كل ما هو غفلة وكسل وظلمة كله من الجسد فهو أرضى وسفلى .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
كل ما هو غفلة وكسل وظلمة كله من الجسد على مدونة عبدالله المسافر بالله
كل ما هو غفلة وكسل وظلمة كله من الجسد فهو أرضى وسفلى المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
بيان أن كل ما هو غفلة وكسل وظلمة كله من الجسد
فهو أرضى وسفلى
- إن الغفلة من الجسد ، وعندما يصير الجسد روحا ، فإنه يري الأسرار دون أدني بد .
- وعندما تغيب الأرض من جو الفلك ، فلا ليل ولا ظل ، سواء بالنسبة لي أو بالنسبة لك .
3570 - وحيثما يكون ظل أو موضع ظل ، فهو من الأرض لا من الأفلاك ولا من القمر .
- والدخان المتكاثف المتصل ، يكون من الحطب وليس من النيران المستعرة .
- والوهم يسقط في الأخطاء والغلط ، ولكن “ ميدان “ العقل هو الصواب فقط .
- وكل ثقل وكسل فهو من الجسد ، والروح من خفتها دائما في طيران .
- وأحمرار الوجه يكون من غلبة الدم ، واصفراره إنما يكون من تحرك الصفراء .
3575 - وبياض الوجه إنما يكون من غلبة البلغم ، ومن السوداء يكون الوجه أدهم .
- والحقيقة أنه سبحانه وتعالي خالق هذه الآثار ، لكن أهل الظاهر لا يرون سوي العلة .
..............................................................
( 1 ) ج / 8 - 439 : وما يراه أهل القلوب مكتوبا علي جبينك ، متي تراه أنت في نفسك أيها الخجل ؟ !
“ 307 “
- واللب الذي لا يكون بعيدا عن القشور ، لابد له من “ الإيمان “ بالطبيب وبالعلة .
- وعندما يولد المرء للمرة الثانية ، فإنه يضع قدمه فوق مفرق العلل .
- فلا تكون العلة الأولي دينا له ، ولا تحقد عليه العلة الجزئية أو تعاديه .
3580 - فيطير كالشمس في الأفق مع عروس الصدق ، والصورة كالحجاب بالنسبة له .
- بل إنه خارج الأفق والأفلاك ، يكون بلا مكان كالأرواح والنهي .
- بل تكون عقولنا ظلالا بالنسبة له ، تسقط كالظلال تحت أقدامه .
- وعندما يكون المجتهد عالما بالنص ، فإنه في تلك الحالة لا يفكر في القياس .
- وعندما لا يجد نصا بالنسبة لصورة ما ، فإنه آنذاك يبدي من القياس عبرة .تشبيه النص والقياس
3585 - اعلم أن النص هو وحي الروح القدسي يقينا ، وأن قياس العقل الجزئي ذاك أدني منه .
- فالعقل صار من الروح ذا إدراك وعظمة ، فمتي تصير الروح تحت إشرافه ؟
- إن الروح ذات تأثير علي العقل ، ومن ذلك التأثير يدبر العقل “ في الأمور “ .
- فإن صدقتك الروح في داخلك كنوح ، فأين أليم والسفينة وأين طوفان نوح ؟
- والعقل يظن أن أثر الروح هو الروح ، في حين أن قرص الشمس بعيد جدا عن الشمس .
“ 308 “
3590 - ومن هنا فقد قنع السالك بقرص واحد من الخبز ، حتى ألقي به النور ساميا به إلي قرص الشمس .
- وذلك لأن هذا النور الموجود في الأسافل ، ليس دائما ليل نهار بل هو افل .
- وذلك الذي له قرص الشمس مسكن ومكان ، يكون غارقا في ذلك النور دائما .
- فلا السحاب يقطع الطريق عليه ولا الغروب ، لقد نجا من الفراق الذي يسبب الدق علي الصدور .
- ومثل هذا الشخص أصله من الأفلاك ، وإن كان من التراب فقد تبدل .
3595 - فلا قدرة للمخلوق من تراب علي أن يشرق عليه شعاع شمس “ الحقيقة “ علي الدوام .
- ولو كان نور الشمس يشرق علي التراب دائما ، لاحترق بحيث لا يتأتي منه ثمر .
- ودائما ما يكون عيش السمك في الماء ، فمتي تكون للحية رفقة معه ؟
- لكن الحية في الجبل ذات فنون ، وتقوم في ذلك الجبل بما يقوم به السمك في الماء .
- وإذا كان مكرها يفتن الخلق ، يظل نفورها من البحر فاضحا إياها .
3600 - وفي هذا اليم تكون الأسماك ذوات فنون كثيرة ، بحيث تحول الحية من سحرها إلي سمكة . “ 1 “
- وحيتان قاع بحر ذي الجلال ، قد علمها البحر السحر الحلال .
- وقد صار المحال من قدرتها حالا ، لقد ذهب إليها شؤما فصار حسن الفأل . “ 2 “
..............................................................
( 1 ) ج / 8 - 447 : فإن كنت حية كن قرينا للأسماك ، حتى تصبح في سير دائم كالأسماك .
( 2 ) ج / 8 - 447 - 448 : - لقد مضي السم إلي هناك وصار شهدا يقينا ، ومضي الحجر إلي هناك وصار درا ثمينا
- وصار التراب ذهبا والحصي درا والقدم رأسا ، ولا تري عين البشر .
“ 309 “
- وإن حدثتك حتى القيامة هذا الحديث ، فإنما تمضي مائة قيامة ويظل ناقصا .
آداب المستمعين والمريدين عند فيض الحكمة
من لسان الشيخ
- إن تكرار هذا الكلام علي “ أسماع “ الحزاني ، هو بالنسبة لي اكتساب عمر متجدد .
3605 - وضوء الشمعة أفضل من البرق المتكرر ، والتراب من الحرارة المتوالية يصير ذهبا .
- وإن كان هناك آلاف الطلاب وأحدهم ملول ، لتعطل الرسول عن أداء الرسالة .
- فهؤلاء الرسل هم المتحدثون بضمير السر ، ويريدون مستمعا له طبع إسرافيل .
- وعندهم قوة الملوك وكبرياؤهم ويريدون من أهل الدنيا إطاعة والتوقير .
- وما دمت لا تقدر ادابهم حق قدرها ، فكيف تستفيد من رسالاتهم ؟
3610 - ومتي يوصلون تلك الأمانة إليك ، ما لم تكن راكعا أمامهم ومنحنيا ؟
- ولماذا يكون كل أدب من أدبهم مقبولا مستحسنا ؟ هذا لأنهم قد جاءوا من الإيوان العالي .
- وليسوا بالشحاذين ، يمنون عليك كل خدمة يؤدونها لك أيها المزور !
- لكن ، حتى علي من لا رغبة لديهم أيها الضمير ، انثر صدقة السلطان ولا تحبسها عنهم .
- ويا رسول السماء انطلق بجوادك عاديا ، ولا تلق بالا إلي هؤلاء الملولين في الدنيا .
“ 310 “
3615 - وسعيد ذلك التركي الذي يسعر الوغي ، ويقفز جواده في خندق النار .
- ويجعل جواده منطلقا “ هائجا “ متحمسا ، بحيث يتجه به إلي عنان السماء .
- وقد أغمض عينيه عن الغير “ والغيرية “ ، وأحرق الأخضر واليابس كأنه النار .
- وإن عاب عليه نادم وعذله ، فإنه قد أضرم النار في الندم منذ البداية .
- والندم نفسه لا ينجو من العدم ، عندما يتعرض لحرارة صاحب قدم .
معرفة كل حيوان لرائحة عدوه وحذره منه وبطالة ذلك الشخص
وخسارته ذلك الذي يكون عدوا لأحد لا يمكن الحذر منه
ولا الفرار ولا اللقاء معه
3620 - إن الجواد يعرف زئير الأسد ورائحته ، هذا بالرغم من أنه حيوان إلا فيما ندر .
- بل إن كل حيوان يعرف عدوه ، “ يعرفه “ من رائحته أو من الآثار “ التي يتركها خلفه “ .
- وفي النهار لا يجرؤ الخفاش علي الطيران ، فيخرج ليلا كاللصوص يلتمس قوته .
- فهو أكثر حرمانا من كل المخلوقات ذلك الخفاش ، وذلك لأنه عدو للشمس “ الساطعة “ المنتشرة .
- فلا هو يستطيع أن يطعنها في قتال ، ولا يستطيع أن يجعلها مكروهة بلعناته .
“ 311 “
3625 - وأين هي الشمس التي تتواري بالحجاب ، من جراء حزن الخفاش أو غضبه .
- فهي في غاية اللطف والكمال ، ومتي يصير مجرد “ خفاش “ واقفا في طريقها ؟
- فإذا عاديت ، عاد علي قدر طاقتك ، حتى يكون ممكنا أن تتغلب علي عدوك .
- وعندما تتحدي قطرة الماء المحيط ، فهي بلهاء تقتلع لحيتها عبثا .
- وحيلتها هذه لا تجاوز شواربها ، وكيف تمزق دائرة حجرة الشمس ؟ .
3630 - وهذا هو ملامي لعدو الشمس يا عدو شمس الشمس .
- يا عدو الشمس التي من عظمتها ، ترتعد الشمس “ ويرتعد معها “ كل كوكبها .
- وأنت لست عدوا لها بل عدو لنفسك ، وأي بأس علي النار إن صرت حطبا لها ؟
- فواعجباه إن أصابتها قلة من احتراقك ، أو إن امتلأت غماً من ألم احتراقك .
- إن رحمته سبحانه وتعالي مختلفة عن رحمة الإنسان فإن رحمة الإنسان غالبا ما تكون ممتزجة بالشفقة .
3635 - فرحمة المخلوق تكون ممتزجة بالشفقة إذن ، ورحمة الخالق مبرأة من الغم والحزن .
- فأعلم أيها الأب أن رحمة من لا مثيل له هي هكذا ، ولا يمكن أن تتصور إلا أثارها ! !
“ 312 “
الفرق بين معرفة الشئ بالمثال والتقليد ومعرفة ماهية هذا الشئ
- إن اثار رحمته وثمارها ظاهرة ، لكن متي يعرف - غيره سبحانه - ماهيتها .
- ولا يعرف أحد مطلقا ماهيات أوصاف الكمال اللهم إلا بالآثار والمثال .
- إن الطفل لا يعرف ماهية الجماع ، إلا أن تقول له : إنه كالحلوي بالنسبة لك .
3640 - ومتي تكون ماهية لذة الجماع مثل الحلوي أيها السيد المطاع ؟
- لكن ذلك العاقل مثل لك المتعة ما دمت كالطفل - وذلك حتى يعرفها الطفل بالمثال ، إن لم يعرف الماهية وعين الحال .
- إذن فإن قلت أعلم ، فالأمر ليس ببعيد ، وإن قلت : لا أعلم فقولك ليس كذبا وبهتانا .
- وإذا سألك أحد : هل تعرف “ نوحا “ ؟ رسول الحق ذلك ونور الروح .
3645 - فإذا قلت : كيف لا أعرفه وذاك القمر ، أكثر شهرة من الشمس والقمر .
- والأطفال الصغار في الكتاتيب ، وأولئك الأئمة جميعا في المحاريب .
- يقرأون أسمه عيانا في القرآن ، ويرددون سيرته بفصاحة من “ كتب “ الماضين .
- فأنت صادق إذ تعرفه من وصفه ، بالرغم من أن ماهية نوح لم تكشف لك .
- وإذا قلت : أي علم لي بنوح ، إنما يعرفه من هو مثله أيها الفتي .
3650 - إنني نملة عرجاء فأي علم لي بالفيل، ومتي “ يتأتي “ للبعوضة أن تعرف إسرافيل؟ .
- فهذا الكلام أيضا صدق . . لأنك لم تعرف ماهيته يا هذا .
“ 313 “
- والعجز عن إدراك الماهية يا عماه ، حالة العامي فلا تتحدث علي الإطلاق .
- وذلك أن الماهيات وأسرار أسرارها ، تكون أمام عيون الكاملين عيانا .
- فأي شئ أكثر بعدا عن الفهم والاستبصار ، من سر الحق وذاته ؟
3655 - وما دام “ هذا السر “ لا يخفي عمن أذن لهم ، فأي ذات وأي صفات تبقي في الخفاء ؟
- إن عقل البحث يقول : إن هذا أمر عميق بعيد “ الغور “ ، وهو بدون تأويل محال فقلل الاستماع إليه .
- فيرد القطب قائلا : يا واهن الحال ، أهناك محال يأتيك فوق حالك ؟
- والواقعات التي كشفت لك الآن ، ألم تكن تبدو لك في البداية محالا ؟
- وما دام الحق قد حررك من السجون العشرة ، فلا تجعل التيه حبسا ظالما لك “ 1 “ .
الجمع والتوفيق بين النفي والإثبات لشئ واحد عن
طريق النسبة وإختلاف الجهة
3660 - إن نفي الشيء الواحد وإثباته في الوقت نفسه “ أمر جائز “ ، فعندما تختلف الوجهة تكون النسبة اثنتين .
- فاية “ ما رميت إذا رميت “ من وجهة نظر النسبة ، نفي وإثبات وكلاهما قائم .
- إنك قد رميت إذا إن الأمر قد تم علي يدك ، وأنت “ ما رميت “ إذ إن القوة من الله سبحانه وتعالي .
.....................................................................
( 1 ) ج / 8 - 466 : وما دمت قد وجدت الخلاص من مائة بلاء مر ، فلا تجعل الفقر عليك عناء ونصبا
- وخذه هونا حتى لا يصير بالنسبة لك مشكلة صار السكر سما قاتلا لك فامض نحو بحثك يا أبا الحسن يكفي لهذا الكلام نهاية يا عزيزي .
“ 314 “
- وقوة الآدمي ذات حدود ، ومتي كان لقبضة تراب هزيمة جيش ؟
- إن القبضة قبضتك والرمي منا ، ومن هنا يجوز إثباتها ويجوز نفيها .
3665 - يعرفون الأنبياء أضدادهم ، مثلما لا يشتبه أولادهم “ 1 “ .
- “ نعم “ ، إنهم يعرفونهم كما يعرفون أبناءهم ، يعرفهم أولئك المنكرون بمائة دليل ومائة علامة .
- لكنهم يخفون هذه المعرفة حقدا وحسدا ، ويتظاهرون بأنهم لا يعرفون .
- وما دام يعرف هذا الأمر ، كيف قيل في موضع اخر : لا يعرفهم غيري فذر الحديث “ عنهم “ جانبا .
- إنهم تحت قبابي كامنون ، لا يعرفهم إلا اللَّه سبحانه وتعالي وعن تجربة وامتحان .
3670 - فافترض هذا الموضوع أيضا علي سبيل النسبة ، كما “ تفترض “ أنك تعرف نوحا ولا تعرفه “ 2 “ .
مسألة فناء الدرويش وبقائه
- قال قائل : ليس في الدنيا درويش ، وإن كان ثم درويش فليس بدرويش .
- فهو “ باق “ من ناحية بقاء ذاته ، لكنه أفني صفاته في صفات الحق .
- مثل شعلة الشمعة أمام الشمس ، تكون فانية لكنها موجودة في الحساب .
- وتكون ذاتها موجودة بحيث إنك عندما تضع قطعة من القطن “ عليها “ تحترق من لهبها .
......................................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
( 2 ) ج / 8 - 472 : وكثير من أمثال هذا ورد في الخبر ، يمكن يا عزيزي أن يكون بالنسبة معتبرا .
" 315 "
3675 - وتكون فانية فهي لا تمنحك ضياء ، إذ تكون الشمس قد أفنتها "في نورها " .
- وعندما تضع في مائتي “ من “ من الشهد أوقية واحدة من الخل وتذيبها فيها .
- لا تجد طعم الخل موجودا عندما تتذوق الشهد ، لكن هناك أوقية زائدة عندما تزن " الشهد " .
- وأمام أحد الأسود فقد أحد الغزلان الوعي، وصار وجوده محجوبا أمام وجود "الأسد ".
- وهذا هو قياس الناقصين في أمر الرب ، إنه يشبه غليان العشق وليس من ترك الأدب .
3680 - إن نبض العاشق ليقفز متزايدا بلا أدب ، فيضع نفسه في كفة واحدة مع المليك .
- فليس هناك من هو أقل أدبا منه في العالم ، لكن ليس في الحقيقة من هو أكثر منه تأدبا .
- فاعتبر هذين الضدين : مؤدب أو بلا أدب علي سبيل النسبة أيضا أيها المنتجب .
- إنه بلا أدب عندما تنظر نظرة ظاهرية ، فدعوي العشق عنده مطامنة “ لمن لا يطامن “ ! !
- وعندما تنظر نظرة الباطن فأين الدعوى : إنه ودعواه فانيان أمام ذلك المليك ! !
3685 - وفي عبارة “ مات زيد “ إذا كان زيد فاعلا ، إنه ليس بالفاعل إنه مجرد عاطل ! !
- إنه حقيقة - من الناحية النحوية - فاعل ، وإلا فهو “ في الحقيقة “ مفعول به والموت قاتله .
- فأي فاعل هذا الذي صار مهزوما هكذا ، بحيث انتفت عنه كل الأفعال
“ 316 “
[ قصة وكيل صدر جهان ]
قصة وكيل صدر جهان الذي أتهم وهرب من بخارى خوفا على حياته ،
ثم جذبه عشقه مسحوبا على وجهه ذلك أن أمر الروح
يهون على العاشقين
- في بخاري اتهم عبد لصدر جهان ، فاختفي بعيدا عن أنظار “ صدره “ هذا .
- وساح شريدا طيلة عشر سنوات ، حينا في خراسان وحينا في قوهستان وحينا في رشت .
3690 - وبعد هذه السنوات العشر صار مهدودا من الاشتياق ومن مكابدة أيام الفراق .
- فقال : لم يتبق لي طاقة علي بعد ، وكيف يستطيع الصبر أن يطفئ “ لواعج “ الاستئصال .
- فمن الفراق يسرع الخراب نحو هذه الأراضي ، ويصفر الماء ويصيد أسنا كدرا .
- والريح التي تنعش الأرواح تصير وخمة رتتحول إلي وباء ، والنار تصير ترابا ثم هباء .
- والحديقة التي تشبه الجنة تصير دار مرض ، تصفر أوراقها وتتساقط نحو الهلاك .
3695 - والعقل الدراك يصير من فراق الأحبة ، كأنه رام بالسهم قد كسر قوسه .
- وقد صار الجحيم هكذا محرقا من الفراق ، وصار الشيخ مرتعدا هكذا من الفراق ! !
- وإن تحدثت عن الفراق الذي هو كالشرر حتى القيامة ، فإن ما أقوله لا يزيد علي جزء من مائة ألف جزء .
“ 317 “
- إذن فلتقصر القول في وصف حرقته ، وقل : يا رب سلم ، يا رب سلم ، فحسب .
- وكل ما تصير فرحا منه في الدنيا ، فكر في فراقه “ في لحظة الفرح به نفسها “ .
3700 - فرب شخص فرح مما فرحت به ، ثم تسرب من يديه وصار كالهباء .
- وهو لا محالة سوف يتسرب منك فلا تعلق القلب به ، وفر أنت منه قبل أن يفر هو منك .
ظهور الروح القدس في صورة إنسان لمريم عليها السلام
بينما كانت عارية تغتسل ولجوءها إلى الله تعالى
- ومثل مريم عليها السلام ، قل قبل فوت المِلْك “ إني أعوذ بالرحمن منك “ .
- رأت مريم وجودا صوريا شديد الفتنة منعشا للروح سالبا للقلب بينما كانت في خلوتها .
- انبثق أمامها ذلك الروح الأمين فوق الأرض ، وكأنه القمر “ في بهائه “ والشمس معا .
3705 - أنبثق من لأرض جميلا بلا نقاب ، مثلما تنبثق الشمس من المشرق .
- وارتعدت فرائص مريم ، فقد كانت عارية ، وخافت من الغواية .
- ذلك أنه قد ظهر في “ صورة “ لو شاهدها يوسف عيانا ، لقطع يديه كما فعلت النسوة .
- وكالوردة نبت أمامها من الطين ، ، مثل خيال يطل من القلب .
- فغابت مريم عن وعيها ، وفي إغمائها ، قالت : إنني أفر وألجأ إلي حمي الله .
“ 318 “
3710 - ذلك انها اعتادت ، طاهرة الذيل تلك ، أن تلقي أحمالها عند الفرار علي الغيب .
- وعندما رأت الدنيا ملكا بلا قرار ، اتخذت بحزم حصنا من تلك الحضرة .
- وحتى يكون لها حصن عند الموت ، وكي لا يجد الخصم طريقا إلي مقصده .
- لم تر حصنا أفضل من ملاذ الحق ، فاختارت مفرا لها بالقرب من ذلك الحصن .
- وعندما رأت تلك النظرات المحرقة للعقل ، والتي كانت تصيب بسهامها الأكباد .
3715 - بحيث صار الملك وجيشه عبيدا لها ، وسادة الوعي صاروا بلا وعي أمامها .
- ومئات الآلاف من الملوك سقطوا في رقها ، ومئات الآلاف من البدور أضناهم النحول .
- ولا جرأة لكوكب الزهرة علي التنفس أمامها ، وعندما يراها العقل الكلي يكف عن الحديث .
- وماذا أقول ؟ لقد سمرني في مكاني ، ومنبع أنفاسه أحرق منبع أنفاسي ! .
- وأنا دخان لهذه النار، وأنا دليل علي وجودها، لا : حاشاه هذا المليك، “ باطل “ ما عبروا!!.
3720 - فلا يكون دليلا علي الشمس ، إلا نور الشمس الشامل الممتد ! ! .
- فماذا يكون الظل حتى يكون عليه دليلا ؟ إنما يكفيه أن يكون له ذليلا ! !
“ 319 “
- وكفاه جلاله دليلا صادقا عليه ، وكل الإدراكات من بعده فهو سابق “ عليها “ .
- وكل الإدراكات “ تسعي “ علي حمر عرجاء ، وهو بمثابة الراكب علي الريح المنطلقة كالسهم .
- فإن فر لا يلحق أحد بغبار جواد المليك، وإن فروا هم فإنه يأخذ عليهم الطريق “من نهايته“.
3725 - وليس لكل الإدراكات راحة أو هجوع ، إنه أوان المعركة وليس وقت الكأس .
- فذاك عابد لوهم ، يطير كالبازي ، واخر كالسهم يمزق ما ينفذ منه .
- والثالث كسفينة ذات شراع ، والرابع يسير القهقري في كل لحظة .
- وعندما يبدو لها صيد علي البعد ، تزيد تلك الطيور كلها في هجومها .
- وعندما يختفي “ هذا الصيد “ تزداد حيرتها وتطير كالبوم نحو كل خرابة .
3730 - وتنتظر بعين مغمضة وعين مفتوحة ، حتى يظهر ذلك الصيد المشتهي .
- وعندما يطول الانتظار تقول من الحزن والملال : عجبا ؟ ! أكان هذا صيدا أو خيالا .
- وأولي بها ، ومما تقتضيه المصلحة ، أن تسترد “ هذه الطيور “ قوتها وقدرتها من ساعة راحة .
- فإذا لم يكن ثم ليل لأحرق كل الخلق أنفسهم سعيا ودأبا وحركة .
- ولأهلك كل إنسان بدنه هوسا ، وحرصا من أجل جمع ما يستطيع جمعه “ من منفعة “ .
“ 320 “
3735 - ويحل بهم الليل كأنه كنز الرحمة ، حتى يخلصهم من حرصهم ساعة من الزمان .
- وعندما يحل بك القبض أيها السالك فهو صلاح لك ، فلا تكن محترق القلب “ من هذا القبض “ .
- ذلك أنك من البسط تكون في حال سعة وإنفاق ، ولكي ينفق المرء لا بد وأن يكون له دخل .
- ولو كان فصل الصيف علي البستان سرمدا ، وسطعت عليه دائما حرارة الشمس .
- لأحرقت منابته من الجذور ، بحيث لا تخضر ثانية تلك “ الجذور “ القديمة .
3740 - وبالرغم من أن شهر “ ديماه “ عابس إلا أنه مشفق ، في حين أن الصيف ضاحك لكنه محرق .
- وعندما يحل بك القبض فانظر فيه إلي البسط ، وكن متهللا ولا تقطب الجبين .
- فالأطفال ضاحكون ، والعلماء عابسون ، مثلما يكون الكبد في حزن وتكون الرئة في سرور .
- وعين الطفل تكون كما تكون عين الحمار مركزه علي معلف ، وعين العاقل دائما متأملة في حساب العاقبة .
- فذاك يري العلف دسما في المعلف ، وهذا يري لنفسه اخر الأمر من القصاب التلف .
3745 - وإن ذلك العلف الذي يضعه القصاب مر ، لأنه وضع “ من البداية “ نيرانا للحمنا .
- فامض وخذ غذاءك من الحكمة ، فقد أعطاها الله بلا غرض ، من محض العطاء .
“ 321 “
- وعندما قال لك الحق أيها السالك “ كلوا من رزقه “ فهمت أن المقصود هو الخبز “ ولم تفهم “ أنه الحكمة .
- ورزق الحق هو الحكمة في المقام الأول ، ذلك لأنها لا تأخذ بحلقك في نهاية الأمر .
- فإن أغلقت هذا الفم “ الذي في الجسد “ ، لا نفتح لك ذلك الفم الذي يأكل لقيمات السر .
3750 - وإن فطمت جسدك عن لبن الشيطان ، فإنك تأكل كثيرا من النعم بعد هذا العظام .
- لقد شرحت هذا الأمر نصف شرح كما يغلي الترك اللحم نصف غلية ، فاستمع إلي تمامه من الحكيم الغزنوي .
- إن حكيم الغيب ذاك وفخر العارفين ، يشرح هذا الأمر في “ إلهي نامه “ .
- لتغتم لكل إياك وخبز الذين يزيدون لك الغم ، لأن العاقل يقتات علي الغم ، لكن الطفل هو الذي يأكل السكر .
- وسكر السرور هو ثمرة بستان الحزن ، فهذا الفرح جرح وذلك الغم مرهم .
3755 - وعندما تصادف الغم احتضنه بعشق ، وانظر من فوق الربوة إلي دمشق .
- والعاقل يري الخمر في العنب ، والعاشق يري في المعدوم وجوداً .
- فأول أمس ، كان الحمالون يتشاجرون وبعضهم يقول للبعض الآخر ، لا تحمل هذا الحمل حتى أحمله أنا كالأسد .
- ذلك لأنهم كانوا يرون في هذا التعب نفعا ، فكان كل منهم يختطف الحمل من الآخر .
“ 322 “
- وأين أجر الله من أجر ذلك الذي لا قيمة له ، إن الله يعطيك أجرك كنزا ، والآخر يعطيك جزءا من الدانق .
3760 - إنه كنز الذهب الذي يكون معك عندما ترقد تحت التراب ولا تتركه من بعدك ميراثا.
- إنه يتقدم جنازتك مسرعا ، ويصير مؤنسا لك في القبر والغربة .
- ومن أجل يوم موتك ، كن ميتا في التو واللحظة ، حتى تصير نديما للعشق السرمدي .
- وأثناء ذلك الصبر تري من حجاب الاجتهاد ، الوجه كزهر الرمان كما “ تري “ جديلتي المراد .
- والحزن هو بمثابة المرأة بالنسبة للمجتهد ، وإلي جوار الضد تتجلي “ سمات “ الضد .
3765 - فبعد ذلك التعب يبدو ضده الآخر ويسفر عن وجهه أي البسط والعظمة والأبهة .
- وانظر إلي هذين الوصفين في قبضة يدك ، فبعد قبض الكف يأتي البسط يقينا .
- والكف إن كانت منبسطة علي الدوام أو منقبضة علي الدوام فهي كالمبتلاة ولا جدال .
- ومن هذين الوصفين ينتظم عملها وكسبها ، هي كجناح الطائر هذان الحالان مهمان له ولا زمان .
- وعندما اضطربت مريم لحظة من الزمن ، مثلما تنتفض الأسماك عندما توضع علي الأرض .
“ 323 “
قول الروح القدس لمريم : أنا رسول الحق إليك فلا تضطربى
ولا تحتجبى عنى فهذا هو الأمر .
3770 - صاح بها مظهر الكرم ، إنني أمين الحضرة فلا تجفلي مني .
- ولا تعاندي المتكبرين بالعزة ، ولا تحتجبي عن أولئك الطيبين الذين أذن لهم بالسر .
- هكذا كان يقول ، وشعاع من النور الطاهر ينبعث من فمه في أثر بعضه إلي السماء .
- أتهر بين من وجودي إلي العدم ؟ وأنا في “ عالم “ العدم ملك وصاحب علم ؟
- إن أمري وكسبي كله من العدم ، لكن صورتي فحسب هي التي توجد أمام السيدة العظيمة .
3775 - فانظري يا مريم ، إنني في صورة شديدة الإشكال ، إنني هلال ، وفي القلب خيال .
- وما دام خيال قد حل في قلبك واستقر ، حيثما تهربين يظل “ هذا الخيال “ معك .
- الهم إلا الخيال العارض الباطل ، الذي يكون كأنه الصبح الكاذب .
- وأنا كالصبح الصادق من نور الرب ، بحيث لا يحوم ليل أبدا حول نهاري .
- فهيا يابنة عمران ، ولا تحوقلي من وجودي ، فإنني جئت إلي هذا المكان من المكان نفسه الذي تلجئين إليه .
3780 - إن الاستعاذة هي أصل من أصولي وغذاء لي ، ونورها موجود فيّ قبل أن تتفوهي بها .
“ 324 “
- إنك تفرين مني إلي الحق ، وأنا مخلوق من ذلك الملجأ فيما سبق .
- وأنا الملجأ والملاذ الذي يكون مخلصا لك ، إنك تطلبين الملاذ مني وأنا الملاذ .
- ولا آفة هناك أسوأ من أن يكون المرء غافلا ، أنت إلي جوار الحبيب لكنك لا تستطيعين إبداء العشق له .
- ولا زلت تظنين أن الحبيب من الأغيار ، وتسمين الفرح “ بلقائه “ ترحا .
3785 - وهذا النخل الذي هو مظهر من مظاهر لطف الحبيب ، إنما يتحول إلي مشنقة لنا إن كنا لصوصا .
- وهذا المضمخ بالمسك الذي هو جديلة أميرنا ، ما دمنا بلا عقل ، فهو قيد لنا .
- وهذا اللطف الذي يجري في صورة نيل ، ما دمنا فراعنة فهو يتحول إلي نهر من الدم بالنسبة لنا .
- ويقوم الدم : إنني ماء فلا تسكبني ، وأنا يوسف وتعتبرني ذئبا يا كثير الجدل .
- ألست تري أن الحبيب الذي يتحمل “ قسوتك “ ، عندما تنقلب عدوا له ينقلب هو إلي حية بالنسبة لك .
3790 - إن لحمه وشحمه لم يتغيرا ، إن هذا السوء الذي حل به إنما يبدو من مظهره .
عزم ذلك الوكيل على الرجوع إلى بخارى بلا مبالاة من شدة عشقة
- أترك شمع مريم مشتعلا ، فإن هذا المحترق يمضي إلي بخاري .
- لقد نفد صبره إلي مالا نهاية ، فهو في تنور مضطرم النيران ، وهو يقول لنفسه أمض نحو صدر جهان ولذبه .
“ 325 “
- كانت بخاري هذه منبعا للعلم ، ومن ثم فكل من كان عارفا كان منسوبا إلي بخاري .
- وأنت أمام الشيخ كأنك في بخاري ، فلا تنظرن باحتقار إلي بخاري .
3795 - فإن جزره ومده الصعب لا يترك طريقا إلي بخاري قلبه إلا بإبداء الذلة والخضوع .
- وما أسعد ذلك الذي ذلت نفسه ، وويلاه لذلك الذي يرديه تمرده وعدم تسليمه .
- إن فرقة صدر جهان كانت قد مزقت كيانه إربا .
- فقال : لأنهضن ولأمضين إلي هناك ، فإن من قبيل الكفر أن أميل إلي مكان اخر .
- لأمضين إلي ذلك المكان ولأسقط أمامه ، أمام ذلك الصدر خير الفكر .
3800 - وسوف أقول له : لقد ألقيت بروحي أمامك ، فأحيها أو فاذبحني ذبح الشاة .
- إن القتيل والميت أمامك أيها القمر ، أفضل من ملك الأحياء في مكان اخر .
- لقد جربت الأمر آلاف المرات بل أكثر ، ولا أري عيشي حلوا بدونك .
-غن لي يا منيتي لحن النشور * ابركي يا ناقتي تم السرور
-ابلعي يا أرض دمعي قد كفي * اشربي يا نفس وردا قد صفا
3805 -عدت يا عيدي إلينا مرحبا * نعم ما روحت يا ريح الصبا” 1 “ .
- قال : وداعا أيها الرفاق ، إنني ماض نحو ذلك الصدر الذي هو أمير ومطاع .
- إن الحرقة تشويني شيا لحظة بعد لحظة ، إنني ماض إلي هناك وليكن ما يكون .
..............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
“ 326 “
- وبالرغم من أنه يجعل القلب كحجر الصوان ، فإن روحي ذاهبة إلي بخاري .
- إنها مسكن الحبيب ومدينة قلبي ، وهكذا يكون حب الوطن بالنسبة للعاشق .
سؤال معشوق لعاشقة السياح : أية مدينة من المدن وجدتها أجمل
وأكثر أنسا واحتراما وأوفى نعمة وأكثر شرحا للقلب
3810 - قال معشوق لعاشق : أيها الفتي ، إنك قد رأيت كثيرا من المدن .
- فأيها أجمل ؟ قال : تلك المدينة التي يكون فيها الحبيب .
- وحيثما كان هناك موضع مليكنا . . هو خلاء وإن كان سم خياط .
- وحيثما يكون يوسف كالقمر ، فهو جنة ولو كان قعر جب “ 1 “ .
منع الأصدقاء له من العودة إلى بخارى ، وتهديده وحديثه بلا مبالاة
- قال له ناصح : أيها الغافل ، فكر في العاقبة إن كنت ذا فضل .
3815 - وانظر إلي ما وراءك وما أمامك بعقل ، ولا تحرق نفسك كالفراشة .
- وعندما تمضي إلي بخاري فأنت مجنون ، خليق بك القيد وجديد ربك السجن .
- إنه يمضغ الحديد غضبا عليك ، ويبحث عنك ويطلبك بحثا لا حد له ! ! “ 2 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 8 - 520 : والجحيم معك جنة يا مزيدا للروح وبدونك يكون الورود والريحان نار جهنم
- وحينما تكون معي أكون سعيد القلب ، وإن كله منزلي قعر قبر وأعظم من الدارين أن أكون معك لقد طال هذا الكلام وعاشق صدر جهان ذارف للدموع من الانتظار .
( 2 ) حرفيا : يبحث عنك بعشرين عينا .
“ 327 “
- إنه يشحذ من أجلك سكينة ، كأنه كلب في قحط ، وأنت بالنسبة له جوال من الدقيق .
- فما دمت قد نجوت وأعطاك الله طريقا . . “ فكيف “ تمضي إلي السجن وماذا جري لك ؟ .
3820 - ولو أن خلفك عشرة أنواع من العسس ، للزمك عقل حتى تختفي عن أنظارهم .
- وما دام أحد قط لم يوكل “ بمطاردتك “ ، فمن أي شئ سد عليك الطريق من قدام ووراء ؟ .
- لقد كان العشق الخفي قد أسره ، ولم يكن ذلك النذير يري ذلك الموكل .
- ولكل موكل موكل خفي ، وإلا فمن أي شئ يكون “ المرء “ في إسار كلب الطبع ؟
- لقد حط غضب ملك العشق علي روحه ، وسد الطريق علي عذابه وافتضاحه .
3825 - إنه يضربه قائلا : هيا داوم علي ضربه ، وصراخي إنما يكون من أولئك العسس المختفين .
- إن كل من تراه ماضيا في الخسران ، إنما يمضي مع جلاد ، بالرغم من أنك تراه يمضي وحيدا .
- ولو كان واقفا علي وجوده لجأر بالشكوي ، وللجأ منه إلي سلطان السلاطين .
- ولحثا رأسه بالتراب أمام المليك ، حتى ينجيه من ذلك الشيطان المخوف .
- لقد رأيت نفسك أميرا يا أقل من نملة ، ولأنك لم تر ذلك الجلاد فأنت أعمي .
“ 328 “
3830 - وقد أصابك الغرور بهذا الجناح والقوادم المزيفين ، فهما جناح وقوادم يجرانك إلي الوبال .
- فإن ذلك الذي يملك جناحا خفيفا يطير به إلي الأعالي ، وعندما يصير ملوثا بالطين ، فإنه يبدي أنواع الأثقال “ 1 “ .
.
يتبع