قصة المسافرين الثلاثة المسلم والمسيحي واليهودي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة المسافرين الثلاثة على مدونة عبدالله المسافر باللهقصة المسافرين الثلاثة المسلم والمسيحي واليهودي المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
[ قصة المسافرين الثلاثة المسلم والمسيحي واليهودي ]
حكاية المسافرين الثلاثة المسلم والمسيحي واليهودي الذين إلتقوا صدفة بأحد المنازل ، وكان المسيحي واليهودي شبعين ، فقالا : لنأكل هذه الصدقة غداً ، وكان المسلم جائعاً فبقى جائعاً ، إذ كان مضطراً !!
- استمع إلى حكاية هنا يا بنى ، حتى لا تصبح في ادعائك الفضل ممتحنا .
- لقد ترافق يهودي ومؤمن ومسيحي في سفر .
2385 - كان المؤمن رفيقاً في الطريق لضالين ، مثلما يكون العقل مع النفس ومع الشيطان .
- لقد تصادف أن مروزياً ورازياً ترافقا وتآكلا من جراء السفر .
- وحبس غراب وبومة وبازى في قفص واحد ، واقترن الطاهر مع النجس في السجن .
- ونزلوا في منزل ما ذات ليلة ، أهل الشرق وأهل الغرب وما وراءهما .
- وبقي في المنزل الصغير والعظيم ، لعدة أيام " محبوسين " من البرد والبرد .
2390 - وعندما انفتح الطريق ، ويسرت الصعاب ، تفرقوا وذهبت كل جماعة إلى مكان .
- وعندما يكسر مليك العقل القفص ، تطير جماعة الطيور ، كل نحو صوب ما .
« 217 »
- ويبسط "كل طائر" الجناح ، وقبل الجناح الشوق والذكرى، في هوى جنسه صوب المعاد.
- يبسط الجناح كل لحظة مع الدمعة والآهة ، لكن لا وجهة له ولا وجه للطيران .
- وعندما يفتح الطريق يطير كل سرب مثل الريح ، نحو ذلك الذي كان يبسط الجناح على ذكراه .
2395 - وتلك الناحية التي كانت دمعه وآهته متوجهة إليها، تكون طريقه عندما يجد الفرصة.
- فانظر في جسدك إلى أعضاء الجسد ، من أي الأماكن قد تجمعت في البدن .
- فهي مائية وترابية وهوائية ونارية وعرشية وأرضية ورومية وكشية « 1 » .
- وعلى أمل العودة ، اتخذ منها ركنا في هذا الخان خوفاً من البرد .
- والبرد متنوع ، وجمود كل جماد ، في شتاء البعد عن شمس العطاء تلك .
2400 - وعند تسطع حرارة شمس الغضب تلك ، يصير الجبل حينا كالرمل وحيناً كالعهن .
- وتأخذ الجمادات الثقيلة في الذوبان ، مثل ذوبان الجسد عند انتقال الروح .
- وعندما وصل هؤلاء الرفاق الثلاثة إلى منزل ، أحضر لهم جواد هدية من الحلوى .
- حمل محسن الحلوى لهؤلاء الغرباء الثلاثة من المطبخ الإلهي القريب .
- جاء لهم بخبز ساخن وطبق من الحلوى بالعسل، حملها إليهم ذلك الذي كان آملًا في الثواب.
2405 - " الكياسة والأدب لأهل المدر ، والضيافة والقرى لأهل الوبر .
- الضيافة للغريب والقرى ، أودع الرحمن في أهل القرى .
- كل يوم في القرى ضيف حديث ، ماله غير الإله من مغيث .
- كل ليل في القرى وفد جديد ، مالهم ثم سوى الله محيد ! ! " « 2 »
..............................................................
( 1 ) من كش في تركستان
( 2 ) ما بين القوسين بالعربية في المتن .
« 218 »
- كان هذان الغريبان متخمين من الطعام ، ولعل ذلك المؤمن كان صائماً ذلك اليوم .
2410 - وعندما وصلت تلك الحلوى عند صلاة المغرب، كان المؤمن قد بقي في جوع شديد.
- وقال هذان الشخصان : إننا ممتلئان من الطعام ، فلندخره الليلة ، ولنأكله في الغد .
- لنصبر الليلة ، ولنمتع الليلة عن الطعام ، ولندخر هذا الطعام الطيب للغد .
- قال المؤمن : لنأكل هذا الطعام الليلة ، ولندخر الصبر إلى الغد .
- فقالا له : إن هدفك في هذه الحكمة هو أن تأكل وحدك .
2415 - فقال : أيها الرفيقان ، ألسنا ثلاثة ؟ ! فما دام الخلاف قد قوع بيننا ، لنقتسم .
- ومن أراد أن يأكل نصيبه ليأكله ، ومن أراد أن يدخره إلى الغد ليدخره .
- فقالا له : دعك من القسمة ، واستمع إلى ما جاء في الخبر من أن القسام في النار .
- قال : إن القسام هو ذلك الذي قسم نفسه بين الهوى وبين الله .
- فالملك للحق ، وكل شئ له ، وان أعطيت نصيباً لآخر فأنت ثنوى .
2420 - وكان لهذا الأسد أن يتغلب على الكلاب ، لو لم تكن النوبة ، نوبة هذين الخبيثين .
- كان هدفهما ، أن يتجرع ذلك المسلم الحزن ، وإن يمر عليه الليل وهو جائع .
- فكان مغلوباً لهما ، فقال بتسليم ورضا : سمعاً وطاعة أصحابنا .
- فناموا تلك الليلة ، ثم استيقظوا في الصباح ، واتخذوا زينتهم .
- غسلوا وجوههم وأفواههم ، وكل واحد منهم ، كان له في ورده طريق ومسلك .
2425 - وكل منهم يمم بوجهه فترة ما ، إلى ورده ، طالبا فضل الحق .
- فالمؤمن والمسيحي واليهودي والجبري والمجوسي، كلهم متجهون لذلك السلطان العظيم «1»
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 135 : - والمؤمن واليهودي والمسيحي والطيب والشرير ، كلهم متجهون صوب الأحد .
« 219 »
- بل إن الحصى والتراب والجبل والماء ، لها عودة خفية إلى الله .
- وهذا الكلام لا نهاية له ، فهؤلاء الثلاثة التفوا حول بعضهم البعض تلك اللحظة كما يفعل الأصدقاء .
- قال أحدهم : ليقص كل منكم ما رآه ليلة الأمس في النوم على الآخرين .
2430 - وكل من رؤياه أفضل من الآخرين يأخذ هذه الحلوى ، والأفضل يأخذ نصيب كل مفضول .
- وكل من يمضى في " مدارج " العقل أعلى ، يكون طعام الجميع طعاماً له .
- فان روحه المليئة بالأنوار تفوق الجميع ، وحسب الباقين أن يقوموا برعايته .
- وإذا كان البقاء للأبد " نصيبا " للعقلاء ، إذن فهذه الدنيا تكون باقية ، ببقاء المعنى .
- ثم روى اليهودي ما رآه ، وإلى أي مدى تجولت روحه في الليل .
2435 - وقال : " لقد تقدمني موسى في الطريق " ، أجل فإن القط يحلم بالشحمة .
- وسرت خلف موسى حتى جبل طور ، وصرنا ثلاثتنا مختفين في النور .
- وكل هذه الظلال الثلاثة محيت في الشمس ، وبعد ذلك صار من ذلك النور فتح الباب .
- وبزغ نور آخر من قلب ذلك النور ، وطلب ذلك النور الحائر السمو على الفور .
- وضاع ثلاثتنا ، موسى ، وأنا ، والطور من ذلك الاشراق للنور .
2440 - ثم رأيت الجبل قد انشق إلى ثلاثة فروع ، عندما نفخ فيه نور الحق .
- وعندما تجلى عليه بصفة الهيبة ، أخذ يتفسخ عن نفسه ويمضى نحو كل صوب .
- فذهب فرع منه إلى اليم ، فصار الماء المالح كالسم ، حلوا .
- وذلك الفرع الذي غاص في الأرض ، انبثقت منه عين دواء معينة .
- بحيث صار الماء شفاء لكل المرضى ، من عظمة الوحي المستطاب .
2445 - وذلك الفرع الثالث طار سريعاً ، حتى صار إلى جوار الكعبة وأصبح جبل عرفات .
« 220 »
- ثم إنني عندما أفقت من هذه الصعقة ، كان الطور في موضعه دون زيادة أو نقصان .
- لكنه كان تحت قدم موسى يذوب كالثلج ، لم تبق له أصول أو فروع .
- أو أن الجبل من رعبه صار أرضا مستوية ، أو صار ارتفاعه من الهيبة انخفاضاً .
- ثم انني عدت إلى وعيى من هذه التفرقة ، فرأيت الطور وموسى مستقرين .
2450 - وتلك الصحراء الموجودة في سفح الجبل ، مليئة بالخلق ، وجوههم تشبه وجه موسى .
- وعصيهم كعصاه وخرقتهم كخرقته ، وجميعهم يسرعون صوب الطور مشمرى الثياب .
- وكلهم رفعوا أكفهم بالدعاء ، وأخذوا جميعاً يتغنون بنغمة " أرني " .
- ثم انني عندما أفقت من هذه الغشية سريعاً ، ظهر لي وجه كل منهم على شكل آخر .
- كانوا جميعاً من الأنبياء ، من أهل الود ، وفهمت " معنى " اتحاد الأنبياء .
2455 - ثم أخذت أرى ملائكة عظام ، كانت صورهم من أجرام البَرَد .
- وفي حلقة أخرى ملائكة آخرون يطلبون العون " من الله " ، وجوههم جميعاً نارية .
- وعلى هذا النسق أخذ ذلك اليهودي يتحدث ، إذن فقد كان يهودياً محمود العاقبة .
- فلا تنظر إلى أي كافر قط باحتقار ، فهناك أمل في أن يموت مسلماً .
- فان علم لك بختام عمره ، حتى تحول عنه الوجه تماماً .
2260 - ثم بدأ المسيحي في الكلام ، قائلًا ، لقد أبدى لي المسيح وجهه في المنام .
- ومضيت معه حتى السماء الرابعة ، مركز شمس الدنيا ومثواها .
- وقلاع السماوات في حد ذاتها من العجائب ، ولا نسبة لها بآيات الدنيا .
- وكل انسان يعلم يا فخر البنين ، أن فنون الفلك تزيد عن " فنون " الأرضين .
« 221 »
حكاية الجمل والثور والكبش الذين وجدوا في الطريق بعض العشب ،
وأخذ كل منهم يقول : أنا آكله
- كان جمل وثور وكبش يسيرون معا ، ووجدوا في طريقهم حزمة من العشب .
2465 - فقال الكبش ، لو أننا قسمنا هذا يقيناً ، فلن يشبع منه أحد .
- لكن من كان منا أكبر سنا من الآخرين ، فله أن يأكل هذا العشب .
- ذاك أن تقديم الشيوخ ، ورد في سنن المصطفى عليه السلام .
- بالرغم من أن الشيوخ في عصر اللئام هذا ، يقدمهم العوام في موضعين .
- إما في الطعام الذي يكون ساخنا ، أو على ذلك الجسر الذي يكون مهدما من الخلل .
2470 - فالعامي لا يخدم شيخاً أو عظيماً أو قائداً ، إلا بقرينة فاسدة .
- وهذا خيرهم ، فما بالك بشرهم ، واعلم قبحهم " بالقياس " إلى جمالهم .
مثل
- كان أحد الملوك يتقدم نحو المسجد ، وكان النقيب والمطرق يضربان الناس .
- كان المطرق يشج رأس أحدهم ، وكان النقيب يمزق ثوب آخر .
- ومن بينهم كان هناك محزون تلقى عشرة ضربات من العصا دون ذنب إلا أن يتنحى عن الطريق .
2475 - فاتجه إلى الملك ودمه يسيل قائلا ، انظر إلى الظلم الظاهر ، فما بالك بالخفى ؟
- وهذا خيرك وأنت ماض إلى المسجد أيها الغوى ، فما بالك بشرك ووزرك .
- ولا يسمع شيخ سلاماً من خسيس ، دون أن يلتوى " ألماً " منه في النهاية .
- وان يظفر الذئب بالولي أفضل له من أن تظفر به النفس الأمارة .
- لأنه مهما كان الذئب ظالماً ، لكن ليس عنده حيلة أو مكر أو كيد .
2480 - وإلا متى كان يسقط في الفخ ، لكن المكر عند الانسان شديد . « 1 »
- قال الكبش للثور والجمل ، يا رفيقي ، ما دمنا قد اتفقنا على هذا ،
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 146 - ومكره أنه يظن أنه صاحب الكرم يسمع صوت " المتظلم " ويقول أنا الكرم .
« 222 »
- فليذكر كل واحد منا عمره ، والأكبر سنا أولى " بالعشب " وعلى الباقين الرضا .
- قال الكبش ، إن المرج الذي كنت أرعى فيه في تلك العهود كان نفس مرج الكبش الذي فدى إسماعيل .
- وقال الثور أنا أسن منك ، فأنا زوج تلك البقرة التي زوجها آدم .
2485 - أنا زوج تلك البقرة التي كان آدم جد البشر يحرث بها الأرض .
- وعندما سمع الجمل ذلك من الكبش والثور تعجب ، مد رأسه إلى الأرض وحمل العشب .
- ورفع إلى الهواء تلك الحزمة من القصيل ، ذلك الجمل الأصيل سريعاً بلا قال أو قيل .
- قائلًا : لا حاجة بي إلى التاريخ ، وأنا لي هذا الجسد " العظيم " والرقبة العالية .
- وكل انسان يعلم يا روح أبيكما ، أنني لست بالأصغر منكما .
2490 - كما يعلم كل أصحاب النهى ، أن وجودي وأصلى زائد عمالكما .
- والناس جميعاً يعلمون أن هذا الملك العالي ، هو مائة ضعف قدر هذا التراب الذليل .
- فأين فسحة رقاع السماء من أصل بقاع المتربة ؟ !
جواب المسلم بما رآه على رفيقيه اليهودي والمسيحي
وحسرتهما على الطعام
- ثم قال المسلم : يا رفيقي ، لقد جاء إلى المصطفى سلطاني . « 1 »
- وقال لي : لقد أسرع ذاك إلى الطور ومع كليم الحق لعب نرد العشق .
2495 - وذلك الآخر حمله عيسى صاحب القران إلى أوج السماء الرابعة .
- فانهض أيها العاجز المضرور ، وكل هذه الحلوى .
- إن هذين الفاضلين الممتلئين بالفضل قد انطلقا ، وقرآ كتاب الإقبال والمنصب .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 165 - سيد السادات سلطان الرسل ، مفخر الكونين هادي السبل .
« 223 »
- وأدرك هذان الفاضلان فضليهما ، واشتبكا مع الملائكة في الفضل .
- فهيا أيها السليم المخدوع المتروك في المؤخرة ، انهض واجلس إلى طبق الحلوى .
2500 - فقالا له : إذن وأنت الحريص ، آكلت ويا للعجب تلك الحلوى ؟
- قال : ما دام قد أمر ذلك الملك المطاع ، من أكون أنا حتى امتنع عن تلك " الحلوى " ؟
- فهل تعصى أيها اليهودي أمر موسى إذا دعاك إلى خير أو شر ؟
- وأنت أيها المسيحي اتجرؤ على الإشاحة بوجهك عن أمر المسيح في خير أو شر ؟
- فكيف أعصى أنا فخر الأنبياء ؟ لقد أكلت الحلوى ، وأنا سعيد بهذا الآن .
2505 - فقالا له : والله إنها رؤيا صادقة ، التي رأيتها أنت وهي أفضل من مائة رؤيا عندنا .
- إن حلمك يقظة يا صاحب السعادة ، فأثره واضح للعيان عند اليقظة « 1 » .
- فدعك من الفضل والمهارة والفن ، فان هذا الامر يحتاج الخدمة والوجه الحسن .
- ومن أجل هذا خلقنا الله تعالى ، إذما خَلَقْتُ. . .الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.
- فما ذا أفاد السامري ذلك الفضل ، إلا أنه رده عن باب الله .
2510 - وما ذا استفاد قارون من الكيمياء ، أنظر إلى الأرض وقد ابتلعته في قاعها ؟
- وما ذا كسب أبو جهل في النهاية من حيلته ؟ ، ذهب منقلباً من الكفران إلى سقر .
- فاعلم أن فضله ذاك هو أنه رأى النار عياناً ، لا " كما دل على النار الدخان " .
- ويا من دليلك أكثر نتنا عند اللبيب ، في الحقيقة من دليل ذلك الطبيب .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 165
- ان حلمك يقظة يا حسن الأصل ، فقد وصلت في منامك إلى المراد
- وحلمك يقظة يا حسن الطوية ، فمن نومك جاءك الأمر ب " كلوا "
- وحلمك يقظة أيها الرجل الطيب ، فمن حلمك هذا اصفر وجهانا
- وحلمك يقظة يا شبع الروح ، فقد رأيته عياناً بياناً
- وحلمك مثل حلم الأنبياء ، صار حقيقة دون تعبير .
« 224 »
- فإن لم يكن دليلك سوى هذا يا بنى ، كل الغائط وداوم النظر إلى البول .
2525 - ويا من دليلك مثل تلك العصا في كفك دل على عيب العمى « 1 »
- فثمة ضجة وقعقعة وهرج ومرج وخذ وقيد ، وأنت قائل ، انني لا أرى ، فاعذرنى .
نداء سيد ملك ترند أن كل من يذهب إلى سمرقند في ثلاثة أو أربعة أيام في مهمة كذا أعطيه خلعة وجواداً وغلاماً وجارية وذهبا كثيراً ، وسماع المهرج خبر هذا المنادى في القرية ومجيئه في خيل البريد إلى الملك قائلًا : أنا لا أستطيع الذهاب
- كان عند سيد ملك ترمذ مهرج على وعى .
- وكان لدى الملك أمر مهم في سمرقند ، فبحث عن رسول ينجزه .
- فأمر بانداء بأن كل من يأتيني بخبر من هناك في خمسة أيام ، أهبه الكنوز .
2520 - كان المهرج في القرية وسمع بذلك ، فركب وأخذ يجد في السير إلى ترمذ .
- ونفق جوادان في ذلك الطريق ، من سوق الجياد على ذلك النمط .
- ودخل إلى الديوان مسرعاً بتراب الطريق ، في وقت غير مناسب واتخذ طريقه إلى الملك .
- ووقع اللغط في كل الديوان ، ووقر القلق في قلب ذلك السلطان .
- وهلعت قلوب كل الخواص والعوام في المدينة ، ترى أي اضطراب حدث وأي بلاء نزل .
2525 - ترى ، أهجم عدو قاهر علينا ؟! أو هل نزل بنا بلاء مهلك من الغيب ؟!
- بحيث دفع المهرج إلى السير الجاد ، بحيث قتل عدة جياد عربية في الطريق ؟
- واجتمع الخلق على قصر الملك متسائلين ، لماذا جاء ذلك المهرج سريعاً هكذا ؟
- فمن سرعته هذه ومبالغته في الجهد ، وقعت الضجة والاضطراب في ترمذ .
- فهذا ضارب بيديه على ركبتيه ، وذلك من الخوف صارخ واويلاه .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 166 - إن دليلنا مثل فكرنا ذليل ، وكثرتنا عند العلماء قليلة .
« 225 »
2530 - ومن الرعب والفتنة وخوف النكال ، ذهب كل قلب إلى مائة حي من أحياء الخيال .
- وأخذ كل انسان يحدس حدساً من القياس ، ترى أي نار وقعت في الغطاء ؟ !
- طلب المثول ، وأعطاه الملك الإذن على الفور ، وعندما قبل الأرض بين يديه ، سأله : هه ، ماذا حدث ؟
- كان كل من يسأل عن الحال من ذلك العبوس ، كان يضع يده على شفيه بما يعنى : صمتاً .
- فكان الخوف يزداد من وقاره ذاك ، وصار الجميع من القلق محملقين فيه .
2535 - وأشار المهرج ، قائلًا : يا مليك الكرم ، أمهلني لحظة حتى التقط أنفاسى .
- وحتى يعود إلى عقلي لحظة ، فقد سقطت في عالم عجيب .
- وبعد برهة ، تمرر فيها حلق الملك وفوه من الوهم والظن .
- إذ لم يكن قد رأى المهرج على هذه الحال ، فلم يكن هناك جليس أكثر منه مرحاً .
- كان دائماً ما ينشر المزح والقصص ، كان يجعل الملك ضاحكاً سعيداً .
2540 - وكان يجعله ضاحكاً في مجلسه بحيث يمسك الملك بطنه بكلتا يديه .
- حتى لا يهن جسده من قوة الضحك ، ويسقط على وجهه .
- ثم هو اليوم شاحب عبوس إلى هذا الحد ، يضع يده على شفته بما يعنى صمتاً أيها الملك .
- كان هناك وهم في وهم وخيال في خيال ، تطوف بالملك ، ترى ماذا يأتي من نكال ؟ !
- فقد كان الملك مهموماً خائفاً ، ذلك أن خوارزم شاه كان ممعناً في سفك الدماء .
2545 - وكان قد قتل كثيراً من ملوك تلك الناحية ، إما حيلة ، وإما سطوة ، ذلك العنود .
« 226 »
- وملك ترمذ كان أيضاً يخشاه ، وزاد وهمه هذا من ألاعيب المهرج .
- فقال ، هيا ، أسرع قل ما حدث ، فمم اضطرابك وقلقك هذا ؟
- قال : لقد سمعت في القرية ان الملك ، وضع منادياً على مفترق كل طريق .
- هاتفاً ، أريد شخصاً يسوق لثلاثة أيام حتى سمرقند وأعطيه الكنوز .
2550 - أعطيه الكنوز في المقابل ، عندما يتم الغرض من أداء الرسالة .
- وأنا أسرعت إليك ، من أجل أن أقول لك ، إنني لا أستطيع هذا .
- إن مثل هذا المهارة لا تتأتى من مثلي ، فلا تأمل هذا فىّ .
- قال الملك : اللعنة على سرعتك هذه ، التي أحدثت مائة ضجة في المدينة .
- أمن أجل هذا القدر أيها الساذج الغفل أضرمت النار في المرج والعشب ؟ !
2555 - مثل أولئك السذج ذوى الطبول والأعلام ، يصيحون نحن الرسل المسرعون في الفقر والعدم .
- لقد ألقوا بنفاج المشيخة في العالم ، وجعلوا من أنفسهم أمثال " بايزيد " .
- صار كل منهم سالكاً من ذاته واصلًا في ذاته ، وأقام محفلًا في موضع الدعوى .
- مثلما يكون منزل العريس مليئاً بالفتنة والشر ، وقوم " العروس " لا علم لهم بهذا الأمر .
- وثمة ضجة بأن الأمر قد تم نصفه فحسب ، والشروط التي كان ينبغي ان تقوم بها قد تمت .
2560 - لقد كنسنا المنازل وزيناها ، ونهضنا سكارى منتشين من هذا الهوس .
- فهل ثم رسالة جاءت من تلك الناحية ؟ ابداً ، وهل جاء طائر إلى هذه الناحية من ذلك السطح ؟ ! اطلاقاً .
- وعلى هذه الرسائل المتتالية ، هل وصل إليكم جواب من تلك الأنحاء ؟
« 227 »
- لا ، لكن حبيبنا عالم بهذا الأمر ، ذلك لأنه لا بد أن يكون هناك طريق من القلب إلى القلب .
- إذن ، لماذا يكون الطريق خالياً من جواب خطاب من ذلك الحبيب الذي هو أملكم ؟ !
2565 - وهناك مائة دليل في السر والعلن ، لكن ، أقصر ولا تكشف الستار عن هذا الباب .
- وعد نحو قصة ذلك المهرج الأحمق ، الذي جلب البلاء على نفسه من ذلك الفضول .
- إذ قال وزيره : يا عماد الحق ، استمع من أقل عبادك إلى عبارة واحدة .
- إن المهرج قد أتى من القرية لأمر ما ، إلا أن رأيه قد تغير ، وندم .
- إنه يقوم بتجديد الحيل القديمة ، ويقوم بالخروج من هذا الأمر عن طريق التهريج .
2570 - لقد أبدى الغمد وأخفى السيف ، وينبغي تعذيبه بلا توقف .
- فإنك ان لم تكسر الفسدق أو الجوز ، لا هو يبدي لبه ولا هو يعطى الزيت .
- لا تستمع إلى دفاعه وإنكاره وذلاقة لسانه ، بل أنظر إلى رعشته ولونه .
- لقد قال الحق " سيماهم في وجوههم " ، ذلك أن السيماء منبئه ومنمة .
- إن هذا العيان ضد ذلك الخبر ، فإن هذا الانسان قد خلق معجوناً في الشر .
2575 - فقال المهرج صارخاً باكياً ، أيها الصاحب ، لا تسع في دم هذا هذا المسكين .
- فكثير من الظن والوهم يأتيان في الضمير ، لا تكون صادقة أو حقيقية أيها الأمير .
-إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌأيها الوزير ، وليس الظلم بالحق وبخاصة على الفقير .
« 228 »
- إن الملك يعاقب من يضايقه ، فمن أي شئ يعاقب من يضحكه ؟
- لكن قول الوزير أثر في الملك ، وصار كاشفاً لهذا المكر ولهذا التزوير .
2580 - فقال " خذوا " المهرج إلى السجن ، وإياكم أن تغتروا بنفاقة أو احتياله .
- واضربوه كما تضرب الطبول الجوفاء ، حتى يخبرنا " بالأمور " مثلما تخبرنا الطبول .
- إن الطبلة قد تكون مرتخية أو مشدودة مليئة أو فارغة وصوتها ينبؤنا بكل هذه الأمور .
- وحتى يضطر إلى البوح بسره ، بحيث تطمئن هذه القلوب .
- فما دام القول الصادق ذو الضياء طمأنيته ، فإن القلب لا يستريح إلى القول الكاذب .
2585 - فالكذب كالقذى والقلب كالفم ، ولا يخفى القذى في الفم أبداً .
- وما دام فيه يتحرك اللسان حتى يدركه ويخرجه من الفم .
- وخاصة عندما تسقط قشة من الريح في العين ، تأخذ العين في " سكب " الدموع ، والانغلاق والانفتاح .
- إننا نركض الآن في أثر هذه القشة ، حتى يتخلص الفم وتتخلص العين من تلك القشة .
- قال المهرج ، أيها الملك ، تريث ، ولا تخمش وجه الحلم والعفو ! !
2590 - ما هذا التعجيل في الانتقام إلى هذا الحد ؟ ! ، إنني لن أطير فأنا في يدك .
- وذلك التأديب الذي يكون من أجل الله ، لا تجوز العجلة فيه .
- وذلك الذي يكون من الطبع ومن الغضب العارض ، يكون الإسراع فيه ،
« 229 »
حتى لا يستر ضيه أحد .
- ويخشى أن يأتيه الرضا فيسكن الغضب ، ويفوته الانتقام ولذته منه .
- والشهية الكاذبة تسرع في الطعام ، خوف فوت اللذة ، وهذا في حد ذاته سقم .
2595 - وفي الشهية الصادقة يكون التمهل أولى ، حتى يصير " الطعام " مستساغاً دون ضرر .
- إنك تضربني من أجل رفع البلاء ، حتى ترى الفجوة ، وتقوم بسدها .
- حتى لا يخرج البلاء من هذه الفجوة ، وغيرها ، القضاء لديه الكثير .
- ووسيلة دفع البلاء لا تكون الظلم ، بل الوسيلة هي الإحسان والعفو والكرم .
- لقد قال صلى اللَّه عليه وسلّم : الصدقة مَرَد للبلاء ، وداو مرضاك بالصدقة ، أيها الغنى .
2600 - وليس من قبيل الصدقة إحراق الفقير ، وإصابة العين التي تفكر في الحلم بالعمى .
- قال الملك : إن الخير طيب وموقعه طيب ، لكن عندما تقوم بالخير في موضعه ! !
- إنك إن وضعت الملك في موضع " الرخ " فهذا خراب ، ووضع " الحصان " في مكان " الملك " جهل .
- وفي الشريعة هناك العطاء وهناك أيضاً العقاب ، فللملك الصدر ، وللفرس العتبة .
- فما هو العدل ؟ ! إنه وضع الشئ في موضعه ، وما هو الظلم ؟ ! إنه وضع الشئ في غير موضعه ! ! « 1 »
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 171 :
- وما هو العدل إنه روى الأشجار ، وما هو العظم : إنه روى الأشواك .
« 230 »
2605 - وليس باطلا كل ما خلقه الله سبحانه وتعالى ، من غضب ومن حلم ومن نصح ومن كيد .
- ولا يوجد شئ منها خير مطلق ، كما أنه لا يوجد شئ منها شر مطلق .
- ونفع كل منها وضره في موضعه ، والعلم على هذا الوجه واجب ونافع .
- ورب عقاب يقع على المسكين ، ويكون في ثوابه أفضل من الخبز والحلوى ! !
- ذلك أن الحلوى في غير أوانها تسبب الصفراء ، والصفع الذي يقع على " المرء " يخلصه من خبثه .
2610 - فاصفع المسكين لكن حينما يجب الصفع ، فإنه يخلصه من ضرب العنق .
- إن الضرب في معناه إنما يقع على الطوية السيئة ، والعصا تقع على التراب لا على اللباد .
- فلكل سلطان " مجلس " لهو وسجن ، فاللهو للمخلص والسجن للفج غير الناضج .
- وينبغي أن يشق الجرح لكي تضع عليه المرهم ، وإلا جعلت الصديد متمكناً من الجرح .
- حتى يأكل اللحم من تحته ، " ففي " تركة " نصف نفع وخمسون ضرر ! !
2615 - قال المهرج : أنا لا أقول أعف ، لكني أقول : تحر الأمر .
- وانتبه ، ولا تغلق طريق الصبر والتأنى ، واصبر وفكر عدة أيام .
- فإنك بالتأني تصل إلى اليقين ، وتقوم بعقابى على اليقين .
- فلماذا تحقق في مشيك " قوله تعالى "يَمْشِي مُكِبًّا، بينما يجوز لك أن تمشى مستويا مستقياً .
« 231 »
- واستشر جماعة من الصالحين ، واعلم أن الأمر ب " شاورهم " نزل على الرسول .
2620 - ومن هنا كانت الآية الكريمة أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ، فمن الشورى يقل السهو ويقل الضلال .
- وهذه العقول مثل المصابيح المضيئة ، وعشرون مصباح أكثر نوراً من مصباح واحد ! !
- فلعل مصباحاً بينها ، يكون مضيئاً بنور السماء .
- وإن غيرة الحق قد وضعت حجاباً ، ومزجت العلوي والسفلى معاً ! !
- فقال " سيروا " وداوموا على الطلب في الدنيا ، واعكفوا على امتحان الحظ والرزق .
2625 - وفي المجالس داوم على البحث في العقول ، عن مثل ذلك العقل الذي كان للرسول .
- ذلك أن هذا هو ميراث الرسول فحسب ، إذ يرى الغيوب من قدام ومن وراء .
- واطلب في البصائر هذا البصر ، الذي لا يتحمل شرحه هذا المختصر .
- ومن هنا منع ذلك العظيم الترهب والخلوة في الجبل .
- حتى لا يفوت هذا النوع من اللقاء ، فهو نظرة الإقبال وإكسير البقاء .
2630 - ومن بين الصالحين هناك من هو أصلح ، وعلى رأس توقيعه تصديق السلطان .
- وقد صار دعاؤه مقرونا بالإجابة ، ولا يكون كفوا له كبار الإنس والجن .
- وفي مرائه سواء الصالح والطالح ، تكون حجته داحضة .
- فما دمنا قد رفعناه إلى أنفسنا ، قد قضينا على العذر وقضينا على الحجة .
« 232 »
- وما دام الحق قد جعل القبلة عياناً ، إعلم أن التحري بعدها مردود .
2635 - فهيا حول الوجه والرأس عن التحري ، فقد ظهر المعاد وظهر المستقر .
- فإنك إذا ذهلت لحظة واحدة عن هذه القبلة ، تصير مسخراً لكل قبلة باطلة .
- وعندما تصير جاحداً لمن يهبك التمييز ، فإنما ينفر منك خاطر العارف بالقبلة .
- فان كنت تريد البرِ والبُر من هذا المخزن ، لا تبتعد لحظة عمن يشاركونك الألم .
- ففي تلك اللحظة التي تفر فيها من المعين ، فإنك تبتلى ببئس القرين .
حكاية تعلق الفأر بالضفدعة .
وربطها لرجليهما معاً بخيط طويل واختطاف الغراب للفأر وبقاء الضفدع
معلقاً في الفضاء وعويلها وتدلها على تعلقها بمن هو من غير جنسها ،
وعدم تجانسها مع من هم من جنسها
2640 - شاء القضاء أن يتعارف فأر وضفدع على حافة جدول .
- واتفقا على موعد كل صباح ، يلتقيان في ركن ما .
- فكان كل منهما يلعب نرد القلب مع الآخر ، ويصفى كل ما في صدره من وساوس للآخر .
- كان لقلب كل منهما متسع وفسحة من اللقاء ، كان كل منهما يبوح للآخر ويستمع إليه .
- كانا يتحدثان بالأسرار بلسان وغير لسان ، فاعلم اذن تفسير الجماعة رحمة .
2645 - وعندما اقتران ذلك الفرح بذلك السعيد لخمس سنوات كان يتعلم قصصه
« 233 »
- وجيشان النطق من القلب هو علامة المحبة ، وفقدان النطق يكون من عدم الألفة .
- والقلب الذي رأى الحبيب متى يبقى عبوساً ، والبلبل الذي رأى الورد متى يبقى صامتاً .
- إن السمكة المشوية عادت إلى الحياة بلمسة من الخضر واتخذت سبيلها إلى البحر .
- وعندما جلس الحبيب مع الحبيب ، صارت مئات الآلاف من ألواح الأسرار معلومة ! !
2650 - واللوح المحفوظ هو جبهة الحبيب ، يبدي " للحبيب " سر الكونين عياناً .
- والحبيب في قدومه هو هادي الطريق ، ومن هنا قال المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم أصحابي نجوم .
- والنجم هادي في الصحراء وفي البحر ، فركز بصرك على النجم فهو مقتدى .
- واجعل العين دوما قرينة لوجهه ، ولا تثر الغبار عن طريق الجدل والحديث .
- ذلك أن النجم يصبح مختفيا من هذا الغبار ، فالعين أفضل من لسان ذي عثار .
2655 - حتى يتحدث ذلك الذي شعاره الوحي ، فهو الذي يهدىء التراب ولا يثير الغبار .
- وعندما صار آدم مظهرا للوحي والوداد ، انطلقت ناطقته مصداقا لعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ.
- ومن صحيفة القلب جرى على لسانه اسم كل شئ كما هو عليه .
- كان اللسان يتحدث جهارا عند رؤيته بكل خواصه وماهيته .
- بنفس ذلك الاسم الجدير بالشئ ، لا مثلما يطلق على المخنث اسم أسد .
« 234 »
2660 - كان نوح " ماضيا " في الطريق السوى لتسعمائة سنة ، وفي كل يوم كان له تذكير جديد .
- وربما كان ياقوته من ياقوت القلوب ، ولا قرأ الرسالة ولا قوت القلوب .
- ولم يتعلم الوعظ قط من الشروح ، بل من ينبوع الكشوف وشرح الروح .
- من تلك الخمر التي عندما تحتسى ، يفور ماء النطق حتى من الأخرس .
- ويصير الطفل الوليد حبراً فصيحاً ، ويقرأ الحكمة البالغة كأنه المسيح .
2665 - ومن الجبل الذي وجد حلاوة الشفة من تلك الخمر ، تعلم داود النبي مائة غزل .
- وتركت كل الطيور شقشقتها ، وصارت متحدثة مع الملك داود ، رفيقة له ! !
- وأي عجب أن يصير الطير ثملًا به ؟ ! ما دام الحديد قد سمع نداء يده ! !
- وريح الصر صر التي صارت قاتلة لعاد ، كيف صارت حمالة لسليمان .
- وريح أخرى كانت تحمل على رأسها عرش الملك كل صباح ومساء على طريق مسيرته شهر .
2670 - صارت حمالة له ، وجاسوسة له ، جاعلة قول الغائب محسوسا له - كانت الريح عندما تجد همسا تسر به نحو أذن الملك .
- قائلة : إن فلانا قال كذا ، في هذه اللحظة يا سليمان العظيم ، يا صاحب قران " السعدين "
تدبير الفأر مع الضفدع وقوله :
إنني لا أستطيع أن أجىء إليك في الماء عندما أريدك ،
فينبغي أن تكون بيننا صلة بحيث أستطيع عندما أجىء إلى حافة الجدول
أن أخبرك بقدومي كما تستطيع أنت أن تخبرني عندما تجىء إلى فوهة الحجر
. . . إلى آخره
« 235 »
- وهذا الكلام لا نهاية له : إذ قال الفأر للضفدع ذات يوم ، يا مصباح الوعي .
- هناك أوقات أود فيها أن أفضى إليك بسر ، وأنت آنذاك تجول في الماء جولان التركي .
2675 - وأكون على حافة الجدول مناديا إياك ، لكنك لا تستمع في الماء إلى أنين العاشقين .
- وفي هذا الوقت المحدد أيها الهمام ، لا أشبع أنا من الحديث معك .
- أن للصلاة والهداية خمسة أوقات ، والعشاق في صلاتهم دائمون .
- وذلك الخمار الذي في تلك الرؤوس ، لا يهدأ بخمسة أوقات ولا بخمسائة الف .
- وليست عبارة " زر غبا " من عادة العشاق ، وأرواح الصادقين شديدة الاستسقاء .
2680 - وليست زرغبا من عادة الأسماك ، فلا أنس لأرواحها بعيداً عن البحر .
- إن ماء هذا البحر على عظمته وهوله ، هو جرعة واحدة بالنسبة لخمار الأسماك .
- ولحظة واحدة من الهجران بالنسبة للعاشق كأنها عام ، ووصل عام متصل عنده كأنه الخيال .
- إن العشق مستسق يطلب المستسقى ، وكلاهما في أثر الآخر كالليل والنهار .
- فالنهار عاشقٌ لليل منجذب إليه ، وعندما تمعن النظر " تدرك " أن الليل أكثر عشقا له ! !
« 236 »
.
يتبع