منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:28 pm

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

مجيء الرفاق إلى البيمارستان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري التأخير المثنوي المعنوي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري
رحمة الله عليه
أمر الوالي لذلك الرجل : أجمة الشوك هذه التي غرستها 
على رأس الطريق إقتلعها
 
- مثلما حدث من ذلك الشخ الغليظ حلو الكلام ، إذ زرع أجمة شوك في وسط الطريق .
- ولامه المارة ، ثم قالوا له : إقتلعها ، فلم يفعل .
- وفي كل لحظة ، كانت أجمة الشوك هذه تزداد ، وكانت أقدام الخلق تمتليء منها بالدماء .
- كانت ثياب الخلق تتمزق من الشوك، وكانت أقدام الفقراء تجرح بشكل بشع. «2»
 
1235 - قال له الحاكم جادا ، إقتلعها ، قال : أجل ، على إقتلاعها يوما ما .
- ولفترة أخذ يعد بالغد ثم الغد ، وصارت أجمة شوكة ثابتة الجذور .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 598 :
- وانحنى الظهر وصار القلب ضعيفا خافقا ، وضعف الجسد وصارت اليد والقدم كالحبل .
- وخرب المنزل وضاع انتظام الأمور ، وصار القلب من الصراخ كأنه مزمار القرب .
- والعمر ضائع ، والسعي باطل ، والطريق باطل ، والنفس كسلى والقلب أسود والروح غير صابرة ، والشعر فوق الرأس كالثلج خوفا من الموت ، وكل الأعضاء مرتعدة مرتعشة كأوراق الأشجار .
( 2 ) ج / 3 - 410 : - وعندما بلغ مسامع الحاكم هذا الحديث ، وعلم بفعل ذلك الخبيث .

« 118 »
 
- وقال له الحاكم ذات يوم : يا معوج الوعد ، هم بالعمل الذي أمرنا به ، ولا تماطل فيه .
- فقال : « الأيام يا عم بيننا » ، فقال « عجل ، لا تماطل ديننا » . « 1 »
- إنك تقول غدا ، واعلم هذا ، إنه في كل يوم يمر من الزمان ،
 
1240 - فإن شجرة السوء هذه تزداد عنفوانا ، وهذا الذي يقتلعها يزداد عجزا .
- فأجمة الشوك « آخذة » في القوة والسموق ، ومقتلع الشوك آخذ في الشيخوخة والنقص .
- وأيكة الشوك في كل يوم وكل لحظة تزداد إخضرارا وطراوة ، ومقتلع الشوك كل يوم أكثر نحولا وجفافا .
- إنها تصبح أكثر عنفوانا وأنت أكثر شيخوخة ، أسرع إذن ، ولا تضيع أيامك .
- واعلم أن كل خصلة سيئة منك هي أجمة شوك ، وقد وخزت قدمك بالشوك عدة مرات .
 
1245 - ولقد حلت بك الجراح عدة مرات من طباعك ، وأنت لا تحس ، فقد كنت فاقد الحس تماما .
- فإذا كنت لا تحس بجراح الآخرين التي حدثت لهم من خلقك القبيح ،
- لأنك غافل عما يصيبك أنت نفسك ، فأنت عذاب لنفسك وللغرباء .
- فإما أن تمسك الطبر وتضرب برجولة ، وكن كعلي ، واقتلع باب خيبر هذا ،
- أو فأوصل هذا الشوك بأيكة ورد ، وأوصل بالنار نور الحبيب .
 
1250 - حتى يجذب نوره نارك ، ويجعل وصله أجمة شوكك روضة .
- وأنت على مثال الجحيم ، وهو مؤمن ، وقتل النار ممكن للمؤمن .
...............................................................
( 1 ) ما بين الأقواس بالعربية في المتن الفارسي .
 
 
« 119 »
 
- ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وآله أن الجحيم تصبح راجية للمؤمن من خوفها ، 
- وتقول له : أعبرني أيها الملك سريعا ، وهيا ، فإن نورك إختطف حرقة ناري
- ومن ثم فهلاك النار هو نور المؤمن ، ذلك أن دفع الضد بغير ضده أمر غير ممكن .
 
1255 - والنار ضد النور في يوم العدل ، فتلك قد خلقت من القهر ، وهذا من الفضل .
- وإذا كنت تريد أن تدفع شر النار ، فسلط ماء الرحمة على قلب النار .
- وعين ماء الرحمة تلك هي المؤمن ، وماء الحياة روح المحسن الطاهرة .
- ومن ثم فإن نفسك جافلة منه ، ذلك أنك من النار ، وهو في طبع الماء .
- والنار تصبح هاربة من الماء ، ذلك أن لهيبها يخمد من الماء .
 
1260 - وحسك وفكرك كله من النار ، وحس الشيخ وفكره نور حلو .
- وعندما ينساب ماء نوره على النار ، ترتفع خشخشة من النار وتندلع .
- وعندما ترتفع خشخشتها ، قل لها : ليكن لك الموت والألم ، حتى يصبح جحيم نفسك باردا .
- حتى لا تقوم بإحراق روضتك ، وحتى لا تحرق عدلك وإحسانك . « 1 »
- ومن بعد ذلك تنمو لك بما تزرعه ، وتعطيك الشقائق والنسرين والسعتر .
 
1265 - وثانية ، ها نحن نحيد عن الطريق المستقيم ، فعد أيها السيد ، ترى أين طريقنا ؟ « 2 »
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 611 : فإن شررا واحدا منها لا يترك من ألف روضة لا اسما ولا رسما .
( 2 ) ج / 3 / 611 - 612 : 
- أيكون حملك ثقيلا في طريق البئر ، لا تمش معوجا وتبتعد عن الطريق الرئيسي . 
- وإن سن الستين قد وصلت لتسحبك إلى الشص ، فخذ طريق البحر حتى تجد الرشد . 
- وكل من كان عاقلا بلغ في طريق البحر ، وخلص من الشبكة ونجا من النار . 
- وعندما تأخر الوقت ومضت تلك الفترة . صار ميتا واتجه من اليابسة إلى البحر . 
- هذا والا صارت في المقلاة تقلى كثيرا ، وهل يفعل هذا قط عاقل في نفسه ؟ -


 
« 120 »
 
- وهكذا كنا نقول أيها الحسود ، أن حمارك أعرج والمنزل بعيد ، فأسرع .
- لقد تأخر بنا العام ، وليس الأوان أوان الغراس ، ليس إلا الإفتضاح ، والفعل القبيح .
- ولقد وقع الدود في أصل شجرة الجسد ، وينبغي إقتلاعها وإلقاؤها في النار .
- هيا ، هيا أيها السالك ، لقد تأخر الوقت ، ومضت شمس العمر نحو البئر .
 
1270 - وفي هذين اليومين القصيرين اللذين تملك فيهما القوة ، قم سريعا بنفض الشيخوخة عن طريق الجود .
- واغرس هذا القدر من البذر الذي بقي لك ، حتى ينبت لك من هاتين اللحظتين العمر الطويل .
- وما دام هذا المصباح الثمين لم يطفأ بعد ، انتبه ، ومده ما استطعت بالفتيل والزيت .
 
[ آفة تأخير الخيرات إلى الغد ]
- وحذار ، لا تقل غدا ، فإن الغد ولى ، حتى لا تمضي عنك تماما أيام الغراس .
- واستمع إلى نصيحتى ، إن الجسد مانع قوي ، فأخرج منه القديم ، إن كنت تميل إلى الجديد .
 
1275 - وأغلق شفتيك ، وافتح كفا مليئا بالذهب ، ودعك من بخل الجسد ، وبادر بالسخاء .
- وترك الشهوات واللذات سخاء ، وكل من انغمس في الشهوة ، لم ينهض .
- وهذا السخاء غصن من شجرة سرو الجنة ، وويله ذلك الذي فرط في مثل هذا الغصن .
- وترك الهوى هو العروة والوثقى ، وهذا الغصن يجذب الروح إلى عنان السماء
...............................................................
مثل تلك السمكات الثلاثة وجدول الماء ، التي قصتها هنا من أجل العبرة .
- « فانتبه ، ثم إعتبر ، ثم إنتصب ، واجتهد بالله ثم إجهد تصب . »

« 121 »
 
- حتى يحملك غصن السخاء يا طيب المذهب مرتفعا بك حتى أصلك .
 
1280 - وأنت يوسف الحسن وهذا العالم كأنه جب ، وهذا الحبل هو الصبر على أمر الإله .
- فيا يوسف ، لقد مد الحبل ، فتمسك به بكلتا يديك ، ولا تغفل عن الحبل فقد تأخر الوقت
- وحمدا لله أنهم مدوا هذا الحبل ، ومزجوا الفضل والرحمة معا . « 1 »
- حتى ترى عالم الروح الجديد ، وهو عالم شديد الوضوح وخفي .
- وعالم العدم هذا صار كالموجودات ، وعالم الوجود هذا صار شديد الخفاء .
 
1285 - والتراب تذروه الرياح وتتلاعب به ، وتقوم بإبداء الإعوجاج والألاعيب من وراء الستار .
- وهذا القائم بالعمل عاطل وقشر ، وذلك الخفي ، هو لبه وأصله .
- والتراب كأنه أداة في يد الريح ، واعلم أن الريح عالية ، عالية الأصل .
- والعين الترابية يقع نظرها على التراب ، والعين التي ترى الريح عين من نوع آخر ؟ .
- والجواد يعرف الجواد الذي يكون رفيقا له ، كما أن الفارس هو الذي يعرف أحوال الفارس .
 
1290 - وعين الحس جواد ، ونور الحق فارس ، وبلا فارس ، لا يتأتى من الجواد وحده عمل .
- ومن ثم روض الجواد عن الخصال السيئة ، وإلا طرد الجواد من أمام المليك .
- وعين الجواد لها قائد من عين الملك ، وعينه دون عين الملك عاجزة مضطرة .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 633 : - فاستمسك بالحبل واخرج من البئر ، حتى ترى بلاط الملك .
 
« 122 »
 
- وعيون الجياد ليست إلا على العشب والمرعى ، وحين تستدعيها ، تقول لك :
لا . . لم ؟
- ونور الحق راكب على نور الحس ، وآنذاك تصبح الروح راغبة في الحق .
 
1295 - وأي علم للجواد دون فارس برسم الطريق ، ينبغي مليك لكي يعلم الطريق الرئيسي .
- فامض صوب الحس الذي يكون النور ممتطيا إياه ، فالنور صاحب طيب لذاك الحس .
- ونور الحق زينة لنور الحس ، وهذا هو معنى نور على نور .
- ونور الحس يجذب نحو الثرى ، ونور الحق يحمله صوب العلى .
- ذلك أن المحسوسات هي أدنى عالم ، ونور الحق بحر ، والحس كأنه قطرة طل .
 
1300 - لكن هذا الراكب لا يكون ظاهرا عليه ، إلا بآثاره وقوله الطيب .
- والنور الحسي الذي هو غليظ وثقيل ، مخبوء في سواد العيون .
- وما دمت لا ترى نور الحس من العين ، كيف ترى نور هذا الدين من العين ؟
- ونور الحس مع غلظته هذه مخبوء ، فكيف لا يكون خفيا الضياء الصفي ؟
- وهذه الدنيا مثل قشة في يد ريح الغيب ، إحترفت العجز ، " واحترف " الغيب العطاء . « 1 »
 
1305 - حينا يرفعها ، وحينا يخفضها ، وحينا يصلحها ، وحينا يحطمها .
- حينا يحملها ذات اليمين ، وحينا ذات الشمال ، حينا يجعلها روضة ، وحينا يجعلها شوكا .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 634 : - حينا يحملها إلى البحر ، وحينا إلى البر ، حينا يحففها ، وحينا يبللها .
 
 
« 123 »
 
- واليد خفية ، وانظر إلى القلم قائم بالكتابة ، والجواد يصول ويجول ، والفارس مختف .
- وانظر إلى السهم منطلقا ، والقوس خفى ، والأرواح ظاهرة ، وروح الأرواح خفي .
- فلا تكسر السهم ، فهو سهم ملكي ، ليس من رام بالسهام عادى ، بل من إبهام خبير .
 
1310 - ولقد قال الحق :ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ، وفعل الحق يسبق جميع الأفعال .
- فلتحطم غضبك ، ولا تحطمن السيف ، فعينك الغاضبة تحسب اللبن دما
- وقبل السهم ، واحمله إلى المليك ، والسهم الملطخ بالدم يسيل بدمك .
- وما هو ظاهر ، عاجز ومغلق ومسكين ، وما هو غير ظاهر حاد حرون إلى هذه الدرجة ! !
- ونحن صيد ، فلمن يا ترى هذه الشبكة ؟ ونحن كرة الصولجان ، فأين يا ترى الممسك بالصولجان ؟
 
1315 - إنه يمزق ويخيط ، فأين يا ترى هذا الخياط ؟ وهو يفجر ويحرق ، فأين هذا النفاط ؟
- فهو في لحظة يجعل الصديق كافرا ، وفي لحظة يجعل الزنديق زاهدا .
- ذلك أن المخلص يكون في خطر من الفخ ، ما لم يصبح خالصا من ذاته تماما
- فهو في الطريق ، وقطاع الطريق بلا حصر ولا حد ، وإنما ينجو من هو في أمان الله .
- إنه لم يتحول بعد إلى مرآة خالصة ، لكنه مخلص ، ولم يصد الطائر بعد ، لكنه في حالة قنصه .
 
« 124 »
 
1320 - وعندما صار المخلص مخلصا فقد نجا ، ومضى إلى مقام الأمن ، وحاز السبق .
- ولا توجد مرآة قط قد ارتدت حديدا ، ولم يرتد خبز قمح قط إلى بيدر .
- ولم يصر عنب قط حصر ما ، ولم تنقلب فاكهة ناضجة إلى مجرد بشائر .
- فصر ناضجا ، وابتعد عن التغير ، وامض وصر نورا كبرهان الدين محقق .
- وما دمت قد نجوت من نفسك فقد صرت بأجمعك برهانا ، وما دام العبد قد فنى ، فقد صار سلطانا .
 
1325 - وإذا أردت الأمر عيانا ، فقد أبداه صلاح الدين ، وجعل العيون مبصرة مفتوحة .
- ومن عينيه ومن سيمائه ، رأت الفقر والنور ، كل عين لديها النور من لدنه .
- إنه شيخ فعال دون أداة وكأنه الحق ، ولقد أعطى لمريديه دون قول ، السبق .
- والقلب في يده مروض وكأنه الشمع اللين ، وختمه يختم حينا بالعار ، وحينا بالشرف .
- وختمه على الشمع يدل على خاتم ما ، فمن الذي يدل عليه نقش ذلك الفص ؟
 
1330 - إنه يدل على فكر ذلك الصائغ ، فهي سلسلة مكونة من حلقات متصلة .
- وهذا الصدى في جبال القلوب ، من صوت من ؟ حينا يمتليء الجبل بصوته ، وحينا يفرغ .
- وحيثما يكون هو ، فهو حكيم وأستاذ ، فلا خلا جبل القلب إذن من صوته .
- فهناك جبل ، يجعل الصوت ضعفين ، وهناك جبل يجعل الصوت مائة ضعف 
- ويتفجر الجبل من ذلك الصوت والمقال ، بمئات الآلاف من عيون الماء الزلال
 
1335 - وعندما يفيض ذلك اللطف من الجبل ، فإن المياه في العيون تصير دما .
 
 
« 125 »
 
- ومن ذلك المليك المبارك القدم ، صار طور سيناء بأجمعه ياقوتا .
- وقبلت أجزاء الجبل الروح والعقل، فهل نحن أقل من الحجر آخر الأمر أيها الجمع؟
- فلا نبع واحد يفور من الروح ، ولا بدن يغطى بالخضرة .
- ولا صدى فيه لصوت مشتاق ، ولا صفاء فيه لجرعة ساق .
 
1340 - فأين الحمية لكي يقتلع هذا الجبل كلية بالبلط والفؤوس .
- لعل على أعضائه يسطع قمر ، وربما يجد شعاع القمر طريقا إليه .
- ولما كان يوم القيامة يقوم باقتلاع الجبل ، إذن فمتى يقوم هذا الكرم بالقيامة ؟
- ومتى تكون هذه القيامة أقل من تلك القيامة ؟ إن تلك القيامة جرح ، وهذه مرهم .
- وكل من رأى هذا المرهم يكون آمنا من الجرح ، وكل من وقع عليه نظر هذا الحسن ، يكون محسنا .
 
1345 - فما أسعده من قبيح ، ذلك الذي صار الجميل له قرينا ، وويل لوجه مورد ، صار الخريف له قرينا .
- والخبز الميت ، عندما يصير قرينا للروح ، يحيى الخبز ، ويصبح الروح عينها .
- والحطب المظلم صار قرينا للنار ، فذهبت الظلمة عنه ، وتحول بأجمعه إلى أنوار .
- وعندما سقط الحمار الميت في الأرض المالحة ، ألقى جانبا بحماريته وموته .
- إن صبغة الله هي دن ألوانه ، وفيه تصير الألوان المختلفة لونا واحدا .
 
 
« 126 »
 
1350 - وعندما يسقط في ذلك الدن وتقول له " قم ، يقول من الطرب : " أنا الدن ، لا تلم " .
- وأنا الدن هي نفسها قولة أنا الحق ، إنه في لون النار ، إلا أنه حديد .
- وانمحى لون الحديد في لون النار ، فظل ينفج بالنارية ، وإن بدى صامتا .
- وعندما صار من الأحمرار كأنه ذهب المنجم ، يكون نفاجه " أنا النار " وإن لم ينطقها باللسان .
- صار محتشما من لون النار ومن طبعها ، فهو يقول : أنا نار ، أنا نار .
 
1355 - أنا نار ، وإن كان لديك شك وظن ، فجرب ، وضع يدك علي .
- أنا نار ، وإن أشبه عليك الأمر ، فضع وجهك على وجهي لحظة واحدة .
- والإنسان عندما يستمد النور من الله ، يصبح موضع سجود الملائكة إجتباءا .
- ويصبح موضع سجود الإنسان كالملك ، فقد نجت روحه من الطغيان والشك .
- أي نار ؟ ! أي حديد ؟ ! أصمت ، ولا تسخر من لحية تشبيه المشبه .
 
1360 - ولا تضع قدمك في البحر ، وقلل الحديث عنه ، واصمت على شاطيء البحر ، عاضا شفتيك .
- وبالرغم من أن مائة من أمثالي لا يتحملون البحر ، إلا أني لا أصبر عن موضع غرق البحر .
- ولتكن روحي وعقلي فداء للبحر ، فبحر العدل هذا هو دية العقل والروح .
- ولأسق فيه ، إلى حيث تستطيع القدم ، وعندما لا يبقى قدم ، أنا فيه كالبط .
- والحاضر ، وإن كان بلا أدب ، فهو أفضل من الغائب ، والحلقة وإن كانت ملتوية ، أليست على الباب ؟
 
1365 - ويا نجس الجسد ، لتحم حول الحوض ، ومتى يصبح المرء طاهرا خارج الحوض ؟
 
« 127 »
 
- والطاهر الذي هجر الحوض ، يسقط أيضا بعيدا عن طهارته .
- وطهارة هذا الحوض لا نهاية لها ، وطهارة الأجسام قليلة في الميزان .
- ذلك أن القلب حوض ، لكنه كامن مخبوء ، وله صوب البحر طريق خفي .
- وطهارتك المحدودة إنما تحتاج المدد ، وإلا فإنه بالإنفاق ، يقل العدد .
 
1370 - وقد قال الماء للنجس : أسرع إليّ ، وقال النجس : إنني خجل من الماء
- قال الماء : وكيف يمضي هذا الخجل دوني ؟ وبدوني متى يزول هذا النجس ؟
- ومتى يختفي الماء عن كل نجس ، إن " الحياء يمنع الإيمان " .
- والقلب من حافة حوض الجسد صار ملوثا بالطين ، والجسد من ماء أحواض القلوب صار طاهرا .
- ولتحم حول حافة حوض القلب يا بني ، وانتبه ، واحذر دائما من حافة حوض الجسد .
 
1375 - وبحر الجسد وبحر القلب ، كلاهما يحف بالآخر ، وبينهما برزخ لا يبغيان .
- وسواء كنت مستقيما أو كنت معوجا ، فازحف إلى الأمام وأسرع ، ولا تزحف إلى الخلف .
- وأمام الملوك ، إن كان ثم خطر على الروح ، ألا أن أصحاب الهمم لا يصبرون عنه .
- وما دام الملك أحلى من السكر ، فإن الروح تصير أحلى ، إن مضت إلى الحلاوة .
- ويا أيها اللائم ، لتكن لك السلامة ، ويا باحثا عن السلامة ، إنك واهي العرى .
 
 
« 128 »
 
1380 - إن روحي كير ، سعيدة بالنار ، ويكفي الكير أن يكون منزلا للنار .
- وللعشق أيضا مثل الموقد ، قابلية للإحراق ، وكل من يعمى عنه ، لا نصيب له منه .
- ولقد صارت القدرة على الاستغناء زادا لك ، ووجدت الروح الباقية ، وانقضى الموت .
- وما دام الغم قد حل بك ، فقد أخذ سرورك في الازدياد ، واجتاح الورد والسوسن روضة روحك .
- وما يكون خوفا للآخرين يكون أمنا لك ، والبط قوي في البحر ، والطائر المنزلي واهن .
 
1385 - لقد صرت ثانية مجنونا أيها الطبيب ، وصرت ثانية متيما أيها الحبيب .
- وحلقات سلسلتك يا ذا الفنون ، كل حلقة منها ، تمنح نوعا مختلفا من الجنون .
- وكل حلقة ، أعطت فنونا من نوع آخر ، ومن ثم فإن لي في كل لحظة جنونا مختلفا .
- ومن ثم ، صار الجنون فنونا ، وهذا مثل ، خاصة في سلسلة هذا الأمير الأجل .
- ومثل ذلك الجنون قد حطم القيد ، بحيث أخذ كل المجانين يسدون إليّ النصح .
 
مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري 
رحمة الله عليه
 
1390 - ولقد حدث مثل هذا لذي النون المصري ، فقد تولد لديه وجد وجنون جديدان .
- وصار الهياج شديدا حتى بلغ ما فوق الفلك ، ومنه كان الملح ينثر على الأكباد " الجريحة " .
 
 
« 129 »
 
- وحذار يا ترابا ملحا أن تجعل من ملحك مساويا لملح الأطهار .
- ولم يكن عند الخلق طاقة على " تحمل " جنونه ، فلقد كانت ناره تختطف لحيهم 
- وعندما شبت النار في لحي العوام ، قيدوه ، ووضعوه في السجن .
 
1395 - وليس في الإمكان جذب هذا اللجام ، بالرغم من العوام يضيقون به .
- لقد رأى هؤلاء الملوك من العامة الخوف على الروح ، فهذه الجماعة عمياء ، والملوك لا أمارات لهم .
- وما دام الحكم في أيدي العوام ، فلا جرم أن ذا النون يكون في السجن .
- والملك العظيم يمضي " وحيدا " كفارس الميدان ، ويكون بين أيدي الأطفال مثل هذا الدر اليتيم .
- وما الدر ؟ إنه بحر مخبوء في قطرة ، وشمس مخبوءة في ذرة .
 
1400 - إنه شمس ، يبدي نفسه في ذرة ، وقليلا قليلا يكشف النقاب عن وجهه .
- وكل الذرات ممحوة فيه ، والعالم منه ، صار في سكر ثم في صحو .
- وعندما يكون القلم في يد غادر ، يكون المنصور بلا شك فوق المشنقة .
- وما دام للسفهاء هذه الأبهة والعظمة ، صار لازما لهم قتل الأنبياء .
- ومن سفههم ، قال قوم ممن ضلوا الطريق للأنبياء : إنا تطيرنا بكم .
 
1405 - وانظر إلى جهل النصراني ، إنه يطلب الأمان من ذلك السيد الذي صلب .
- وإذا كان اليهود قد صلبوه على حد قوله ، فكيف يستطيع أن يمنحه الأمان ؟
- وإذا كان ذلك الملك قد دمى قلبه منهم ، فكيف بعصمة " وأنت فيهم " ؟
- والذهب الخالص والصائغ كلاهما يتعرضان للخطر أكثر من الزيف والخائن .
- وأمثال يوسف مختفون من حسد القبحاء ، والحسان يعيشون في النار " خوفا " من العدو .
 
« 130 »
 
1410 - وأمثال يوسف في الجب من خوف الإخوان ، الذين يسلمون يوسف حسدا إلى الذئب .
- فما ذا جرى ليوسف المصري من الحسد ؟ وهذا الحسد ذئب ضخم مترصد
- فلا جرم أن يعقوب الحليم ، كان دائم الخوف على يوسف من هذا الذئب .
- وذئب الظاهر ، لم يقترب في الأصل من يوسف ، وهذا الحسد في فعله ، جاوز فعل الذئاب .
- ولقد طعنه هذا الذئب ، ومن العذر اللبق ، جاء قائلا : إنا ذهبنا نستبق .
 
1415 - ومئات الآلاف من الذئاب ليس لديهم هذا المكر ، وفي النهاية ، سوف يفتضح هذا الذئب ، فاصبر .
- ذلك أن حشر الحاسدين يوم العقاب ، لا شك سوف يكون على صورة الذئاب .
- وحشر شديد الحرص الخسيس آكل الجيف ، يكون على صورة الخنزير يوم الحساب .
- والزناة يحشرون بعورات نتنة ، ولمعاقري الخمر يكون نتن الفم .
- والنتن الخفي الذي كان يصل إلى القلب ، صار يوم الحشر محسوسا ظاهرا
 
1420 - وإن وجود الإنسان قد خلق على مثال غابة ، فكن على حذر من ذلك الوجود ، إن كنت من ذلك النفس " الإلهي " . « 1 »
- وفي وجودنا آلاف من الذئاب والخنازير ، والصالح والطالح ، والشريف وابن الزنا .
- والحكم يكون لتلك الخصلة التي تكون غالبة ، ويكون حشرك واجبا على صورتها .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 691 : - والظاهر والباطن إن كانا واحدا ، فليس عند أحد قط شك في نجاته .
 
 
« 131 »
 
- ففي لحظة يدخل ذئب إلى " طبيعة " البشر ، ولحظة أخرى يدخل من هو في وجه يوسف ، كالقمر .
 
1425 - وتمضي من الصدور إلى الصدور ، من طريق خفي ، أنواع الصلاح ، وأنواع الحقد .
- بل إنه من الإنسان نفسه ، يمضي إلى البقر والحمر ، المعرفة والعلم والفضل .
- والحصان الذي يمضي حرونا ، يصبح حسن السير وديعا ، والدب يقوم بالألعاب ، والماعز يقوم بالتحية .
- انتقل الهوس إلى الكلب من البشر ، حتى صار راعيا أو حارسا أو قناصا .
- ومن أصحاب الكهف ، انتقل الخير إلى كلبهم ، حتى صار باحثا عن الله .
 
1430 - وفي كل لحظة ، يطل برأسه نوع ما في الصدر ، حينا شيطان ، وحينا ملاك ، وحينا شبكة ووحش
- وكل أسد ذي وعي له إلى تلك الغابة العجيبة ، طريق خفي ، حتى شباك الصدور .
- فاختلس الروح من داخل المرجان ، يا أقل من كلب ، أي من بواطن العارفين .
- وما دمت لصا ، فاسرق هذا الدر اللطيف ، وإن كنت حاملا " لحمل " ، فليكن حملا شريفا . « 1 »
 
فهم المريدين أن ذا النون لم يجن بل فعلها عامدا
 
- وسمع المريدون ما حدث الذي النون ، فمضوا إلى السجن ، وتشاوروا فيما بينهم .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 692 : - وعندما مضى ذو النون نحو السجن سريعا ، القيد على القدم واليد فوق الرأس من الإفتقاد 
- اتجه إليه رفاقه من كل صوب ، نحو السجن لعيادته .
 
 
« 132 »
 
1435 - فلعله متعمد ، أو أن في ذلك حكمة ، إنه في هذا الدين آية وقبلة .
- وبعيد بعيد عن عقله الشبيه بالبحر ، أن يكون الجنون آمرا له بالسفه .
- وحاشا لله من كمال جاهه ، أن يغطي غمام المرض قمره .
- لقد قبع في السجن " هربا " من شر العامة ، ولقد تظاهر بالجنون من عار العقلاء .
- فهو من عار العقل البليد عابد الجسد ، قد ذهب عمدا ، وصار مجنونا .
 
1440 - قائلا : شدوا وثاقي ، واضربوني على رأسي وظهري بذيل بقرة ، ولا تسألوا عن السبب .
- حتى أجد من ضربات الذيل الحياة ، مثلما وجدها القتيل من " ذيل " بقرة موسى أيها الثقات .
- وحتى أشفى بضربات ذيل البقرة ، وأربوا مثل قتيل بقرة موسى .
- لقد انبعث القتيل حيا من ضربات ذيل البقرة ، ومن الكيمياء ، صار ذهبا خالصا ، بعد أن كان نحاسا .
- ولقد قفز القتيل ونطق بلأسرر ، وأبدى تلك الزمرة السفاكة للدماء .
 
1445 - وقال بوضوح : إن تلك الجماعة قد قتلتني ، عندما لجوا في خصومتي 
- وعندما يصير هذا الجسم الثقيل قتيلا ، يبعث حيا الوجود العالم بالأسرار .
- وترى روحه النار والجنة ، وتسترد علمها بكل الأسرار .
- وتبدي السفاحين الشياطين ، وتكشف عن شباك الخديعة والرياء .
- وقتل البقرة إنما يكون من شرط الطريق ، حتى تصير الروح مفيقة من ضربات ذيلها .


 
« 133 »
 
1450 - فقم سريعا بقتل بقرة نفسك ، حتى تصبح الروح الخفية حية ذات ذكاء « 1 »
 
عودة إلى قصة ذي النون
 
- عندما اقترب منه ذلك النفر ، صاح بهم : هه ؟ من أنتم . . . اتقوا .
- فقالوا بأدب : إننا من الأصدقاء ، وجئنا إلى هنا مخلصين من أجل السؤال
- فكيف أنت يا بحر العقل ذا الفنون ؟ وأي بهتان هذا بأن يصيب عقلك الجنون ؟
- ومتى يصل دخان المستوقد إلى الشمس ؟ وكيف تصبح العنقاء مهزومة من غراب ؟
 
1455 - لا تكتم عنا " السر " ، وفسر هذا الكلام ، ولا تتصرف معنا هكذا ، فنحن محبون .
- ولا ينبغي إبعاد المحبين ، أو صرفهم بالحيلة والدريئة .
- وبح لنا بالسر أيها المليك ، ولا تخف وجهك خلف الغمام أيها القمر .
- نحن محبون صادقون ، " نشعر " بالألم في قلوبنا ، وفي كلتا الدارين علقنا بك القلوب .
- فبدأ في السب والشتم المقذع ، وتحدث بطريقة المجانين حديثا لا رابط فيه .
 
1460 - وقفز وبدأ في رميهم بالحجارة والخشب ، فهربوا جميعا خوفا من الإصابة .
- فضحك مقهقها ، وهز رأسه ، وقال : أنظر إلى نفاج هؤلاء الأصدقاء وادعائهم .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 710 : - ولا تبحث لهذا الكلام عن قطع ونهاية ، وعد إلى الحديث عن أحوال ذي النون مع المريدين
 


 
« 134 »
 
- أنظر إلى الأصدقاء ، فأين أمارة الأصدقاء ؟ إنما يحب الأصدقاء الألم وكأنه الروح .
- وكيف يحس الصديق بأن إيلام الصديق ثقيل ؟ إن الألم لب والصداقة له كالقشر .
- وأليست علامة المحبة هي السرور في البلاء والآفة ومعاناة المحن ؟ « 1 »
 
1465 - والصديق كالذهب ، والبلاء مثل النار ، والذهب الخالص متهلل الوجه في قلب النار .
 
اختبار سيد لقمان لذكاء لقمان
 
- ألم يكن عند لقمان الذي كان عبدا طاهرا جد في العبادة ليل نهار ؟
- ولم يكن سيده يعهد إليه كثيرا بالعمل ؟ وألم يكن يراه أفضل من أبنائه ؟
- ذلك أن لقمان ، بالرغم من أنه كان عبدا ابن عبد ، كان سيدا وحرا من الهوى .
- لقد قال أحد الملوك لشيخ حين كان يجاذبه الحديث : أطلب مني شيئا من العطاء .
 
1470 - قال : أيها الملك ، ألا تخجل من هذا القول لي ؟ ألا فلتسم عن هذا .
- إن لي عبدين وكلاهما حقير ، وهما حاكمان عليك وأميران .
- قال الملك : ومن هما هذان الاثنان ؟ أو أن هذه زلة لسان منك ؟ قال : أحدهما الغضب والآخر الشهوة .
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 713 : فخذ نفسك بالتعب إن كنت حبيبا ، ولا تشح بالوجه عنه إن كنت طيب الخصال .


 
« 135 »
 
- واعلم أن الملك هو الذي يكون فارغا من الملوكية ، وبلا قمر ولا شمس ، يكون نوره بازغا .
- ويكون صاحب خزانة ، ذلك الذي تكون الخزانة ذاته ، ويكون ذا وجود ، من يكون عدوا للوجود .
 
1475 - وسيد لقمان كان في ظاهره شبيها بسيد ، وهو في الحقيقة عبد ، ولقمان سيده .
- وفي الدنيا المقلوبة أمثال هذا كثير ، والجوهر في نظرهم ، يكون أقل من القذى .
- ومن هذا القبيل سميت الصحراء بالمفازة ، لقد صار الاسم واللون شبكة لعقولهم .
- وهناك جماعة يعرفون بملابسهم ، وعندما يرتدي " أحدهم " القباء يقال أنه من العوام .
- وجماعة أخرى لها ظاهر من الزهد الريائي ، وينبغي نور ، حتى يكون جاسوسا للزهد .
 
1480 - ينبغي أن يكون هناك نور طاهر من التقليد والغول ، حتى يعرف المرء ، بلا فعل ولا قول .
- وينفذ إلى قلبه عن طريق العقل ، ويرى واقعه ، ولا يكون عبدا للنقل .
- والعباد الخواص لعلام الغيوب ، في عالم الروح جواسيس القلوب .
- إنه ينفذ إلى داخل القلب وكأنه الخيال ، ويكون مكشوفا أمامه سر الحال .
 
« 136 »
 
- وماذا يكون في جسد العصفور من العدة والعتاد بحيث يكون مخفيا عن عقل انبازي ؟
 
1485 - وذلك الذي يكون واقفا على أسرار " هو " ، ما ذا تكون أسرار المخلوقات أمامه ؟
- وذلك الذي يكون سيره على الأفلاك ، أي صعوبة يلقاها في أن يمشي على الأرض ؟
- وفي كف داود عليه السّلام صار الحديد شمعا ، فما ذا يكون الشمع في كفه أيها المظلوم ؟
- كان لقمان سيدا في صورة عبد ، والعبودية على ظاهره مجرد ديباجة .
- وعندما يمضي السيد إلى مكان غير معلوم ، يلبس غلامه ملابسه .
 
1490 - ويرتدي هو ملابس ذلك الغلام ، ويجعل من غلامه إماما له .
- ويمشي في الطريق من خلفه ، حتى لا يعرفه أحد .
- ويقول له : أيها العبد : إمض أنت واجلس في الصدر ، وأنا أمسك لك بالنعل كالعبد الحقير .
- وأغلظ عليّ في القول ، وسبني ، ولا تبد لي أي توقير قط .
- فأنت في حل من الخدمة ، وأنا خادمك ، حتى أزرع في الغربة بذور الحيلة .
 
1495 - ولقد قام السادة بهذه الأنواع من العبودية ، حتى يظن أنهم عبيد
- كانوا ممتلئي الأعين ملولين من السيادة ، وكانوا قد هيأوا كل الأمور .
- وغلمان الهوى هؤلاء على عكس ذلك ، أبدوا أنفسهم سادة للعقل والروح .
- وإنما يتأتى من السيد أن " يظهر " التواضع ، أما العبد فلا يتأتى منه سوى العبودية .
 

« 137 »
 
- إذن فمن هنا إلى ذاك العالم مثل تلك الإمدادات المعكوسة ، فاعلم هذا .
 
1500 - وكان سيد لقمان واقفا على هذا الحال الخفي ، ورأى منه أمارات .
- كان يعرف السر ويسوق حماره سعيدا ، ذلك القائد ، من أجل المصلحة
- وكان عليه أن يعتقه من البداية ، لكنه توخى ما يرضيه .
- ذلك أن هذا كان مراد لقمان ، حتى لا يعرف أحد سر هذا الأسد والفتى .
- وأي عجب في أن تخفي السر عن الشرير ، العجب أن تخفي السر عن نفسك
 
1505 - فأخف السر حتى عن كلتي عينيك ، حتى يصبح أمرك سالما من عين السوء .
- وسلم نفسك إلى شبكة الجزاء ، وآنذاك إسرق من نفسك شيئا دون أن تدري نفسك .
- وإنما يعطى الأفيون للرجل الجريح ، وذلك حتى تستخرج النصال من جسده .
- وعند الموت ، يمزق من شدة الألم ، وبينما هو مشغول بهذا ، تسلب روحه .
- ذلك أنه عندما تسلم قلبك لكل فكرة ، يسلبون منك شيئا في الخفاء
 
1510 - ومن ثم ، فلتشغل نفسك بما هو أفضل ، حتى يسلب منك ما هو أقل .
- وكل ما تحصل عليه يا كثير العناية ، يدخل اللص إليه من حيث أمنته .
- وحمل التاجر عندما يسقط في الماء ، يمد يده إلى ما هو ثمين منه .
- وما دام شيء ما سوف يضيع في الماء ، فاترك الأقل " قيمة " ، والحق بالأفضل . « 1 »
...............................................................
( 1 ) ج / 3 - 718 : - واستمع إلى نقد الإيمان طائعا ، حتى لا تصبح خجلا من وجه الحق . 
- وعندما تحفظ ما لديك من نقد ، فإن الشيطان الدني يسرق الحرص والغفلة .

 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:32 pm عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:29 pm

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

مجيء الرفاق إلى البيمارستان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري التأخير المثنوي المعنوي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري
رحمة الله عليه
« 138 »
 
ظهور فضل لقمان وبراعته أمام الممتحنين « 1 »
- وكل طعام كان يجلب إليه ، كان يرسل في طلب لقمان .
 
1515 - حتى يمد لقمان يده إليه ، وحتى يأكل السيد من بعد أكله .
- كان السيد يأكل بقاياه بلذة واشتهاء ، وكل طعام لم يكن يأكل منه ، كان يلقي به بعيدا .
- حتى وإن كان يأكله بلا رغبة ولا اشتهاء ، وهكذا كانت العلاقة بينهما ، لا نهاية لها .
- وكان قد جلب إليه بعض ثمار الدابوق " الخربوز " كهدية ، فقال : إذهب يا بني ، واستدع لقمان « 2 »
- وعندما قطعها وأعطاه شريحة ، أكلها وكأنها السكر ، وكأنها العسل .
 
1520 - ولأنه كان يأكلها باشتهاء ، استمر في إعطائه ، حتى بلغت تلك الشرائح سبع عشرة بالتمام .
- وبقيت شريحة ، فقال : لآكلها أنا ، حتى أنظر بنفسي أية دابوقة حلوة .
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 45 : - ( محمد تقي جعفري : تفسير ونقد وتحليل مثنوي جلال الدين محمد مولوي 
- جلد 4 - جلد دوم از دفتر دوم - ط 11 - انتشارات اسلامي - تهران - بهار 1366 ه . ش . فيما بعد ج / 4 ) : 
وعندما عرف سيد لقمان لقمانا ، كان عبدا له وأحس نحوه بالعشق .
( 2 ) ج / 4 - 45 : كان قد جلب له بعض ثمار الدابوق ، ولكن لقمان كان غائبا في تلك اللحظة . 
- قال السيد : يا غلام ، استدع لقمانا ، إذهب سريعا واستدع ولدنا لقمان ، 
- وعندما جاء لقمان وجلس أمامه ، امسك السيد سريعا بسكين .
 
 
« 139 »
 
 
- إنه يأكلها بهذا الشكل ، بحيث أنه من تلذذه ، أصبحت الطباع تشتهيها ، وتشتهي قضمها .
- وعندما أكلها ، اشتعلت فيه النار من مرارتها ، وطفح لسانه بالبثور ، واحترق حلقه .
- وغاب برهة عن الوعي من مرارتها ، ثم قال له : يا من أنت الروح والدنيا ،
 
1525 - كيف جعلت سما عسلا إلى هذه الدرجة ؟ وكيف اعتبرت القهر لطفا ؟
- وما هذا الصبر ؟ وما سببه ؟ أتراك قد أصبحت عدوا لروحك ؟
- ولما ذا لم تتعلل بحجة ما ؟ قائلا : عندي عذر فتوقف برهة .
- قال : إنني من يديك التي تهب النعم ، قد أكلت كثيرا ، بحيث انحنيت خجلا .
- فاستحييت ألا أشرب المر من يدك مرة واحدة يا صاحب المعرفة .
 
1530 - وما دامت كل أعضائي من إنعامك قد نبتت ، وغرقت في شبكك وحبوبك ،
- فإنني إن صرخت واستغثت من مر واحد ، ليكن تراب مائة طريق على رؤوس كل أعضائي .
- واللذة التي كانت في يدك التي تهب السكر، ما ذا تركت من مرارة في ذلك الدابوق؟
 
 
« 140 »
 
- ومن المحبة ، تصبح كل المرارات حلوة ، ومن المحبة ، يصبح كل النحاس ذهبا .
- ومن المحبة ، تصبح كل الثمالة صافية ، ومن المحبة ، تصبح كل الآلام شافية . « 1 »
 
1535 - ومن المحبة ، يبعث الميت حيا ، ومن المحبة ، يقلب الملك عبدا .
- وهذه المحبة بدورها نتيجة للمعرفة ، ومخدوع جزاف القول ، متى جلس على هذا العرش ؟
- ومتى أدت المعرفة الناقصة إلى هذا العشق ؟ والعشق يولد ناقصا ، إن كان موجها إلى جماد .
- وعندما رأى على جماد ما لونا مطلوبا ، وسمع من مجرد صفير صوتا محبوبا .
- والمعرفة الناقصة لا تعرف الفرق ، فلا جرم أن تعتبر البرق شمسا .
 
1540 - وما دام الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال إن كل ناقص ملعون ، كان هذا مؤولا بأنه نقصان العقول .
- ذلك أن ناقص الجسد يكون موضعا للرحمة ، ولا يليق بالمرحوم الطعن واللعنة .
- ونقص العقل مرض سئ ، لأنه يوجب اللعنة ، وهو أيضا جزاء البعد .
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 146 : -
- ومن المحبة تصبح الأشواك ورودا ، ومن المحبة ، يصبح الخل خمرا .
- ومن المحبة ، تصبح المشنقة عرشا ، ومن المحبة ، يصبح الحمل إقبالا .
- ومن المحبة ، يصبح السجن روضة ، وبلا محبة تصبح الروضة مستوقدا .
- ومن المحبة تصبح النار نورا ، ومن المحبة ، يصبح الشيطان حورا .
- ومن المحبة ، يصبح الحجر زيتا ، وبلا محبة يصبح الشمع حديدا .
- ومن المحبة يصبح الحزن سرورا ، ومن المحبة يصبح الغول هاديا .
- ومن المحبة ، يصبح الوخز عسلا ، وبلا محبة يصبح الأسد فأرا .
- ومن المحبة يصبح السقم صحة ، ومن المحبة ، يصبح القهر رحمة .
 
 
« 141 »
 
- لأنه ليس من المستبعد تكميل العقول ، لكن تكميل الأبدان ليس بالأمر المقدور
- وكفر كل مجوسي مبعد وفرعونيته ، إنما حدثت كلها من نقصان العقل
 
1545 - ومن أجل نقص البدن جاز الفرج ، وفي القرآن : ليس على الأعمى حرج " .
- والبرق يكون آفلا عديم الوفاء ، وأنت لا تعرف الآفل من الباقي يا عديم الصفاء .
- والبرق يضحك ، يضحك على من ؟ قل ، على ذلك الذي يعلق القلب بنوره .
- وأنوار الفلك معقورة الأقدام ، وأين ذلك الذي لا هو بالشرقي ولا بالغربي ؟ .
- واعلم أن من طبيعة البرق أنه يخطف الأبصار ، واعلم أن النور الباقي كله أنصار .
 
1550 - وسوق الجواد على زبد البحر ، وقراءة الخطاب على نور البرق ،
- هو من الحرص وعدم رؤية العاقبة ، وهو ضحك على قلب المرء ، وعلى عقله
- والعقل من خواصه أنه ناظر إلى العاقبة ، وتكون نفسا تلك التي لا تنظر إلى العاقبة .
- والعقل المغلوب للنفس ، صار نفسا ، وعندما هزم المشترى من زحل ، صار نحسا .
- وفي هذا النحس ، أعمل هذا البصر ، وانظر في من أصابك بهذا النحس .
 
« 142 »
 
 
1555 - وذلك النظر الذي ينظر إلى هذا الجزر والمد ، أحدث فجوة من النحس صوب السعد .
- ومن هذا فإنه يقوم بتحويلك من حال إلى حال ، مبديا الضد بالضد عند الإنتقال .
- حتى يتولد لديك الخوف من ذات الشمال ، ولذة ذات اليمين ، يرجوها الرجال .
- وحتى تصبح ذا جناحين ، فإن الطير ذا الجناح الواحد يعجز عن الطيران ، أيها النقي .
- فإما لا تتركني أخوض في هذا الكلام ، وإلا فمرني أن أقول الأمر بتمامه
 
1560 - وإن لم ترد هذا وذاك ، فالأمر لك ، وأية معرفة للمرء بما هو مقصدك
- وتنبغي روح إبراهيم عليه السّلام حتى يرى بالنور ، وهو في النار الفردوس والقصور .
- ويصعد درجة درجة على الشمس والقمر ، حتى لا يبقى كأنه حلقة الباب .
- وتعبر مثل الخليل من السماء السابعة ، إذ قال : لا أحب الآفلين .
- وعالم الجسد هذا موقع في الخطأ ، اللهم إلا لذلك الذي تحرر من الشهوة
 
إتمام حكاية حسد أولئك الحشم للغلام المقرب
 
1565 - إن قصة الملك والأمراء وحسدهم للغلام المقرب وسلطان العقل ،
- قد تأخرت من جذب الكلام الجذوب ، وينبغي العودة إليها وإتمامها .
- وبستاني الملك ذو الإقبال والحظ ، كيف لا يميز بين شجرة وشجرة ؟
- تلك الشجرة التي تكون مرة معوجة ، وتلك الشجرة التي تساوي الواحدة منها سبعمائة ، 
- كيف يكون بينهما تسوية في التربة ، ما دام يراهما بعين العاقبة ؟
 
 
« 143 »
 
1570 - وما ذا تكون ثمار هذه الأشجار في النهاية ، بالرغم من أنهما متساويان في هذه اللحظة للنظر .
- والشيخ الذي صار ينظر بنور الله ، يكون عالما بالبداية والنهاية .
- فأغلق العين الناظرة إلى المزود ، من أجل الحق ، وافتح العين الناظرة إلى العاقبة ، فيما سبق .
- وأولئك الحساد كانوا أشجارا سيئة ، كانوا سيئي الأصل منحوسي الطالع .
- كانوا يغلون غضبا ويزبدون ، وفي الخفاء أخذوا يمكرون .
 
1575 - وذلك حتى يشنقوا الغلام المقرب ، ويجتثوا جذوره من الزمان .
- وكيف يصير فانيا . ؟ ما دامت روحه مليكة ، وكانت جذوره في عصمة الله .
- وعلم الملك بتلك الأسرار ، لكنه مثل أبي بكر الربابي ، تغاضى عن الأمر .
- وأثناء مشاهدته لقلوب سيئي الأصل ، كان يسخر من أولئك المحتالين .
- إنهم يمكرون هؤلاء القوم المحتالون ، حتى يوقعوا بالملك في الفقاع .
 
1580 - أثم مليك شديد العظمة لا حدود له ، متى يستوعبه ذلك الفقاع ، أيها الحمر .
- لقد خاطوا شبكة من أجل الملك ، وهم في نهاية الأمر قد تعلموا التدبير منه
- ومن نحس التلميذ أن يبدأ في مطامنة أستاذه والتقدم عليه .
- ومع أي أستاذ ؟ أستاذ الدنيا ، والذي أمامه الخفي والعلن سيان .
- لقد صارت عينه مصداقا ل " ينظر بنور الله " ولقد كان ممزقا لحجب الجهل .
 
 
« 144 »
 
1585 - ومن قلب منقوب كأنه الغطاء المهلهل ، يعقد ستارا امام ذلك الحكيم 
- ويضحك عليه الستار بمائة فم ، وكل فم صار شقا على ذلك الستار .
- ويقول ذلك الأستاذ للتلميذ : يا أقل من كلب ، أليس لديك وفاء لي ؟
- فلا تعتبرني أستاذا حلالا للمشكلات ، هبني مثلك تلميذا أعمى القلب .
- ألم تكن لك مني الفنون في الروح والقلب ، وبدوني لم يكن ليجري لك ماء ؟
 
1590 - ومن ثم يعد قلبي معملا لإقبالك ، فكيف تحطم هذا المعمل أيها المعوج ؟
- ثم تقول له " أيها التلميذ " لأقدح الزند في الخفاء ، أليس من القلب إلى القلب كوة ؟
- إنه يرى فكرك آخر الأمر من الكوة ، والقلب يشهد من ذكرك لهذا الأمر .
- وافترض أنه لا يواجهك به من الكرم ، وكل ما تقوله ، يضحك منه ويقول نعم ، 
- إنه لا يضحك لذة من مبحثك ، إنه يضحك على إصرارك وعنادك .
 
1595 - ومن ثم صار الخداع جزاء على الخداع ، ويا كاسر الكأس ، تلق إناء " على رأسك " ، هذا هو الجزاء .
- ولو كانت ضحكته لك هي ضحكة الرضا ، لتفتحت مئات الآلاف من الورود أمامك .
- وعندما يجعل قلبه ينغمس في الرضا ، إعلم أن شمسك قد دخلت في برج الحمل .
- ومنه يضحك سواء النهار والربيع ، وتمتزج معا ، البراعم والمروج .
 
« 145 »
 
- ويلقي مئات من البلابل وطيور القمري ، بتغريدهم في هذا العالم الفقير إلى الزاد .
 
1600 - وما دمت ترى أوراق روحك صفراء مسودة ، كيف لا تعلم غضب المليك ؟
- وشمس المليك في برج العتاب ، تجعل القلوب سوداء كأنها الكتاب .
- وأوراق عطارد ذاك ، هي أرواحنا ، وذلك البياض والسواد ، ميزان لنا .
- ثم يعود ويكتب منشورا أحمر وأخضر ، حتى يخلص الأرواح من الهوس والعجز .
- ثم ينسخ الربيع الجديد الأحمر والأخضر ، في اعتباره ، وكأنه قوس قزح . « 1 »
 
انعكاس تعظيم رسالة سليمان عليه السّلام في قلب بلقيس
من صورة الهدهد الضئيلة
 
1605 - لتكن هناك رحمة ذات مائة ضعف على روح بلقيس ، تلك التي وهبها الله عقلا يزن عقول مائة رجل .
- لقد جاء هدهد إليها برسالة وأمارة من سليمان عليه السّلام ، فيها عدة كلمات ، ذات بيان
- فقرأت تلك الكلمات الموجودة فيها باهتمام ، ولم تنظر باحتقار إلى الرسول .
- لقد رأت جسده جسد هدهد وروحه روح عنقاء ، ورأت حسه كالزبد ، وقلبه كالبحر .
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 163 : - واستمع في هذا المعنى إلى قصة ، حتى تحصل من المعاني على حصة .
 
 
« 146 »
 
- والعقل مع الحس في حرب ، من هذه الطلاسم ذات اللونين ، مثل حرب محمد صلى اللّه عليه وسلم مع أمثال أبي جهل .
 
1610 - والكفار رأوا أحمد من البشر ، لأنهم لم يروا منه انشقاق القمر
- فلتحث التراب في عينك التي ترى المحسوس ، وعين الحس عدوة العقل والدين .
- ولقد دعا الله عين الحس عينا عمياء ، وقال أنها عابدة للصنم ، ودعاها عدوة لنا .
- ذلك أنها رأت الزبد ، ولم تر البحر ، ذلك أنها رأت الحاضر ، ولم تر الغد .
- وسيد الحال والغد ماثل أمامه ، وهو لا يرى من الكنز إلا ربع دانق .
 
1615 - وذرة من تلك الشمس تأتي بالرسالة ، فتصبح الشمس أمة لتلك الذرة .
- وقطرة من بحر الوحدة ، لو صارت سفيرا ، لصارت البحار السبعة أسيرة لتلك القطرة .
- ولو أصبح كف من التراب مسرعا إليه ، لطأطأت الأفلاك رؤوسها أمامه .
- وتراب آدم عندما صار مسرعا إلى الحق ، سجدت أمام ترابه الملائكة .
- " والسماء انشقت " ، من أي شيء في النهاية ؟ ، من عين واحدة فتحها مخلوق من تراب .
 
1620 - والتراب من ثقله يترسب تحت الماء ، فانظر إلى تراب يجاوز العرش من سرعته .
- واعلم إذن أن تلك اللطافة ليست من الماء ، وأنها ليست سوى عطاء المبدع الوهاب .
 
 
« 147 »
 
- وإن جعل الهواء والنار سفليين ، أو جعل الشوك ينفذ من الورد ،
- فهو الحاكم ، ويفعل الله ما يشاء ، أن يستخرج الدواء من قلب نفس الألم .
- وإن جعل الهواء والنار سفليين ، وجعل فيهما الظلمة والثفل والثقل ،
 
1625 - أو جعل الأرض والماء علويين ، أو جعل طريق الفلك مطويا بالقدم « 1 »
- إذن فقد صارت يقيناتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، لقد قال لمخلوق من تراب " افتح جناحيك " .
- وقال لمخلوق من نار : اذهب ، وكن إبليس ، وكن تحت سابع أرض ، صاحب تلبيس .
- ويا آدم المخلوق من تراب ، امض أنت على السها ، ويا إبليس المخلوق من نار ، امض حتى الثرى .
- ولست أنا بالطباع الأربعة ولا بالعلة الأولى ، وأنا في تصريف ملكي الباقي دائما .
 
1630 - وعملي بلا علة ومستقيم ، إنه تقديري ، وليس علة ، أيها السقيم .
- وأنا أغير عادتي عندما ينبغي ، وأجلس هذا الغبار في المقدمة ، عندما ينبغي .
- وأقول للبحر : هيا ، كن مليئا بالنار ، وأقول للنار : امضى ، وكوني روضة .
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 178 : - ليس عند أحد الجرأة لأن يقول كيف ، وكثير من الأكباد تلك التي صارت دما في هذا الطريق .
 
« 148 »
 
- وأقول للجبل : كن خفيفا وكأنك الصوف ، وأقول للفلك : اهبط ، وكن أمام العين .
- وأقول : أيتها الشمس ، كوني قرينة للقمر ، واجعلهما كليهما كسحابتين سوداوين .
 
1635 - ونجعل عين الشمس جافة ، ونجعل بفضلنا عين الدم مسكا .
- والشمس والقمر كأنهما بقرتان سوداوان ، يربط الله النير على عنقيهما .
 
إنكار المتفلسف على آية إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً
 
- كان أحد المقرئين يقرأ من الكتاب ، آيةإِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً، أي أسد الماء عن العين .
- وأخفي الماء في الأعماق ، وأجعل العيون جافة ، وأرضا بورا .
- فمن الذي يأتي بالماء مرة أخرى في العين ، إلا أنا ذو الفضل والخطر ، الذي لا مثل لي .
 
1640 - وكان أحد المتفلسفين المناطقة الهازلين ، يمر من ناحية المكتب في تلك اللحظة .
- وعندما سمع الآية ، قال من إنكاره : نأتي بالماء بالمعاول .
- فنحن بضربات الفؤوس وحدة الطبر ، نأتي بالماء من الأغوار إلى أعلى .
- ونام لليلة ، ورأى أن أحد الشجعان قد صفعه ، فأصاب كلتي عينيه بالعمى .
- وقال له : إيت من هذين النبعين للعين بالنور - أيها الشقي - بالطبر إن كنت صادقا .
 
1645 - ونهض صباحا فوجد عينيه عمياوين ، وقد اختفى النور الفياض من عتبته .
 
 
« 149 »
 
 
- ولو أنه قد ناح واستغفر ، لعاد إليه من الكرم النور الضائع .
- لكن الاستغفار ليس أيضا في اليد ، ولذة التوبة ليست هبة لكل ثمل .
- وقبح الأعمال ، وشؤم الجحود ، كانت قد سدت طريق التوبة أمام قلبه .
- وصار القلب من صلابته كأنه الصخرة ، فكيف تشقه التوبة من أجل الزراعة ؟
 
1650 - فأين مثيل شعيب عليه السّلام ، حتى يجعل الجبل أرضا زراعية بدعائه ؟
- ومن ضراعة ذلك الخليل واعتقاده ، صار ممكنا الأمر الصعب والمستحيل .
- أو بتوسل المقوقس إلى الرسول ، صارت أرضا جبلية مزرعة ذات أصول .
- وهكذا على العكس ، فإن إنكار المرء ، يجعل الذهب نحاسا والصلح حربا .
- وهذا المحتال كان حجر جذب ممسوخ ، يجعل التراب القابل حجرا وحصى .
 
1655 - وليس لكل قلب الأمر بالسجود ، وأجر الرحمة ليس أيضا لكل أجير .
- فحذار ، ولا ترتكب الجرم والذنب اعتمادا على هذا ، قائلا : سوف أتوب وأدخل في حمى " الله " .
- وإنما ينبغي للتوبة حرقة ودمع ، وإنما يشترط للتوبة برق وسحاب .
- وإنما ينبغي للفاكهة نار وماء ، وإنما يجب على السحب والبرق هذا المنوال .
- وما لم يكن برق القلب وسحاب العين ، متى تهدأ نار التهديد والغضب ؟ « 1 »
 
1660 - فمتى تنبت خضرة لذة الوصال ؟ ومتى تجيش العيون بالماء الزلال ؟
- ومتى تبوح الرياض بالأسرار للمروج ، ومتى يعقد البنفسج العهد مع الفل ؟
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 225 : - وما لم يكن بكاء السحاب ، وما لم يكن ضحك البرق يا بني .
 
 
« 150 »
 
 
- ومتى تبسط شجرة سنار كفها بالدعاء ؟ ومتى تشمخ شجرة برأسها في الهواء ؟
- ومتى تأخذ برعمة في نفض كمها الملئ بالنثار أيام الربيع ؟
- ومتى تتألق زهرة الشقائق بوجهها وكأنه الدم؟ ومتى يخرج الورد الذهب من كيسه؟
 
1665 - ومتى يأتي البلبل ويشم الورد ؟ ومتى تهدل الفاختة كالطالب : كو كو أي أين ؟ أين ؟
- ومتى يصيح اللقلق : لق ، لق من أعماق روحه ، وما ذا تعني ؟ تعني : لك الملك أيها المستعان .
- ومتى يبدي التراب أسرار الضمير ؟ ومتى يصبح البستان بلا قمر سماء ومنيرا ؟
- ومن أين أتوا كلهم بتلك الحلل ؟ إنها كلها من كريم رحيم .
- وتلك اللطائف دليل على الحسن ، إنها آثار قدم رجل عابد .
 
1670 - وإنما يفرح بالأمارة من رأى المليك ، وما لم يره ، لا يكون عنده انتباه إليها .
- وروح ذلك لشخص الذي في أوان " ألست " ، رأى ربه ، وصار فاقدا لوعيه ، ثملا .
- إنما يعرف رائحة الخمر من شرب الخمر ، وما دام لم لم يشربها ، أي علم له بشم أريجها ؟
- ذلك أن الحكمة كالناقة الضالة ، وهي كالدلالة ، دالة للملوك .
- إنك ترى في النوم صاحب وجه حسن ، يعدك ، ويعطيك الأمارات .

 
« 151 »
 
 
1675 - وبقول لك : سيتم لك المراد ، وهاك أمارة ، أن فلانا يأتي إليك غدا .
- وأمارة أخرى : أنه سيكون راكبا ، وأمارة ثالثة : أنه سوف يعانقك .
- وأمارة رابعة ، أنه يبش في وجهك ، وأمارة خامسة : أن يعقد يده أمامك " تأدبا " .
- وأمارة سادسة : ألا تقص هذه الرؤيا على أحد غدا متسرعا .
- وعن تلك الأمارة قال لزكريا عليه السّلام حين قال لهآيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ
 
1680 - واصمت ثلاث ليال عن الخير والشر ، وهذه أمارة أن يحيى سيولد لك .
- ولا تنبس طيلة ثلاثة أيام ببنت شفة ، فهذا السكوت هو آيتك المقصودة .
- فحذار لا تتحدث عن هذه الآية ، وأخف هذا الكلام في قلبك .
- وهكذا يقول له هذه الأمارات التي تشبه السكر ، وما ذا تكون هذه ؟ بل مائة آية أخرى .
- كانت أيضا آية على ذلك الملك والجاه الذي تطلبه ، وسوف تجده .
 
1685 - ذلك أنك كنت تبكي عند طلبه الليالي الطوال ، وأنك تحترق من الضراعة عند السحر .
- وأنك بدونه قد أظلم نهارك ، وصارت عنقك رقيقة كأنها المغزل .
- وأنك أخرجت كل ما تملكه زكاة ، وبذلت حتى ثيابك ، مثل اللاعبين بطهر .
- وأنك بذلت متاعك وجافيت النوم وأصابك الشحوب ، وضحيت برأسك ، وصرت في " نحول " الشعرة .
- ومكثت طويلا في النار وكأنك العود ، وتعرضت كثيرا للسيف وكأنك الخوذة
 
1690 - ومن أنواع هذه المسكنة مائة ألف ، وهذا طبع العشاق ، ولا يحده حصر .
 

« 152 »
 
- وما دمت قد رأيت هذا الحلم بالليل ، فقد طلع النهار ، ورجاء فيه ، صار يومك موفقا .
- وأخذت تدير عينك يمينا ويسارا ، متسائلا : أين هذه الأمارات والعلامات ؟
- وترتعد كورقة شجرة صائحا : ويلاه ، إن مر النهار ، ولم تظهر الأمارات .
- ولا تفتأ تسرع في الحي والسوق والدار ، مثل ذلك الذي فقد عجله .
 
1695 - أيها السيد : خيرا ؟ ما هذا العدو المستمر ؟ هل ضاع هنا ما لديك ؟ أو من يكون لك ؟
- فتقول له : خير ، لكن خيري لا يجوز أن يعلم به غيري .
- وإن تحدثت عنه ضاعت إحدى أماراته ، وما دامت الأمارة قد أصابها الفوت ، أصبح الوقت كالموت .
- وتنظر في وجه كل إنسان راكب ، ويقول لك : لا تنظر إليّ كالمجنون .
- فتقول له : لقد فقدت صاحبا ، وتوجهت بحثا وتنقيبا عنه .
 
1700 - ولتدم دولتك أيها الفارس ، ارحم العاشقين ، واعذرنى .
- وما دمت قد طلبت بجد ، فقد جاءك النظر ، والجد لا يخطئ ، هكذا جاء في الخبر .
- ففثمة فارس قد جاء فجأة حسن الإقبال ، وقام باحتضانك بشدة .
- وأنت قد غبت عن الوعي ، وسقطت في ناحية ، وقال من هو على غير علم :
يا له من رياء ونفاق . ! !
- فماذا يرى هو ، وما علمه بهذا الوجه الذي يعانيه ، إنه لا يدرى علامة وصل من هذي .
 
1705 - إن هذه الأمارة من حق من يكون قد رآها ، وكيف تظهر الأمارة لآخر لم يرها . ؟
 
 
« 153 »
 
- وكل برهة تصل فيها أمارة منه ، تصل للمرء منها روح الروح .
- لقد تقدم الماء إلى السمكة المسكينة ، وهذه هي الأمارات : تلك آيات الكتاب .
- ومن ثم فالأمارات الموجودة في الأنبياء ، خاصة بتلك الروح التي تكون عارفة .
- ولقد بقي هذا الكلام ناقصا لا يستقر على حال ، ولا جرأة لي ، بل أنا مسلوب القلب ، فاعذرني .
 
1710 - ومتى يستطيع أحد أن يعد الذرات ؟ خاصة ذلك الذي سلب منه العشق اللب .
- فهل أقوم بعد أوراق البستان ؟ وهل أقوم بعد هديل القطى ونعيق الغربان ؟
- إنها لا تتأتى في حصر ، لكني أعدها ، من أجل رشد من تعرض للامتحان .
- ونحس عطارد أو سعد المشترى ، لا يتأتى في بيان أو حصر ، إن عددته .
- لكن بعض آثار هذين يجب تفسيرها ، أي النفع والضر .
 
1715 - حتى تصبح آثار القضاء معلومة ، أو نبذة منها لأهل السعد والنحس .
- وعندما يصبح المشترى طالعا لأحد ، يصبح مسرورا من السعادة والجاه .
- وذلك الذي يكون طالعه زحل ، ينبغي أن يحتاط في الأمور من كل شرور .
- وإن لم أتحدث عن ذلك الذي طالعه زحل ، يحترق بناره ذلك المسكين . « 1 »
...............................................................
( 1 ) ج / 4 - 227 : -
- فكف أيها العابث ، حتى لا تأتي من تلك الشمس ، نار متاججة على حين غرة
- ومن الكواكب الموجودة في الفلك الذي لا حدود له ، لا يبقى في لحظة ، لا نور ولا أثر .
- وكن مشغولا بما فيه ثمر ، وكن معزولا عن بقية الأحوال .
- وحركة الأفلاك لا تكون إلا عقيمة ، ولا ثمر فيه إلا ذلك اللطف العميم .
 
« 154 »
 
- ولقد أمرنا مليكنا قائلا : اذكروا الله ، ورآنا في النار فوهبنا النور .
 
1720 - وقال : بالرغم من أنني مستغن عن ذكركم ، فإنه لا تليق بي الصور .
- لكن الثمل بالصور والخيال ، لا يدرك ذاتنا التي بلا مثال .
- والذكر على مثال الأجساد خيال ناقص ، والوصف على مثال المليك ، خالص من تلك الأمور .
- فهل يقول أحد في وصف المليك : إنه ليس نساجا ؟ أي مدح هذا ؟ ألا يكون هذا جهلا ؟
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:33 pm عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:29 pm

شرح مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

مجيء الرفاق إلى البيمارستان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري التأخير المثنوي المعنوي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري
رحمة الله عليه
( 1231 - 1244 ) : يضرب مولانا المثل على تارك العادات السيئة حتى تتأصل في ذاته بزارع أجمة شوك في الطريق العام ، ولامه الناس في البداية ، ثم رفعوا أمره إلى الحاكم الذي أمره بإزالة الشوك من الطريق ، فأخذ يماطل ، وينصحه الحاكم بأن الأمر ليس في صالحه فأجمة الشوك في ازدياد وقوته في نقصان ، ثم يفسر مولانا نفسه
 
( البيت 1244 ) بأن أجمة الشوك هي العادة السيئة
 
 
« 390 »
 
التي تصيبك أنت نفسك بالضرر قبل أن تصيب الآخرين . " الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " ( أنقروى 2 / 200 ) .
 
( 1248 ) : عن أقتلاع باب خيبر بيد علي رضي الله عنه ، أنظر الترجمة العربية لحديقة الحقيقة لسنائى ، تعليقات الأبيات 3331 - 3234 و 3329 .
 
( 1249 - 1264 ) : وصل أجمة الشوك بأيكة الروض كناية عن الاتصال بشيخ أو مرشد والحضور عليه والاستفادة من معارفه والاقتباس من نوره ، فهذا هو الجدير حقا بأن يحول شوكك إلى ورد ونارك إلى نور ( نوركم أطفأ نور الكافرين : البيت 3714 من الكتاب الأول ) ،
ثم يشير مولانا إلى الحديث الذي يرويه الصوفية " تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ ناري " . أتدرى لما ذا يقضى نور المؤمن على النار ؟ ! !
 
ذلك لأنهما ضدان ، فالنار من القهر ، ونور المؤمن من الرحمة ، والنفس نارية الطبع ، وفكر الشيخ ماء زلال ، والنار لذلك جافلة من الماء ، يسقط عليها الماء ، فيرتفع لهيبها مقاومة للماء ، ثم لا تلبث أن تخمد ، وعندما تخمد ، فإن كل صفاتك الطيبة تنبت لك داخل نفسك الرياض والبساتين والورود والرياحين .
 
( 1265 - 1279 ) : ها نحن قد خرجنا عن الموضوع مرة ثانية ، ( هو في الحقيقة لم يخرج عن الموضوع فكل موضوعات الطريق والسلوك تصب في النهاية في قضية لزوم المرشد ) ثم يعود إلى الموضوع :
ضياع العمر مع لزوم فعل السوء والعكوف عليه ، ووقوع الدود في أصل الشجرة ، وسيطرة الذنب سيطرة تامة ، وينادى مولانا السائلين والمريدين : هيا أيها السالك ، فقد أفلت شمس عمرك ( كان القدماء يعتقدون أن الشمس عندما تغيب تسقط في بئر )
 
« 391 »
 
والجود هو الذي يقضى على الشيخوخة ، جد بنفسك تبعث شابا ، وهذا الجسد قد هرم وقدم في السوء ، فأخرج عن هذا القديم إن كنت تريد الجديد ، وكن سخيا والسخاء ترك الشهوات ، وهو غصن من سروة الجنة " السخاء شجرة من أشجار الجنة أغصانها متدليات في الدنيا ، من أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة ، والبخل شجرة من أشجار النار أغصانها متدليات في الدنيا فمن أخذ بغصن منها قادة ذلك الغصن إلى النار " ( الجامع الصغير / 2 - 37 ) .
 
( 1280 - 1289 ) : يشبه مولانا جلال الدين في هذه الأبيات الإنسان الذي يسلك طريق الله بترك الشهوات مستعينا بالصبر بأنه يوسف الصديق عليه السلام ، ألقى به إخوته في غيابة الجب ، والحبل الذي ألقى إليه من السيارة هو الصبر ، وها أنت الأن وأنت في بئر نفسك ، يتدلى لك حبل الله المتين وعروته الوثقى ، وفضله ورحمته فاستمسك بهما ، وإن استمسك بهما ولدت في عالم الروح الجديدة ، فكيف تريد الجديد ، إذا كنت ميالا إلى القديم ؟ ( والتعبير ورد في معارف بهاء ولد ، ص 324 ) .
وعالم الروح الجديد هو عالم واضح لكنه خفى عليك ، لكنك إذا تخليت عن رداء الجسد ، وعن هذا الوجود المجازى الذي يحجب عنك الوجود الحقيقي تجلى لك الوجود الحقيقي الذي تظنه عدما ، وذلك عندما تذرو رياح الحقيقة هذا التراب ، وتعلم آنذاك أن جسدك الذي تظن أنه القائم بكل عملك ، مجرد عاطل ، وأن الروح الخفية هي لبه وأصله ، أو أن هذا التراب الذي أنت عاكف عليه دون سواه عاطل وباطل ، وعالم العدم الذي تعتبره عدما هو أصل الوجود . لكن ما ذا أقول لك وأنت تنظر بعين الجسد التي لا ترى سوى التراب .
 
( 1290 - 1295 ) : يشبه مولانا هنا الوجود المادي الظاهري بأنه الجواد ، أما
 
« 392 »
 
الفارس فهو الروح الإنسانية التي تستطيع أن تكبح جماح هذا الجواد وتسوقه إلى طريق الحق ، ومن ثم فالجواد يعرف الجواد ، والفارس يعرف الفارس ، وهذه العين الحسية ( عين الجواد ) لها قائد من عين الفارس ، ( البصيرة ، عين الروح ) وبدونها لا تستطيع أن تعرف طريقها ، والمرشدون الكمل فرسان الروح هم على علم بالطريق ، وبدونهم تسير على العمياء .
 
( 1296 - 1306 ) : فدعك من حس الجسد ، وامض إلى حس الروح ذات النور ، وإن كان في حس البصر نور ، فإن حس البصر الذي أدركه نور الله ( عن طريق المرشدين والأولياء ) نور على نور ، ونور الحس يبصر في حدوده ، في حدود التراب والدنيا ، لكن نور الروح هو الذي يبصر العلا ، وإذا كنت تريد أن تعرف ما قيمة نور البصر إلى جوار نور الروح ، فأعلم أن نور البصر بمثابة قطرة الطل ، ونور الروح بمثابة البحر ، وإذا كان نور الحس مخبوءا في سواد العين ، فكيف لا يكون نور الروح مخبوءا ، والدنيا بأجمعها بمثابة القشة تحركها ريح الغيب أنى تشاء ، وهي عاجزة مسكينة ، تمضي حينا ذات اليسار وحينا ذات اليمين ، حينا ترتفع وحينا تنخفض ، ولا علم لها بهذه القدرة التي تحركها .
 
( 1307 - 1321 ) : القدرة الحقيقية في الوجود هي القدرة التي لا يحدث إدراكها بالحواس الظاهرة ، فوراء يد الحس يد خفية ، هي التي تحرك القلم ، وهي التي تطلق السهم ، وتلك القدرة هي قدرة روح الروح ( روح الروح ، أنظر الأبيات 605 و 1128 و 3287 من الكتاب الأول و 1190 من الكتاب الذي بين أيدينا ) فلا تعترض على فعل الحق وعلى مشيئته ( لا تكسر السهم ) ، فليس الرامي بالسهم شخصا ، لكنه الحق سبحانه وتعالى ، فقبل السهم واحمله إلى

 
« 393 »
 
المليك كناية عن الرضا التام بما جرت به المقادير الإلهية ، هذه هي القوة الخفية الحادة المسيطرة تماماً ، وإنك لترى السهم ولا ترى القوس ، وترى الكرة ولا ترى الصولجان ، وترى الصيد ولا ترى الشبكة ، ومقادير الناس في تغيير مستمر حينا يجعل الصديق كافرا ، ( إبليس وبلعام ) وحينا يجعل الزنديق وليا ( عدد كبير من الصوفية ) وذلك لأن المخلصين على خطر عظيم ، فخف في تلك اللحظة التي تظن منها أنك أصبحت من " المخلصين " وأنك وصلت ، والمهم أن تتأكد أنك قد صرت من المخلصين ( بفتح اللام ) فهذا هو مقام الأمن ، ولا تقهقر بعده في السير الروحي .
 
( 1322 - 1326 ) : يضرب المثل في تعلم الطريق ببرهان الدين محقق الترمذي وصلاح الدين فريدون زركوب ( أنظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الأول لكاتب هذه السطور ) .
 
( 1327 - 1330 ) : الحديث ليس عن ببرهان الدين وصلاح الدين بل عن المرشد والشيخ بوجه عام . هذا التأثير الفعال " دون أداة " بل بالهمة ، والقلوب في يده في ليونة الشمع ، يختم عليها بخاتم الشرف أالعار ، فقد يصل المريد بهمة الشيخ ، وقد لا يصل ، فخاتم الشمع هو تأثير الشيخ والخاتم والفص الروح والقلب .
( يستمد ) مولانا مصطلحات الصاغة تحببا إلى مريده صلاح الدين زركوب ( الصائغ ) ومن ثم فإن قلب الشيخ وروحه أيضا من صنع صائغ يحول نحاس الوجود إلى ذهب ومن ثم فكل حلقات الوجود متصلة بالحق .
 
( 1331 - 1335 ) : القلوب مثل سلسلة من الجبال ، يرن منها صوت الحق ثم يرتد ، ليس الصوت هنا بمعناه الحرفي بل المقصود به الواردات الغيبية ، أحيانا ترد على القلب ، وأحيانا تغيب عنه ، وهذه الواردات معلمة وأستاذة ومرشدة إلى
 
 
« 394 »
 
طريق الحق ، حيثما تكون منه فلا خلا منها القلب ، وكل القلوب تردها واردات من الحق ، لكن ثمة قلب يكون جديرا بها فيتقبلها وينميها بقدر ما فيه من نور ، قد يجعلها ضعيفة وقد يجعلها مائة ضعف ، وتفيض جبال القلوب بمئات الينابيع من المعرفة ، لكنك إن لم تكن أيضا مستعدا لها لسالت لك دما ، وبدلا من تفيض بالماء تفيض بالدم .
 
( 1336 - 1344 ) : عن سكر الطور بالتجلي الإلهى ( أنظر الكتاب الأول البيتين 25 - 26 وشروحها ) ، لقد قبل جبل التجلي الإلهى واندك ، فهل نحن أقل من الجبل ؟ لما ذا إذن لا تفور عن المعرفة من قلوبنا ؟ ولا بدن لدينا بصير في طهر الملائكة من فيض المعرفة من القلوب إليه ، وأرواحنا لا شوق فيها ولا شربت جرعة واحدة من خمر الحقيقة ، ومن ثم ينبغي القضاء على هذا القلب الذي لا استعداد عنده لتقبل الحقيقة ولتقبل النور ، فربما يجد شعاع القهر إليه طريقا ، ونحن في انتظار قيامة تدمر جبال الداخل وجبال الخارج ، تدمر السدود التي تقف أمام هذا النور ، ولا بد من قيام ( هذه ) القيامة ، قبل أن تقوم ( تلك ) القيامة ، أي القيامة الحقيقية ، فهذه القيامة هي التي تضمد جراحك ، في حين أن القيامة الحقيقة تبدى كل جراحك على الملأ .
 
( 1345 - 1349 ) : كيف تقوم هذه القيامة التي أتحدث عنها ؟ الاقتران بشيخ مرشد ولزومه ، ويضرب الأمثلة على ذلك : صحبة التراب بربيع ، صحبة الخبز للجسد الإنسانى وتحوله إلى فكر ، صحبة الحطب الأسود للنار المتوردة المتأججة ، الحمار الذي سقط في أرض مالحة وتحلل وصار ملحا ينفع الناس ، تتحول الألوان كلها في دن الوحدة صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ( البقرة / 138 ) وأنظر 769 و 770 من الكتاب الأول ) لون الحقيقة ، الذي
 
« 395 »
 
يجعل من الألوان والصور والمشاهد المختلفة التي تدل على حقيقة واحدة متجردة منها ويظهر لون الحقيقة واضحاً
 
( 1350 - 1356 ) : يقدم مولانا تفسيرا جديداً لقول الحسن بن منصور الحلاج " أنا الحق " ، إن هذا أشبه بمن سقط في دن الوحدة وقام فقال " أنا الدن " كان يتحدث عن الصبغة ولم يكن يتحدث عن الذات ، وكان الحق يتحدث على لسانه ، ولم يكن هو يتحدث على لسان الحق ( يشبه هذا ما ورد عن بايزيد البسطامي وهجوم مريديه عليه الوارد في الكتاب الرابع ) ، إنه أشبه بالحديد يحمر من النار ، فيقول : أنا النار بلسان حاله ، وينتفج بالنارية ، ويطلب منك أن تجربه وأن تطلب منه خصائص النار ، كل هذا وهو ليس بنار بل تقبل جزءا من خصائصها .
 
( 1357 - 1363 ) : إن الإنسان جزء من آدم ، وآدم شرف بالنفخة الإلهية ، ومنها تم الاجتباء ، وتم أمر الملائكة بالسجود له ، ثم يفطن مولانا إلى أن الألفاظ لا تسعفه ، إن كل ما يتوسل به من صور لبيان حقيقة هي أعلى من الألفاظ إنما يعرضه لتهمة " التشبيه " ومن شبه فقد كفر فليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إن كل ما تستطيعه إزاء هذا البحر ( بحر معرفة الله ) أن تقف على ساحله صامتا متحسرا ، ثم يعود فيقول : أليس هو نفسه أولى بهذه النصيحة ؟ ! !
 
إنه لا يزال غارقا في هذا البحر ، عاشقا للغرق فيه ، ومن غرق فيه هو ديته " من أحبني قتلته ومن قتلته فأنا ديته " ومن ثم فأنا منصرف إليه بكل ما تسعفنى فيه قدمي من قوة ، وإذا ضاعت القدم ، أصبحت كطير البط اسبح فيه على صدري ،
يقول المولوي ( 2 / 318 ) : وهذا ينبئ السالكين على أنه لا بطالة ولا تهاون وإن حصل بعض فتور في عالم الاستغراق عند أهل الظاهر .
 
 
« 396 »
 
( 1364 - 1369 ) : يستخدم مولانا مصطلحين : الغيبة والحضور ، ويفضل الحضور حتى وإن خان الحاضر فيه أدبه ، وإن لم تكن لك قدرة على تحمل البحر فلتحم حول حوض فيه من ماء البحر ( قلب الشيخ أو المرشد ) فبدون ذلك لا تتم لك طهارة الجسد ، حتى وإن توخيت طهارة الجسد الظاهرية تظل طهارتك موضع شك ، وبين قلب الشيخ وبين البحر طريق خفى ، فليكن هدفك من هذا الحوض هو الوصول إلى البحر ، وإلا فإن الحوض نفسه قد يتعرض للتلوث إن لم يستمد هو أيضا من ماء البحر .
 
( 1370 - 1375 ) : يسوق مولانا حوارا بين الماء وبين النجس ( هو أشبه أيضا بتحليل في نفس الموضوع يتناول جوانب أخرى منه في الكتاب الخامس ، انظر الأبيات 201 - 236 وشروحها ) ، والجملة المذكورة هنا ( الحياء يمنع الإيمان ) لم ترد كحديث نبوي ، بل الحديث النبوي هو " الحياء من الإيمان " ، ويبدو أن المقصود هو أن حياء النجس ( المتعلق بالجسد ) إذا منعه من الاستعانة بماء حوض الشيخ ، فكأنه يمنع إيمانه هنا من الاكتمال ، وهي أقرب إلى قول الإمام علي رضي الله عنه " قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب " ، ويقدم مولانا بعض سمات الهداية من جانب الشيخ أمام الأجساد الدنسة ( ومن هنا يتضرع الماء إلى خالقه في الكتاب الخامس أن يطهره من دنس كل ما علق به أثناء رحلة تطهيره ) ، لكن هذه هي طبيعة الهداية والإرشاد ، فبحر الجسد ( الملح الأجاج ) وبحر الروح ( العذب الفرات ) يلتقيان ، لكن يظل بينهما "بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ( أنظر الكتاب الأول ، الأبيات 297 - 299 وشروحها ) .
 
( 1376 - 1384 ) : سواء أردت الهداية أو لم تردها ، فتقدم ، إياك أن تعود القهقهرى ، وكن دائما راجيا ، فمن الأفضل بك أن تكون في الطريق ، ومهما كان هناك خطر في القرب من الملوك ، إلا أن صاحب الهمة لا يصبر عنه ، وإن

 
« 397 »
 
آثرت السلامة ، فلتكن السلامة لك ، فهذا هو منتهى همتك ومبلغ علمك ، وليكن قلبي أنا كأنه الكير متأججا بلهيب العشق ، وليكن الاستغناء لي أنا ( المصطلح مأخوذ من سنائى ) فمن هذا الاقتران يتم الحصول على الروح الباقية المتصلة بالله ( أنظر الأبيات 119 و 1938 من الكتاب الأول و 388 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ، ولم يعد الموت يخفينا بعد ، وحتى الحزن في طريق العشق يزيد في السرور ، ونحن آمنون في البحر كالبط ( إشارة إلى حكاية سوف ترد في البيت 3782 من الكتاب الذي بين أيدينا ) .
 
( 1385 - 1389 ) : وإن قلت أن هذا هو الجنون بعينه ألا فلتعلم أنني عدت إلى الجنون ، ليس ذلك الجنون الذي تعلمونه ، فإنه ذلك الهيام والوله في مظاهر الجمال الأزلي وتجلياته ، يمنح كل تجل منها جنونا من نوع آخر ( أنظر الكتاب الخامس : ما جنون واحد لي في الشجون ، بل جنون في جنون في جنون ، الأبيات 1894 - 1919 وشروحها ) ، ومن هنا قيل : الجنون فنون ، وإن هذا الجنون الذي أعانيه بل أنا سعيد منه ، يحطم كل قيود العقل ، بحيث يبدو المجانين العاديون عقلاء بالنسبة لي يسدوننى النصح .
وعند الأفلاكى ( 1 / 90 ) لا يتم إيمان أحدكم حتى يرميه الجهال بالجنون .
( 1390 ) : القصة التي أسندها مولانا هنا إلى ذي النون المصري ( المتوفى سنة 254 ه ) وردت في معظم كتب التصوف ، مثل الرسالة القشيرية واللمع للسراج الطوسي ، منسوبة إلى الشبلي ( فروزانفر : مآخذ / 53 ) .
 
( 1393 - 1394 ) : فرق بين إفاضات العوام التي تحرك جراح الدنيا ، وإفاضات الأطهار والخواص وبثهم لأحزانهم التي تحرك الشوق إلى الملأ الأعلى ، إن إفاضات الإطهار تفضح اهتمامات العوام ، وتهتك حرماتهم المصطنعة ، فكأنها نار شبت في لحيهم .
 
« 398 »
 
( 1395 - 1404 ) : ليس من الممكن أن توقف إفاضات المشايخ عند غلبة الشوق مهما كان العوام لا يتحملونها ، ومن ثم يتعرض المشايخ لهذه الكوارث التي وصلتنا أنباؤها ، يكون ذو النون في السجن ، وتقع هذه الدرر والشموس في أيدي أطفال ( الدنيا ) ، ألم ترى ما ذا حدث للحسين بن منصور الحلاج ، كان مصيره في أيدي قضاة غادرين فأسلموه إلى المشنقة ، ( أنظر سيرة ابن خفيف الشيرازي ، ترجمة كاتب هذه السطور ، صص 160 - 168 وصص 279 - 286 ) .
 
ولما ذا الأولياء وكبار المشايخ ؟ الأنبياء أنفسهم كان أعداؤهم من السفهاء واقرأ الآية الكريمة إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ( آل عمران / 21 ) ،
( وأنظر إلى وصفه تعالى الذين يأمرون بالقسط في مستوى واحد مع الأنبياء ) وفي البيت التالي إشارة إلى الآية الكريمة قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ( يس / 18 ) .
 
( 1405 - 1414 ) : يعيب مولانا على النصارى التناقضات التي تحيط بعقيدتهم بالنسبة لعيسى عليه السلام : إنهم يقولون أن اليهود صلبوه ، ومع ذلك يتوسلون به ، فكيف يمنحهم الوسيلة من لم يمنحها لنفسه ؟ ! !
وانظر إلى هذه العقيدة إلى جوار عقيدة المسلمين في نبيهم ، إن وجوده بينهم في حد ذاته ، أمان من العذاب وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( الأنفال / 33 ) ،
وجواهر البشر الثمينة أكثر تعرضا للخطر ، تماما مثلما يتعرض الذهب النضار الخالص وصائغه إلى الخطر من المزيف الخائن ، ومثلما يختفى الحسان خوفا من حسد القبحاء ، وفي ديوان شمس :
- اعبس ، فكلهم عبوسون هنا ، وكن أعمى ، حتى لا تلقى من كل أعمى عصا

 
« 399 »
 
- واعرج ، فكلهم في هذا الحي عرجى ، ولف قدمك بخرقة ، واجعل قدمك ملتويا وأيضا رأسك .
- وحك وجهك بالزعفران إن كنت قمري الوجه ، فإن أبديت وجها جميلا صفعت على قفاك .
- وأخف المرآة تحت إبطك عندما ترى وجها قبيحا ، وإلا سوأت سمعة المرآة يا مولانا ( غزل 169 / ص 112 ) ، وإذا كنت تريد مثلا عن حسد القبحاء للحسان وما يترتب عليه ، فانظر إلى ما حدث بين يوسف وإخوته ، لقد كانوا أشد تعطشا إلى دمه من الذئب ، وحين قالوايا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ( يوسف / 17 ) كانوا يفضحون عن أمانيهم وعما في داخلهم ، وكانوا هم الذئاب الحيقيقية .
 
( 1415 - 1419 ) : وذئاب البشر أكثر خطرا من الذئاب الحقيقية ، فهذه حالها معلوم ، فما بالك بمن يخفى الذئبية تحت صورة إنسان شديد الجمال الظاهري ، لبق ذرب اللسان ؟ وهؤلاء سوف يفتضحون في النهاية ، فيحشرون كما عاشوا ، وعند مولانا أن المسخ عند الأمة الإسلامية يكون في الدنيا مسخ مقلوب ثم تظهر الصور الحقيقة الموجودة في القلب على ظاهر البشر عند الحشر
( أنظر لتفصيل الفكرة : الكتاب الخامس ، الأبيات 2593 - 2601 وشروحها )
 
وها هنا يفصل مولانا حشر الناس على ما جبلوا عليه ( وهي الصور السائدة في بعض تفسيرات المعراج عند كتاب التفاسير وفي بعض الروايات الشعبية ) فالحاسد ذئب والخسيس خنزير والزاني نتن العورة ، وهلم جرا ، يطفح الشئ الخفي على ظاهر الجسد والعياذ بالله . وفي مناقب العارفين للأفلاكى ( 1 / 36 )
السيرة الغالبة على وجودك حشرك عليها واجب .

 
« 400 »
 
( 1420 - 1433 ) : يقدم مولانا صورا شاعت فيما بعد في الآداب المعاصرة ( مذكرات بشر الحافي عند صلاح عبد الصبور على سبيل المثال لا الحصر وهي أيضا ذات أصل تراثي عربى ) فوجود الإنسان وداخله وباطنه على مثال الغابة ، تعدد فيها الحيوانات ، فإن كنت إنسانا حقيقيا كن حذرا ، ولا يسيطر على باطن الإنسان حيوان واحد ، بل هو يتقلب بين الحيوانات ويكون أخطر منها ، ثم ينقلب في لحظة إلى وجود إنساني بحيث لا تستطيع إدراك الحيوان داخله ، وأنت وما يغلب عليك ، وهذه الصور الباطنية أن لم تكن محسوسة إلا أنها تمضى من الصدور إلى الصدور ، بل إن نفس هذه الخصال تنتقل من الإنسان إلى الحيوان ، فيدرب الكلب على الصيد والحراسة
( وأنشطة أخرى لم تكن معروفة في عهد مولانا كتعذيب المخالفين والسرقة ! ! ) ويدرب الماعز ، ويروض الحصان ، بل إن صفات العارفين انتقلت من أصحاب الكهف إلى كلبهم
( أنظر البيت 1026 من الكتاب الأول ) ومن صدر الإنسان يطل في لحظة حيوان : وإذا كنت تريد أن تعلم مقام المشايخ والأولياء في هذه الغابة فاعلم أنهم أسدها ، وهم على علم بطرق كل حيوان
( عن تفصيل الفكرة أنظر الكتاب الخامس الأبيات 2341 - 2344 وشروحها ) ، فاختلس الروح من بواطنهم ، وإن كنت سارقا فاسرق الدرة ( أنظر الكتاب الأول البيت 2871 ) .
 
( 1441 - 1448 ) : يشير ذو النون هنا إلى حادثة بقرة بني إسرائيل التي أمرهم موسى عليه السّلام بذبحها لضرب القتيل ببعضها " ذيلها " ليقوم حيا ويرشد عن قاتله البقرة / 67 - 73 " ( هناك إشارة أخرى إلى القصة في الكتاب الثالث : الأبيات 3885 - 3901 فانظر إليها وإلى شروحها ) . يقول ذو النون : إن جسدي بعلة اتصاله بهذه الدنيا ، صار كالميتة ، فاضربوه بذيل البقرة " السوط " فهو كقتيل
 
« 401 »
 
بني إسرائيل ، ولا بد أن تقتل بقرة النفس هذه داخله ، فإن قتلت ، تبدت الأسرار ، وانكشفت الحجب ، ورأى القلب ورأت الروح النار والجنة ، لأنها تسترد علمها بكل ما كانت تعرفه قبل أن تحبس في الجسد .
وفي الأبيات أيضا إشارة إلى فكرة أخرى : إن كل ألم يصيب الجسد ، يكون في صالح الروح وكل خسارة تحيق به كسبٌ للروح ، ومن ثم فإن ذا النون عندما عرض نفسه للعوام ، وانتهى أمره إلى مستشفى المجانين ، كان يفعل هذا لأنه أحس أن في روحه كسلا .
 
( 1464 - 1465 ) : " إن الله تعالى يجرب عبده بالبلاء ، كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار " ( أحاديث مثنوي / 54 ) .
 
( 1466 ) : الحكاية التي يبدأها مولانا هنا ثم يتركها ولا يعود إليها إلا في البيت 1514 وردت قبل المثنوي دون ذكر لقمان في الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي وأسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد ، كما نظمها العطار في منطق الطير وذكرها عوفي في جوامع الحكايات . ( فروزانفر :مآخذ / 55 - 56 ) .
 
( 1469 - 1472 ) : الحكاية المذكورة في هذه الأبيات وردت قبل مولانا في كتاب الملل والنحل للشهرستاني عن ديوجانيس ، وفي أخبار الحكماء للقفطي عن سقراط ، وأوردها الهجويري في كشف المحجوب والآبي في نثر الدر ، وذكرها سنائي في بيتين من ديوانه ، ونظامي في إسكندر نامه والعطار في منطق الطير . ( فروزانفر : مآخذ 53 - 55 ) .
 
( 1473 - 1474 ) : يترك مولانا سياق القصتين ليتحدث عن معالم السيادة الحقيقية وأمارات الملك الحقيقي ، فالملك الحقيقي هو الذي يسمو على كل ما في
 
« 402 »
 
الدنيا من زخرف ، مثل هذا الملك يستمد نوره من الله تعالى مباشرة ، وهكذا صاحب الخزانة ، خزانته الحقيقية ذاته ، وليست خزانة أمواله ، لأنه إن كان بخيلا أو حريصا أو مقترا ، لما كان لخزانته قيمة في الدنيا أو الآخرة ، ومن فنى وجوده ، وجد وجوده .
 
( 1475 - 1479 ) : يعود إلى القصة في بيت واحد فيقول أن السيادة الحقيقية كانت للقمان العبد ، أما العبودية فكانت لسيده . هذا إذا وضعت القيم الإنسانية أساسا ومعيارا للبشر ، ثم يتحدث مولانا عن أمارات هذا الوضع في الدنيا المقلوبة التي تسمي الأشياء فيها على عكس طبيعة مسمياتها ، فتسمى الصحراء بالمفازة ، ليس هذا فحسب بل يصنف الناس بملابسهم ، فإن ارتدى قباءً قيل من العوام ، وإن إرتدى خرقة قيل زاهد ، وزهده رياء ، وينبغي نورٌ يميز به بين زهد الرياء والزهد الحقيقي .
 
( 1480 - 1488 ) : نور رجال الحق فحسب هو الذي يستطيع أن يميز ، فهو النور الذي لا تقليد فيه ولا شائبة ، وهو الذي يستطيع أن يدرك حقيقة المرء دون أن يتحدث ، ودون أن يصدر منه فعل ، فهم جواسيس القلوب ، والتعبير هنا مأخوذ من عبارة لأحمد بن عاصم الأنطاكي ( وعند الأنقروي لأبي يعقوب السوسي 2 / 240 ) : " إذا جالستم أهل التصوف فجالسوهم بالصدق ، فإنهم جواسيس القلوب ، يدخلون في إسراركم ، ويخرجون من هممكم " ( أحاديث مثنوي / 55 ) .
 
إنهم يتسللون إلى بواطنهم كالخيال فيدركون ما في هذه البواطن ، وهم كالبزاة ، والناس بالنسبة لهم كالعصافير . ولما ذا تستبعد هذا ؟
أية قيمة لأسرار الناس وما يضمرونه بحيث لا يستطيع أن يدركها المطلع على الأسرار الإلهية ؟ وإذا كان محلقا بفكره على ما فوق الأفلاك ، فكيف يخفى عليه

 
« 403 »
 
ما هو على الأرض ؟ وإذا كانت المشكلات قد حلت لداود عليه السلام بحيث " ألنا له الحديد " ، ومن لان له الحديد ، كيف يكون الشمع بين يديه ؟
 
( 1489 - 1499 ) : يعود مولانا إلى الحديث عن السادة في ملابس عبيد ، والعبيد في ملابس سادة ، ويقدم صورة حية من مجتمعة آنذاك ، السيد الذي يرتدي ملابس غلامه ، ويُلبس غلامه ملابسه ، ويلعبان اللعبة المعكوسة :
لهبة السيد العبد والعبد السيد ، للتجديد أو لتنفيذ أمر من الأمور أو تدبير مكيدة من المكائد ، أو أن يكون السيد معرضا لخطر بليل ويريد أن يكون عبده فداءً له .
كثيرون هم السادة الذين قاموا بهذا النوع من العبودية ، سواءٌ كانوا من سادة الدنيا أو سادة القلوب الذين يسقطون أحيانا إلى حضيض الكدية ( انظر في الكتاب الخامس حكاية الصوفي محمد سررزي الغزنوي ) هذا في حين أن عبيد الهوى أولاء يبدون أنفسهم سادة ، وهناك مقياس : فالسيد الحقيقي يظهر التواضع ، ومن الممكن أيضا أن يكون عبدا ، والعالم مليء بهذه الأمور المعكوسة غير المنطقية .
 
( 1501 - 1508 ) : وكان لقمان يعرف ، لكنه كان يتجاهل الأمر ، ويترك الأمور تجري في أعنتها ، وكان سيده يعرف يريد أن يعتقه ، لكنه كان يعلم أيضا أن لقمان يريد أن يخفي عظمته في العبودية ، كان يريد أن يخفي عظمته حتى عن نفسه ، وذلك حتى لا يعتقه سيده ، فكأن لقمان في غيبة عن نفسه . وأنت إن استسلمت بكليتك إلى خالقك ، وغبت عن نفسك ، فاغتنم هذه الغيبة ، وكما يُغيب الجريح لتستخرج النصال من جسده ، استخرج من نفسك بعض ما يعطل سيرك ، ويقطع الطريق عليك .
 
( 1509 - 1514 ) : الإنسان عندما يسلم نفسه بالكلية لفكرة ما ، أو لاهتمام ما ،
 
« 404 »
 
ويكون منصرفا إليه بكل قواه ، لا بد أن يسلب منه شيء ، فانظر إلى الفكرة التي تمضي في أثرها ، هل تستحق أو لا تستحق ، وكن كالتاجر الذي يغرق متاعه ، مد يدك إلى الثمين منه فانقذه ، وانشغل بما هو أفضل ، حتى إذا سُلب منك شيء أثناء إنشغالك ، كانت خسارتك طفيفة .
 
( 1535 - 1545 ) : أية محبة أقصدها وتكون لها كل هذه الخاصيات التي ذكرت ؟ محبة التراب ؟ محبة الجماد ؟ محبة الصورة ؟ محبة حالة من الحالات التي يكون عليها المحبوب ؟ لا بالطبع ، بل المحبة الناتجة عن المعرفة ، المعرفة الحقيقية ، وهي في تفسير السبزواري ( ص 135 ) العشق بلا نهاية .
 
والمعرفة الناقصة لا تؤدي إلى العشق ، وكل ناقص ملعون ، وليس المقصود هنا نقص البدن ، فنقص البدن موجبٌ للرحمة ، وفي الحديث " ذهاب البصر مغفرة للذنوب ، وذهاب السمع مغفرة للذنوب ، وما نقص في الجسد على قدر ذلك " ( مولوي 2 / 352 ) وكما يوجب نقص الجسد الرحمة ، يوجب نقص العقل النقمة " لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ، ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ في حين لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ( الفتح / 17 )  
 
( 1546 - 1558 ) : يفرق مولانا بين نوعين من النور " القيم ، وسائل المعرفة ، وسائل الوصول " وسائل مؤقتة وآفلة وقصيرة الأمد " وإن بهرت الأبصار " ، مثل البرق " كلما أضاء لهم مشوا فيه ، وإن أظلم عليهم قاموا " وهو ضاحك ، لكن سخرية ممن يقتدون به ، ويسيرون على نوره .
ثم إن هناك أنوار أخرى تأتي من الفلك ومن كواكبه ، وهي أيضا معقورة القدم ولا تقاس بالنور الذي لا هو بالشرقي ولا بالغربي ، فمن الذي يقرأ كتابا على نور البرق ؟ " التعبير من حديقة سنائي " ، والاعتماد على البرق والنور الآفل من قبيل عدم تدبر العواقب ، في حين أن من صفات العقل تدبر العواقب والنظر إليها ، وإن
 
 
« 405 »
 
لم يكن هكذا ، فهو نفس ، همها لذتها الوقتية ، يصبح العقل بعدها كنجم سعد " المشترى " تغلب عليه نجم " نحس " " زحل " وجعله نحسا بدوره ، والذي ينظر بعين العاقبة إلى هذا الإنتقال ، وإلى الجزر والمد ، يجد طريقا من النحس إلى السعد ، فهو عارفٌ للضد من الضد ، يخاف ذات الشمال ، ويرجو ذات اليمين " وعند استعلامي أن المعنى إشارة إلى تقليب أهل الكهف " ومن ثم يطير المؤمن بجناحين هما الخوف والرجاء ، فإن اعتمد على أحديهما فحسب ، سقط .
وعند الأنقروي ( 2 / 253 ) ويقلبك الحق من حال إلى حال ، حتى يتولد لديك الخوف أن تكون من أصحاب الشمال .
 
( 1559 - 1564 ) : يوجه مولانا الحديث إلى المريدين أو إلى حسن حسام الدين وهي وقفة من وقفات مولانا عن الاسترسال في الكلام خشية الوصول إلى منزلقات قد لا يحمد عقباها ، فإن من يتمكن حقيقة من التمييز بين السعد والنحس تمييزا حقيقيا بحيث لا يسقط أسيرا للظواهر ، ينبغي أن يكون روحا عظمى كإبراهيم عليه السّلام الذي وصل إلى التوحيد بنفسه ومن التقلب بين الظواهر الآفلة ، فمثله عليه السلام هو الذي يستطيع أن يرى في كل الظواهر على اختلافها وتناقضها وصالا للحق . لكني أستطيع أيضا أن أدلك على محك وهو مدى اهتمامك بعالم الجسد الملئ بالشهوات ، ولا نجاة منه إلا لمن تحرر منها .
 
( 1565 - 1566 ) : عودة إلى القصة التي بدأها في البيت 1050 ويعتذر مولانا أن الكلام جره ، والكلام ذو شجون .
 
( 1567 - 1572 ) : يترك مولانا خط سير القصة مرة ثانية ، ويتحدث عن بستاني الملك " الشيخ الواصل " الذي يستطيع أن يميز بي شجرة وشجرة " مريد ومريد " ، إنه يعرف الأشجار ويميز بين ثمارها . وكيف لا يعرفها وفراسة العبد المؤمن ليس بينها وبين الله حجاب ( أنظر البيت 1320 و 2646 من الكتاب

 
« 406 »
 
الأول ) إنه يعرفها من البداية إلى النهاية ، وذلك قبل أن تخلق في عالم الصور .
 
( 1573 - 1579 ) : عودة إلى قصة الغلام المقرب المحسود من بقية الأمراء : لقد أخذ أولئك الأمراء في الكيد للغلام ، وأي كيد يحيق فيمن صارت روحه وروح الملك واحدا ؟ إنه في عصمة الملك ورعايته وكيف يخشى شيئا من هو في عصمة الملك ورعايته ؟ 
والملك على علم بكل ما يدبر لغلامه في الخفاء لكنه يتجاهل مثل أبي بكر الربابي ، وقد ذكر أبو بكر الربابي في أكثر من موضع من ديوان شمس ( أنظر شرح جولبنارلي 2 / 207 - 208 من الترجمة الفارسية ) كما ينقل عن الأنقروي أنه كان شيخا ملامتيا دائم الصمت ومن ثم ضرب به المثل للصوفي الذي يتعرض للإهانة ويصمت . كان الملك يعرف ويصمت ساخرا ، إنهم يريدون خداع الملك " إسقاطه في الفقاع " .
 
( 1580 - 1595 ) : هذا الملك العظيم الشأن ، هل يمكن خداعه ؟ هل يمكن أن تحتويه أية خدعة ؟ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ و يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ إنهم يخيطون الشباك ويقومون بالحيل ، فممن تعلموا خياطة الشباك والقيام بالحيل أصلا ؟
أو لا يكون نحسا على التلميذ أن يبدأ في مطامنة الأستاذ ؟ وأي أستاذ ؟ أستاذ الدنيا ، الشيخ العظيم الذي " ينظر بنور الله"، وبأي شيء يا ترى تريد أن تصنع للشيخ شبكة ؟
 
من قلب مهترىء ممزق به ألف ثقب كأنه الغطاء المهلهل ؟ لكن الشيخ يستر على جهل الجاهل ، ويخاطبه بينه وبين نفسه : يا أقل من كلب ( الكلب موصوف بالوفاء والجاحد أقل من كلب .
 
لنفصيلات أنظر : الكتاب الثالث الأبيات : 286 - 295 وشروحها ) لقد كنت موضع تربيتك فكيف تحطم موضع تربيتك ؟ وكانت لك مني الفنون والفضائل والآداب في روحك وفي قلبك ، وبعد كل هذا التعليم ، لا
 
« 407 »
 
زلت تظن أن شيئا فيك خافٍ علي بحيث تدبر ضدي في الخفاء ؟ ألست تعلم ، وألم أعلمك أن من القلب إلى القلب كوة ؟ ، إني أتغاضى عن هفواتك كرما مني وسترا عليك ، وأضحك في وجهك خداعا لك ، أليس الخداع في النهاية هو جزاء الخداع ؟ .
 
( 1596 - 1605 ) : ورضا الشيخ وما أدراك ما قيمة رضا الشيخ ؟ أتراك تعلم قيمته على وجه الحقيقة ؟ إن رضاه أشبه بدخول الشمس في برج الحمل « في بداية الربيع » .
ويشير جلبنارلي ( 2 / 209 ) أن هناك اعتقادا بأن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الكائنات ، كانت الشمس في برج الحمل ، ويشير إلى أن مولانا أشار أكثر من مرة في الديوان الكبير أن أحواله كلها تكون في ربيعها عندما تكون الشمس في برج الحمل .
 
وعندما ينحسر عنك ظل الشيخ ويغضب عليك ، شاهد أمارات ذلك في نفسك وفي روحك : وجهك مصفر ومسود ، وأوراق روحك صفراء متساقطة . والشيخ مثل عطارد « كوكب القلم والفكر » ، وكتابته ميزان لنا « برج الميزان » ، والشيخ إذن هو الذي يستطيع أن يخلص المريدين من الهوس والعجز ، ويجعل ألوانه في جمال قوس قزح . ( استعلامي - 2 / 254 ) .
 
( 1605 - 1608 ) : الحكاية التي تبدأ بهذا البيت من قصص القرآن الكريم الواردة في سورة النحل ( الآيات 20 - 44 - وهناك تفصيلات لها في الكتاب الرابع - انظر الأبيات : 536 - 574 و 614 - 624 و 653 - 662 و 718 - 724 و 781 - 914 و 1041 - 1044 وشروحها )
 
والمقصود هنا تفسير العلاقة بين سليمان عليه السلام وبلقيس كعلاقة بين شيخ ومريد ، وعن تعظيم المريد لرسول الشيخ وهو الهدهد مع كونه طائرا صغيرا ، فقد كان في نظرها روحا كالعنقاء وبحرا عميقا يغطيه زبد صغر جرمه .

 
« 408 »
 
( 1609 - 1614 ) : وهكذا يكون التناقض بين عالم الجسد وعالم الروح ، وعالم العقل وعالم الحس ، والعقل مثاله محمد صلى الله عليه وسلم والحس مثاله أبو جهل عليه اللعنة ، إن الكفار رأوا محمدا بشرا ، ولم يروا سوى جانبه البشري ، وذلك لأنهم لم يروا معجزاته « لم ينظروا إليها ولم يأبهوا بها » ، وعين الحس لا تستحق إلا التراب يحثى فيها ، وهذه العين اعتبرها الحق سبحانه وتعالى عينا عمياء وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ( الأعراف / 119 )
فهي عين غير متعمقة لا ترى إلا الظاهر وإلا السطح ، ترى الزبد ولا ترى البحر ، فضلا عن أنها عين غير ناظرة للعاقبة ، ترى الحاضر ولا ترى الغد ، إن سيد الكائنات ماثل أمام تلك العين ، كنز من المعاني والذكر ، وهي لا ترى من هذا الكنز إلا ربع دانق .
 
( 1615 - 1619 ) : وكيف تنكر أصلا عظمة الإنسان حتى وإن كان جسدا ، وذرة التراب إن اتصلت بها شمس الحقيقة ، تصبح شمس الدنيا تابعة لها ، وعلم الحقيقة وبحرها إن سقطت منه قطرة في بحار الدنيا السبعة « في الجغرافية القديمة البحار سبعة : بحر الصين وبحر المغرب والبحر الأسود والبحر الأحمر وبحر الخزر وبحر الروم والخليج - ( جلبنارلي / 2 - 213 ) لأحالتها إلى بحار عذبة ، وكف التراب حرك الله لعظمته الأفلاك ، ولم نبعد ؟ ألم تؤمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام وهو قبضة من تراب ؟ وألم ينشق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو من تراب ؟
 
( 1620 - 1636 ) : إن هذه الحقيقة نتصرف حتى على حقيقة العناصر وطبيعتها ، أليس الماء يعلو التراب ، والتراب يترسب في الماء ؟ فانظر إلى تراب « الإنسان » يجاوز الأفلاك والعرش « المعراج » ، ومن ثم فالماء لا يعلو التراب للطف فيه ، بل هو اللطف الإلهي ، والله تعالى يستطيع أن يغير مكانة كل عنصر ، فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو الفعاللِما يُرِيدُ *، فكل
 
« 409 »
 
هذا اللطف لمخلوق من تراب « آدم » ، وكل هذا الذل لمخلوق من عنصر أعلى هو النار « إبليس » ، يهبط به إلى أسفل سافلين . كل هذا بلا علة ولا أداة ولا مادة ولا صورة ولا هيولي ، ولا طباع أربعة ولا جهات ستة ولا كل هذه المصطلحات التي تتشدقون بها ، تكون الجبال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ، ويجعل من البحار نارا وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ( التكوير / 6 ) و إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ ( التكوير / 11 )
و جُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ( القيامة / 9 ) وعين الدم وهي الشمس يجلها مسكا « بركة وخيرا وجمالا » وفي 1636 إشارة إلى رواية اعتبرت حديثا وليست بالحديث
[ الشمس والقمر ثوران عقيران في النار إن شاء أخرجهما وإن شاء تركهما ]
( بالأسانيد - أحاديث مثنوي / 56 ) .
 
( 1637 ) : ورد أصل هذه الحكاية في تفسير الآية الكريمةقُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ( الملك / 30 ) في تفسير أبي الفتوح الرازي وفي تفسير القرآن الأوسط لموفق الدين أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع الكواشي « المتوفى سنة 680 هـ » وفي تفسير مخطوط في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ، وفي إسكندر نامه المنثور المكتوب في أواخر القرن الخامس الهجري عن مدينة من العميان ( فروزانفر - مآخذ / 56 - 58 ) .
 
( 1646 - 1649 ) : التوبة أيضا هبة من الله تعالى ، ومن يستوجب القهر الإلهي يسد أمامه باب التوبةوَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَوهُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ *وزراعة القلب وضع أصول الإيمان فيه .
 
( 1650 - 1652 ) في البيت الأول إشارة إلى ما ورد في معارف بهاء ولد عن لوط عليه السلام ، فقد ساق قومه مواشيه إلى جبل صخري لا نبات فيه ، فدعا الله فأنبت فيه النبات ، وعندما ساق قومه مواشيهم إليه هلكت . أما ما ورد في البيت الثاني عن الخليل عليه السلام فربما كانت إشارة إلى تحول الرمل له إلى دقيق وقد مرت
 
« 410 »
 
أما البيت 1652 فهو توفيق بين رواية وردت عند بهاء ولد أيضا وأخرى وردت في عجايب نامه من مؤلفات القرن السادس الهجري وفحواها أن المقوقس سأل عمرا بن العاص أن يبيعه سفح المقطم لأنه غراس الجنة ، وكتب عمرو إلى عمر رضي الله عنه ، فرد : إنا لا نجد غراس الجنة إلا المؤمنين ، ورفض بيعها له ، وطلب بأن يدفن فيها موتى المسلمين ( عن فروزانفر : مآخذ / 59 ) .
وبالنسبة لقصة شعيب عليه السلام أوردها الأنقروي منسوبة إليه ( عن جلبنارلي 2 / 216 ) .
 
( 1653 - 1656 ) : هذا عن همم رجال الله وأصفيائه ، أما الجحود فيأتي بنتائج عكسية ، فالمنكر والجحود يتحول الحسن في أيديهما إلى قبيح ، يتحول النحاس إلى ذهب والصلح إلى حرب والتراب الخصب إلى أرض بور ، والسجود لله تعالى عطية منه سبحانه ، والرحمة لا توهب لكل عابد ( انظر البيت 1647 من الكتاب الذي بين أيدينا ) فلا تتجرأ على الذنب إذن اعتمادا على رحمة الله .
 
( 1657 - 1672 ) : التوبة يلزمها شرائط : الحرقة والدمع « البرق والسحاب » ، وهي أشبه بالثمار التي يلزمها ري « دمع » وحرارة « حرقة » ، وبهذا الدمع تخمد نار غضب الرب .
وهذه هي سنة الله في خلقه ، يحيي الأرض بالمطر بعد موتها ، فتصبح مروجا وزهورا ، وترفع شجرة السنار « أوراقها على هيئة الكف » أيديها بالدعاء ، وتتألق زهور الشقائق « القلوب الدامية » ، ويسقول طير اللقلق « المؤمن المناجي » : لك لك ، أي لك الملك ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، جمال الطبيعة كله آثار من المليك ، وأعظم آثاره قلب العابد ، تتفتح فيه عوالم من الجمال ، وكلها أمارات على خلقه ، يفرح بها من عاينه في صنعه ، وثمل بعهده منذ يوم العهد والميثاق ( الأعراف / 172 ) ، وكل هذا
 
« 411 »
 
الجمال عبير لخمر العهد ، وكيف يعرف عبيرها من لم يذقها؟!
 
( 1673 - 1674 ) : المؤمن دائما في بحث عن الحكمة ، فهي ضالته .
[ الحكمة ضالة المؤمن ، فحيث وجدها فهو أحق بها ] ( أحاديث مثنوي / 57 )، والحكمة عند ملوك الطريق، يعلمون لمن يكون هذا البعير الضال.
 
( 1675 - 1708 ) : يقدم مولانا مثالا عن شيخ يأتي إلى مريد في النوم ، يعده بنوال المطلوب ، ويقدم له أمارات وآيات معينة ، ويطلب منه لكي تتحقق رؤياه أن يكتم ما رأى ، وليس هذا بالشيء العجيب فقد كانت هذه أيضا آية زكريا عليه السلام قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا ( مريم / 10 )
 
فالكتمان إذن هو سبيل نيل المطلوب . ومطلوبك أيها المريد هو الملك والجاه ، في سبيله تضرعت ، وصمت حتى نحلت ، وأخرجت كل مالك ، وسهرت وعانيت وكابدت وكدحت « الرؤيا نالها عن عمل لا عن إجتباء » ، ومن ثم أراد الله أن يبشرك عن طريق هذا العابد في الرؤيا .
إنك إن رأيت هذا بالفعل ، فماذا يكون سلوكك عندما تستيقظ من النوم ؟
تطوف بالوجوه ، تسير في الطرقات ، تثير في بحثك عن تحقق رؤيتك عجب الناس ودهشتهم ، يسألونك فلا تجيب ، فلقد أمرت بالكتمان ، وتتوسل بإجابات عامة غامضة غير شافية « كأني بمولانا يقص عن تجربة شخصية عندما كان في انتظار شمس الدين ، وكان شمس الدين في إنتظاره ! ! » . ،
هذا لأن [ من طلب شيئا بجد وجد ، ومن قرع بابا ولج ولج ] كما قال الجنيد البغدادي .
هنا تتحقق رؤيتك ، يأتيك فارس فيحتضنك ، وتخر مغشيا عليك ، ويعتريك الوله والوجد .
ما قيمة هذا كله عند من لم ير رؤياك ؟ رياء ونفاق ، مع أنه بالنسبة لك كما يكون الماء بالنسبة لسمكة مسكينة وقعت على اليابسة تعاني نزع الروح وأوصل إليها المد « المدد » الماء ، إن كل أمارة
 
« 412 »
 
يجدها ذلك الذي رأى الرؤيا تبث فيه الروح وتمدها ، وهكذا الأنبياء ، يعرفهم أصحاب الأرواح العارفة .
 
( 1709 - 1724 ) : هذا الكلام ناقص ، إنه مجرد مثال ، وإلا فهل يتيسر لي أن أعدد لك كل الآيات والأمارات على وجوده جل شأنه وهي عدد ذرات هذا الكون ؟
هل يتيسر لي ذلك أنا الذي أفقده العشق اللب ؟
إنها أشبه بعد أوراق البستان وهديل القطا ونعيق الغربان ، ومع ذلك فمن أجل فائدة المريد المستفيد أحاول أن أعدها .
وطالع الكواكب من سعد ونحس لا صورة لها ، لكن من الممكن الحديث عن بعض آثارها ، وهي من القضاء الإلهي ، وينبغي تحذير من يكون طالعه نحسا ، فهو يستطيع أن يقاوم هذا الطالع بذكر الله الذي أمرنا به قائلا « أذكروااللَّهَ *»
( البقرة / 198 - 200 - 203 - 239 ، النساء : 103 ، الأنفال / 45 ، الأحزاب / 41 ، الجمعة / 10 ) ، إلجأ إلى ذاته التي بلا مثال ، ودعك من ذكر الجسد فهو خيال ناقص ، وحذار من وصف المليك بلغتك وأسلوبك وإدراكك الناقص ، فلن تستطيع أن تقدم إلا أوصافا سلبية ، كأن تقول في تعريف الملك أنه ليس نساجا ، فهل هذا تكريم ؟
 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:34 pm عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 2.docx   مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالأربعاء سبتمبر 16, 2020 8:30 pm

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 2.docx

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 2.txt

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 2.pdf






عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مجيء الرفاق إلى البيمارستان لعيادة ذي النون المصري المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف جاء الرفاق إلى البيمارستان من أجل ذي النون .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي
» ذهاب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لعيادة أحد الصحابة المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» هوامش وشروح 01 - 3826 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» ظن ذلك الشخص الخيال هلالا في عهد عمر المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: