفطرة ، ينبغي أن توضع المرآة أمامه .- وصاحب الوجه الحسن يكون عاشقا للمرآة، وتكون تقوى القلوب جلاءً للأرواح. «1» حلول ضيف على يوسف عليه السلام وطلب يوسف عليه السلام
منه هدية وتحفة
3170 - جاء من الآفاق رفيق حنون و " نزل " ضيفا على يوسف الصديق .- فقد كانا صديقين أوان الطفولة ، واتكآ معا على وسادة الألفة .- وذكره بجور إخوته وحسدهم ، قال : لقد كان ذلك غلا وأنا أسد .- ولا عار للأسد يكون من القيد ، ولا شكوى عندنا من قضاء الله .- والأسد ، وإن كان في رقبته قيد ، يكون أميرا على كل صناع القيود . 3175 - قال : كيف كنت من الجب ومن السجن ؟ قال : مثلما يكون القمر في محاق وتناقص .- ففي المحاق وإن ينقسم الهلال ، ألا يصير في النهاية بدرا في كبد السماء ؟- وحبات الدر وإن دقت في الهاون ، ألا تصير نورا للعين والقلب ، وتبصر عاليا ؟- وحبة القمح التي تبذر تحت التراب ، تجعل من التراب سنابل .- ثم تطحن بعد ذلك في الطاحون ، وتزداد قيمتها ، وتصبح خبزا يزيد في الروح . 3180 - وبعد ذلك يطحن الخبز بالأسنان ، فيتحول إلى عقل وروح وفهم ذكي ................................................................( 1 ) ج / 2 - 463 : - وكل من يكون ذا وجه حسن متناسق ، يكون طالبا للمرآة . والسلام . - واستمع الآن إلى مثال معنوي ، حتى لا تسمع بعدها قولا من صورة . « 291 » - إن تلك الروح التي صارت ممحوة بالعشق ، بعد زرع الجسد تصبح نباتا يعجب الزراع . « 1 »- وهذا الكلام لا نهاية له ، فعد وتحدث عما قاله ذلك الرجل الطيب ليوسف .- ومن بعد السمر ، قال يوسف : يا فلان ، هيا لنر ماذا أحضرت معك هدية لي ؟- والذهاب إلى باب الصديق بيد خاوية أيها الفتى ، يشبه تماما الذهاب إلى الطاحون دون قمح . 3185 - وإن الحق تعالى يقول للخلق يوم الحشر: أين هديتكم من أجل يوم النشور.؟- هل جئتمونا فرادى بلا زاد ، على نفس النسق الذي خلقناكم عليه أول مرة ؟- هيا ، ما ذا أحضرتم على سبيل التقرب من هدايا ليوم القيامة ؟- أو أنكم كنتم قد قطعتم الرجاء في العودة ، وكان يبدو لكم موعد اليوم باطلا ؟- وهل كنت منكرا لضيافته من حماريتك ، وتحمل إذن من المطبخ التراب والرماد ؟ 3190 - وإلا أيها المنكر ، كيف تضع قدمك على باب ذلك الحبيب خاوي اليد ؟- فلتدخر قليلا من طعامك ونومك ، واحملها هدية من أجل لقائه .- فصر قليل النوم ممن هم " قليلا من الليل ما يهجعون " ، وكن ممن هم " في الأسحار يستغفرون "- وتحرك قليلا مثلما يفعل الجنين ، حتى توهب حواسا رائية للنور .- وعندما تخرج من الدنيا التي في ضيق الرحم ، تتحول من الأرض إلى الساحة الواسعة ................................................................( 1 ) ج / 468 : - ثم إن تلك الروح التي تكون ممحوة بالحق ، تعجز عن السكر وتتجه إلى الصحو . - ومن هنا صلح لعالم الثمر ، وقوم آخرون منتظرون الفلاح . « 292 » 3195 - تلك التي وصفت بأنها أرض الله الواسعة ، واعلم أن للأنبياء ساحةً شديدة السمو .- فلا يضيق القلب من تلك الساحة الواسعة ، ولا يصير نخل الجسد في ذلك المكان متيبس الأغصان .- وإنك حامل لحواسك حتى الآن ، وتصبح منها عاجزا بطيئا منقلبا .- وعندما تكون وقت النوم محمولا ولست حاملا ، فقد ذهب عنك العجز ، وصرت بلا ألم وحمى .- واعلم أن حال النوم مجرد نذر يسير ، إذا قيس بأحوال الأولياء عندما يُحملون . 3200 - فالأولياء هم أهل الكهف أيها العنود ، في قيامهم وتقلبهم رقود .- إنه يقلبهم بلا تكلف في الفعال ، دون إحساس منهم ، ذات اليمين وذات الشمال .- فما هو ذات اليمين ؟ إنه الفعل الحسن ، وما هو ذات الشمال؟ إنه أشغال الجسد. «1»- وإن الأنبياء ليصدر منهم هذان الأمران ، وهم فارغون منهما ، كأنهما الصدى .- فإذا كنت تسمع صوتك في الخير والشر ، فإن ذات الجبل لا علم لها بكليهما . قول الضيف ليوسف عليه السّلام :
أحضرت لك مرآة كلما نظرت فيها رأيت وجهك الجميل وتذكرتني
3205 - قال يوسف : هيا ، قدم الهدية ، فصرخ حياءً من هذا الطلب ................................................................( 1 ) ج / 2 473 : - فإن أبصرتهم فمن الصعوبة " أن تبصر " بواطنهم ، إذ لا خوف عندهم ولا هم يحزنون . - فإن مظهر هذين يجري على البشر ، وهم في زيادة فارغون من هذين . « 293 » - وقال : لقد بحثت كثيرا عن هدية لك ، فلم أجد هدية " لائقة " بك .- فكيف أحمل حبة إلى المنجم ؟ ! وكيف أحمل قطرة إلى المحيط ؟ !- وكيف أحمل الكمون إلى كرمان ؟ وأنا لو أستطيع آتيك بالقلب والروح .- فلا بذرة هناك قط لا توجد في هذا المخزن ، اللهم إلا حسنك الذي لا نظير له . 3210 - فوجدت من اللائق أن آتي لك بمرآة ، فأنت النور " الشارح " للصدور .- حتى ترى وجهك الجميل فيها ، يا من أنت كالشمس ، شمع للسموات .- لقد جئت لك بمرآة أيها النور ، حتى تذكرني كلما رأيت وجهك فيها .- وأخرج المرآة من تحت إبطه ، وإن المرآة لتكون شغلا للوجه الحسن .- وما هي مرآة الوجود ؟ إنه العدم ، فاحمل إلى حضرته العدم إن لم تكن أبله . 3215 - ويمكن إبداء الوجود في العدم ، مثلما يجود الأغنياء على الفقراء .- والجائع هو المرآة الصافية للخبز ، وعود الحرق هو مرآة الزند .- والعدم والنقص أينما ظهرا ، مرآة جيدة لكل الحرف . « 1 »- وعندما يكون الثوب أنيقا مخيطا ، كيف يصبح مظهرا لفن الحائك ؟- وينبغي أن تكون جذوع الأشجار غير منحوتة أو مسواة ، حتى يجعل منها النجار لوحا من الخشب أو فرعا من الفروع . 3220 - وإن السيد مجبر الكسور ليمضي إلى ذلك المكان الذي يكون فيه أحدهم كسير القدم .- ومتى تصبح جمال صنعة الطب واضحة إن لم يكن ثم مريض شاك ؟ !- وإن لم يكن رخص النحاس ودنو قيمته ظاهرا على الملأ ، فمتى تظهر كيمياء التبديل ؟...............................................................( 1 ) ج / 2 - 487 : - ذلك أن العدم هو التصفية ، وكل هذا الوجود أدران ودنس .« 294 » - إن أنواع النقص هي مرآة وصف الكمال ، وتلك الحقارة والدونية هي مرآة العز والجلال .- وذلك أن الضد يبدي ما هو ضده يقينا ، والعسل يظهر إذا كان الخل على وجه اليقين . 3225 - وكل من أدرك نقصه وعرفه ، أسرع لاستكماله بسرعة عشرة جياد .- ذلك أنه لا يطير صوب ذي الجلال ، ذلك الذي يظن في نفسه الكمال .- ولا علة هناك أسوأ من ظن الكمال ، في روحك يا صاحب الدلال .- وكثير من الدم يسيل من قلبك ومن عينيك ، حتى يمضي عنك ذلك العُجب .- لقد كانت علة إبليس في قوله " أنا خير " ، وهذا المرض موجود في نفس كل مخلوق . 3230 - وإن كان المرء يرى نفسه شديد الإنكسار ، يكون ناظرا إلى الماء الصافي لكن البعر في قاع النهر .- وعندما يستفزك أحد اختبارا لك ، يصبح الماء الصافي بعرا في التو واللحظة .- ففي قاع النهر بعر أيها الفتى ، مع أن ماء الجدول يبدو لك صافيا .- وهناك شيخ عارف بالطريق شديد الفطنة ، شاقٌ للجداول في بساتين النفس الكلية .- فمتى يستطيع الجدول أن يطهر نفسه ؟ لقد صار علم المرء نافعا من علم الله. «1» 3235 - ومتى ينحت السيف قبضته ؟ ألا فلتذهب ولتعرض جرحك هذا على جراح ................................................................( 1 ) ج / 2 - 488 : - وماء الجدول لا يستطيع أن يطهر نفسه من البعر ، وعلم المرء لا يمحو جهل نفسه . « 295 » - وفوق كل جرح يتجمع الذباب ، حتى لا يرى المرء قبح جرحه .- وذلك الذباب هو أفكارك ومالك ، وجرحك هو ظلمة أحوالك .- والشيخ هو الذي يضع على جرحك هذا المرهم ، وآنذاك يسكن الألم والصراخ .- بحيث تظن أن الجرح قد إلتأم ، وشعاع المرهم هو الذي سطع عليه . 3240 - فحذار ، لا ترفض المرهم يا جريح الظهر ، واعلم أن هذا قد حدث من الشعاع وليس من ذاتك « 1 » ردة كاتب الوحي لأن نور الوحي سطع عليه فتلا تلك الآية
قبل أن ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال :
إذن فأنا موضع الوحي
- كان هناك قبل عثمان رضي الله عنه أحد كتاب الوحي ، كان يبدي جدا وهمة في كتابة القرآن .- وعندما كان الرسول عليه السلام يلقي بدرس " نقلا " عن الوحي ، كان ينقله كما هو على الورق .- كان شعاع ذلك الوحي ينعكس عليه ، فكان يجد الحكمة تنبعث من باطنه .- من نفس تلك الحكمة التي كان يفيض بها الرسول ، ومن هذا القدر ، ضل ذلك الفضولي . 3245 - قال : إن ما يقوله الرسول المستنير ، عندي أيضا حقيقته في الضمير ................................................................( 1 ) ج / 2 - 488 : - هذا الكلام لا نهاية له أيها الشاب ، فاستمع الآن إلى قصة في هذا المجال « 296 » - وطرق شعاع تفكيره الرسول ، فأنزل قهر الحق على روحه . « 1 »- فخرج عن عمل الكتابة ، كما ارتد عن الدين ، وصار من حقده عدوا للمصطفي ولدينه .- فقال المصطفى : أيها المجوسي العنود ، كيف إسودت قريحتك إن كان النور منك- وإنك إن كنت ينبوعا إلهيا ، لما سقت إلينا هذا الماء الأسود . 3250 - وحتى لا يحط من كبريائه أمام هذا وذاك ، أغلق هذا الرجل فمه تماما .- وكان باطنه يحرقه لهذا السبب ، ولم يكن يجرؤ على التوبة ، وهذا هو العجب .- كان يتأوه ، ولم تكن الآهات تجديده نفعا ، ما دام السيف قد طاله واختطف رأسه- لقد جعل الحق من الكبرياء " قيدا " يزن مائة من من الحديد ، وما أكثر المغلولين بقيود غير ظاهرة .- فالكبر والكفر يسدان الطريق ، بحيث لا يستطيع المرء أن يظهر آهاته . 3255 - لقد قال "إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ" ، وهذه الأغلال لا تكون علينا من الخارج .- وقال : "وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ" ، فلا يرى المرء القيد من قدامه ومن خلفه .- وإن ذلك السد الذي قام يكون في نفس لون الخلاء ، ولا يعرف من هو أمامه أنه سد القضاء ................................................................( 1 ) ج / 2 - 514 : - وسطع شعاعه فجأة عليه ، فلم يجد في باطنه حرفا واحدا . « 297 » - وإن حسناءك لسد أمام وجه الجميل " المطلق " ، ومن تتخذه مرشدا يكون سدا أمام المرشد " الحقيقي "- وما أكثر الكفار المغرمين بالدين ، وسدهم العنجهية والكبر أمام هذا وذاك . 3260 - إن القيد خفي ، لكنه أسوأ من القيد الحديدي ، فإن القيد الحديدي تحطمه ضربات الطبر .- والقيد الحديدي يمكن أن يُرفع ، لكن القيد الغيبي لا يعرف أحد له دواء .- وإذا لدغت النحلة المرء ، فإن طبعه في تلك اللحظة يهرع إلى دفع هذه اللدغة .- هذا عن لدغ إبرة " النخلة " ، أما إذا كانت " اللدغة " من وجودك ، فإن الحزن يقوى ولا يقل الألم- إن تفصيل هذا الألم ليقفز من قلبي قفزا ، لكني أخاف أن يصيب بالإحباط واليأس . 3265 - لا ، لا تقنط ، واجعل نفسك فرحا ، واصرخ أمام ذلك المغيث قائلا :- يا محب العفو ، أعفُ عنا ، يا طبيبا لجراحنا المزمنة .- لقد أضل انعكاس الحكمة ذلك الشقي ، فلا تعجب بنفسك ، حتى لا يجعلك أنقاضا .- ويا أيها الأخ ، إن الحكمة الجارية " على فمك " هي من الأبدال ، وهي بالنسبة لك عارية .- فإن كان قد وجد في داره نورا ، فهو في الحقيقة قد انعكس من الجار ذي النور . 3270 - فاشكر ، ولا تغتر ، ولا تشمخ بأنفك ، واستمع ، ولا تعجب بنفسك أبدا .- ومن شدة الأسف والألم أن هذه الأمور المستعارة ، قد أبعدت الأمم عن أنبيائها .- وأنا غلام لذلك الذي يكون في الرباط ، ولا يعتبر نفسه وأصلا إلى السماط . « 298 » - وما أكثر الأربطة التي ينبغي على المرء أن يتركها حتى يصل إلى منزله .- وإن احمر الحديد ، فليس أحمر بطبعه ، بل هو شعاع مستعار من إضرام النار فيه . 3275 - وإن صارت الكوة أو الدار مليئين بالنور ، فلا تعتبر شيئا منورا ، اللهم إلا الشمس .- وكل باب وجدار يقول : إنني منير ، وليس لدى شعاع مستعار ، هذا هو أنا .- فتقول له الشمس : أيها الساذج ، عندما أغرب ، سيبدو الأمر " على حقيقته " .- وتقول الخضرة : إنني خضراء من نفسي ، متهللة ضاحكة ، شديدة جمال الخد - فيقول فصل الصيف : أيتها الأمم ، أنظرن إلى أنفسكن عندما أمر بكن . 3280 - والجسد لا يزال يدل بالحسن والجمال ، والروح أخفت مجدها وجناحها وقوادمها .- فتقول له : من أنت أيتها المزبلة ؟ إنك تعيش يوما أو اثنين من شعاعي .- ولا يسع الدنيا غنجك ودلالك ، فانتظر حتى أغادرك .- ويدفنك من يعزونك في قبر ، ويجعلونك طعاما للحيات والنمل . « 1 »- ومن نتنك يمسك بأنفه ذلك الشخص ، الذي كثيرا ما كان يموت أمامك " هياما " ................................................................( 1 ) ج / 2 - 515 و 516 :- ويدفنك من يعزونك في قبر ، ومن يعانقونك يلقون بك في حفرة القبر .- وعندما يقبرك رفاقك ، يجعلونك طعاما للحيات والنمل ..
يتبع