المشهد الثالث مشهد نور الستور بطلوع نجم التأييد .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ ابن العربي مع شرح ست العجم بنت النفيس البغدادية
المشهد الثالث “ 1 “ مشهد نور الستور بطلوع نجم التأييدبسم الله الرحمن الرحيم
أشهدني الحق بمشهد نور الستور وطلوع نجم التأييد .وقال لي : أتعرف بكم حجبتك ؟قلت : لا .قال : بسبعين ستار “ 2 “ . فإن رفعتها لم ترني ، وإن لم ترفعها لم ترني ..............................................................( 1 ) في النسخة ( ط ) : ( الفصل الثالث ) . وسقط في ( ط ) ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ) ، وفي النسخة ( خ ) : ( سقط العنوان ) .( 2 ) في نسخة المخطوطة ( ستارة ) .وانظر حديث : ( إن للّه سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما امتد إليه بصره من خلقه ) . وفي رواية أخرى : ( سبعين حجاب ) بدون كلمة : ( ألف ) .عن " أنس " رضي اللّه عنه عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال : ( سألت جبريل هل ترى ربك ؟ قال : إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو رأيت أدناها لاحترقت ) رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه قائد الأعمش ، قال أبو داود : عنده أحاديث موضوعة . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يهم . وعن عبد اللّه بن عمرو ، وسهل بن سعد ، ( رضي اللّه عنهما ) ، قالا : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( دون اللّه سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما تسمع نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسها ) رواه : أبو يعلى والطبراني في الكبير عن عبد اللّه بن عمرو ، وسهل أيضا وفيه موسى بن عبيدة لا يحتج به ، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رجلا أتى النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فقال : يا محمد هل احتجب اللّه عز وجل عن خلقه السماوات والأرض ؟قال : نعم بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من نور ، وسبعون حجابا من نار ، وسبعون حجابا من ظلمة ، وسبعون حجابا من رفارف الإستبرق ، وسبعون حجابا من رفارف السندس ، وسبعون حجابا من در أبيض وسبعون حجابا من در أحمر ، وسبعون حجابا من در أصفر ، وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من ضياء استضاءها من ضوء النار والنور ، وسبعون حجابا من ثلج ، وسبعون حجابا من ماء ، وسبعون حجابا من غمام ، وسبعون حجابا من برد ، وسبعون حجابا من عظمة اللّه التي لا توصف . قال فأخبرني عن ملك اللّه الذي يليه قال - “ 48 “ثم قال لي : إن رفعتها رأيتني ، وإن لم ترفعها رأيتني .ثم قال لي : إياك والاحتراق .ثم قال لي : أنت بصري ، فكن في أمان : وأنت وجهي ، فاستتر .ثم قال لي : ارفع الستور كلها عني ، واكشفني ، فقد أبحت لك ذلك ، واجعلني في خزائن الغيوب “ 1 “ حتى لا ترى “ 2 “ غيري ، وادع الناس إلى رؤيتي ، وستجد خلف كل ستار “ 3 “ ما وجد الحبيب “ 4 “ .فتأمل واقرأ : " سبحان " “ 5 “ فإذا وصلت " السميع البصير " “ 6 “ فافهم مرادي ، وأخبر العباد بما رأيته ، تشوّقهم إلي وترغبهم فيّ وتكون رحمة لهم ........................................................- النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أصدقت فيما أخبرتك يا زفر قال نعم قال : فإن الملك الذي يليه إسرافيل ثم جبريل ثم ميكائيل ثم ملك الموت صلى اللّه عليهم أجمعين ، رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد المنعم بن إدريس كذبه أحمد وقال ابن حبان كان يضع الحديث . انظر : ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد :1 / 79 ، 80 ، وانظر معجم أبي يعلي : 1 / 90 ، وانظر أيضا مسند الروياني : 2 / 212 ، والطبراني في معجمه الكبير 6 / 148 ، والسنة : لابن أبي عاصم : وقال : إسناده ضعيف : 2 / 367 ، وانظر الفردوس بمأثور الخطاب 2 / 221 / ( 3074 ) .( 1 ) على هامش النسخة المخطوطة كتب : ( القلوب ) وكأنها بدلا من الغيوب .( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( حتى لا يراني ) .( 3 ) في النسخة المخطوطة ( د ) : ( ستارة ) .( 4 ) يصح أن يكون الحبيب هنا هو سيدنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فلم يصل أحد إلى مقام من المقامات إلّا عن طريقه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فلم يبلغ أحد من الرفعة والعلو والحب مثله ( صلى اللّه عليه وسلم ) وما نال أحد من أولياء هذه الأمة ، بل وغيرها بغير رضاه حتى أبو البشر آدم ( عليه السلام ) .( 5 ) أي : سورة الإسراء الآية رقم ( 1 ) ونصها :سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( 1 ) .( 6 ) وهو نهاية الآية ، ستكون شاهدت كثيرا من الأسرار فافهمها ، وانقلها لهم بعد أن تفهمها .وهذا هو المقصود من الفهم ، لا النقل بلا فهم . ولذا قال له : ( ارفع الستور ، واحدا واحدا ) حتى يتم لكل مرحلة فهمها ، والمراد منها ، وإلّا فمن أين يأتي التشويق في قوله : ( تشوّقهم إلى وترغبهم فيّ ) ، وبعد التشويق يأتي الترغيب ، فتحدث الرحمة إذا حدث الترغيب في الجناب العالي وهو قوله : ( وتكون رحمة لهم ) . ( المحقق ) . “ 49 “ثم قال لي : ارفع الستور واحدا فواحدا “ 1 “ .فرفعت الأول “ 2 “ : فرأيت العدم “ 3 “ ...........................................................( 1 ) في النسخة ( ط ) استبدل الأرقام للستور بحساب الجمّل ، بدلا من الكتابة باللغة العربية مثل : الأول ، الثاني ، الثالث . . . . . . وهكذا فكتب : ( الحرف " أ " بدلا من : الأول ، والحرف " ب " بدلا من : الثاني ، والحرف " ج " بدلا من : " الثالث " ، وهكذا كان الترقيم لهذه الستور التي رفعها حينما طلب منه ذلك ) . ولم أعرف هل النسخة التي اعتمد عليها صاحب هذه النشرة بها ذلك ، أم هذا تصرف خاص في النسخة التي بيده ، ولم يسجل هو في هذه النشرة أية بيانات عن النسخة التي رجع إليها في نشرته هذه لذا فإننا سنعتمد ما وجدناه في نسختنا التي نقوم بتحقيقها باعتبارها أصلا ، وسنهمل أي زيادات تكون موجودة في النسخة ( ط ) إلّا إذا اقتضت ضرورة النص ذلك ، بعد أن نشير إليه في هامش التحقيق . ( المحقق ) .( 2 ) في النسخة ( ط ) : فرفعت الحرف ( أ ) .( 3 ) أمّا تحقيق كلمة ( العدم ) : فإن العدم للمكن ذاتي أي من حقيقة ذاته أن يكون معدوما والأشياء إذا اقتضت أمورا لذواتها فمن المحال زوالها ، من المحال زوال الحكم بالعدم عن هذه العين الممكنة سواء اتصفت بالوجود ، أو لم تتصف فإن المتصف بالوجود ما هو عين الممكن وإنما هو الظاهر في عين الممكن الذي سمي به الممكن مظهرا لوجود الحق فكل شئ هالك فلهذا نفينا عن الحق إطلاق لفظ الشئ عليه ويكون الاستثناء استثناء منقطعا مثل قوله : " فسجد الملائكة كلهم إلا إبليس " ألا ترى لما استحق الحق الوجود لذاته استحال عليه العدم كذلك إذا استحق الممكن العدم لذاته استحال وجوده فلهذا جعلناه مظهرا ، قلنا في كتاب المعرفة إن الممكن ما استحق العدم لذاته كما يقوله بعض الناس وإنما الذي استحقه الممكن تقدم اتصافه بالعدم على اتصافه بالوجود لذاته لا العدم ولهذا قبل الوجود بالترجيح إذن فالعدم المرجح عليه الوجود ليس هو العدم المتقدم على وجوده وإنما هو العدم الذي له في مقابلة وجوده في حال وجوده أن لو لم يكن الوجود لكان العدم فذلك العدم هو المرجح عليه الوجود في عين الممكن هذا هو الذي يقتضيه النظر العقلي وأما مذهبنا فالعين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا إلا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود بل هو حال لعين الممكن به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا فلا يزال كل شئ لك كما لم يزل لم يتغير عليه نعت ولا يتغير على الوجود نعت فالوجود وجود والعدم عدم والموصوف بأنه موجود موجود والموصوف بأنه معدوم معدوم هذا هو نفس أهل التحقيق من أهل الكشف والوجود ثم يندرج في هذه المسألة الوجه الذي له الإمام وهو الوجه المقيد بالنظر وبه تميز عن الخلف فإذا كان الشخص يرى من خلفه مثل ما يرى من أمامه كان وجها كله بلا قفا فلا يهلك من هذه صفته لأنه يرى من كل جهة فلا يهلك لأن العين تحفظه بنظرها فمن أي جهة جاءه من يريد إهلاكه لم - “ 50 “ثم الثاني “ 1 “ : فرأيت الوجود “ 2 “ .ثم الثالث : فرأيت الموجود “ 3 “ .ثم الرابع : فرأيت العهود “ 4 “ .ثم الخامس : فرأيت الرجوع “ 5 “ ...................................................................- يجد سبيلا إليه لكشفه إياه كما يتقي صاحب الوجه المقيد من يأتيه من أمامه . انظر تفاصيل ذلك في : أجوبة ابن العربي على أسئلة الحكيم الترمذي .الحكيم الترمذي السؤال السابع والتسعون . من كتاب الفتوحات المكية .( 1 ) في النسخة ( ط ) : كتب ب ) بدلا من الثاني . و " ب " تعني الرقم ( 2 ) في حساب الجمّل .( 2 ) الوجود : هو : وجدان الشئ نفسه في نفسه ، أو غيره في نفسه ، أو في غيره في محل ومرتبة ، ونحوهما ، فيكون الوجود على مراتب : هي : الوجود في التعين الأول ، والوجود في التعين الثاني ، والوجود الظاهر في المراتب الكونية ، وهو ظهوره في مرتبة الأرواح ، والمثال ، والحس ، المسمى كل تعين منها من الوجود خلقا وغيرا . والوجود الظاهري : وهو تجلي الحق باسمه الظاهر في أعيان المظاهر . والوجود الباطني : وهو وجود كل باطن حقيقة ممكنة ، والوجود العام : وهو اسم الوجود باعتبار انبساطه على الممكنات ، وبهذا الاعتبار يسمى صورة جمعية الحقائق ، والوجود الظفر : يطلق ويراد به وجدان الحق في الشهود ، وأخيرا وجود السيّار : وهو منزل من منازل السائرين إلى اللّه تعالى ، وهو أحد المنازل العشرة التي يشتمل عليها قسم النهايات . انظر القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية بتحقيقنا 2 / 382 .( 3 ) ( الموجود ) : هو ظاهر الممكنات الذي هو تجلي الحق بأحكامها المعبر عنها بظاهر الوجود ، وبظاهر الحق في اسمه تعالى :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُآية رقم ( 3 ) من سورة الحديد . وبتجلياته المظهرة لأحكام معلوماته ، التي هي حقائق مكوناته ، فكل ما يصح ظهوره لغير الحق فإنما هو من قبيل هذا القسم . لاستحالة إدراكنا لذاته ، ولحقائق معلوماته . انظر : القاشاني : معجم المصطلحات. . 2 / 91 .( 4 ) العهود : ( مفردها العهد ، وهي كما في اللغة ، إلّا أنها عند ساداتنا الصوفية أسمل لتعلق العهد عندهم باللّه ، وليس بالمخلوق . وهو عندهم الوقوف مع الأمر للأمر لا غرضا لعوض بل وقوف عند الحد ، وفاء بما أخذ على العبد يوم : (ألست بربكم) .انظر : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 2 / 393 .( 5 ) هو : ( رجوعك منك إليه ، به ) .يقول ابن العربي أثناء إجابته على أحد أسئلة الحكيم الترمذي : الرجاء : الطمع في الآجل . “ 51 “ثم السادس : فرأيت البحور “ 1 “ . ثم السابع “ 2 “ : فرأيت الظلمات “ 3 “ ...........................................................- والخوف : ما تحذر من المكروه في المستأنف ، ولهذا يجنح إلى التولي ، وهو رجوعك إليك منه . ثم نقول: إن الرجوع هو رجوع العبد من نفسه إلى اللّه أي يسلم قيادها إليه بلا اختيار انظر : ابن العربي : الجواب المستقيم بتحقيقنا تحت الطبع . ( 1 ) ( البحور ) : البحور لها معان عديدة عند الصوفية ، فمنها بحر الملكوت ، وبحر الجبروت ، وبحر القرآن ، وغير ذلك . وكلها بحور من النور ، فمثلا إذا غمس الإنسان في بحر القرآن غمسة واحدة كأنما ختم القرآن مائة ألف ختمة . ويسمون أيضا البحور : همم الأولياء والصالحين فإن درجة القطبانية في حضيض درجة الرسالة ، والبحور عبارة عن الأقطاب ، ومن هو أعلى منهم . قال ذلك " ابن أنبوجة " أكرمه اللّه أثناء شرحه لمعنى كلمة البحور والأواني في صلاة جوهرة الكمال ، وهي من الصلوات المهمة عند التجانيين ، وهذه الصلاة ، وربما يكون هناك من يحتاجها فأمرها عظيم ونصها هو : ( اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية ، والياقوتة المتحققة الحائطة بمركز المفهوم والمعاني ، ونور الأكوان المتكونة الآدمي صاحب الحق الرباني ، البرق الأسطع بمزون الأرباح المالئة لكل متعرض من البحور والأواني ، ونورك اللامع الذي ملأت به كونك الحائط بأمكنة المكاني ، اللهم صل وسلم عل عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق ، عين المعارف الأقوم ، صراطك التام الأسقم ، اللهم صل وسلم على طلعة الحق بالحق الكنز الأعظم ، إفاضتك منك إليك ، إحاطة النور المطلسم ، صلى اللّه عليه وعلى آله صلاة تعرفنا بها إياه ) . هذه الصلاة من أهم الصلوات على الحبيب ( صلى اللّه عليه وسلم ) . انظر : سيدي عبيدة بن محمد الصغير ابن أنبوجة الشنقيطي التيشيتي التجاني : في كتابه : ميدان الفضل والأفضال في شم رائحة جوهرة الكمال ص 43 . ( 2 ) في النسخة ( ط ) : كتب الحرف ( ز ) لأنه الباب السابع ، والسابع يكون حسب اتباع طريقة الحروف التي تحدثنا عنها ، وهي ما يعرف عند أهل الحقائق والأسرار بحساب الجمّل ، وسأذكرها هنا حتى لا يحدث اضطراب في الفهم لهذا المعنى فانظر : “ أ - ب - ج - د - ه - و - ز - ح - ط - ي 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - ك - ل - م - ن - س - ع - ف - ص - ق - ر - 20 - 30 - 40 - 50 - 60 - 70 - 80 - 90 - 100 - 200 - ش - ت - ث - خ - ذ - ض - ظ - غ 300 - 400 - 500 - 600 - 700 - 800 - 900 - 1000 “ . ( 3 ) ربما كانت الظلمة هنا التي تطلق على العلم بالذات ، فإنها لا تنكشف لغيرها فهي ظلمة من - “ 52 “ثم الثامن : فرأيت الخضوع “ 1 “ . ثم التاسع : فرأيت التعليم . ثم العاشر : فرأيت الاشتقاق . ثم الحادي عشر : فرأيت الإباحة . ثم الثاني عشر : فرأيت المنع . ثم الثالث عشر : فرأيت التعدي . ثم الرابع عشر : فرأيت الغضب . ثم الخامس عشر : فرأيت السحر “ 2 “ . ثم السادس عشر : فرأيت الحروف . ثم السابع عشر “ 3 “ : فرأيت التولد . ثم الثامن عشر : فرأيت الموت “ 4 “ الجزئي . ثم التاسع عشر : فرأيت الموت الكلّي “ 5 “ ............................................................- شدة بهائها . انظر القاشاني : معجم المصطلحات . . . 2 / 95 . ( 1 ) ( الخضوع ) : والخضوع الانقياد والمطاوعة ومنه قوله تعالى :فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌويكون لازما كهذا الحديث ومتعدّيا ، كحديث عمر رضي اللّه عنه أنّ رجلا مرّ في زمانه برجل وامرأة وقد خضعا بينهما حديثا فضربه حتى شجّه فأهذره عمر ( رضي اللّه عنه ) لأنهما تكلما بما يطمع كلّا منهما في الآخر ، وفي حديث استراق السمع خضعانا لقوله الخضعان مصدر : خضع يخضع خضوعا وخضعانا انظر : النهاية في غريب الحديث 2 / 43 . ( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( السجن ) . ( 3 ) في النسخة ( ط ) : ( ير ) وهي خطأ ، والمفروض أن تكون ( يز ) بزاي ، لا براء . لأن الراء وحدها بمائتين وبالتالي يكون رقم الباب هو : ( 210 ) وهذا مخالف للنص . ( 4 ) في النسخة ( ط ) : كتب العنوان : ( الموت ) فقط . ثم كتب بقية العنوان فصلا جديدا ، وهو الجزئي فكتبها : الجزيء ، أما بالنسبة للرقم فقط كتبه : ( يم ) وهذا أيضا يساوي خمسين ، وينبغي أن يكون : ( ريط ) لأنها تساوي ( 19 ) وهو المطلوب . ( 5 ) ( الموت ) : عند أكثر الطائفة هو : عبارة عن انقطاع اللطيفة الروحانية المسماة بالروح الإلهي ، وبالنفس الناطقة عن الاشتغال بالملاذ البدنية لإقبالها على حضرات القرب من الجناب - “ 53 “ ثم العشرين “ 1 “ : فرأيت التوجيه . ثم الحادي “ 2 “ والعشرين : فرأيت التبليغ . ثم الثاني والعشرين : فرأيت الاعتصام . ثم الثالث والعشرين : فرأيت القدمين “ 3 “ . ثم الرابع والعشرين : فرأيت الاختصاص العام “ 4 “ . ثم الخامس والعشرين : فرأيت التنزيل “ 5 “ . ثم السادس والعشرين : فرأيت الشق . ثم السابع والعشرين : فرأيت التطهير . ثم الثامن والعشرين : فرأيت التلفيق . ثم التاسع والعشرين : فرأيت التحريم . ثم رفعت الثلاثين : فرأيت التقديس “ 6 “ ............................................................- الأقدس ، وفي هذا الموت حياتها كقول الحق سبحانه تعالى : ( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ) فمن تاب إلى اللّه توبة صحيحة فقد قتل نفسه ، واعلم أن الصوفية لهم أوصافا يعبرون عنها بالموت الأبيض ، والأخضر ، والأسود ، والأحمر ، ولكل من هذه الموتات الأربع حياة تخصه . وكقول أفلوطين : ( مت بالإرادة تحيا بالطبيعة ) . انظر : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية بتحقيقنا 2 / 342 . ( 1 ) في النسخة ( ط ) ضبط الأرقام مع أنه زاد واحدا قبل ذلك للإشارة السابقة . ( 2 ) في نسخة المخطوط ( د ) : ( الإحدى ) . ( 3 ) في النسخة ( ط ) : ( القدمان ) هكذا بالرفع ، ولا أدري على أي شيء رفعها . ولكن ربما نسي أول الكلام حول الستور ، ثم رفعت الستر الثالث والعشرين فرأيت القدمين . ( 4 ) الخصوص : هو أحدية كل شيء ، والخاصة : هم علماء الطريقة . وخاصة الخاصة : هم علماء الحقيقة . ( 5 ) في النسخة ( ط ) : ( الترميل ) . ( 6 ) ( التقديس ) هو : التنزيه عن العلوين : العلو المكاني ، والعلو الرتبي جميعا . أمّا تقديسه عن العلو المكاني : فذلك ظاهر لاستحالة تحيزه سبحانه وتعالى . - “ 54 “ثم الحادي “ 1 “ والثلاثين : فرأيت الشفع “ 2 “ . ثم الثاني والثلاثين : فرأيت الامتطاء “ 3 “ . ثم الثالث والثلاثين : فرأيت السلوك “ 4 “ . ثم الرابع والثلاثين : فرأيت اللّين “ 5 “ . ثم الخامس والثلاثين : فرأيت القرع “ 6 “ ........................................................- وأمّا تقديسه عن علو المكانة : فذلك يعنى أنه مهما توهّم علو ثم أضيف إلى الحق سبحانه وتعالى كان الحق أعلى طبعا ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : ( سبح اسم ربك الأعلى ) أي : عن كل علو . أمّا تقديس التقديس : فهذا يجري في إشارات القوم على وجوه . انظرها : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 1 / 341 . ( 1 ) في النسخة المخطوطة ( د ) : ( الإحدى ) . ( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( الشخ ) هكذا . وكتب بجوارها علامة استفهام ( ؟ ) ولم يوجه قراءتها . ( 3 ) ( الامتطاء ) : يقال منه : امتطيتها أي اتخذتها مطيّة . وقال الأموي : امتطيناها أي جعلناها مطايانا . وفي حديث خزيمة : تركت المخّ رارا ، والمطيّ هارا ؛ المطيّ : جمع مطية وهي الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها ، ويقال : يمطى بها في السير أي يمدّ ، والهار : الساقط الضعيف . والمطا ، مقصور : الظهر لامتداده ، وقد مطت مطوا . وامتطاها : اتخذها مطيّة ، وامتطاها وأمطاها : جعلها مطيّته . والمطيّة : الناقة التي يركب مطاها . والمطيّة : البعير يمتطى ظهره ، وجمعه المطايا ، يقع على الذكر والأنثى . الجوهري : المطيّة واحدة المطيّ والمطايا ، والمطيّ واحد وجمع ، يذكر ويؤنث ، والمطايا فعالى ، وأصله فعائل إلا أنه فعل به ما فعل بخطايا . انظر : لسان العرب : لابن منظور مادة ( مطو ) من طبعة دار المعارف بمصر . ( 4 ) ( السلوك ) : في اصطلاح الطائفة عبارة عن الترقي في مفاتح القرب إلى حضرات الرب فعلا وحالا ، وذلك بأن يتحد باطن الإنسان وظاهره فيما هو بصدده مما يتكلفه من فنون المجاهدات وما يقاسيه من مشاق المكابدات ، بحيث لا يجد في نفسه حرجا من ذلك . انظر : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 2 / 26 . ( 5 ) في النسخة ( ط ) : ( اللبن ) بالباء بدلا من الياء . ( 6 ) في النسخة ( ط ) : ( الفرع ) والصحيح ( القرع ) وهو : قرع لا باب من باب قطع والقرع حمل اليقطين الواحدة قرعة والقرعة بالضم معروفة والأقرع الذي ذهب شعر رأسه من آفة وقد قرع من باب طرب فهو أقرع وذلك الموضع من الرأس القرعة بفتح الراء والقوم قرع وقرعان “ 55 “ ثم السادس والثلاثين : فرأيت الامتزاج . ثم السابع والثلاثين : فرأيت الأرواح . ثم الثامن والثلاثين : فرأيت الجمال . ثم التاسع والثلاثين : فرأيت العلا “ 1 “ . ثم الأربعين : فرأيت السيادة . ثم الحادي والأربعين : فرأيت المناجاة “ 2 “ . ثم الثاني والأربعين : فرأيت التحليل . ثم الثالث والأربعين : فرأيت الانتهاء . ثم الرابع والأربعين : فرأيت التّرك . ثم الخامس والأربعين : فرأيت المحبة . ثم السادس والأربعين : فرأيت رفع الوسائط “ 3 “ . ثم السابع والأربعين : فرأيت السر “ 4 “ ........................................................- والقرع أيضا مصدر قولك قرع الفناء أي خلا من الغاشية يقال نعوذ باللّه من قرع الفناء وصفر الإناء وقال ثعلب : نعوذ باللّه من قرع الفناء بالتسكين على غير قياس وفي الحديث عن عمر رضي اللّه عنه قرع حجّكم أي خلت أيام الحد من الناس ، والمقرعة بالكسر ما تقرع به الدابة ، والقارعة الشديدة من شدائد الدهر ، وهي الداهية . وقارعة الدار : ساحتها . وقارعة الطريق : أعلاه . وقوارع القرآن الآيات التي يقرؤها الإنسان إذا فزع من الجن مثل : آية الكرسي ، كأنها تقرع الشيطان . وأقرع بينهم من القرعة واقترعوا وتقارعوا بمعنى ، والتّقريع التعنيف ، والمقارعة المساهمة ، يقال : قارعه فقرعه إذا أصابته القرعة دونه . وقرع فيه لمّا أتى على محسّر قرع ناقته أي ضربها بسوطه ، ومنه حديث خطبة خديجة ( رضي اللّه عنها ) قال ورقة بن نوفل هو الفحل لا يقرع أنفه أي أنه كفء كريم . انظر : مختار الصحاح 1 / 222 . وانظر : النهاية في غريب الحديث 4 / 43 . ( 1 ) في النسخة ( ط ) : كتب الرقم : ( لطا ) والصحيح ( لط ) فقط . ( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( المناجة ) هكذا . ( 3 ) في النسخة ( ط ) : ( الرفع ) . ( 4 ) في النسخة ( ط ) : ( الستر ) . “ 56 “ثم الثامن والأربعين : فرأيت الصدور .ثم التاسع والأربعين : فرأيت الصديقية “ 1 “ .ثم رفعت الخمسين : فرأيت القهر .ثم الحادي “ 2 “ والخمسين : فرأيت الحياة .ثم الثاني والخمسين : فرأيت الشهامة .ثم الثالث والخمسين : فرأيت الانصرام “ 3 “ .ثم الرابع والخمسين : فرأيت الميراث .ثم الخامس والخمسين : فرأيت الاصطلام “ 4 “ .ثم السادس والخمسين : فرأيت الفناء “ 5 “ .......................................................( 1 ) ( الصديقية ) : هي مقام : ومعناه كمال الصدق وتماميته تصديق الصادق في كل ما أخبر به .( 2 ) في النسخة المخطوطة : ( الأحد ) .( 3 ) ( الانصرام ) صرم الشيء قطعه وصرم الرجل قطع كلامه والاسم الصّرم بالضم وصرم النخل جذه وباب الثلاثة ضرب وأصرم النخل حان له أن يصرم والانصرام الانقطاع والتّصارم التقاطع والتّصرّم التقطع والصّرم الجلد فارسي معرب والصّارم السيف القاطع ورجل صارم أي جلد شجاع وقد صرم من باب ظرف والصّريم الليل المظلم والصريم أيضا الصبح وهو من الأضداد والصريم أيضا المجذوذ المقطوع قال اللّه تعالى فأصبحت كالصريم أي احترقت واسودت والصّريمة العزيمة على الشيء . انظر : مختار الصحاح 1 / 152 .( 4 ) ( الاصطلام ) : في اللغة : الاستئصال . واصطلم القوم أبيدوا .وقيل : إذا أبيد القوم من أصلهم . قيل : اصطلموا ، وفي حديث الفتن : وتصطلمون في الثالثة .والاصطلام : افتعال من الصلم وهو القطع .أمّا عند ساداتنا الصوفية : فإن الاصطلام : نعت وله يرد على القلب فيسكن تحت سلطانه . فإن دام ذلك بالعبد حتى سلبه عن نفسه ، وأخذه عن حسّه ، بحيث لم يبق منه اسما ولا أثرا ، ولا عينا ، ولا طللا ، حتى صار مسلوبا عن المكونات بأسرها ، فما دام العبد كذلك فهو ممحو الآثار . انظر : ابن منظور : لسان العرب : مادة ( صلم ) .وانظر أيضا : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 1 / 209 .( 5 ) ( الفناء ) : هو الزوال والاضمحلال ، كما أن البقاء ضده . والطائفة يجعلون الفناء على مراتب وهي كثيرة . وعند الشيخ عبد القادر الجيلاني ( رضي اللّه عنه ) : أفن عن الخلق بإذن اللّه تعالى ، - “ 57 “ثم السابع والخمسين : فرأيت البقاء “ 1 “ .ثم الثامن والخمسين : فرأيت الغيرة “ 2 “ .ثم التاسع والخمسين : فرأيت الهمة “ 3 “ .....................................................- وعن هواك بأمر اللّه تعالى ، وعن إرادتك بفعل اللّه تعالى ، وحينئذ تصلح أن تكون وعاء لعلم اللّه تعالى . ولكل مرحلة من هذه علامة تميزها . . ثم إن الفناء له مراتب متعددة .انظرها في : القاشاني : معجم المصطلحات 2 / 217 .( 1 ) ( البقاء ) : في اللغة ضد الفناء . وله معان .وعند السادة الصوفية : يطلق ويراد به : رؤية العبد قيام اللّه في كل شيء . فالبقاء أحد المقامات العشرة التي يشتمل عليها قسم النهايات لأهل السلوك في منازل السير إلى اللّه تعالى .وقال الإمام القشيري : أشاروا بالفناء إلى سقوط الأوصاف المزمومة ، وأشاروا إلى البقاء بقيام الأوصاف المحمودة . انظر : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 1 / 288 . وانظر : الإمام القشيري : الرسالة القشيرية .وانظر : التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون : 1 / 227 .( 2 ) ( الغيرة ) : مشتقة من الغير ، ولهذا لا يوصف بها إلّا من يراه ، أعني الغير . فهي لأجل ذلك من مراتب أحد رجلين : رجل فيه بقايا من رسوم الخلقية ، بحيث لم يتحقق بعد بالوصول إلى حضرات الحقيقة . ورجل وصل ثم رجع بربه إلى خلقه ، ولم يستهلك هناك .فهي : أعني الغيرة وصف من لم يصل ، ووصف من وصل ثم رجع للتكميل .قال صلى اللّه عليه وسلم : ( إن سعدا لغيور ، وإن محمدا لأغير من سعد ، وإن رب محمد لأغير من محمد ) .وقال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي : " " الغيرة حال يعبر به عن سقوط الاحتمال لمقاساة ما يشغل عن المحبوب الحق ، أو يحجب عنه ، بحيث لا يسامح المحب أحدا بمحبوبه . " والغيرة لها مراتب ، ومعان . مثل : غيرة العابد ، غيرة المريد ، غيرة العارف ، الغيرة في الخلق ، غيرة السر ، غيرة الحق . . . . . إلخ .انظر القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية بتحقيقنا 2 / 185 .( 3 ) ( الهمة ) : تطلق بإزاء أول صدق المريد ، وتطلق كذلك بإزاء جمع الهمة لصفاء الإكرام .وتطلق أيضا بإزاء تعلق القلب بطلب الحق تعلقا صرفا ، أي : خالصا من رغبة في الثواب ، أو رهبة من عقاب . ولهذا قالوا : الهمة : ما يثير شدة الانتهاض إلى معالي الأمور .ويقال أيضا : الهمة : طلب الحق تعالى بالإعراض عما سواه ، من غير فتور ولا توان . - “ 58 “ثم رفعت الستين : فرأيت الكشف “ 1 “ .ثم الحادي والستين : فرأيت المشاهدة “ 2 “ .ثم الثاني والستين : فرأيت الجلال “ 3 “ ......................................................- ويعبّر بالهمة عن نهاية شدة الطلب . ولها مراتب وأنواع كثيرة منها الكلام على همة الإفاقة ، وهمة الأنفة ، وهمة أرباب الهمم العالية ويعني بها همم القوم الذين لا يطلبون بعبادتهم من اللّه سوى مجرد العبودية له وحده سبحانه وتعالى لصدق محبتهم فيه لا فيما سواه من رغبة في النعيم ، أو رهبة من الجحيم فتعلقت بأعلى المقاصد ، الذي هو الحق تعالى . وما ذاك إلّا كون همتهم العالية أورثتهم الازدراء للأغراض ، وقلة المبالاة بالدرجات ، بحيث لا يطلبون من قيامهم بما ندبوا إليه من الأعمال الصالحة الوافية بشروط الإخلاص شيئا من الأحوال التي يعبر بها عن التجليات والواردات وغير ذلك بل ولا تقف همته عند مشاهدة الصفات ، ولكن يتجاوز كل ذلك إلى عين الذات لأنه لا يرتوي عطشه إلّا بورود العين التي هي مقدسة عن المتى ، والأين .انظر : القاشاني : معجم المصطلحات الصوفية بتحقيقنا 2 / 369 وما بعدها .( 1 ) ( الكشف ) : هي المكاشفة وهي في العرف العام عبارة عن كشف النفس لما غاب عن الحواس إدراكه ، على وجه يرتفع الريب منه ، كما في المرئيات ، سواء كان انكشاف ذلك بفكر أو حدس ، أو لسانح عيني حصل عن الفيض العام . وسواء كان مما يتعلق بالحقائق العلمية ، أو الأنوار الكونية الجزئية الكاشفة عن غيب ما وقع في الماضي ، أو ما سيقع في المستقبل . ولها مراتب . معروفة لأنهم يشيرون بها إلى أول ما يبدو من الصفات والحقائق الإلهية ، أو الكونية لسر السائر من وراء ستر رقيق خلف حجاب شفا من اسم إلهي مقيد بحكم ومختص بوصف فيسمى ذلك القيد مكاشفة . انظر القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات 2 / 333 .( 2 ) ( المشاهدة ) : هي رؤية الحق من غير تهمة ، وتطلق على رؤية الأشياء بدلائل التوحيد .وهي أيضا تبدي الحقائق بلا مظهر ، ولا صفة . لكن مع خصوصية وتميز .وهي : إدراك بغير منازعة ، لأن سائر الحواس لا تخلص في إدراكها من المنازعة خلوص حاسة البصر ، فإنه لا يكاد أن يجامعها منازع فيما تدركه من مرئياتها . فالمشاهدة انتهاء إذ ما بعد اللّه مرمى لرام . انظر : القاشاني : معجم المصطلحات . . . . . 2 / 306 .( 3 ) ( الجلال ) : يقول ابن العربي : إن لجلال اللّه معنى يرجع منه إليه ، وهو الذي منعنا من المعرفة به تعالى ، إذ ليس لمخلوق في معرفة الجلال المطلق مدخل ولا شهود . انفرد الحق به سبحانه ، وهو الحضرة التي يرى الحق فيها بما هو عليه ، فلو كان لنا مدخل فيه لأحطنا علما باللّه ، وبما عنده ، وذلك محال . وانظر كذلك القاشاني : معجم المصطلحات الصوفية 2 / 389 ، وما بعدها . “ 59 “ثم الثالث والستين : فرأيت الجمال “ 1 “ .ثم الرابع والستين : فرأيت ذهاب العين “ 2 “ .ثم الخامس والستين : فرأيت ما لا يدرك .ثم السادس والستين : فرأيت ما لا يسمع .ثم السابع والستين : فرأيت ما لا يفهم .ثم الثامن والستين : فرأيت ما لا يقال .ثم التاسع والستين : فرأيت الإشارة “ 3 “ ......................................................( 1 ) الجمال : هو معنى يرجع منه إلينا ، وهو الذي أعطى هذه المعرفة التي عندنا ، والتنزلات والمشاهدات والأحوال . وله فينا أمران : الهيبة والأنس ، وذلك لأن لهذا الجمال دنوا وعلوّا .فالعلو : نسميه جلال الجمال ، وفيه يتكلم العارفون ، وهو الذي يتجلى لهم ، ويتخيلون أنهم يتكلمون في الجلال الأول . وهذا جلال الجمال قد اقترن معه منا الأنس ، والجمال الذي هو الدنو قد اقترن معه منا الهيبة . انظر : ابن العربي : كتاب الجلال والجمال ضمن المجلد الثاني ( 215 ) بتحقيقنا طبعة مؤسسة الانتشار العربي بيروت . وانظر كذلك القاشاني : معجم المصطلحات الصوفية 2 / 389 ، وما بعدها .( 2 ) في النسخة ( ط ) : هناك أخطاء في الترقيم للستور ، من هنا وحتى نهاية الترقيم السبعين ، فليراجعه القارئ إن أراد ذلك .( العين ) : هي المقصودة لعينها لا لغيرها ويعنون به الإنسان الكامل لأن سواه من الممكنات مقصود لغيره لا لعينه . فهو أعني الإنسان الكامل هو المراد للّه على التعيين ، وكل ما سواه فمقصود من طريق التبعية له ، وبنسبه من جهة أن ما لا يوصل إلى المطلوب إلّا به فهو مطلوب . وإنما كان الإنسان الكامل هو المراد بعينه دون غيره من أنه مجلى تام للحق يظهر به تعالى من حيث ذاته وجميع أسمائه وصفاته ، وأكمه وجميع اعتباراته على نحو ما يعلم نفسه بنفسه ، وليس وراء هذا المقام مرمى يرام ، ولا ترق إلى مرتبة أو مقام .انظر : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 2 / 169 .( 3 ) (الإشارة) : هي ما يخفى عن المتكلم كشفه بالعبارة ، وذلك لدقة ولطافة معناه .يقول أبو علي الروذباري : علمنا هذا إشارة فإذا كان عبارة خفي .وسأل بعض المتكلمين أبا العباس ابن عطاء : ما بالكم أيها الصوفية قد اشتققتم ألفاظا أغربتم بها على السامعين ، وخرجتم عن اللسان المعتاد ، هل هذا لطلب تمويه ، أو لستر عوار المذهب ؟قال ( رضي اللّه عنه ) : ما فعلنا هذا إلّا لغيرتنا عليه ، وغيرته علينا . . . يقصد الحق سبحانه . - “ 60 “ثم رفعت السبعين : فرأيت الكل “ 1 “ .ثم يتبعه التفصيل .قال العبد : فلما انتهيت ، قال لي : ما رأيت ؟قلت : عظيما .قال لي : ما أخفيته عنك أعظم .ثم قال لي : وعزتي ما أخفيت عنك شيئا ، ولا أظهرت لك شيئا .ثم قال لي : اخرق “ 2 “ الستور ورائي ، فرأيت العرش .فقال لي : احمله . فحملته .فقال لي : ألقه في البحر . فألقيته . فغاب العرش . ثم رمى به البحر .فقال لي : استخرج من البحر حجر المثل . فأخرجته .فقال لي : ارفع الميزان . فرفعته .فقال لي : ضع العرش وما حواه في كفة ، وضع حجر المثل في الكفة الأخرى ، فرجح الحجر .فقال لي : لو وضعت من العرش ألف ألف إلى منتهى الوقف “ 3 “ لرجحه ذلك الحجر .فقلت له : ما اسم هذا الحجر ؟فقال : ارفع رأسك ، وانظر في كل شيء ، تجده مرقوما . فرفعت رأسي ، فوجدته..................................................- ثم أنشد يقول :إذا أهل العبارة سائلونا * أجبناهم بأعلام الإشارةنشير بها فنجعلها غموضا * تقتص عنه ترجمة العبارةانظر : الإمام السراج الطوسي : اللمع 414 ، د / حسن الشرقاوي : معجم ألفاظ الصوفية 45 .الكلاباذي : التعرف لمذهب أهل التصوف 8 .( 1 ) ( الكل ) هنا عين الوحدة ، وهو الإجمال ، ثم يتبعه التفصيل .( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( أحرق ) .( 3 ) في النسخة ( ط ) : ( الوقت ) . “ 61 “في كل شيء “ 1 “ . ثم حجبني بخمسين حجاب ، وكشف عن وجهي أربعمائة حجاب ، ما شعرت بها أنها على وجهي من دقتها .ثم قال لي : أضف ما رأيت في كل شيء إلى الحجب ، فما اجتمع فهو اسم ذلك الحجر . ثم قال لي : كل ذلك مكتوب أزلا . هذا كل شيء بين يديك . فاقرأ : بسم اللّه الرحمن الرحيم . من “ 2 “ الوجود الأول إلى الوجود الثاني .أمّا بعد : فالعدم سبقك ، وكنت موجودا ، ثم عاهدتك في حضرة الوحدانية بالإقرار : إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا “ 3 “ فشهدت لي بذلك ، ثم رددتك ، ثم أخرجتك ، ثم رميتك في البحر ، ثم ألقيت أجزاءك في الظلمات ، ثم بعثتك إليهم ، فأقروا لك بالطاعة وخضعوا ، ثم آنستك بجزئك في حضرتك ، مباحة لك ، ثم حرمت عليك حضرتي ، فأذنت لك في الدخول فيها ، فغضبت عليك فسجنتك ، وأنت مرحوم . ثم شكلت لك الحروف ، فحفظتها . ثم أعطيتك القلم فاستويت على عرشك ، وكتبت في - اللوح المحفوظ - ما أردته منك . ثم أحييت بعضك ، ثم أكملتك بالحياة ، ثم أخرجت منك أجزاء فرقتهم في زوايا السجن بأصناف اللغات ، وأيدتهم بالعصمة ، وأقعدتهم على الكراسي . ثم خصصت واحدا منهم “ 4 “ فخصصتك بسببه ، فأيدته بالكلمات . ثم طهرته من الأدناس ، وحرمت عليه الأكوان ، وقدست محله ، وشفعته في ذلك . ثم غمسته في............................................................( 1 ) في النسخة ( ط ) : ( فرفعت رأسي فرأيت في كل شئ ( أ ) هكذا ) .وكأنما يريد أن يقول : ( فرفعت رأسي فرأيت الألف في كل شيء ) ويبدو أن هذه النسخة فيها من الصحة عبارات ليست في النسخة المخطوطة وهذه مزية المقابلة للنسخ . ( المحقق ) .( 2 ) في النسخة ( ط ) : ( أضف ) .( 3 ) الآية رقم ( 14 ) من سورة طه .( 4 ) طبعا كل هذا الحوار الخطير الهام لا يكون إلّا للخلافة . والاختصاص المشهور طبعا لسيدنا وحبيبنا محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) . ولولاه ما كان الورى . انظر حديث : ( لولاك لما خلقت الأفلاك ) .وروى الديلمي عن ابن عمر ( رضي اللّه عنها ) قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( فقال : يا محمد لولاك لما خلقت الجنة ولولاك لما خلقت النار ) . العجلوني 2 / 91 . “ 62 “البحر ، فركب على دابة من دوابه ، ثم سرى في الآن ، فأنزلته على " قبة أرين " “ 1 “ فأعطيته الحياة الكلية ، وعصمته من جزئه . وخاطبته من وسطه بقوله : عند ترك التناهي أحبك ، وعند إزالة الأرواح أسرك . فأصدر ، واصدع قلب الصدق واقهره . وخذ سر الحياة ، واجعله في من تريده . وجرد سيف الانتقام ، وأعل به منارك ، واقطع من عاداك . ثم ائت إليّ ، واترك ولدك ، فإنه يقوم مقامك “ 2 “ . وقل له : يصطلم “ 3 “ في الفناء ببقائي ، ولا يغار “ 4 “ على كشفه ، ويشاهدني في الصفات ، ولا يشاهدني في الذوات . فإن عاينني “ 5 “ ذهب منها ، وإن سمع ، أو فهم ، أو علم ، أو أشار ، أو نقل ، أو فصل ، أو جمع لم يدركني “ 6 “ . وفي الشعور تلوح لأهل النظر الأمور .........................................................( 1 ) ( قبة أرين ) : أجاب ابن العربي على هذه العبارة أثناء حديثه المطول في الفتوحات المكية في شرح السؤال رقم ( 153 ) فقال : ( وما أرين ؟ ) قلنا عبارة عن الاعتدال في قوله :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدىفإن أرين موضع خط اعتدال الليل والنهار فاستعاره وقد ذكره منهم عبد المنعم بن حسان الجلباني في مختصره غاية النجاة له ولقيته وسألته عن ذلك فقال فيه ما شرحناه به صاحب هذا المقام هو صاحب الرداء . . انظر : ابن العربي : الفتوحات المكية . وانظر ابن العربي أيضا في كتاب الجواب المستقيم فيما سأل عنه الترمذي الحكيم بتحقيقنا السؤال رقم ( 153 ) أيضا . ( 2 ) إشارة هامة وضرورية في فهم حقيقة الميراث للأنبياء فإنهم لم يورّثوا درهما ، ولا دينارا ، ولكن هذا ميراثهم ؛ التقوى ، والعبادة ، والعمل الصالح ، والاشتغال باللّه وفي اللّه ومع اللّه وللّه . ( 3 ) تقدمت إشارة عن معنى الاصطلام منذ قليل ، ولكن المهم في هذه الإشارة : ( قل له يصطلم في الفناء ببقائي ! ) . انظر عزيزي القارئ إلى هذه العبارة ، وتأمل ما الذي يدور فيها إنها كلها حركة وكأن الكون كله لا بد وأن يدور بالإنسان ومع الإنسان الذي هو يدور في حالة فناء كامل مع اللّه . فببقائه يمكن له أن يصطلم . ( 4 ) في نسخة المخطوط ( خ ) : ( ولا يغادر ) . ( 5 ) في النسختين ( ط ) ، ( خ ) : ( عيني ) والمقصود بها هنا الرؤية فالعين وحدها لا تأتي هكذا . ( 6 ) والمراد هنا هو كما قال الصديق ( رضي اللّه عنه ) : ( العجز عن درك الإدراك إدراك ) . فهذا الأمر عال جدا ، لا تنفع معه عبارات أهل الظاهر . وإلا تظهر الأمور أكثر من ذلك . وهذا ليس مطلوبا . .
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT