منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:25 am

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور على مدونة عبدالله المسافر بالله

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور
- لقد ظفر اللص بسيد ما وسرق ذهبه ، وبينما كان مشغولا بهذا وصل الوالي .
 
4565 - ولو أنه هرب من السيد ذلك الزمان ، فإن الوالي كان سيحرش خلفه الأعوان .
- كان نصر اللص هزيمة له ، ذلك أن نصره هذا اختطف رأسه .
- كان نصره علي السيد فخاله ، وذلك حتى يصل الوالي ويأخذ القود .
 
“ 390 “
 
- فيا من قد انتصرت علي الخلق في الوغي ، وانهمكت في القتال والغلبة .
- لقد جعله “ اللّه “ مهزوما لَكَ عن قصد وعمد ، حتى يجرك في نفس حلقته .
 
4570 - فهيا وأقصر العنان عن مطاردة هذا المهزوم ، ولا تسق - في هذا الأمر - حتى لا تصير هالكا .
- فما داموا قد جذبوك بهذا الحيلة إلي الشبكة ، فسوف تري الهجوم عليك “ فيما بعد “ في الزحام .
- ومتي صار العقل سعيدا بهذا النصر ، ما دام قد رأي في انتصاره الفساد .
- إن العقل الذي يري العاقبة حاد البصر ، ذلك أن الله تعالى قد كحله من كحله .
- لقد قال الرسول عليه السلام : إن أهل الجنة ضعفاء في الخصومة وهذا من فضلهم .
 
4575 - وهذا من كمال الحزم وسوء الظن عندهم ، لا نقصا أو خوفا أو ضعفا في الدين .
- لقد سمعوا عن إظفار عدوهم بهم من السر كلمة “ لولا رجال مؤمنون “ .
- وإن كف الأيدي عن الكفار الملاعين ، قد فرض من أجل خلاص المؤمنين .
- فأقرأ قصة عهد الحديبية ، واعلم منها المعني الصحيح ل “ كف أيديكم “ .
 
 
“ 391 “
  
- إنه - عليه السلام - حتى في نصره هذا، قد رأي نفسه مغلوبا بشراك الكبرياء “1” .
 
4580 - فقال : لست من أجل هذا أضحك ، أي من أجل أغلالكم أو لأنني ظفرت بكم فجأة .
- إنني أضحك لأنني بالقيود والأغلال . . . أجركم إلي رياض أشجار السرو والورود .
- فيا عجبا ، إنني من النار التي لا مفر منها أتي بكم مغلولين مقيدين إلي الرياض .
- إنني أجركم من الجحيم إلي الخلد ، وأنتم مقيدون بالقيد الثقيل .
- وكل مقلد في هذا الطريق طيبا كان أو شريرا ، يجر مقيدا هكذا إلي الحضرة الإلهية .
 
4585 - وكلهم يمضون في هذا الطريق وهم في قيود الخوف والابتلاء اللهم إلا الأولياء .
- إنهم يتحملون هذا الطريق كأنه السخرة ، اللهم إلا أولئك الذين وقفوا علي أسرار الأمر .
- فجاهد حتى يتألق منك النور ، وحتى يهون عليك السلوك والطاعة .
- إنك تحمل الأطفال إلي المكتب بالإجبار ، ذلك أنهم يجهلون فوائده .
- وعندما يفهمون هذه الفوائد يسرعون إلي المكتب ، وتتفتح أرواحهم من هذا الذهاب .
 
4590 - إن الطفل يذهب إلي المكتب متعثرا وباعوجاج ، لأنه لم ير شيئا قط أجرا لعمله .
- وعندما تضع “ دانقا “ في كيسه تشجيعا له ، لا ينام الليل أنذاك وكأنه اللص .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 198 : ولقد جاءه الخطاب ب “ ما رميت إذ رميت “ وتحير ، والله أعلم الصواب .
 
“ 392 “
  
- فجاهد حتى يصلك أجر الطاعة ، فتبدأ أنذاك في حسد المطيعين .
- إن “ ائتيا كرها “ قد نزلت في من كان مقلدا ، أما “ ائتيا طوعا “ فهي لمن عجنوا بالصفاء .
- فهذا محب للحق من أجل علة ، والآخر - دون غرض في نفسه - يكون في خلة .
 
4595 - هذا يحب المرضعة من أجل ما يرضعه منها من لبن ، وذاك ضحي بقلبه من أجل تلك السيدة .
- والطفل لا خبر لديه عن حسنها ، ولا غرض لقلبه منها إلا في لبنها .
- أما الثاني فهو عاشق للمرضعة نفسها ، وهو ثابت على عشقه لها دون غرض .
- ومن هنا ، فمحب الحق على الرجاء أو الخوف ، إنما يقرأ دفتر التقليد عند الدرس .
- وأين ذلك المحب للحق من أجل الحق و “ أين ذلك “ الذي يكون منفصلا عن العلل والأغراض ؟
 
4600 - لكن لما كان هذا وذاك طالبين للحق ، فإن جذب الحق يجذبهم إليه .
- سواء كان محبا للحق من أجل غيره ، ولكي ينال دائما من “ بره “ وخيره . .
- أو محبا للحق لعينه لا سواه خائفا من بينه .
- وكل هذا السعي عند كليهما هو ذلك السبب ، أي انشغال القلب بذلك المحبوب .
 
“ 393 “
 
جذب المعشوق للعاشق من حيث لا يعلمه العاشق ولا يرجوه
ولا يخطر بباله ولا يظهر في ذلك الجذب أثر في العاشق
إلا الخوف الممزوج باليأس مع دوام الطلب
 
- ها نحن أولياء أتينا إلي هذا الموضع ، إنه بالرغم من أنه لم يكن عند صدر جهان جذب لذلك العاشق في السر .
 
4605 - متي كان صبره إذن ينفد من الفراق ؟ ومتي كان يعود مسرعا نحو الموطن ؟
- إن ميل المعشوقين خفي ومستور ، وميل العاشقين ذو مائة طبل ونفير .
- وهناك حكاية “ تساق “ اعتبارا في هذا المجال ، لكن البخاري قد نفد صبره في الانتظار .
- فلنترك قصها إذن ، فهو في بحث وسعي ، حتى يري وجه محبوبه قبل أن يوافيه الأجل .
- وحتى ينجو من الموت ، ويجد منه النجاة ، ذلك أن رؤية الحبيب هي ماء الحياة .
 
4610 - وكل من لا تدفع رؤيته الموت ، لا هو بحبيب ، ولا هو بزاد أو ثمر .
- فالحب هو ذلك الحب أيها المشتاق الثمل ، الذي لو حاق بك الموت فيه يكون حلوا .
- فلقد صارت أمارة صدق الإيمان أيها الفتي هي أن يحلو لك الموت فيه .
- وإن لم يكن إيمانك هكذا أيها العزيز ، فلست بكامل فامض وأبحث عن كمال الدين .
 
“ 394 “
 
- وكل من كان في أثرك محبا للموت ، وكان غير مكروه من قلبك فهو حبيب .
 
4615 - وما دامت الكراهية قد انتفت “ عن الموت “ فهو ليس بموت ، إنه صورة الموت ، لكنه انتقال .
- وعندما تنتفي الكراهية يصير الموت نفعا ، ومن ثم يصح أن يكون الموت دفعا “ للأجساد والصور “ .
- والحبيب علي وجه الحقيقة هو الحق ، وذلك الذي قال لك “ أنت لي وأنا لك “ .
- واستمع الآن ، فها هو ذا العاشق “ البخاري “ يصل ، وقد شد العشق وثاقة بحبل من مسد .
- وعندما أبصر وجه صدر جهان ، كأنما طار من جسده طائر الروح .
 
4620 - أنهدّ جسده وسقط كأنه الخشب اليابس ، وسرت فيه البرودة من مفرق الرأس إلي أخمص القدم .
- ومهما أحرقوا من بخور أو رشوا “ علي وجهه “ ماء ورد ، لم يتحرك ولم ينبس ببنت شفة .
- وعندما رأي الملك وجهه الشبيه بالزعفران ، ترجل عن مطيته ومشي صوبه .
- وقال : إن العاشق يبحث عن المعشوق بقلق وجد ، وعندما وجد المعشوق ذهب ذلك العاشق .
- إنك عاشق للحق ، وعندما يتجلى الحق فإنه لا يبقي منك شعرة واحدة .
 
4625 - إن مائة مثلك فانون أمام تلك النظرة ، إنك عاشق لنفي ذاتك أيها السيد .
 
“ 395 “
 
- إنك ظل وعاشق للشمس ، وعندما تسطع الشمس ، لا غرو أن الظل يفر مسرعا “ 1 “ .
 
تظلم البعوضة من الريح لحضرة سليمان عليه السلام
 
- لقد جاءت البعوضة من الرياض والأعشاب ، إلي محضر سليمان عليه السلام متظلمة له .
- وقالت : يا سليمان إنك تنشر العدل بين الشياطين والإنس والجن .
- والطيور والأسماك في حمي عدلك ، ومن هو ذلك الضال الذي لم يبتغ فضلك ؟
 
4630 - فأنصفنا ، إنا شديد والمسكنة ، ونحن بلا نصيب من البساتين والرياض .
- وإن مشكلات كل ضعيف لها منك الحل ، والبعوضة في حد ذاتها مثل في الضعف .
- إن شهرتنا في الضعف وانكسار الجناح ، مثل شهرتك في اللطف ورعاية المساكين .
- ويا من أنت في منتهي درجات القدرة ، نحن في منتهي النقصان والضعف .
- فأنصفنا وخلصنا من الغم ، وخذ بأيدينا يا من يدك هي يد الله تعالى .
 
4635 - فقال سليمان : يا طالب الإنصاف ، ممن تطلب العدل والإنصاف ؟
- فقل لي : من ذلك الظالم الذي خمش وجهك من كبريائه وعنجهيته ؟
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 217 : وعندما يطل قرص الشمس من المشرق ، لا يبقى من الليل أو من النجم أثر ، وعندما يدخل العشق قلبا ، يلقي العقل بمتاعة خارجا . مثل أسد شرب مع غزال مرتين أو أربع ، فغاب الغزال عن الوعي وسقط ، مثل بعوضة أمام ريح عاتية ، فافهم الله أعلم بالسداد .


“ 396 “
 
- عجبا : أين هو الظالم في عهدنا وليس في سجننا أو مقيدا في أغلالنا ؟
- ذلك أن الظلم قد مات يوم ولدنا فمن الذي زاول الظلم في عهدنا إذن ؟
- وعندما ظهر النور انمحت الظلمة ، فالظلمة هي أصل الظلم وعضده .
 
4640 - والشياطين الآن تقوم بالكسب والطاعة ، وآخرون منهم مصفدون بالأغلال .
- وأصل ظلم الظلمة من الشيطان ، والشيطان مصفد في الأغلال فكيف ظهر الظلم ؟
- لقد أعطانا الله الملك بأمر “ كن “ فكان ، وحتى لا يضج الخلق بالشكوي نحو السماء .
- وحتى لا يصعد دخان “ قلوب المظلومين “ إلي الأعالي ، حتى لا تضطرب الأفلاك ونجوم السها .
- وحتى لا يهتز العرش من أنين اليتيم ، وحتى لا تصاب روح بالسقم من الظلم .
 
4645 - ومن هنا فقد أقمنا شريعة في الممالك ، حتى لا ترتفع إلي الفلك صيحة “ يا ربي “ .
- فلا تنظر أيها المظلوم نحو السماء ، فإن لك الآن ملكا سماويا .
- قالت البعوضة : إن شكواي من الريح التي مدت كلتا يدي ظلمها علينا .
- ولقد ضقنا ذرعا من ظلمها ، ونعاني فيها الويلات بأفواه صامتة “ 1 “ .
 
أمر سليمان عليه السلام البعوضة المتظلمة
بإحضار الخصم إلى ديوان الحكم
 
- فقال سليمان : يا جميلة الخطي ، ينبغي عليك أن تسمعي منصتة إلي أمر الحق .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 220 : فظلمها علينا صريح وواضح للعيان ، ولا حيلة لا لنا إلا الشكوي ، فخذ بحقنا منها وأنصفنا ، أيها الكريم العادل يا من طبعك الإكرام .
 
“ 397 “
 
4650 - فقد قال الحق : أحذر أيها الحكم أن تسمع من خصم دون أن تسمع إلي الخصم الآخر .
- وما لم يحضر الخصمان معا ، فإن الحق لا يظهر للحاكم .
- ولو أتي أحد الخصوم بمائة تضرع ، فحذار حذار أن تأخذ قوله “ مأخذ الجد “ دون وجود خصمه .
- وأنا لا أجرؤ علي عصيان الأمر ، فأذهبي وأحضري خصمك إلي .
- فقالت : إن قولك صحيح ذو برهان ، وخصمي هو الريح وهو تحت أمرك .
 
4655 - فصاح ذلك الملك : يا ريح الصبا ، لقد شكت البعوضة إلي من ظلمك فأقبلي .
- هيا قفا متقابلين أنت والخصم ، وأجيبي عليه وأدفعي عنك العدو .
- وعندما سمعت الريح جاءت علي وجه السرعة ، فهمت البعوضة بالفرار .
- فقال سليمان إلي أين أيتها البعوضة ؟ انتظري حتى أقضي بينكما .
- فقالت : أيها الملك : أن موتي من وجودها ، لقد أسود يومي هذا من دخانها .
 
4660 - وما دامت قد حضرت كيف أجد القرار ، إنها تخرب بنياني من أساسه .
- وهكذا يكون الباحث عن العتبة الإلهية ، عندما يتجلى الإله يصير هو فانيا .
- وبالرغم من أن ذلك الاتصال بقاء خالص ، لكن ذلك البقاء متوقف في البداية علي الفناء .
- والظلال التي تكون باحثة عن النور ، تنعدم عندما يظهر لها ذلك النور .
 
“ 398 “
 
- فمتي يبقي العقل عندما يطل هو ،كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ.
 
4665 - إنما يهلك أمام وجهه الوجود والعدم ، والوجود في العدم أمر طريف في حد ذاته .
- وفي هذا المحضر تاهت العقول ، وعندما وصل القلم إلي هنا انكسر
 
ملاطفة المعشوق للعاشق الغائب عن الوعي حتى يعود إلى وعيه
“ 1 “
- أخذ صدر جهان يعيده إلي وعليه رويدا دويدا صدر “ بحلو “ بيانه .
- وهمس الملك في أذنه : أيها الشحاذ ، لقد جئت بالذهب نثارا لك فافتح حجرك “ 2 “ .
- فكيف فرت روحك التي كانت تخفق في فراقي عندما أتيت لنجدتها ؟
 
4670 - يا من رأيت في فراقي الحلو والمر ، عد إلي وعيك من إغمائك . . . عد .
- إن طائرا منزليا يصطحب جملا مضيفا إياه في منزله لقليل العقل .
- ذلك أن الجمل عندما وضع خفه في كن الطائر ، خرب المنزل وسقط السقف .
- إن كن الطائر هو وعينا وعقلنا ، ووعي صالح طالب لناقة الله .
- وعندما أطلت الناقة في مائة وطينه ، لم يبق الطين هناك ولم تبق روحه أو قلبه .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 229 : لأعد صوب صدر جهان وملاطفته لعاشقه في السر .
( 2 ) ج / 9 - 229 : وأمسك به ووضع رأسه إلي جواره ، وهو يذرف الدموع الندية .
 
“ 399 “
  
4675 - لقد جعل فضل العشق الإنسان فضوليا ، وهو من تزيده هذا ظلوم جهول .
- إنه جهول وفي هذا الصيد الصعب يعانق الأرنب أسدا .
- فمتي كان له أن “ يجرؤ “ علي عناق الأسد ، إذا كان قد رأي الأسد وعرفه ؟
- إنه ظالم لنفسه ولروحه ، فانظر إلي الظلم الذي يختطف الكرة من أنواع العدل ؟
- إن جهله أستاذ للعلوم ، وظلمه قد صار رشادا لأنواع العدل .
 
4680 - أخذ بيده وقال : إن نفسه المسلوب إنما يعود إليه عندما أهبه أنا النفس .
- وما دام يحيا بي هذا الميت الجسد ، فإنها تكون روحي تلك التي تتجه إلي .
- وإنني لأجعله من هذه الروح ذا حشمة وجاه ، وتري الروح التي أهبها عطيتي .
- إن الروح التي لم يسمح لها لا تري وجه الحبيب ، إنما تراها تلك الروح التي يكون أصلها من حيه .
- إنني كالقصاب أنفخ هذا الصديق ، حتى يترك لبه اللبيب ذاك الجلد .
 
4685 - وقال : أيتها الروح الخائفة من البلاء ، لقد فتحنا باب وصالنا فتفضلي 
- يا من ذاتنا غيابك عن الذات وسكرك ، يا من وجودك دائما من وجودنا .
- إنني في هذه اللحظة ، وبلا شفة ، أكشف لك الأسرار القديمة وأولا بأول فاستمع إليها .
- ذلك أن الشفاه تفر من هذا النفس ، وتنقتح علي حافة الجدول الخفي .
- فافتح الأذن التي بلا أذن في هذا النفس ، من أجل سر “ يفعل الله ما يشاء “
 
“ 400 “
 
4690 - وعندما سمع نداء الوصل ، أخذ الميت يتحرك قليلا قليلا .
- إنه ليس أقل من التراب ، الذي من أفتنانه برياح الصبا ، يرتدي “ وشاحا “ أخضر ويطل برأسه من العدم .
- وليس أقل من النطفة التي من الخطاب ، تلد أمثال يوسف الصديق بوجوه كالشمس .
- وليس أقل من الريح التي من أمر “ كن “ تصير في الرحم طاووسا وبلبلا حلو التغريد . “ 1 “
- وليس أقل من الجبل الصخري الذي ولد ناقة كأنها مولودة من ناقة أخري .
 
4695 - ودعك من هذا كله ، أليس أصل العدم ذاك ولد عالما ويلده لحظة بلحظة ؟
- فقفز واهتز ودار دورتين بفرح شديد ، ثم انكب على وجهه ساجدا .
 
عودة العاشق المغمى عليه إلى وعيه واتجاهه إلى
شكر المعشوق والثناء عليه .
 
- قال : يا عنقاء الحق يا مطافا للروح ، الشكر “ لله أنك قد عدت من جبل قاف “ . “ 2 “ .
- يا إسرافيل أوان قيامه العشق ، ويا من أنت عشق للعشق ويا منية العشق .
- إن أول خلعة أريد منك أن تخلعها علّي ، إنني أريد أذنا تضعها علي كوتي .
 
4700 - فبالرغم من أنك تعلم حالي ، بصفوة قلبك ، فاستمع إلي أقوالي يا راعيا لعبيدك ؟
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 230 : وليس أقل من النار التي في أمر السلام ، صارت روضة على الخليل حلو الكلام . 
وليس أقل من قطعة الخشب التي دفعا للعدو ، صارت حبة منكرة من أمرة .
( 2 ) ج / 9 - 238 : وتهلل من وجهه وصار سعيداً ، وفي الوصال تحرر من قيد الهجر
  
“ 401 “
 
- ومئات ألاف المرات - أيها الصدر الفريد - قد طار مني الوعي رغبة في سمعك .
- إن سمعك ذاك وإصغاءك لي ، وهذه البسمات التي تطيل العمر .
- وذلك الإنصات لما أقوله قل أو كثر ، هو فتنة لروحي سيئة الظن .
- إن زيفي الذي تعلمه جيدا قد قبلته أنت كأنه النقد الصحيح .
 
4705 - ومن أجل جريء وقح مغرور “ مثلي “ ، تتضاءل الأحلام إلي جوار حلمك وتصير كذرة الهباء .
- فأعلم أولا أنني عندما تخلصت من شصك ، فر من أمامي كل ما هو أول وآخر .
- واسمع ثانيا أيها الصدر الودود ، لقد طوفت كثيرا وبحثت ولم يكن لك ثان ! !
- وثالثا : إنني عندما خرجت عن معيتك ، فكأنني قلت : ثالث ثلاثة .
- ورابعا : لما كانت مزرعتي قد احترقت ، فإنني لا أعلم الخامسة من الرابعة “1” .
 
4710 - وحيثما تجد دماء “ مسكوبة “ علي التراب ، فاعلم علي وجه اليقين أنها من عيوننا .
- إن قولي بمثابة الرعد وهذا الصوت والحنين ، يريد سحابا حتى يمطر علي الأرض .
- إنني حائر بين الحديث والبكاء ، أبكي أم أتحدث ، “ رباه “ ما ذا أفعل ؟
- فإن تحدثت فاتني البكاء ، وإن بكيت فكيف أفصح عن الشكر والثناء ؟
- إن الدم يتساقط من المأقي أيها الملك ، فأنظر إلي ما سال من مأقى ؟
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 238 : وخامسا في هجرك يا صدر جهان ، كتب في خسارة حتى من حواسي الخمسة . 
وسادسا بدون وجهك ، كان الحزن يمطر على من الجهات الستة .
ولا أدري السابع من الثامن فقد تهت ، ويبكى الفلك علي دما .
 
“ 402 “
  
4715 - قال هذا وانخرط في البكاء ذلك النحيل ، حتى بكي عليه الوضيع والشريف .
- وانطلق من قلبه العديد من صيحات الوجد ، فتحلق حوله كل أهل بخاري .
- فهو متحدث كيفما اتفق ، باك كيفما أتفق ، ضاحك كيفما اتفق ، فاندهش الرجال والنساء والصغار والكبار ! !
- وصارت المدينة بأجمعها مشاركة إياه ذرافة الدمع ، واختلط الرجال بالنساء وكأنها القيامة .
- وكانت السماء تقول في تلك اللحظة للأرض ، إن لم تكوني شهدت القيامة فانظري إليها .
 
4720 - والعقل حائر : أي عشق هذا وأي حال ؟ أفراقه أعجب أم هذا الوصال ؟
- وتلا الفلك كتاب القيامة ، حتى مزقت المجرة ثيابها !
- إن العشق ذو غربة عن العالمين ، والاثنان والسبعون “ مذهبا “ فيه من قبيل الجنون .
- إنه خفي جدا لكن حيرته بادية ، وأرواح سلاطين الروح في حسرته .
- ومذهبه غير الاثنين والسبعين مذهبا ، وعروش الملوك “ إلي جواره “ مجرد جبيرة ساق .
 
4725 - إن مطرب العشق يتغني بهذا وقت السماع ، العبودية قيد والسيادة صداع .
- إذن فماذا يكون العشق ؟ إنه بحر العدم ، لقد حطمت العقل هنا القدم .
- صارت العبودية والسلطنة معلومتين ، وعن هذين الحجابين كتم العشق .
- وليت الوجود كان ذا لسان ، حتى يرفع الحجب عن الموجودات .
 
“ 403 “
  
- وكل ما تقوله يا نفس الوجود عن الوجود ، اعلم أنك قد وضعت به حجابا اخر عليه .
 
4730 - إن آفة الإدراك هو ذلك المقال والحال ، وغسل الدم بالدم محال محال .
- وأنا لما كنت صفيا للهائمين فيه ، فإنني أنفخ ليل نهار ، لكن في قفص .
- إنك ثملة جدا غائبه عن الوعي مضطربة أيتها الروح ، فعلي أي جنب كنت نائمة ليلة الأمس ؟
- انتبه انتبه وحذار أن تفيض بنفس ، انهض أولا وأطلب من سمح له “ به “ ! !
- عاشق وثمل وفاتح فاك متحدثا ؟ الله . . . الله . . . جمل علي قناة ! !
 
4735 - وعندما يتحدث اللسان عن سره وعن لطفه ، تتلو السماء قائلة : يا جميل الستر .
- أي ستر ؟ والنار في صوف وقطن ، مهما تخفيها تكون أكثر ظهورا .
- وكيف أسعي في إخفاء سره ؟ وهو يطل كالعلم قائلا : هأنذا .
- إنه يأخذ رغم أنفي بكلتا أذني قائلا : أيها الغبي ؟ كيف تخفيه ؟ اخفه إذن ! !
- أقول له : إمض ، فالبرغم من أنك في غليان ، إلا أنك كالروح خفي وظاهر .
 
4740 - فيقول : إن جسدي هذا محبوس في دن ، لكني أصفر كالخمر في محفل ! !
- أقول له : إمض قبل أن تسقط في الأسر ، إمض حتى لا تحيق بك آفة السكر ! !
- يقول : إن شربي من الكأس للطيف ، وهي رفيقة نهاري حتى صلاة المغرب .
 
“ 404 “
  
- وعندما يأتي المغرب ويسرق مني الكأس ، أقول له : أعدها إلي فلم يأت مغربي بعد .
- ومن هنا سمي العرب الخمر بالمدام ، ذلك أن شاربها لا يشبع من شربها علي الدوام .
 
4745 - إن العشق ينضج خمر التحقيق ، ويكون “ هو “ الساقي الخفي للصديق .
- وعندما تبحث أنت بالتوفيق الحسن ، تكون الخمر هي ماء الروح والإبريق هو الجسد .
- وعندما تزيد في خمر التوفيق ، فإن قوة الخمر تكسر الإبريق .
- يتحول الماء إلي ساق ، ويثمل بالماء ، ولا تقل لي كيف ؟ الله أعلم بالصواب .
- إن شعاع الساقي هو الذي انصب في العقار ، فغلي العقار وصار رجراجا متماسكا .
 
4750 - فسل في معني هذا ذلك المتحير ، فمتي كنت قد رأيت العقار بهذا الشكل ؟
- وفي رأي كل عالم بداهة أن كل متحرك يلزمه محرك ما .
 
حكاية عاشق طويل الهجران وكثير الامتحان
 
- كان أحد الشباب قد جن “ 1 “ “ عشقا “ بامرأة ، ولم تكن أيام الوصول تمد يدها له .
- فعذبه عشقه هذا فوق الأرض ، فلماذا يكون العشق في بدايته “ في عذاب “ الحقد ؟
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 252 : كان أحد الشاب قد عشق امرأة ، فقضي الليل والنهار دون أكل أو نوم . 
صار مسلوب القلب مضطربا ومجنونا ثملا ، ولم تكن أيات الوصل تمديدها له
 
“ 405 “
  
- لماذا يكون العشق في البداية دمويا ؟ بحيث يهرب منه كل من يكون خارج حلقتنا ؟
 
4755 - وعندما كان يرسل رسولا إلي المرأة ، كان الرسول يتحول حسدا إلي حائل بينه وبينها .
- وعندما كتب لها كاتبه خطابا ، كان نائبها يقرأ الخطاب مصحفا .
- وإن أرسل الصبا رسولا في الوفاء ، كان ذلك الصبا يظلم من “ كثرة ما يحمله “ من غبار .
- وإن أرسل رقعة علي جناح طائر ، كان جناح الطائر يحرق الرقعة من حرارته .
- لقد سدت الغيرة طريق الحيلة ، وكسرت راية عسكر الفكر .
 
4760 - كان الانتظار يسري عنه في البداية ، وفي النهاية هزمه حتى الانتظار .
- وكان أحيانا يقول : هذا بلاء بلا دواء ، وأحيانا كان يقول :
بل حياة لأرواحنا .
- كان الوجود أحيانا يطل برأسه منه ، وأحيانا كان يأخذ نصيبا من العدم “ 1 “ .
- وعندما كانت “ رغبة “ الجسد تفتر عنده ، كانت عين الاتحاد “ بالمحبوب “ تجيش فيه حارة .
- وعندما وطن النفس علي غربة الاستغناء ، أسرعت إليه القدرة علي الاستغناء .
 
4765 - صارت عناقيد فكرة بلا نقصان ، وصار مرشدا للسارين كأنه القمر .
- فرب ببغاء حسن الصوت لكنه صامت ، ورب حلو الروح لكنه عابس الوجه .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 252 : وحينا كان صراخة يصل إلي الفلك وحينا كان خيال الحبيب يصير رفيقا له .
 
“ 406 “
  
- فاذهب إلي المقابر واجلس صامتا للحظة واحدة ، وانظر إلي أولئك الصامتين المتحدثين .
- لكنك وإن رأيت ترابهم متوحد اللون ، إلا أن أحوالهم الروحية ليست سواء .
- إن شحم الأحياء ولحمهم واحد وعلي السواء ، لكن ذاك يكون حزينا وهذا يكون فرحا .
 
4770 - فأي علم لك بأحوالهم ما لم تسمع أقوالهم ، ما دامت أحوالهم خافية عليك ؟
- تسمع من المقال كثيرا من صيحات الوجد ، فمتي تري الحالة المتشابهة المستترة ؟
- وصورنا سواء ، لكنها تتصف بالتضاد ، والتراب أيضا سواء لكن الأرواح مختلفة .
- وكذلك الأصوات كلها علي وتيرة واحدة ، لكن أحدها مليء بالألم والآخر مليء بألوان الدلال .
- إنك تسمع صهيل الخيول عند القتال ، وتسمع تغريد الطيور عند التنزه .
 
4775 - فواحد “ يصيح “ من الحقد واخر “ يتحدث “ من المحبة ، وواحد “ يصرخ “ من الألم ، وهذا “ يشدو “ من السرور .
- وكل من يكون بعيدا عن أحوالهم ، تكون تلك الأصوات في “ سمعه “ علي السواء .
- وتلك شجرة تهتز من ضربات الفأس ، وهناك شجرة أخري “ تهتز “ من نسيم السحر .
- وكثيرا ما خدعت بقدر يحتوي علي شيء تافه ، ذلك لأنها تغلي بينما يكون غطاؤها فوقها .
  
“ 407 “
  
- ويقول لك شخص : هذا حساء سائغ فتعال ، سواء كان حساء حقيقا أو حساء خفيفا “ يُعطي للمريض “ .
 
4780 - فإن لم تكن لديك قبسة من روح ذي فراسة بالوجوه ، فاذهب واحصل علي أنف عارف بالروائح .
- وتلك الأنف التي تطوف حول تلك الروضة ، تضيء حتى عيون أمثال يعقوب .
- فهيا وقل أحوال مفتت الكبد ذاك ، فلقد ابتعدنا عن البخاري يا بني .
 
إيجاد العاشق المعشوق وبيان أن من جد وجد مصداقا للآية الكريمة
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ
 
- ظل ذلك الشاب في بحث وسعي لسبع سنوات ، وصار من التفكير في الوصل كأنه الخيال .
- وإن ظل الحق يكون فوق رأس العبد ، ومن جد وجد في النهاية .
 
4785 - وقال الرسول عليه السلام : عندما تقرع بابا ، فسوف يطل رأس من هذا الباب في النهاية .
- وعندما تجلس علي رأس حي أحد ، فسوف تري وجهه في نهاية الأمر .
- وعندما تخرج التراب من بئر كل يوم ، فسوف تصل في النهاية إلي الماء الصافي .
- وكل الناس يعرفون هذا وإن لم تصدقه أنت ، إن ما تزرعه تحصده في يوم من الأيام .
- فهل ضربت الحديد بالحجر ولم يقفز الشرر ، إن هذا لا يكون وإن حدث يكون نادرا .


4790 - وذلك الذي لا يكون له في الآخرة حظ أو نجاة، لا ينظر عقله إلا في الأمور النادرة.


“ 408 “
 
- فيقول : إن فلانا زرع ولم يجن الثمر ، وذاك حصل علي الصدف ولم يكن في الصدف جوهر .
- وبلعم بن باعوراء وإبليس اللعين ، لم تجدهما عبادتهما فتيلا .
- لكن مئات الآلاف من الأنبياء والسالكين ، لا يخطرون بخاطر هذا السييء الظن .
- إنه يحتج بهذين بحيث ينشر في القلب الظلمة ، فمتي يضع الإدبار شيئا غير هذا في قلبه ؟
 
4795 - إنه يقول : رُب شخص يكون تناول الخبز سرور قلبه ، ثم يصير موتا له ويقف في حقله .
- إذن فامض أيها المدبر ولا تأكل الخبز ، حتى لا تقع مثله في الاضطراب والشر .
- فمئات الآلاف من الخلق يأكلون الخبز ، فيجدون “ به “ القوة ويربون الروح .
- فأين وقفت أنت علي هذا الشخص النادر إن لم تكن محروما وابن أحمق ؟
- وهذه الدنيا مليئة بالشموس وضوء القمر ، وقد تركها وطأطأ رأسه في بئر .
 
4800 - قائلا : إذا كان هذا الأمر حقا فأين النور ؟ ارفع رأسك من البئر وانظر أيها الدني .
- لقد وجد كل العالم من الشرق إلي الغرب هذا النور ، وما دمت في بئر فلن يسطع عليك .
- فاترك البئر واذهب إلي الإيوان والكروم ، وكفاك جدلا هنا فاللجاج شؤم .
 
“ 409 “
 
- هيا ولا تقل : إن فلانا قد زرع في عام كذا ، لكن الجراد أكل زراعته 
- إذن فلماذا أزرع وهنا مجال للخوف ؟ ولماذا أبذر هذا القمح من يدي ؟
 
4805 - وذلك الذي لم يترك الزرع والفلاحة ، ملأ برغم أنفك أهراءه . “ 1 “ .
- لقد كان يداوم علي قرع الباب شوقا وأملا وفي النهاية ظفر ذات يوم بالخلوة .
- لقد هرب خوف العسس ذات ليلة إلي بستان ، فوجد حبيبه كأنه الشمع والمصباح .
- فقال لمسبب السبب في تلك اللحظة : يا إلهي لتنزل رحمتك علي العسس .
- لقد سببت الأسباب من حيث لا تعلم ، وحملتني من أبواب الجحيم إلي الجنة .
 
4810 - لقد جعلت هذا الأمر سببا ، حتى لا أستهين بأي شئ ولو كان شوكة واحدة .
- فعند انكسار القدم يخلق الحق جناحا ، وحتى في قاع البئر يفتح سبحانه وتعالي بابا “ 2 “ .
- فلا تنظر إلي أنك علي شجرة أو في “ قاع “ بئر ، بل انظر إلي فأنا مفتاح الطريق .
- وإن كنت تريد بقية هذا الحديث ، فالتمسه يا أخي في الكتاب الرابع .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 258 : ذعك من هذا البيان ، وسق لحظة ، نحو أحوال ذلك العاشق الشاب .
( 2 ) ج / 9 - 258 : وكل ما يكون في نظرك باعثا على الكراهية ، هو في الحقيقة رحمة .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:27 am

شرح بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور على مدونة عبدالله المسافر بالله

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور
( 4564 - 4567 ) سوف أقدم لكم مثلا على هذا الأمر “ سوف أبين لكم أن الطاغية مدمر حتى حين نصره ومأسور حتى حين غلبته ، إنه كلما انتصر على
 
“ 626 “
 
أعدائه وطغى عليهم وبغى وتجبر إنما يكون مد من الله له فتزداد ذنوبه ، حتى يأخذه القهر الإلهى ، ولو أن الله سبحانه وتعالى ألحق به الهزيمة ، لوقف طغيانه عند حد ، وربما عاد عنه وتاب عنه : ترى مولانا كان يستشرف مصير الطغاة في زمانه ؟ 
ألسنا نرى في معرض حياتنا اليومية طغاة يتجبرون ويتغاشمون ، وكلما انتصر على فئة ضعيفة ازداد طغيانا وتجبرا وأسرع نحو الهلاك على يد فئة أقوى منه أو أخذه الله نكال الحياة الدنيا والآخرة ، وحين يضرب مولانا المثل يضربه بلص سطا على مال سيده “ أليس الطاغية لصا على كل حال ؟ لقد مضى سعيدا بنصره على سيده فوقع عليه الوالي بعد أن حشر له شرطته ، ومن ثم فإن انتصار اللص قد اختطف رأسه “ .
 
( 4568 - 4583 ) وهكذا أنت أيضا يأمن جللت بالنصر على “ الناس “ على المستضعفين في الأرض ، وقيدتهم في الأغلال ، إنك تجرهم خلفك ، وهو أي القهر الإلهى يجرك إليه ، إن انتصارك وغلبتك وظفرك “ بالناس “ فخ لك فسق الهوينى وإياك أن تسقط في هذا الفخ ، وليكحل عقلك الباحث عن الحق بكحل العناية ، ولتكن خصومتك مع الخلق إلى حد ، فإن من صفات المؤمن أنه لا يلج في الخصومة ولا يفجر فيها “ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان ، وإذا خاصم فجر “ كما نقل يوسف بن أحمد حديثا بهذا المعنى عن الحارث بن وهب أنه - عليه السلام - قال : “ ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره “ ( مولوى 3 / 584 ) . فهم “ إخوان على سرر متقابلين “ بينما أهل النار في جدال وخصام ، إن هذا ليس من الضعف بل هو من
 
“ 627 “
 
الحزم وسوء الظن لقوله - ، - “ الحزم بسوء الظن “ ( انظر البيت 268 من نفس هذا الكتاب ) ، ومن ثم فإن إظفار الكفار الظاهر في الحديبية هو نصر حقيقي للمؤمنين ، فهو حماية لجماع المؤمنين الضعفاء في قلة وهم عدة الإسلام وعتاده في انتصاراته التالية ، وهذا مصداق للآية الكريمة :وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً( الفتح / 24 - 25 ) .
 
وهكذا كان الرسول في نصره ينظر إلى كبرياء الله تعالى وإلى قهره ، وابتسم عليه السلام لأنه يجر الكفار إلى الجنة في السلاسل ويخلصهم من الغضب الإلهي .
 
( 4584 - 4591 ) وهكذا هو سلوك المقلد الذي يسير إلى الله لا بالقلب أو الطريق بل بالعقل والعلم ، إنه يؤخذ إلى اللطف في صورة القهر ، أما الولي فهو ليس في بلاء حين يحل به البلاء ، بل يقطع الطريق في شوق إلى الحق ، إن الجميع يتحمل هذا الأمر كقدر لا مفر منه إلا العارفين المنورين بنور المعرفة الذي يجعل المشقة في طريق الحق أمرا سهلا ميسورا ، ويخرجه من صورة السخرة ، ثم يقدم مولانا صورة من الواقع المعاش : إنك تأخذ الطفل أول يوم إلى المدرسة وهو يملأ الجو ضجيجا وعجيبا ، لكنه عندما يعتاد على المصروف ( مهما قل ) يسرع إلى مدرسته جريا .
 
“ 628 “
 
( 4592 - 4603 ) يقارن مولانا بين عشق الأولياء وعبوديتهم وسلوك المقلدين قائلا : جاهد أنت أيضا حتى تحصل على الأجر من الله تعالى ، حينذاك تغبط المؤمنين الذين نالوا الأجر من قبلك ، فإذا كان الأمر طوعا أو كرها فليكن طوعا أفضل لك ، لا تكن من أهل التقليد تأتى كرها بل كن من أهل الصفاء اتيا برغبتك . ويعود مولانا إلى المفاضلة بين أهل التقليد وأهل الصفاء : إن المرضعة محبوبة للطفل ومحبوبة أيضا لرجل اخر ( في سنها ) ولا رغبة للطفل فيها إلا في لبنها أو في المنفعة منها ، لكن البالغ يعشقها لذاتها ، وهذا هو الفرق بين المقلد والواصل ، فالمقلد يحبه بالرجاء والخوف ، ويحاول أن يصل إليه عن طريق الدرس ( الذي خبره غيره ) . . لكن الواصل يحبه دون علة ودون غرض ، والحق في كلتا الحالتين يجذبهما إليه ، ييسر لكل إنسان الطريق الذي يسير فيه ، ويشمله بالعناية التي توصله إليه ، وهذا هو جذب المعشوق .
 
( 4604 - 4617 ) ها هو ذا مولانا يريد أن يبدأ حكاية أخرى ، لكن وكيل صدر جهان يكاد يهلك انتظارا ( يعامل مولانا أبطاله كشخوص حية . . يتفاعل معهم ويتعاطف معهم ويتخيل أنهم ينتظرونه إن طالت غيبته عنهم في الحديث عن موضوعات أخرى ) ، ها هو ذا وكيل صدر جهان يريد منه أن يعود لكي يجعله يلتقى مع صدر جهان حتى تدب الروح في جسده الميت ، فإن الحبيب الذي لا ترد به حياة لا يكون حبيبا ، بل يكون كالشجرة فلا ورق ولا ثمر ومن ثم فإن من يفديك بنفسه يمكن أن تسمية حبيبا ، حتى الموت إن مضيت إليه بلا كراهية فهو
 
“ 629 “
 
صورة للموت فقط وليس حقيقيا بل هو انتقال من دار إلى دار “ ألا أن أولياء الله لا يموتون بل ينتقلون من دار إلى دار “ ومن ثم فلا يكون الموت قائما بل يكون الإنسان عليه “ ومن كان لله كان الله له “ ( استعلامى 3 / 421 ) .
( 4618 - 4624 ) التقى العاشق بالمعشوق ففقد وعيه ، وهكذا فعندما يتم اللقاء يحدث الفناء ، وهكذا العشاق أمام الحق يجدون إليه فإن وصلوا انفصلوا وفنوا ، وكيف يمكن للظل أن يبقى إن سطعت عليه الشمس ؟ وكيف يمكن للقطرة أن تكون ذات وجود إن مزجت بالبحر ؟
 
( 4627 - 4660 ) لا يبقى الظل عندما تسطع الشمس ، ولا تبقى القطرة إن حضر البحر ويسوق مولانا حكاية موافقة لمقتضى الحال ، والحكاية وردت قبل مولانا في أسرار نامه لفريد الدين العطار ( ص 57 - 58 من أسرار نامه تحقيق سيد صادق كوهرين انتشارات صفى على شاه تهران 1338 ه - . ش ) ، كما وردت في كتاب اللمعات للشاعر فخر الدين العراقي ( المتوفى سنة 680 ه - ) ( ماخذ 126 ) وها هي ذي البعوضة تتظلم أمام سيدنا سليمان عليه السلام من الريح ، والريح في أمر سليمان - عليه السلام - ويتعجب سيدنا سليمان من وجود ظلم في عهده ، إن الظلم من الظلمة ، وعندما يسطع النور تنمحى الظلمة ، عندما يسطع نور النبوة والشريعة فلا ظلم ولا بغى فمن الذي يجرؤ على ارتكاب الظلم في عهد سليمان ؟ إن حكمه هو من أجل إرساء العدل ، إنه صورة من العدل الإلهى في الأرض إنه يحكم حتى لا يبكى اليتيم “ فإن اليتيم إذا بكى اهتز العرش لبكائه “ ( حديث منسوب إلى الرسول ، ) ( استعلامى 3 / 422 ) ونفس
 
“ 630 “
 
المعنى ورد عند سعدى في البستان :
“ ألا لا يبكين فإن العرش العظيم * يهتز عندما يبكى اليتيم “ ( كليات سعدى ص 270 ) إن سليمان عليه السلام يقول : نحن بنينا أساس نظم هذه المملكة على الشريعة الإلهية ، ومن ثم فبدلا من أن تشكو لله أشك إلىّ أنا فقد أعطاني الله شريعته وأمرني بالحكم به وسوف يحاسبنى عليها ، لكن لابد من أجل ضمان العدل من وجود الخصم ، ويستدعى داود الريح ، لكن البعوضة المتظلمة تفر هاربة . إنها لا يمكن أن توجد مع الريح في مكان واحد فكيف يمكن لها أن تقف معها موقف الخصومة في مكان واحد ؟
 
( 4661 - 4666 ) يقارن مولانا بين حال البعوضة أمام الريح وحال العبد أمام القدرة الإلهية ، أو بمعنى أصح هنا حال العاشق أمام المعشوق ، فإن معرفة الحق تمحو الوجود الفردى والصوري للعبد ، فإن شرطها الأول هو فناء العبد في صفات ذات الحق ، ولا شك أن هذا الفناء هو ارتباط بالوجود المطلق ، ومن ثم فهو يحمل معه البقاء الخالد ( انظر للبقاء بالحق البيت 3671 ) وعندما يسلم العاشق رأسه في طريق الحق ، فإن العقل الدنيوي الموجود في هذه الرأس لا يهم وجوده بعد ، ومن هنا فإنكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ( القصص / 88 ) ، إن الوجود والعدم أي كل ما هو موجود في عالم المادة هالك أمامه ، ومن هنا فإن الوجود في العدم أي بقاء الموجودات بعد فنائها في الحق هو وجه الطرافه هنا ، فكيف يكون العدم وجودا ؟ إن هذا الأمر غير قابل للشرح أكثر من ذلك ، فقد
 
“ 631 “
 
حارت العقول وانكسرت الأقلام ولم تبلغه الأفهام والأوهام .
 
( 4667 - 4679 ) يوجه صدر جهان الحديث إلى عاشقه الذي فقد الوعي ، يحاول أن يعيده إلى وعيه ، إنه لم يقو على اللقاء تماما كأي إنسان لا قدرة له على إدراك معرفة الحق وأسرار الغيب ويتدخل مولانا فيقدم مثالا قريبا : إن وعينا وعقولنا أشبه بكن الطائر لا قدرة لها على استيعاب أسرار الحق ، وهذه عين الصورة التي قدمها في ديوان شمس تبريز :
إن العقل طائر منزلي ، وهذا المنزل هو جسدك * وبعير جمال العشق ضخم سامق الرأس وهذا الطائر لا يحتمل كأس المليك الثقيل * فإن الرائحة التي تفوح منه تتلاعب بمائة عقل ( كليات ديوان شمس غزل 2937 ص 1086 ) إن هذه الناقة هي أسرار الحق ، ولا يستطيع أن يدركها إلا عقل كعقل النبي صالح - عليه السلام الواصل إلى الوجود المطلق ، ومن ثم فإن رجال الحق يدركون هذه الأسرار ، ومن ثم فعندما أطلت أسرار الوجود في قلب صاحبنا وكيل صدر جهان ، دمرت كل وجوده ، إن هذا هو من فضول الإنسان ومن ظلمه وجهله عندما حمل الأمانة ( الأمانة هنا هي الطموح إلى أسرار الغيب ) إنها عناية
 
“ 632 “
 
الحق التي تجعلنا في طلب الزيادة بحيث تطمح إلى أسرار الغيب ومن هنا فهذا الإنسان ظلوم وجهول لأنه بقدرته المحدودة يطمح إلى ما هو غير محدود ، كأرنب يحاول أن يعانق أسدا ، ومن ثم فهو ظالم لنفسه ( انظر الكهف / 35 ) ، إنه يقتل نفسه في طريق الحق ، وهو ظلم خير من ألف عدل ، مع أن هذا الجهل خير من علم أهل الظاهر ، إنه يمنحه الجرأة على البحث عن أسرار العالم .
 
( 4680 - 4689 ) يريد مولانا أن يواصل قصة وكيل صدر جهان ، لكنه يواصل حديثه عن عالم خارج هذا العالم ، إن ما يتحدث عنه هنا هو العلاقة بين الخالق وبين العبد العاشق ، إن بيت الجسد هو الإنسان الفاني في ذات الحق ( انظر 3671 ) الذي يحيا ببقاء الحق ولا يبقى له وجود فردى وكل ما هو موجود هو البقاء المطلق للحق ، ذلك أنه يختلف عن الذي لم يسمح له باستيعاب الأسرار الإلهية ، وليس كالروح التي أصلها من حية أي الروح الواصلة الجديرة بوصال الحق ، إنني أساعده وأعينه ، أنفخ فيه من نفس الحي حتى ينفصل لبه “ روحه “ عن قشره “ الحياة المادية الدنيوية “ هذه الروح تصبح جزءا ميتا لا انفصال بينها وبين ذاتي ، أدعوها برفق وأخاطبها خطابا يختلف عن أساليب الخطاب في الدنيا أداة وألفاظا وشكلا ومضمونا ، ذلك أن أساليب هذه الدنيا لا جذب لها لهذه الأسرار ، فهذه الأسرار أشبه بالورود والخضرة التي تنبت على ساحل جدول الغيب ، أو في روح ذلك الذي يسير نحو حضرة الغيب ، ومن ثم تلزم لها أذن تختلف عن أذن الدنيا هي أذن الروح أو الأذن التي بلا أذن من أجل ذلك السر الذي لا تتخيله والذي هو متضمن في الآية الشريفةوَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ( سورة إبراهيم / 27 ) أي يفعل مالا تستطيع أنت أن تحدده أو أن تصل إلى مجرد توهمه وتصوره ، إنها أسرار الحق الخاصة والتي لا يمنحها سوى أوليائه .
 
“ 633 “
 
( 4690 - 4696 ) يعود مولانا إلى وكيل صدر جهان الذي تدب فيه الروح نتيجة لهذا الخطاب كما يتحول ذرات التراب من رياح الصبا إلى خضرة وورود ، وكالنطفة تتحول بأمر كن إلى إنسان حسن التقويم ، وتتوالد الطيور عن طريق انتقال بذرة وجودها عن طريق الرياح وفي هذا إشارة إلى اعتقاد القدماء بأن الريح هي التي تحمل نطفة الذكر من الطيور إلى الأنثى ، وورد في نزهة القلوب لحمد الله مستوفى أنه إذا تشاجر ذكران من ذكر القطا تحمل منهما أنثى القطا وكان أرسطو يظن أن أنثى النسر تحمل من الريح ( شرح نيكلسن 119 / 2 ) ، ( استعلامى 3 / 424 ) ، كما أن الجبل بأمر الله يشكل ناقة ( ناقة صالح ) ، ولكن هذه الناقة تلد أيضا فصيلا ، إن أهل العدم أي أهل عالم المادة ينتج عالما ماديا ، والسبب هو العشق بالطبع .
 
( 4697 - 4705 ) يخاطب العاشق وكيل صدر جهان معشوقه ، لكن أسلوب الخطاب يوحى بأن عبدا ينادى ربه مستغفرا لذنبه ، أو أن مريدا يخاطب شيخه معتذرا مازجا اعتذاره هذا بوجده الشديد ، يخاطبه قائلا : أيتها الروح الواصلة إلى الحق ، ويأتها المرشد الكامل الذي تطوف حوله أرواح المريدين ، حمدا لله إنك عدت من غربتك وراء جبل قاف ( جبل أسطورى وفي بعض الروايات جبلان يمسكان بأطراف العالم على أساس أن العالم منبسط وخلفه تعيش العنقاء وهي رمز في التصوف للذات الإلهية وللمرشد الكامل ) ، إنك كإسرافيل تنفخ في الصور فإذا بالموتى قيام من قبورهم ، إنك أيضا - يا صدر جهان - تحيى محبِك بأنفاسك
 
“ 634 “
 
يا حقيقة العشق ويا أيها العشق المحض ، ويا من يعشقك العشق نفسه ، إن أول ما أريده منك من هبة وتفضل ( وتفضل المرشد أن يفهم حال المريد ) ، هو أن تضع أذن السر على كوة قلبي هذا بالرغم من أنك تدرك هذا الحال إلا أنني أريد أن أتحدث ، أريد إن أبوح بما في القلب ، فالبوح راحة ، ومجرد إحساسى بأنك تسمعنى وتصغى إلى بلسم للروح ، وكأن كلامي هذا هو الزيف بعينه لكنك تقبله كالنقد الصحيح، وهذا الحكم هو ما يعتبر فتنة لروحى وكيانى.
 
( 4706 - 4714 ) وها هو ذا وكيل صدر جهان يبوح بأحواله في زمن النفي وأوان الغربة ( النفي عن الموطن أىّ محل الحبيب والغربة عن أهل الروح ) فقد تخلصت من أسراك أيها الحبيب وفررت من أمامك فكأننى قد فقدت كل شئ ، وبحثت ولم أجد لك ندا أو قريبا ، وكأنني منذ فررت من أمامك قد خرجت من ديني ، وقلت ثالث ثلاثة وتجلى لي الإله الواحد ثلاثة كما تجلى للنصارىلَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( المائدة / 73 ) ، وعندما احترق وجودي من فراقك فقد ضاع منى حساب كل شئ . أن كلامي هذا ما هو إلا مقدمة للبكاء ، فإن البكاء هو التعبير الوحيد إذ أستطيع أن أعبر به ، ومع ذلك فإنني في حيرة أأبكى أم أشكرك على كريم عنايتك وتفضلك .
 
( 4715 - 4721 ) عندما يحار المرء في التعبير ينطلق في البكاء ، لم يكن أحد يعرف لماذا يبكى ولماذا يضحك ولماذا يتحدث لقد اشتدت دهشتهم إذ كيف يبكى بعد أن وصل إلى الحبيب ؟ إن هذا اللقاء وهذه الضجة وهذا البكاء والوجد
 
“ 635 “


الشديد ذكرت الناس بالقيامة ، وكان الفلك شارك في هذا الوجد ومزقت المجرة ثيابها وتفتت بددا .
 
( 4722 - 4736 ) يترك مولانا سياق القصة ، ويحدثنا عن العشق أو بمعنى أدق يستمر في تأملاته عن موضوع العشق في تدفق شديد لا يكاد يجمع بينه خيط ، لقد نسي مولانا فيم يتحدث ونسي سياق القصة بحيث لا تبدو الأبيات تعليقا عليها بقدر ما تبدو نوعا من الوجد الشديد وغليان الألفاظ فالعشق شئ لا يشرح طبقا لمعايير هذه الحياة ولا بميزان عالم اخر ، إن كل إنسان مجنون بالعشق بشكل ما ، وكل أتباع “ الاثنين والسبعين مذهبا “ ، عاشقون ، والحقيقة أن مولانا هنا يقصد الثلاث والسبعين فرقة إشارة إلى الحديث النبوي “ افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة الناجية منها واحدة “ ليس للعشق صلة بالمذاهب والآراء ، فهذا موضوع اخر ، إن الأولياء ورجال الحق أنفسهم حيارى في ماهية العشق وفي حسرة لعدم معرفتهم بالعشق على حقيقة ، إن ملة العشق منفصلة عن كل الأديان ( انظر : الكتاب الثاني 183 ) إن كل ألوان العظمة الموجودة في هذا العالم لا قيمة لها إلى جوار عظمة العشق ، وكل ما هو موجود في هذه الدنيا وله مفهوم يمكن التعبير عنه بالألفاظ إنما هو مانع لإدراك حقيقة العشق ، وسواء كنت في خدمة الآخرين أو كان الآخرون في خدمتك ، فأنت من قبيل المشتغلين بالدنيا ، فالعبودية قيد والسيادة صداع “ وملوك الدنيا من سوء خلقهم لا يشمون شيئا من رائحة شراب العبودية وإلا دخلوا مثل إبراهيم بن أدهم وأنهوا بساط الملوكية “ ( أفلاكى 1 / 353 ) إن العشق هو عالم الغيب وهو
 
“ 636 “
 
بحر لا ساحل له ، والعقل غير قادر على إدراكه بل تتحطم قدماه كلما اقترب منه ، إن كل ما تحاول التعبير عنه هو حجاب ، وكل ما نقوله لا يعبر عن الحقيقة ، إن هذه أحوال لا يعبر عنها الكلام ، واللفظ قاصر على الدوام عن التعبير عن الحقائق الغيبية . هذه اللغة التي تتعامل بها لغة أرضية تعارفنا من خلالها على ما نعبر به عن أشياء هذه الأرض ، ومن ثم فإن كل ما يقوله عن العشق لا يرفع حجبا ( انظر لغة التصوف من كتابي التصوف عند الفرس ص 62 - ص 64 دار المعرف 1978 ) بل يضيف حجبا جديدة ، ولو كان الحقائق الوجود لسان لرفعت الحجب عن وجودها ولأدركنا أن موجودات هذه الدنيا لا حقيقة لها ، ولتحدث نفس هذا الوجود الصوري الدنيوي إلى الإنسان قائلا له : إن كل ما تتحدث به عن الحق لا يفصح عنه بل يجعل معرفته أكثر صعوبة . وهل يعبر المقال وهو أرضى عن الحال وهو وارد غيبى ؟ إن الحال قد يوصل السالك لكن الأحوال والأقوال كلها تمنع إدراك الحقيقة ، لأن الحال في حد ذاته هو تعبير عن بعض أعراض هذا العالم ، وهذا العالم نجس كالدم ، ولا معنى لغسل الدم أي النجس بالدم والتعبير مأخوذ من سنائى الغزنوي . إذن فما العمل ؟ ينبغي أن تمحو في نفسك اثار كل هذا العالم حتى تتصل روحك بالروح المطلقة وتدركها ، وهذا هو ما فوق الأحوال والأقوال ، إنني وأنا الصفى لعشاقه والمأذون له بأسرارهم أجد نفسي كالنافخ في القفص ، أقوم بعمل لا جدوى منه ( انظر 3080 ) - وها أنت ذي أيتها الروح ثملة مضطربة تصلين الليل بالنهار . . فإياك أن تتحدثى بهذه الأسرار إلى من لا إذن لهم بها ، تحدثى إلى من أذن له ، وحذار . . إنك كالعاشق الثمل تبوحين بكل ما يعن لك . إن خطر سقوطك موجود ( انظر 4542 ) . وربما ضللت ، إن الأسرار
 
“ 637 “
 
عندما تأتى على اللسان ، تصاب السماء نفسها بالقلق خوفا من أن تقال لمن ليس بأهل وترفع يدها بالدعاء قائلة : يا جميل الستر ، لكن أي إخفاء ؟ وهل يخفى سر العشق ، إن سر الحق في قلبنا كنار في صوف وقطن فهل يمكن لهذه النار أن تختفى ؟ .
 
( 4737 - 4751 ) لا يزال مولانا غارقا في الحديث عن العشق مع قناعته بأن هذا الحديث لن يوصل إلى نتيجة : ويمكن أن يكون الخطاب إلى الذات الإلهية ، أو الأسرار الإلهية ، أو الهائمين في العشق الإلهى فيقول مولانا :
إنني أسعى في إخفاء سر الحق أو سر العشق لكن لا أستطيع ، هذا أمر بالرغم من أنفى ، ويا أيها السر بالرغم من أنك لم تبق خفيا ابتعد عن ذهني ، إنك مثل الروح يحس الجميع بوجودك لكنهم لا يدركون حقيقتك ، ويجيب السر على مولانا : لقد حبسني وجودك المادي هذا . . ولولا وجودك المادي هذا لكنت سعيدا هانئا أغلى فرحا كخمر في دن . . ويجيب مولانا : إنني مضطر لحبسك ، إن سكرى هذا سوف يؤدى بي إلى التلف ، امض عنى حتى لا يحل بي هذا التلف ، ويجيب السر : إن كنت لا تريد التلف فأشربنى من الكأس اللطيف ، أي تحدث عنى ببيان مناسب أو خذني من أهل المعنى فهم لا يصيبهم من تلف ، وإن لم تطرحنى أمام من ليسوا بأهل ، ووضعتنى حيث ينبغي وحيث يجب ، فأنا معك حتى تنتهى هذه الحياة المادية ، وحتى أن انتهت فسوف أظل معك ، وسوف أحتفظ لك بكأس أهل المعنى ، فإن العارف لا يحرم من سر الحق حتى بعد انتقاله من هذه الحياة الدنيا ، ومن هنا تسمى الخمر بالمدام ، لأنها دائمة ، ولأن من
 
“ 638 “
 
يشرب من خمر الحق لا يرتوى أبدا ، إنه شراب التحقيق الذي يغلبه العشق ، وهو من أجل الصديقين ، والعشق هو الساقي ، وإن طلبت وكان التوفيق قرينا لطلبك فسوف تفهم أن الخمر هنا هي الماء ( المعرفة ) الذي يهب الروح الرشد ، وإن الجسد هو إبريق هذه الخمر ، وعندما يضيق بها الإبريق تسيل وتتفتت هذه الحياة الدنيا . . ويفنى الإنسان في الحق ( انظر : 3671 ) ، وعندما يفنى إبريق الجسد فلا كيانات متفرقة بأسماء الساقي والشارب والخمر ، ويقول أبو يزيد البسطامي : يصير العاشق والمعشوق والعشق واحدا ولا تسل : كيف يمكن هذا ، فهذا في علم الله . إن النبيذ إنما تنعكس فيه أنوار العشق . إن غليان العشق هو الذي سقط في الخمر ( مقدمة الجزء الأول البيت 10 ) . إن كل متحرك يلزمه محرك ، وهذا أمر بَدَهِىّ وسل فيه ذلك الذي تحير في عوالم العشق ( مولانا نفسه ) .
 
( 4752 - 4765 ) بالرغم من أن مولانا كان في سبيله إلى ختام الكتاب الثالث من المثنوى المعنوي ، وبالرغم من أنه هو نفسه كان يشكو من أن خيط الحكايات ينقطع منه ( والأمر لم يكن كذلك في الحقيقة على ما فسرت أنفا ) ، وبالرغم من أن حكاية وكيل صدر جهان لا تعد بعد من الحكايات المنهية ، فإن مولانا يدفع إلى الساحة بعاشق اخر كثير الامتحان ، ويرى زرين كوب أن القصة مأخوذة فيما يبدو حتى قصة قيس ولبنى وما دار بينهما من حوار ( سرني 2 / 811 ) والعشق هنا من نوع العشق المجازى الذي هو قنطرة إلى الحقيقة فالعاشق لا يجد طريقا إلى محبوبه ، بل إن كل الطريق تتحول طرقا مسدودة ، وكل ما يتوسل به لا يحقق شيئا ، إنه من نوع العشق الذي يبدو “ دمويا “ يهرب
 
“ 639 “
 
منه كل من لم يكن خبيرا بعوالمه ، فالرسول إليها يتحول إلى مانع ، والحطاب الذي يقرؤه مصحفا بحيث لا تؤدى الكلمات المعاني المقصود منها وربما العكس منها ، والرقعة التي يحملها الطائر لا يصل بها إذ تحرقه حرارتها قبل أن يصل بها ، ولماذا هذا كله ؟ إنها غيرة الحق التي تتألم من توجه العبد إلى ما هو غير الحق وتسد أمامه الطريق لكي يكون عشقه كله موجها إلى الحق ، لقد كانت حياته كلها في الانتظار ، وفي النهاية هزمه هذا الانتظار ، وبلغ مرحلة ما بين العشق المجازى والعشق الحقيقي ، فعندما يفور جسده فهذا هو العشق المجازى ، وعندما تسكن روحه كانت عين الاتحاد بالمحبوب تغلى حارة وعندما يئس تماما من العشق المجازى ووطن نفسه على الاستغناء أطل منه عشق الحق ، وأسرعت إليه القدرة على الاستغناء ، لقد صار مثالا للعاشقين الحقيقيين ومرشدا لهم ، لقد خير العشق المادي ويستطيع أن يهدى من خلاله إلى العشق الحقيقي ، وأغلب الظن هنا أن مولانا جلال الدين يتحدث عن تجربة خاضها بنفسه .
 
( 4766 - 4782 ) إياك إذن أن تغتر بظاهر الناس ، فرب إنسان لا ينبئ ظاهره عن باطنه ، ومن قائل : إنه لا دخل لهذه الأبيات بقضية العشق ( استعلامى 3 / 428 ) ، لكن الحقيقة هنا مرتبطة بأن كل إنسان عاشق في مرتبة وكيل صدر جهان ، فرب أمرىء حمل في صدره الكثير من الأسرار ولا يستطيع أن يبوح بها لأنه لا يجد من هو أهل لها ( انظر 4733 ) ومن ثم فهو عابس لأنه لا يستطيع أن يبوح بهذه الأسرار ، وهناك أناس يموتون ويحملون معهم هذه الأسرار ، وربما إن سرنا بين القبور تكشف لنا بعض هذه الأسرار ، وتكشف لنا كيف كانوا يسيرون في عالم الغيب ، وإن هذا الاختلاف ليذكر باختلاف الأحياء ألست
 
“ 640 “
 
ترى صورهم الجسدية واحدة ، وحالاتهم النفسية مختلفة ، فكيف تعلم أحوالهم ما لم تسمع أقوالهم ؟ إنك تسمع منهم صيحات الوجد ، لكنك لا تدرى أن أحوالهم الباطنة شديدة التعقيد ، وإذا كانت الصورة تختلف والأصوات أيضا تختلف والحركات أيضا تختلف وإن تشابهت في صورها ، إن صهيل الجياد في المعمعة ، وصوت خفقان الطائر في الفضاء ، كلاهما من قبيل الأصوات لكنهما لا يحملان معنى واحدا ، وهذه الشجرة تهتز لكن من ضربات الفأس “ ألما “ وتلك تهتز من نسيم السحر “ طربا “ ، وكثيرا ما خدعت الظواهر فهي كقدر مغطى لا تدرى ما يغلى بداخله ، وكثيرا ما تدفعنا أسرار الموجودات في الخطأ ، ومن الممكن أن يدعونا الطيب والشرير إليه ، وإن لم تصل نفسك إلى مرتبة الوعي والتمييز ، فاستمد العون من إنسان يستطيع أن يستدل على ما يغلى في القدر عن طريق الشم “ المرشد “ ، وإن لم تصدق أن حاسة الشم تؤثر ، فاقرأ كيف رد بصر يعقوب - عليه السلام - إليه عندما شم قميص يوسف - عليه السلام - وإياك أن تظن أنها حاسة الشم الأرضية ، إنها رائحة روضة الغيب ، وفي البيت التالي ينبه مولانا إلى أنه لم يكمل بعد قصة البخاري ( ولم يكملها حتى نهاية الكتاب الثالث ) .
 
( 4783 - 4798 ) الآية الكريمة المذكورة في العنوان من سورة الزلزلة ( اية 7 ) والمثل معروف وورد في المثنوى مرارا . عاد مولانا إلى قصة العاشق البخاري فتحدث عنها في بيت واحد ، لقد ظل يبحث سبع سنوات بحيث صار كالخيال ، وظل الله يكون فوق رأس العبد وعنايته تحوطه طالما هو في مرحلة سعى وفي مرحلة بحث ، ويواصل مولانا الحديث عن هذه الفكرة تاركا حكاية البخاري ويشير إلى الحديث النبوي الشريف “ ما دمت في صلاة فأنت تقرع باب الملك ومن
 
“ 641 “
 
يقرع باب الملك يفتح له “ ( استعلامى ) . وأورد يوسف بن أحمد صيغة أخرى للحديث هي “ من قرع بابا ولَجَّ ولج “ ( 3 / 609 ) .
ومعروف عند الجميع أن سعى العبد في طريق الحق ليس بلا ثمر وإن لم تقبل هذا ، ومن الممكن أن يحدث ذلك نادرا ( لكن النادر كالمعدوم ) ، وغالبا ما يستند الإنسان على هذه الأحوال النادرة إن لم يكن مشمولا بالعناية الإلهية ، ويقولون إن العبادة بلا نتيجة استنادا على زاهد بني إسرائيل بلعم بن باعوراء الذي أضله الله على علم فادعى النبوة أمام موسى - عليه السلام - ( انظر الأعراف / 115 ) .
وإبليس الذي عبد الله ألف سنة وفي النهاية عصى ، ألا يرى هذا المنكر إلا هذين المثلين مع وجود آلاف الأمثلة التي ترد على راية هذا من الأنبياء والأولياء . . ولم يقع المسكين إلا على هذين المثلين من حمقه وإدباره وبعده عن العناية الإلهية .
 
( 4709 - 4805 ) لقد ترك هذا المدبر الدنيا المليئة بشموس التقوى والمغفرة والنور وأقمار العرفان والوصول ، ونظر إلى حيث لا توجد هذه المظاهر للعناية الإلهية ، وتساءل أين النور ؟
ارفع رأسك تجد النور فالذي حجبك أنك لا تطلب النور من حيث يطلب ، اترك بئر الحياة الدنيوية والاهتمام بالمادة وامض إلى الإيوان والكروم إلى حيث توجد الإفاضات الربانية ، وإياك والجدل “ اللج شوم “ ، ولا تعتبر الأمور النادرة قاعدة عامة فالذي عمل نال نتيجة عمله وأنفك راغم .
 
( 4806 - 4813 ) يعود مولانا إلى قصة العاشق كثير الامتحان ، لقد وصل إلى محبوبة في ظروف لا توصل أبدا إلى محبوب ، لقد فر ذات ليلة من العسس ووقع على بستان فوجد محبوبة كالشمع والمصباح ، فانطلق شاكرا الله سبحانه
 
“ 642 “
 
وتعالى على أنه يسبب الأسباب من حيث لا تطلب ولقنه درسا على ألا يحتقر أي شئ مهما كان تافها ، وأنه هو الذي يجبر الكسير فيخلق جناحا يحلق به الإنسان بدلا من القدم الكسيرة ، ويفتح بابا للملك من قاع الجب ،
فإياك أن تنظر إلى مظاهر الأسباب بل انظر إلى المسبب الذي يخلق سببا من حيث لا تعلم أنه سبب ، فبيده مفتاح الطريق بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( آل عمران / 26 )
 وينهى مولانا الكتاب الثالث طالبا من الذي يريد بقية الحكاية أن يلتمسها من الكتاب الرابع .
 
( تم الكتاب الثالث بحمد الله تعالى ويليه الكتاب الرابع بإذنه تعالى )

*
تم بحمد الله تعالى رب العالمين
عبدالله المسافر بالله
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 3.docx   بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:28 am

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 3.docx

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 3.txt

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 3.pdf






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بيان أن الطاغية في عين قهره مقهور وفي عين نصره مأسور .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ديباجة مولانا الدفتر الثالث المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» الهوامش والشروح 01 - 4814 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة آكلي ولد الفيل من الحرص .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» حركة السيد نحو القرية .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: