حكاية ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا من محتسب تبريز .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
حكاية ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا على مدونة عبدالله المسافر باللهحكاية ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا من محتسب تبريز المثنوي المعنوي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
[ حكاية ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا من محتسب تبريز ]
قصة ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا من محتسب تبريز واقترض كثيرا على أمل ذلك الراتب دون أن يعلم بوفاته . . .
والنتيجة أن ديونه لم يقضها حي قط ولم تقض إلا من المحتسب المتوفى كما قيل :
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
- جاء أحد الدراويش من أطراف الديار إلى تبريز مدينا .
- كان مدينا بتسعة آلاف دينار ذهبي ، على أمل أن بدر الدين عمر موجود في تبريز .
3025 - كان محتسبا قلبه كالبحر ، وكل طرف شعرة منه موضعٌ " لجواد " كحاتم .
- ولو كان حاتم موجوداً لكان قد تسول منه ، ولطأطأ رأسه ولصار ترابا تحت قدمه .
« 262 »
- ولو كان يعطى الظمآن البحر الزلال ، لكان خجلا في كرمه من ذلك النوال ! .
- ولو أعطى إحدى الذرات شمسا ، لكان ذلك غير جدير بهمته .
- جاء ذلك الغريب على رجائه ، فقد كان للغرباء قريب ونسيب .
3030 - كان ذلك الغريب معتادا على بابه ، وكان قد قضى ديونا لا حد لها من عطائه .
- ولقد استدان أيضاً معتمدا على ذلك الكريم ، فقد كان الرجل واثقا من عطاياه .
- واعتمادا عليه صار لا مباليا مدينا ، على أمل البحر المتطبع بالكرم .
- فالمدينون عبوسون وهو متهلل الوجه ، ضاحك كالورد من ذلك الذي هو روض الكرام .
- ومن صارت له شمس العرب ظهيرا قويا ، أي حزن له من شوارب أبى لهب .
3035 - فما دام عنده عهد السحاب وعلى صلة به ، متى يمنع عنه السقاة الماء ؟ ! .
- والسحرة المتفهمون لقدرة الله ، متى يبدون لهذه الأيدي والأقدام اهتماماً ؟ !
- والثعلب الذي يكون له عون من ذلك الأسد ، يكسر جماجم النمور بقبضته .
مجىء جعفر رضى اللّه عنه الاستيلاء على قلعة وحده واستشارة ملك تلك القلعة
وزيره في دفعه وقول ذلك الوزير للملك : احذر وسالم ولا تتهور جهلا فهذا الرجل مؤيد
وله من الحق جمع عظيم في روحه . . . إلى آخره . . .
- عندما ذهب جعفر نحو إحدى القلاع ، والقلعة أمام فمه الظمآن جرعة واحدة .
« 263 »
- وهاجم وهو راكب وحده القلعة كارّا ، حتى أغلقوا أبواب القلعة من الحذر .
3040 - ولم تكن لأحد الجرأة على أن يتقدم لمنازلته ، فأين جرأة لراكب السفينة على التمساح ؟ ! .
- واتجه ذلك الملك إلى الوزير قائلا : ما الحل الأن أيها المشير ؟ !
- قال : " الحل " هو أن تترك الكبرياء والحيلة ، وأن تتقدم إليه بالسيف والكفن .
- قال : أليس رجلا واحداً آخر الأمر ؟ ! ، قال " الوزير " لا تنظر باستهانة إلى فردية المرء .
- فافتح عينك وانظر جيدا إلى القلعة ، إنها مرتعدة مثل الزئبق أمامه ! ! .
3045 - وهو متربع على سرجه ثابت الجأش ذاك ، وكان الشرق والغرب معه .
- ولقد انطلق عدد من الأشخاص بفدائية مهاجمين إياه وألقوا بأنفسهم عليه .
- فكان يضرب كل واحد منهم بمقمعه ، ويجندله تحت أقدام جواده .
- كان صنع الحق قد أعطاه جماعة ، بحيث كان يهجم وحده على أمة .
- وعندما أبصرت عيني وجه ذلك العظيم ، سقطت كثرة الأعداد ، من عيني .
3050 - وبالرغم من أن النجوم كثيرة والشمس واحدة ، إلا أن بناء النجوم مندك أمامها .
- وإذا أطلت آلاف الفئران من جحورها ، فليس عند القط خوفٌ منها ولا حذر .
- وإن صاحوا أن الفئران تتقدم يا فلان ، فليس هناك جماعة داخل أرواحها .
- بل هي جماعة مجتمعة بالصور ، فاطلب جمع المعنى من الخالق .
- وليست الجماعة من كثرة الأجسام ، فالأجسام قائمة على الرياح كالأسماء .
3055 - ولو كانت هناك جماعة في قلوب الفئران ، لاجتمع عددٌ من الفئران حمية ؛
« 264 »
- ولهجمت بحملة فدائية ملقيت بأنفهسا على القط دون إمهال .
- ولا قتلع ذاك عينه بمخلبه ، ولمزق هذا أذنه بنابه .
- ولثقب ذلك جنبه ، ولقل خروجه عليه ، من تجمعهم .
- لكن أرواح الفئران لا جماعة فيها ، فيهرب الوعي من أرواحها عندما يموء القط .
3060 - ويتجمد الفأر في مكانه من ذلك القط العيار ولو بلغت الفئران مئات الآلاف عدداً .
- وأي حزن لدى القصاب من القطيع الكبير ، وهل يمكن للوعى الكثير أن يسد طريق النوم ؟ !
- إن مالك الملك يعطى الجماعة للأسد ، بحيث يهجم على جماعة من حمر الوحش .
- فكيف تصير مئات الآلاف من حمر الوحش ذات القرون العشرة عدما أمام صولة الأسد ؟ !
- وإن مالك الملك ليعطى ليوسف عليه السّلام مُلك الحسن ، حتى يصير مثل ماء المزن .
3065 - ويضع في وجه ما ضياء كوكب ، بحيث يصبح أحد الملوك غلاما لفتاة .
- ويهب نوره لوجه آخر ، بحيث يرى في منتصف الليل كل خير وكل شر .
- ولقد استمد يوسف وموسى عليهما السلام النور من الحق ، في الوجه والوجنة وفي ذات الصدور .
- كان وجه موسى عليه السّلام يلقى بالضياء ، فعلق حجابا أمامه وجهه ! !
« 265 »
- كان نور وجهه يعشى بالبصر ، مثلما يفعل الزمرد بقوته بعين الحية .
3070 - وطلب من الله حتى يصبح ذلك الحجاب ساترا لذلك النور القوى .
- فقال : اصنع هذا الحجاب من خرقتك ، فهي لباس أمين بالنسبة للعارف .
- فإن ذلك الكساء وجد صبرا على النور ، إذ تألق نور الروح في سداه ولحمته .
- ولن يصبح وجاءًا سوى مثل هذه الخرفة ، ولن يتحمل نورنا سواها .
- ولو أن جبل قاف تقدم ليمنع ذلك النور ، لدكه النور كما دك جبل الطور .
3075 - ومن كمال القدرة أن أبدان الرجال ، وجدت الاحتمال للنور الذي لا مثيل له .
- وإن ما لا يتحمل الطور ذرة منه ، تجعل قدرته زجاجة مكانا له « 1 » .
- صارت المشكاة والزجاجة مكاناً للنور ، الذي يندك من نوره ذاك قاف والطور .
- فاعلم أن أجسادهم هي المشكاة وقلوبهم الزجاجة ، وقد أضاء هذا السراج فوق العرش والأفلاك .
- فكان نورهم حائرا ممحوا في هذا النور ، وفنى فيه كالنجم في هذا الضحى .
3080 - ومن هنا روى خاتم المرسلين ، عن ذلك المليك الأزلي الأبدي ؛
- إذ قال : لا يسعني فلك ولا خلاء ، ولا عقول ولا نفوس عالية ؛
- ويسعني كالضيف قلب المؤمن ، بلا شكل وبلا كيف وبلا كيفية .
- حتى أنه بواسطة هذا القلب ، يجد الفوق ويجد التحت أنواع الملك والإقبال .
- وبدون مثل هذه المرآة ، لا الزمان ولا المكان يتألقان من حسنى .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 246 :
- وذلك الذي لا يتحمله الطور ذرة منه أيها العظيم ، اتخذ مكانا له من زجاجة .
« 266 »
3085 - ولقد سقنا جواد الرحمة على الكونين ، وصنعنا مرآة شديدة الاتساع .
- وهناك من هذه المرأة في كل لحظة خمسون عرس ، فاستمع إلى المرآة ، لكن لا تسأل عن تفسير " ما تسمع " .
- الخلاصة أن " موسى " صنع حجابا من خرقته ، فقد كان يعلم نفوذ ذلك القمر .
- ولو كان هذا الحجاب من غير لباسه ، لتحطم ، حتى ولو كان الجبل الأشم .
- ولنفذ من الجدران الحديدية ، وماذا كان الحجاب يفعل من فيه مع نور الحق ؟
3090 - كان ذلك الحجاب قد صار صاحب نور ، إذ كان عند الوجد خرقة عارف « 1 » .
- ومن هنا تصير النار منقادة عند المحترق الذي جرب النار من قبل .
- ومن الهوى وعشق نور الرشاد ذاك ، أذهبت " صافورا " كلتا عينيها أدراج الرياح .
- لقد فتحت عينا واحدة في البداية ورأت نور وجهه فضاعت تلك العين .
- ثم لم يبق لها بعدها صبر ، وفتحت العين الأخرى ، وضحت بها من أجل ذلك القمر .
3095 - مثل ذلك الرجل المجاهد يهب الخبز ، وعندما يسطع عليه نور الطاعة يبذل الروح .
- فقالت لها امرأة : أمن أجل تلك العين الجميلة التي ضاعت منك تتحسرين ؟ ! .
- قال إنني أتحسر على أنه لو كانت لي ألف عين لكنت ضحيت بها كلها .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 247 :
- كان ذلك الحجاب قد صار ساترا للنور ، إذ كان من خرقة صاحب حضور .
« 267 »
- لقد خربت كوة عيني من القمر ، لكن القمر قبع في الخرابات كالكنز .
- فمتى يسمح الكنز أن تذكر خراباتى هذه رواقى ومنزلي ! !
3100 - وكان نور وجه يوسف عليه السّلام عند سيره ينفذ من نوافذ كل القصور .
- فكانوا يتهامسون داخل الدور قائلين ، ها هو يوسف هنا في جولانه ومروره ! !
- ذلك أنهم كانوا يرون على الجدار ذلك الشعاع ، فكانوا يفهمون ، سكان تلك البقاع .
- والمنزل الذي يكون له كوة على تلك الناحية ، يكون له الشرف من طواف يوسف ذاك .
- فانتبه ، وافتح كوة ناحية يوسف ، وابدأ في المشاهدة من فرجتها .
3105 - وإن مزاولة العشق هي صنع تلك الكوة ، فمن جمال الحبيب بكون الصدر منورا .
- إذن فانظر إلى وجه المحبوبة دائما ، وهذا في يدك فاسمع أيها الأب .
- واجعل طريقا متجها نحو بواطنك ، وأبعد الإدراك الذي يفكر في الغير .
- وعندك كيمياء اجعلها دواءً للفشور ، واجعل الأعداء بهذه الصنعة أصدقاء .
- وعندما تصير جميلا تصل إلى ذلك الجميل الذي يخلص الروح من العزلة والوحدة .
3110 - فإن ظله تربية لبستان الأرواح ، ونَفَسُه إحياء لقتيل الغم .
- أليس هو الذي يهب كل ملك الدنيا الدون ، ويمنح مئات الآلاف من أنواع الملك المختلفة ؟
- وفوق ملك جماله أعطاه الحق ملكه التعبير دون درس أو تمرين ! !
« 268 »
- وملك الحسن جره نحو السجن ، أما ملك العلم فقد سما به إلى عطارد .
- صار الملك غلاما له لعلمه وفضله ، ذلك أن مُلك العلم محمود عن ملك الحسن ! !
عودة إلى حكاية ذلك الشخص المدين ومجيئه إلى تبريز
على أمل عناية ذلك المحتسب
3115 - لقد جد ذلك الغريب الممتحن خوفا من الدين في الطريق نحو دار سلامه .
- ذهب صوب تبريز وحى كلستان ، وقد استرخى أمله فوق محفة من الورد .
- وطرقه نور فوق نور من تبريز دار الملك السنية ، على أمله .
- فضحكت روحه من روضة الرجال ، ومن نسيم يوسف ومصر الوصال .
- قال : " يا حادي أنخ لي ناقتي ، جاء إسعادى وطارت فاقتي ؛
3120 - ابركى يا ناقتي طاب الأمور : إن تبريز مناخات الصدور
- إسرحي يا ناقتي حول الرياض ، إن تبريز لنا نعم الوفاض " « 1 » .
- أيها الجمال ، أنزل الأحمال من فوق الجمال ، فهذه هي مدينة تبريز وهذا هو حي كلستان .
- إن لهذه المزرعة بهاء الفردوس ، ولتبريز هذه نور العرش .
- وفي كل لحظة نور للروح ، مثير للروح ، من فوق العرش ، على أهل تبريز .
3125 - وعندما طلب منزل المحتسب ذلك الغريب ، قال له الناس لقد توفى ذلك الحبيب .
..............................................................
( 1 ) ما بين القوسين بالعربية في المتن .
« 269 »
- لقد انتقل أول أمس من دار الدنيا ، والرجال والنساء في حزن على وفاته .
- لقد مضى ذلك الطاووس العرشى نحو العرش ، عندما وصلته من الهاتفين رائحة العرش .
- وبالرغم من أن ظله كان ملجأ للخلق ، إلا أن الشمس سرعان ما طوته ! ! .
- لقد ساق سفينته من هذا الساحل أول أمس ، فقد مل هذا السيد من دار الحزن هذه ! ! .
3130 - فصاح الرجل وخر مغشيا عليه ، وكأنه هو الأخر قد أسلم الروح في أثره .
- فرشوا وجهه بماء الورد والماء ، وبكى رفاقه على أحواله .
- وظل مغشيا عليه حتى الليل ، ثم عادت روحه من الغيب بين الحياة والموت .
علم ذلك الغريب بوفاة المحتسب واستغفاره عن الاعتماد على المخلوق
وتعويله على عطاء المخلوق وتذكره للنعم التي أنعم الله بها عليه
وإنابته إلى الحق من جرمه ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
- وعندما أفاق ، قال : أيها الإله : لقد كنت مجرما إذ كنت آملا في الخلق .
- وبالرغم من أن " السيد " كان قد أبدى من السخاء الكثير ، إلا أن سخائه ذاك لم يكن قط كفو عطائك .
3135 - لقد وهب قلنسوة بينما وهبت أنت رأسا مليئة بالعقل ، وهو وهب قباءً وأنت وهبت القوام .
- لقد أعطاني الذهب وأعطيتني أنت اليد التي تعد الذهب ، لقد أعطاني الدابة ، وأعطيتني أنت العقل الذي يسوسها ! ! .
« 270 »
- لقد أعطاني السيد شمعا وأنت أعطيتني العين القريرة ، وأعطاني السيد " النُقل " وأعطيتني أنت شيهة الطعام .
- لقد أعطاني الراتب ، وأنت أعطيتني العمر والحياة ، ووعده بالذهب ، ووعدك أنت بالطيبات .
- لقد أعطاني المنزل ، وأنت أعطيتني الفلك والأرض ، وفي مأواك هو ومائة من العظام أمثاله « 1 » .
3140 - والذهب أيضاً منك وهو لم يخلق الذهب ، والخبز ملك لك ، وهو موصل له .
- وذلك السخاء وتلك الرحمة أنت أيضاً وهبتها إياه ، فقد كنت تزيده سروراً من سخائه .
- ثم جعلته هو قبلة لي ، وتركت صانع تلك القبلة في الأصل .
- وأين كنا نحن ، عندما كان ديان الدين يزرع العقل في الماء والطين ؟ !
- عندما كان يبدع الفلك من العدم ، وعندما كان يمد هذا البساط الترابى .
3145 - وعندما كان يضع مصابيح من الكواكب ، وعندما كان يصنع من الطبائع أقفالًا ذات مفاتيح .
- وما أكثر الأبنية الظاهرة والخفية ، التي أدرجها في هذا السقف وفي هذا الفراش .
- وآدم عليه السّلام هو اصطرلاب أوصاف العلو ، ووصف آدم هو مظهر لآياته .
- وكل ما يبدو فيه انعكاس له ، مثل انعكاس ضوء القمر في ماء النهر .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 263 :
- كل ما أعطاه أيها الملك أعطاه منك ، إذ خلقت قلبه ويده عظيمين ! !
« 271 »
- وعلى اصطرلابه نقوش العنكبوت ، ذات إثبات لأوصاف الأزل .
3150 - حتى يلقى عنكبوته بالدروس من الشروح ، عن فلك الغيب وعن شمس الروح .
- والعنكبوت وهذا الأصطرلاب للرشاد ، سقطا بلا منجم في أيدي العوام .
- لكنه أعطى الأنبياء حق التنجيم هذا ، إذ ينبغي للغيب عين ترى الغيب .
- وقد سقط " أهل " القرون في بئر الدنيا ، ورأى كل منهم صورته داخل البئر .
- رأوا صورهم في البئر ولم يروها خارجه ، وكالأسد المخدوع انطلقوا داخل البئر .
3155 - فاعلم أنه من الخارج ذلك الذي ظهر لك في البئر ، وإلا فأنت ذلك الأسد الذي سقط في البئر .
- أضله أرنب عن طريقه قائلا له : يا فلان ، إنه في قاع البئر ذلك الأسد الهصور .
- فامض داخل البئر وانتقم منه ، واقطع رأسه ما دمت أكثر قوة منه .
- إن ذلك المقلد صار مسخرا للأرنب ، وصار شديد الغضب من خياله هو .
- إنه لم يقل ، ليست هذه صورة من عطاء الماء ، وليست إلا غشا من ذلك الغشاش .
3160 - وأنت أيضا عندما تنتقم من العدو يا عبد " الجهات " الستة ، فأنت شديد الخطأ بالنسبة للجهات الستة .
- إن تلك العداوة فيه انعكاس للحق ، فهي مشتقة من صفات القهر هناك .
- وذلك الذنب فيه من جنس جرمك ، فينبغي أن تغسل هذه الخصلة من طبعك .
- لقد بدى خلقك القبيح فيه ، فقد كان لك مثل صفحة المرأة .
« 272 »
- فما دمت قد رأيت قبحك أيها الجميل ( ! ! ) في المرأة ، فلاتهجم على المرأة ! !
3165 - إن نجمة سنية تنعكس على الماء ، وأنت تحثو التراب على انعكاس النجمة ؛
- قائلًا : إن هذه نجمة نحس ظهرت في الماء حتى تجعل سعدنا دنيا .
- وتحثو تراب الغضب على رأسها ، ما دمت تظنها من خطنك نجمة .
- واختفت الصورة وسيقت نحو الغيب ، وأنت تظن أن تلك النجمة لم تبق .
- إن نجمة النحس تلك موجودة في السماء ، وينبغي أن تعالجها من تلك الجهة .
3170 - بل ينبغي أن يعلق القلب بحيث لا جهة ، إن النحس هنا هو انعكاس النحس الذي لا جهة له .
- فاعلم أن العطية هي عطية الحق وهبته هي انعكاس ذلك العطاء في " الحواس " الخمسة وفي " الجهات " الستة ! !
- وإذا كانت عطايا الأخساء أكثر عددا من الرمل ، فإنك تموت وتبقى هي ميراثا من بعدك ! ! .
- فحتام يمكن ناظرك في انعكاس " الأمور " ، اشتغل برؤية الأصل يا ضال الرؤية .
- فعندما جاد الحق على أهل الضراعة ، وهبهم مع العطاء العمر الطويل .
3175 - لقد صارت النعمة خالدة والمنعم عليه ، وهو محيى الموتى فاجتازوا إليه .
- إن عطية الحق تمتزج بك كالروح ، بحيث تصير هي أنت وأنت هي .
- ولو لم يبق الاشتهاء للخبز والماء ، فإنه يعطيك بلا هذين القوت المستطاب .
« 273 »
- وإن ذهبت عنك السّمنة فإن الحق يعطيك في النحول سمنة مختفية من ذلك الصوب ! !
- فما دام يعطى الجنى قوتا من الرائحة ، ويعطى لكل مَلَك قوت الروح .
3180 - فماذا تكون الروح حتى تتخذ منها أنت سنداً ، إن الحق يبقيك حيا بعشقه .
- فاطلب منه حياة العشق ولا تطلب الروح ، أطلب منه ذلك الرزق ولا تطلب الخبز .
- واعلم أن الخَلْق كالماء الصافي الزلال ، تتألق فيه صفات ذي الجلال .
- وعلمهم وعدلهم ولطفهم بمثابة " انعكاس " نجمة الفلك في الماء الجاري .
- والملوك هم مظهر لملوكية الحق ، والفضلاء مرآة لمعرفة الحق .
3185 - لقد مرت القرون ، وهذا قرن جديد ، والقمر هو القمر لكن هذا الماء ليس ذاك الماء .
- والعدل هو ذلك العدل ، والفضل هو ذلك الفضل ، لكن هذا القرن وهذه الأمم قد استبدلت .
- وتوالت القرون وراء القرون أيها الهمام ، وهذه المعاني مستقرة ودائمة ! !
- لقد تبدل الماء في هذا الجدول عدة مرات ، وانعكاس القمر وانعكاس النجم دائمان .
- إذن فليس أساسها هو الماء الجاري ، بل على أقطار عرض السماوات .
3190 - وهذه الصفات مثل النجوم المعنوية ، اعلم أنها مستندة على فلك معنوي .
- والحسان مرآة لحسنه ، وعشقهم صورة لطلبه .
« 274 »
- وهذا الخد والخال يمضيان إلى أصلهما ، فمتى يبقى الخيال في الماء دائما ؟ !
- إن كل الصور انعكاس لماء النهر ، وعندما تحك عينك فكل الأشياء هي هو .
- ثم قال له عقله : أترك هذا الحول ، فإن الخل هو الدبس والدبس هو الخل .
3195 - فكيف قلت أن السيد كغيره من القصور ، اخجل أيها الأحول من الملك الغيور .
- ولا تعتبر ذلك السيد الذي جاوز الأثير من جنس فئران الظلام هذه .
- فانظر إلى السيد الروح ، ولا تنظر إلى الجسد الثقيل ، انظر إليه كَلُب ولا تنظر إليه كعظام .
- ولا تنظر إلى السيد بعين إبليس اللعين ، ولا تنسبه إلى الطين .
- ولا تسم رفيق الشمس خفاشا ، ومن صار مسجودا له لا تعتبره ساجداً .
3200 - إن هذا يشبه الصور وليس بصورة ، فليس للحق ظهور على مثال الصورة .
- لقد رأى شمساً ، ولم يبق جامداً ، وزيت الورد لا يشبه زيت السمسم .
- وعندما بدلهم إبدال الحق ، " لم يعودوا " من الخلق فدعك من هذا .
- وكيف تصير قبلة الوحدانية اثنتين ؟ ! وكيف يصير التراب مسجودا للملائكة ؟
- ولما كان ما رآه المرء في هذا الجدول خيال تفاحة ، وملأت هذه الرؤية حجره بالتفاح ؛
3205 - فمتى كان ما رآه في الجدول خيالا ، وقد امتلأت من رؤيته مائة جوال ؟ ! « 1 »
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 266 :
- إن هذا يشبه الصور وليس بصورة ، والمعنى في الحقيقة يكون عكس الصورة .
« 275 »
- فلا تنظر إلى الجسد ، ولا تفعل ما فعله أولئك الصم والبكم ، إذكَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ *! !
- إن " أحمد " هو مصداقما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ، ومن ثم صارت رؤيته هي رؤية الخالق « 1 » .
- وخدمته هي خدمة الحق ، ورؤية النهار هي رؤية هذه الكوة .
- وبخاصة تلك الكوة المتألقة من ذاتها ، ليست تلك التي تكون رهنا بالشمس والفرقد .
3210 - وأيضاً من تلك الشمس التي طرقت الكوة ، لكن ليس عن الطريق والصوب المعهود .
- فبين الشمس وهذه الكوة طريق ، ليس للكوات علم به .
- هذه حتى أنه عندما يأتي سحاب ويغطى الفلك ، يكون نورها جياشا في هذه الكوة .
- فهو غير طريق هذا الجو والجهات الستة ، هناك ألفة بين هذه الكوة والشمس .
- إن مدحه وتسبيحه هو تسبيح الحق ، فإن الثمار تنبت من نفس هذا الطبق .
3215 - فالتفاح ينبت من هذه السلة بوفرة ، وليس عيبا إذا سميتها شجرة ،
- فسم تلك السلة شجرة تفاح ، فبينهما ، امتد طريق في الخفاء .
- وأن ما ينمو من الشجرة المثمرة ، ينمو من تلك السلة نفس ذلك النوع من الثمر .
- فانظر إلى السلة على أنها شجرة الإقبال ، واجلس سعيداً في ظل هذه السلة .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 266 :
- وقد اصطفاه الحق من بين الإنس والجان - ومن هنا سماه رحمة للعالمين ! !
« 276 »
- وما دام الخبز قد سبب لك الإسهال ، لا تسمه خبزاً بل سمه عقار المحمودة .
3220 - وإذا أضاء تراب الطريق الروح والبصر ، انظر إلى ترابه ككحل وسمه كحلا .
- وما دام الشروق يسطع من فوق هذه الأرض ، لماذا أرفع وجهي إذن إلى العيوق ؟ !
- لقد صار فناءً فلا تسمه وجودا أيها الوقح ، ومتى يبقى المدر جافا في مثل هذا النهر ؟
- ومتى يطلع الهلال أمام هذه الشمس ، ومع ذلك البطل « 1 » ، ماذا تكون قوة العجوز . . .
- إن ذلك الإله طالب وغالب ، حتى يدمر هذه الموجودات بأجمعها .
3225 - فلا تنطق بالاثنين ، ولا تعتبره اثنين ، ولا تسمه اثنين ، بل اعتبر العبد فانيا في سيده .
- ولقد فنى السيد في نور خالق السيد ، ومات وانتهى ودفن .
- فكيف تعتبر هذا السيد منفصلا عن الحق ، فتفقد المتن والديباجة على السواء ؟
- وهيا ، واعبر بالعين والقلب من هذا الطين ، إن هذه قبلة واحدة ، فلا تعتبرها قبلتين .
- فما دمت قد رأيتهما اثنين ، فقد عجزت من كل ناحية ، لقد اندلعت النار في المرخ ، وذهب المرخ .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : رستم .
« 277 »
مثل الأحول مثل ذلك الغريب في مدينة كاشان المسمى بعمر ،
ولهذا السبب حولوه من هذا الدكان إلى ذلك الدكان ولم يفهم أن كل الحوانيت واحدة
في أنها لا تبيع لمن يسمى عمر ، فقال في نفسه : لأتدارك الأمر في التو واللحظة
وأقول : لقد أخطأت ، ليس اسمى عمر ، وعندما أتوب وأتدارك الأمر أمام هذا الحانوت فإني أحصل على الخبز من كل حوانيت هذه المدينة ،
وإذا لم أتدارك الأمر وأظل اسمى بعمر ، أمر من هذا الحانوت محروما ،
وأكون أحول إذ اعتبرت كل هذه الحوانيت مختلفة عن بعضها ! !
3230 - إذا كان اسمك عمر وتكون في مدينة كاشان ، فإن أحداً لن يبيعك فطيرة واحدة ولو بمائة دانق ! !
- وعندما تقول أمام حانوت : أسمى عمر ، فبيعوا لعمر هذا الخبز كرماً .
- يقول لك : امض إلى ذلك الحانوت الأخر ، فإن رغيفاً واحدا منه أفضل من خمسين رغيف من هذا الحانوت .
- ولو لم يكن أحول في رؤيته ، لقال : ليس هناك حانوت آخر .
- ولأصاب إشراق عدم الحول قلب الكاشاني ، ولصار عمر علياً .
3235 - ومن هنا يقول لذلك الخباز ، بع الخز لعمر هذا أيها الخباز .
- وعندما سمع هو أيضاً اسم عمر سحب الخبز ، ثم أرسلك إلى حانوت بعيد .
- قائلًا : أعط عمر هذا الخبز يا شريكي ، ومعناه افهم السر من صوتي .
- وسوف يحولك هو أيضاً من ناحيته ، صائحاً : انتبهوا لقد جاء عمر ليحصل على الخبز .
- وإذا كنت عمر في حانوت واحد فامض ، وصر محروما من الخبز في كل كاشان .
« 278 »
3240 - وإذا قلت أن اسمك " على " في حانوت واحد ، فهيا خذ الخبز من هذا الحانوت ، دون تحويل ، ودون مشقة .
- وما دام الأحول ذو النظرتين قد حرم من الشرب ، فما بالك أنت وأنت ترى الشئ عشرة يا بائع أمك ! !
- وفي كاشان الدنيا هذه دوام على الطواف من حولك كعمر ، ما دمت لست عليا .
- فللأحول في هذا الدير الخرب انتقال مستمر من ناحية إلى أخرى ، لعل خيرا يقع .
- ولو كان لك عينان عارفتان بالحق ، فانظر إلى ساحة الدارين مليئة بالحبيب .
3245 - ولنجوت من التنقل من مكان إلى آخر ، في كاشان هذه المليئة بالخوف والرجاء .
- وانك إن رأيت في هذا الجدول برعمة أو شجرة ، فلا تتخيل أن كل جدول يشبهه .
- وأن يكون لك من نفس هذه الصور حق حقيقي وبيع للثمار ! !
- فالعين من هذا الماء تتحرر من هذا الحول ، فترى الصور ، وتمتلئ السلة .
- ومن ثم يكون هذا بالمعنى بستاناً ليس نهراً ، إذن فلا تخف كبلقيس من الصرح الممرد ! !
3250 - إن الأحمال متنوعة على ظهور الحمر، فانتبه ولا تسق كل هذه الحمر بعصا واحدة.
- فعلى ظهر حمار حملٌ من الياقوت والجوهر ، وعلى ظهر حمار آخر حمل من الحجر والمرمر .
« 279 »
- فلا تسق هذه الحكمة على كل الجداول ، وانظر إلى القمر في هذه الجداول ، ولا تعتبره صورته .
- إن هذا هو ماء الخضر ليس ماء الوجود والفخاخ ، وكل ما يظهر فيه يكون حقيقة .
- فمن قاع هذا الجدول يقول القمر أنا القمر ، لست صورة قمر ، أنا محادثك ورفيقك .
3255 - إن ما هو أعلى موجود في هذا الجدول، فاحصل عليه سواء من عل أو من الجدول.
- ولا تعتبر هذا الجدول مثل بقية الجداول ، واعتبره قمرا ذلك الشعاع من قمري الوجه « 1 » .
- إن هذا الكلام لا نهاية له وذلك الغريب ، بكى كثيرا من ألمه على السيد ، وصار كئيباً .
طواف رجل شهم بكل مدينة تبريز وجمعه لشئ قليل وذهاب ذلك الغريب
إلى قبر المحتسب زائرا وروايته لقصته على قبره نائحاً . . . إلى آخره
- لقد اشتهرت واقعة دينه هذا ، فتألم رجل شهم لألمه .
- ومن أجل جمع المال له طاف بكل المدينة ، كان يروى في كل مكان قصته طامعاً .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 281 :
- وانظر إلى كل ما تريده في هذا الجدول من نعيم وتاج وإقبال بل ومن دين .
- ففي هذا الجدول كل ما تريده ، انظر إليه ثانية واشكر من أجل الزيادة .
- وكل ما يطلبه الخلق في الكونين ، صار موجوداً فيه دون بعد أو بون ! !
« 280 »
3260 - لكن ذلك العابد للكدية لم يجمع عن طريق الكدية سوى مائة دينار .
- فجاءه الرجل الشهم وأخذ بيده ، وذهب به إلى قبر ذلك الكريم العجيب " في كرمه " .
- وقال : إذا وفق الله العبد إلى النزول على أحد السعداء ؛
- ثم يؤثره بماله ، ويقدم جاه " ضيفه " على جاهه ؛
- فإن شكره يكون شكر للإله يقينا ، إذ وفقه إلى أن يكون للإحسان قرينا .
3265 - فترك شكره ترك لشكر الحق ، وحقه بلا شك ملحق بحق الحق .
- فداوم على شكر الله تعالى في النعم ، وأيضاً داوم على شكر السيد وذكره .
- ورحمة الأم وأن كانت من الله ، إلا أن خدمتها أيضاً فريضة واجبة .
- ولهذا السبب قال الله تعالى :صَلُّوا عَلَيْهِ، ذلك أن محمدا صلى اللَّه عليه وسلّم تحال إليه " أحوال أمته " .
- ويوم القيامة يقول الله للعبد : هه . . . ماذا فعلت بما أعطيتك إياه ؟
3270 - يقول : يا رب : قمت بشكرك بالروح ، إذ كان منك أصل ذلك الرزق والخبز .
- يقول له الحق : لا . . . لم تقم بشكرى ، عندما لم تشكر ذلك الذي ديدنه الكرم .
- لقد ارتكبت الظلم والجور في حق كريم ، ألم تصلك نعمتي من يده ؟ !
- وعندما وصل إلى قبر ولى النعم ذاك ، بكى في حرقة وبدأ في الرثاء .
- وقال : يا ظهيرا لكل نبيل وملجأ له ، ويا أيها المرتجى والغوث لأبناء السبيل .
3275 - يا من هم أرزاقنا في خاطرك ، ويا من إحسانك وبرك كالرزق العام .
- ويا من أنت للفقراء الوالدان والعشيرة ، في الخراج وفي النفقة وفي إيفاء الديْن .
« 281 »
- ويا من أنت كالبحر ، أعطيت الجوهر للقريبين منك ، واتحفت البعيدين بالمطر .
- كانت ظهورنا محمية بك أيتها الشمس ، يا رونقا لكل قصر وكنزا في كل خرابة .
- يا من لم ير أحد على حاجبيك عبوس قط ، ويا من أنت عظيم كميكائيل ، موزع للرزق .
3280 - ويا من قلبك متصل بحر الغيب ، ويا من أنت عنقاء الغيب في قاف المكرمة .
- انك لم تذكر لي قط ولم تسألني ، ماذا ذهب من مالك ؟ ! يا من لم ينشق سقف همتك قط .
- ويا من أنا ومائة مثلي صاروا لشهور وسنين عيالا عليك كأنهم من نسلك .
- يا نقدنا ويا متاعنا ويا ثيابنا ، ويا سمعتنا وفخرنا وإقبالنا .
- إنك لم تمت ، بل مات عزنا وإقبالنا ، ومات سرورنا ورزقنا المستوفى « 1 » .
3285 - إنك واحد كالألف في القتال والكرم ، وأنت مائة من أمثال حاتم عند الإيثار بالنعم .
- وإذا كان حاتم يهب ميتا لميت ، فإنه يعطى مجرد جوزات معدودة .
- وانك لتهب في كل نَفَس حياة لا يستوعبها من نفاستها نفس .
- إنك تعطى حياة باقية جداً ، وتعطى الذهب نقدا لا يكسد ولا يعد .
- يا من لا وارث لخصلة من خصالك ، يا من لا يزال الفلك ساجداً في حيك ! !
..............................................................
( 1 ) ج : 14 : 288 :
- كان هذا كله من الحق وأنت الواسطة ، وكنت الرابط بيننا وبين الحق .
« 282 »
3290 - إن لطفك هو راعى الخلق " حارسهم " من ذئب الغم ، وأنت مثل كليم الله ، أنت راعى حنون « 1 » .
- لقد هرب كبش من كليم الله ، " ومن أجله " امتلأت قدم موسى بالبثور ، واهترأ نعله .
- وظل في أثره طوال الليل في بحث وتنقيب ، وذلك القطيع غائب عن نظره .
- ووهن الكبش من التخلف " عن القطيع " وعجز ، فنفض كليم الله التراب عن جسده .
- وأخذ يمسح براحة يده على ظهره ورأسه ، وأخذ يد لله حبا كأنه أمه .
3295 - ولم تكن عنده ولا نصف ذرة من الحدة والغضب ، فلا شئ عنده إلا الحب والشفقة ودمع العين .
- وقال : لا فرض أن إحساسا بالرحمة لم يبدر منى عليك ، فلماذا أبدى طبعك الظلم عليك ؟ !
- فقال الله تعالى للملائكة في تلك اللحظة ، إن فلانا جدير بالنبوة .
- وحتى المصطفى نفسه قال : إن كل نبي قام بالرعي في صباه أو في شبابه .
- وبدون الرعى وامتحانه به لم يعطه الحق إمامة الدنيا .
3300 - وسأله أحدهم : حتى أنت أيها الهمام ؟ ! فقال : لقد قمت بالرعي حينا من الدهر .
- وليس هذا إلا لكي يظهر صبرهم ووقارهم ، قد جعلهم الله رعاة قبل نبوتهم .
- وكل أمير يقوم برعاية البشر بالطريقة التي أمر بها .
- ويقوم برعيه بحلم كحلم كموسى عليه السّلام ، وبتدبير وعقل .
..............................................................
( 1 ) " ج " ( 14 / 293 ) : عنوان : هروب خروف من كليم الله وشفقته عليه وحدبه به .
.
يتبع