منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:41 am

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي.

71 - شرح تجلي النور الأبيض .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 71 على مدونة عبدالله المسافر بالله
71 - شرح تجلي النور الأبيض 
 71 – متن نص تجلي النور الأبيض:
دخلت في النور الأبيض خلف سرادق الغيب .
فألقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه على رأس الدرجة ناظراً إلى الغرب عليه حلة من الذهب البهى له شعاع يأخذ الأبصار قد اكتنفه النور ضارباً بذقنه نحو مقعده ساكناً لا يتكلم ولا يتحرك كأنه المبهوت .
فناديته بمرتبتي ليعرفني .
فإذا هو أعرف بي مني بنفسي فرفع رأسه إلي. قلت كيف الأمر ؟.
قال : هو ذا تنتظرني !.
قلت له : إن علياً رضي الله عنه قال كذا وكذا.
قال : صدق علي وصدقت أنا وصدقت أنت.
قلت : فما أفعل ؟
قال : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت : هو مقامك.
قال : هو مقامه صلى الله عليه وسلم قد وهبه لك . قال : قد وهبته لك.
قلت : هو بيدك. قال خذه فقد وهبته لك.
 
71 - إملاء ابن سودكين : 
«ومن تجلي النور الأبيض، وهذا نصه : دخلت في النور الأبيض.. فقد وهبته لك .
قال جامع هذا الشرح ، نفعني الله تعالی به : سمعت سیدي وشيخي وإمامي رضي الله عنه يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه :
أما النور الأبيض، فإنه لما كان البياض يقبل كل لون دون غيره من الألوان ، كان له الكمال . 
إذ هو عبارة عن حالة تشمل شمولا كليا . وهو بالنسبة إلى سائر الألوان بمنزلة الجلالة في الأسماء ، وبمنزلة الذات مع الصفات . 
وقوله : خلف سرادق الغيب ، أي وراء عالم العقل والإحساس والطبيعة . فتبقى اللطيفة ثمت تدرك ذاتها بذاتها ، وتدرك المراتب بذاتها ، وتباشر المعاني المجردة بذاتها . وهذا هو الطور الذي وراء العقل. 
وقوله : ألفيته على رأس الدرجة، أي على آخر مقام وأول مقام . 
وقوله : وجهه إلى الغرب ، أي أن الغرب معدن الأسرار ولهذا كان الصديق قليل الرواية ، لم يرد عنه كما ورد عن غيره من علم ومعرفة ، حتى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. 
لم يرد منه كثيرة، مع كونه كان اكثر الناس مجالسه له، صلى الله عليه وسلم ! فكان وجهه إلى الغرب لكون الشمس تغرب فتنطمس الأسرار. 
وقوله : كان عليه حلة من الذهب الأبهى . لكون الذهب أكمل المعادن فتكون المناسبة سارية وتحصل مراتب الكمال في كل حضرة حتى في عالم الخيال الذي أقيمت فيه هذه المادة الخطابية. 
وقوله : ضاربا بذقنه نحو الأرض ، إشارة إلى التواضع وكونه لا يظهر عليه شيئا. 
وقول الشيخ : ناديته بمرتبتي ليعرفني ، من باب المراتب الإلهية فيعاملني بما تقتضيه المرتبة ولو تعرفت إليه من حضرة أخرى، كالإنسانية أو غيرها ، لعاملني بما تقتضيه الحضرة التي تعرفت إليه بها ، خصوصا إذا كان العارف في مرتبة الكمالية . 
وقول الشيخ : فإذا به أعرف بي مني ، ففزت بحسن التاني مع معرفته . 
فقلت له : كيف الأمر. فقال : هو ذا بنظري . أي هو عيني في هذا المقام . 
قلت : إن عليا قال كذا وكذا ، أي أثبت ونفی . 
فقال : صدق علي وصدقت أنا في كوني أثبت ولم أنف . وقوله : خذ فقد وهبته لك.
قال الشيخ : وذلك أني كنت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كساني حلة الخلافة . 
فقلت في نفسي : لو كان الصديق حاضرا لكان أحق بها . فجئت إلى الصديق فقلت له بالأمر. 
فقال : امض لما أعطاك . فقلت : هو لك . 
فقال : قد وهبته لك. أي لو كان لي فيها حكم لکنت أهبه لك . وإنما حكمه لصاحب المقام، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه بهبه لمن يشاء . 
فلقيت عمر رضي الله تعالی عنه ، فذكرت له ذلك. ففعل كما فعل أبو بكر رضي الله تعالی عنه ، في التسليم. ثم إن عمر رضي الله تعالی عنه ، ألحقني بالنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم».
 
71 - شرح تجلي النور الأبيض 
 
375 - (دخلت في النور الأبيض خلف سرادق الغيب) بتجرد ذاتي عن الزوائد اللاحقة بها في مراتب تطوراتها . فكنت أنطق بذاتي أسمع وأرى وأتعقل المعاني المجردة بها . وهذا هو الطور الذي وراء طور العقل . 
( فألفيت أبا بكر الصديق) رضي الله عنه ( على رأس الدرجة ) أثبت قدس سره في هذا النور للاستعدادات الفائزة بمشاهدته درجات ، وأومأ إلى أن الصديق الأكبر كان في أعلاها . وأعلاها ، أولها لمن تنزل وآخرها لمن ترقی . (مستندا ناظرا إلى الغرب) أي إلى محل استار النور المشهود . 
يشير إلى الهوية المطلقة الذاتية التي هي مغرب شموس الأنوار الأسمائية وتجلياتها . ( عليه حلة من الذهب الأبهى ) لتسري المناسبة الكمالية في سائر الأحوال والحضرات والأوضاع المعزوة إلى مقامه الكريم الذي أقيم له رضي الله عنه . 
في الحضرة الخيالية : كالثوب السابغ عليه من أكمل المعادن أيضا، (له شعاع يأخذ الأبصار) ليشعر أنه في الأصل من معدن لا يدرك كنهه . 
(قد اكتنفه النور ضاربا بذقنه نحو مقعده) ليشعر بكمال تواضعه لمن دونه في الرتبة ، مع أن النور لا يطلب في ذاته إلا العلو. 
(ساكنا لا يتحرك) فإنه فاز بالمطلوب الجم في مقامه الذي هو مركز فلك الصديقية ، فلا محيد له عنه ولا انتقال ، (ولا يتكلم ، كأنه المبهوت) فإنه في مقامه دائم الشهود، والشهود إنما يعطي البهت والخرس. 
فإن الكلام إنما يكون من وراء حجاب ، ولا حجاب مع الشهود في مقام التجريد. وإنما قال : كالمبهوت ، فإنه إذ ذاك في غاية الصحو، وحاله فيه إنما تعطي علم المفصل في المجمل فلا يذهل في بهتته عن دره. 
ولذلك قال قدس سره :
 
377 -  (فناديته بمرتبتي ليعرفني فإذا به أعرف بي مني بنفسي) فإنه قدس سره مما يشاهده الصديق في ذلك التفصيل كما ينبغي. 
والنداء بالمرتبة إذا كانت علية لا يشوبه الدهشة كنداء شخص ذي مكانة لكفئه . (فرفع رأسه إلي قلت : كيف الأمر قال : هو ذا بنظري) على أحوال مشهودة مني : من السكون و البهت والخرس . فإن مقتضى هذا المشهود اضمحلال الرسوم. 
ومحو الموهوم فيه . 
( قلت له : إن عليا قال كذا و كذا ) أي نفي وأثبت . ( قال صدق علي وصدقت أنا وصدقت أنت ) فإن عليا نظر إلى وجود الخلق بالحق. 
وظهور الحق بالخلق : فجمع في شهوده بين الكثرة والوحدة معا بلا مزاحمة . والصديق نظر إلى الحق بلا خلق . 
وأما قوله : وصدقت أنت . فبكونه أعرف بالشيخ منه بنفسه . فعرف رضي الله عنه أنه قائل بالقولين .
 
378 - قال قدس سره : ( قلت فما أفعل ؟ قال ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم) مشيرا إلى ما رآه قدس سره في بعض المشاهد. 
وذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كساه حلة الخلافة . 
فقال في نفسه إذ ذاك : لو كان الصديق حاضرا لكان أحق بها.
ولذلك قال قدس سره : (قلت) عند محاضرتي إياه (هو مقامك قال هو مقامه صلى الله عليه وسلم ) والحكم لصاحب المقام يهبه لمن يشاء قلت (قد وهبه لك قال وقد وهبته لك قلت هو بيدك ) الآن. وأنت في عالم لا يقتضي التصرف على مقتضى حكم الخلافة . 
( قال ) : معي سر المقام وروح اختصاصه، ولي به في المشرب الأعذب السيادي . الآن الورد والصدر : ( خذه فقد وهبته لك ) .
 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 9:05 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:42 am

72 - شرح تجلي النور الأخضر .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 72 على مدونة عبدالله المسافر بالله
72 - شرح تجلي النور الأخضر
72 – متن نص تجلي النور الأخضر
ثم نزلت إلى تجلي آخر في النور الأخضر خلف سرادق الحق .
فإذا بعمر بن الخطاب .
قلت : يا عمر ؟!
قال : لبيك .
قلت : كيف الأمر ؟
قال : هو ذا يقول لي كيف الأمر ؟!.
فذكر مقالة أبي بكر وعلي رضي الله عنهما .
وذكرت له من بعض ما كان بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال خذ المقام . قلت هو بيدك . قال قد وهبته لك . قلت يا عجباً .
قال لا تعجب . فالفضل عظيم . ألست الصهر المكرم .
خذ النور المحدود فقد جاء الشاهد .
انصب المعراج وجه اليدين .
 
72 - إملاء ابن سودکین : 
« ومن تجلي النور الأخضر. هذا نص قوله ، رضي الله عنه في هذا التجلي : ثم نزلت إلى تجل آخر.. ووجه اليدين .
قال جامعه سمعت شيخي وإمامي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : كان عمر رضي الله عنه في هذا التجلي، وهو عليه كالقبة وينبعث من جوانبه بیاض ، فقلت له ما قلت. 
وقال : هو ذا ؛ يقول لي ذلك. 
فلم يرى عمر رضي الله عنه الخطاب في تلك الحضرة من غير الحق . فسمع كلامي من الحق لا مني . 
وقول عمر رضي الله عنه : خذ النور الممدود ، أي النور الذي تمد به غيرك . وقول عمر رضي الله عنه : قد جاء الشاهد، أي قد جاء الوقت »
 
72 - شرح تجلي النور الأخضر
379 - خضرة النور و بیاضه من وراء سرادقات الغيب عجيبة . فإن النور لا لون له في الحقيقة . 
فلونه لون القوابل المنصبغة وهذا النور وراءها ، فإنها داخلة في السرادق الذي حده من الموجود الأول إلى أنهى الصور الطبيعية العنصرية . 
فإن قيل : إن اللون مستفاد من قابلية المشاهد حسب اختلافها 
قلنا : حال قابليته إذ ذاك التجرد عن الزوائد اللاحقة بها في المراتب الكونية عند مرورها عليها. 
ولذلك لا ينطق المشاهد هنالك ولا يرى ولا يسمع ولا يعقل إلا بذاته . والألوان هي الزوائد المطروحة. 
والحق أن المشهود خلف سرادق الغيوب بأبی أن يدخل تحت طور العقل وحكمه وتكييفه.
 
380 - قال قدس سره : (ثم نزلت إلى نجل آخر في النور الأخضر خلف سرادق الحق) فنبه بقوله : «نزلت» أن النور الأبيض أقرب إلى الوحدة والإطلاق، وأن الرتبة الصديقية أقدس وأعلى ، وإن اشترك التجليان في كونها خلف السرادق . 
وقد أضيف السرادق هنا إلى الحق لا إلى الغيب ليشعر باختصاص الفاروق بالاسم «الحق» وولاية ربوبيته. 
ولذلك قال صلى الله عليه فيه : «إن الحق لينطق على لسان عمر» واختصاص الحق وسلطانه، إنما لمحق ظلمة الباطل ولهذا كان يفر الشيطان من ظل عمر ويسلك فجا غير فجه. 
ثم قال : ( فإذا بعمر بن الخطابقلت: يا عمر. 
قال: لبيك. قلت: كيف الأمر؟ قال :هو ذا) من غير تقييده بنفي وإثبات . 
إذ المشهود خلف سرادق الحق، خالص عن سدة السوی. فليس معه شيء يرد عليه بسببه نفي. 
ثم قال عمر له قدس سره : (تقول لي كيف الأمر) وأنت تعلم ما هو الأمر وعليه في هذا التجلي وغيره . 
قال : ( فذكرت مقالة أبي بكر وعلي ، رضي الله عنهما وذكرت له من بعض ما كان بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في أمرحلة الخلافة والقيام على مقتضي مقام الوراثة . (فقال: خذ المقام) أي المقام الذي يقتضي ختام الأمر عليه . كما قال قدس سره :
أنا ختم الولاية دون شك  …..    لورث الهاشمي مع المسيح 
وقال أيضا :
وإني  لختم  الأولياء  محمد   … ختام اختصاص في البداوة والحضر
 
381 - (قلت: هو بيدك) كأنه يقول له . رضي الله عنه : ليس الأمر في هذه العطية لك . بل هو من صاحب المقام . 
(قال : قد وهبته لك) يقول : لو كان الأمر مخصوصا بي لوهبته لك حيث عرفت اختصاصك بمنع هذه العطية الجسيمة . 
(قلت يا عجبا ) من أمري في هذا الشأن الفخيم مع وجود أساطين الورثة السيادية . 
(قال لا تعجب فالفضل ) في حقك (عظيم) ولولا سؤالك بلسان استعدادك هذا المقام لما بلغت . 
(ألست الصهر المكرم) أشار رضي الله عنه بهذه النكتة الغراء الغريبة إلى واقعة وقعت له قدس سره في بعض المشاهد القلبية وقد أومأ قدس سره إليها على سنن غريب في مبتكره المسمى "بعنقاء مغرب" في فصل صدره بقوله : نكاح عقد و عرس شهد. فمن نظر في ذلك فهم ما هنالك ، إن كان من أولاد صلب مقامه وكماله . والله أعلم.
 
382 - ثم قال له رضي الله عنه : (خذ النور الممدود) أي نورا مد به غيرك من بني مقامك الأسنی، (فقد جاء الشاهد) ودنا ميقات يشهد لك بانتهائك إلى المورد الأعلى واختتامه بك باستقرارك في مقام من هو عين عندية رب إليه المنتهى فقم على ساق الظفر (وانصب المعراج) إلى هذا المورد الغائي لمن يحن إليه برقيقة .
وينتمي إلى دائرته العليا بحقيقة. وأطلق من حبس منهم في أكناف البرزخ. فإنك على أصل له الحكم في العالمين والإشراف على النشأتين ، وإطلاق التصرف في الجهتين . 
ومن لا حال له يقيده ، ولا مقام يحصره ، تولى في إحاطة ملكية كل حال وكل مقام. 
فلاحظ كرسي القدمين وقدم قدم الصدق بالتخصيص والتعيين، و أجر قدم الجبار و(وجه اليدين) نحو المورد الأعلى منتهى أعلى العمد المعنوي ، فإنك إذن أوتی من رحمة الله الكافة كفلين . 
و تری بسر اتصالك بالمستوى الأعلى ما في الغيبين والحسين . فافهم ما ترجم لك بلسان الإشارة ، القلم.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:42 am

73 - شرح تجلي الشجرة .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 73 على مدونة عبدالله المسافر بالله
73 - شرح تجلي الشجرة 
 73 – متن نص تجلي الشجرة 
نصب المعراج ورقيت فيه مملكة النور الممدود وجعلت قلوب المؤمنين بين يدي .
فقيل لي : أشعلها نوراً فإن ظلام الكفر قد إكفهر ولا ينفره سوى هذا النور فأخذني هيمان في المعراج .


73 - إملاء ابن سودكين : 
"ومن تجلي الشجرة وهذا نصه : نصبت المعراج فأخذني هيمان في المعراج . 
قال جامعه : سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : الشجرة أصلها غربها وفرعها شرقها ، وهي لا شرقية ولا غربية . فانظر. 
هل ترى شجرة تنزهت عن هذين الأصلين. فلن تجد ذلك إلا الله تعالی . فكان هذا الوصف من طريق الاعتبار هو أحق به . 
ولما أقيم الشيخ في هذا التجلي وأمر بأن يشعل قلوب المؤمنين نورا لكونها نصبت بين يديه . 
وهو يرشها من نور معرفته وبركة مقامه وما يهبه للمحلات. 
"القابلة من مواهب الله تعالی ! فيسري ذلك النور الى من بينه وبينه مناسبة »
 
73 - شرح تجلي الشجرة 
 
383 - الشجرة هي الإنسان الكامل ، مدبر هیکل الجسم الكل. وإنما سمي بالشجرة الإنبعاث الرقائق المنتشرة منه إلى ما في سعة الوجوب والإمكان من الأسماء والأجناس والأنواع والأصناف والنسب والأشخاص . 
فهو بحقيقته الجامعة ومرتبته الإحاطية شجرة وسطية : لا شرقية وجوبية ولا غربية إمكانية . 
بل أمر بين الأمرين : أصلها غائص في السواد ، منطو على الأسرار؛ فرعها فارع في البياض ، حامل الأنوار؛ ساقها مادة المحسوسات ؛ فروعها حقائق الأمريات ؛ أوراقها أشكال المثاليات ؛ أزهارها التجليات الأسمائية ؛ وأنوارها الظاهرة من غيب أصلها في الحقائق الأمرية ، وأشكالها المثالية ، أثمارها التجليات الذاتية المختصة بأحدية جمع حقيقتها الوسطية الظاهرة فيها بسر: "إني أنا الله رب العالمين" [القصص:30] . 
قال قدس سره :
 
384 - (نصبت المعراج) أي قویت رقيقة اتصالي بينبوع النور المطلق الوحداني ، المشتمل على بركات فيض الوجود. 
إذ من شأن المنطلق في حصره وتقييده أن يحدث رقيقة اتصاله إلى كل عالم مهما أراد اقتدارا واختيارا فيتصل به بسرعة .
ثم قال : (ورقيت فيه ) أي في المعراج المنصوب بقدم الأشراف والتبصر . (فملكت النور الممدود) أي نورا يمدني في كشف لوازم التكميل وشرائط استخراج ما استجن في الفطر المتشوقة إلى المطالب الغائية وتقوية جبلاتها : بإطعام ما دنت قطوفها من جنى الشجرة الكلية الكاملة . 
(وجعلت قلوب المؤمنين) الذين جنحوا إلى سلم السعادة الأبدية (بين يدي) أي بين يدي خبرتي الوافية الموهوبة. 
وبصيرتي الكاشفة الممنون بها عليهم في مناهج ارتقائهم.
 
385 - ( فقيل لي إشعلها نورا ) فإن زيت نبراس قابلياتهم أيضا من زيتون شجرة لا شرقية ولا غربية ولكن طمست عيون نبراسها بتراكم أبخرة الطبيعة وتضاعف الأدخنة الإمكانية فتشمرت الأنوار عنها . 
(فإن ظلام الكفر قد اكفهر) يقال : اكفهر السحاب الأسود الغليظ إذا ركب بعضه بعضا. 
والمراد بالكفر هنا الحجب المتراكمة الساترة وجه الحقيقة الظاهرة في مرايا الكون. (ولا ينفره سوى هذا النور) المصفي لقلوبهم المزكي لفطرهم. 
قال قدس سره : (فأخذني) بعد ذلك (هيمان في المعراج) فإن سطوع النور ابتداء يورث البهتة والهيمان.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:43 am

74 - شرح تجلي توحيد الاستحقاق .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 74 على مدونة عبدالله المسافر بالله
74 - شرح تجلي توحيد الإستحقاق
74 - متن تجلي توحيد الاستحقاق :-
توحيد استحقاق الحق لا يعرفه سوى الحق فإذا وحدناه فإنما نوحده بتوحيد الرضا . ولسانه.
فيقع منا بذلك كفاحاً سلطان توحيد الاستحقاق لم يكن هناك .
فكان التوحيد ينبعث عنا ويجري منا من غير اختيار ولا هم ولا علم ولا عين ولا شيء .
 
74 - إملاء ابن سودكين : 
" ومن تجلى توحيد الاستحقاق . وهذا نص التجلی : توحيد استحقاق الحق.. ولا عين ولا شيء. 
قال جامعه سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : 
إذا جاء سلطان توحيد الاستحقاق لم يكن العبد ثم لأنه التوحيد الذي لا يكون للعبد فيه تعمل. 
ولكون الموحد يستحق أن يكون كذلك ، من غير أن تثبت أنت للحق بدليلك أو بفكرك توحيدا فتوحيده سبحانه محقق له في عدم العبد ووجوده . 
ولا يطلع على هذا التوحيد إلا من اختصه الله تعالی بعنايته . وانظر إلى الربوبية وكونه سبحانه مستحقة لها. كيف لما أظهرها للأعيان أقروا بها جميعهم ، ولما سترها عنهم وأحالهم على أدلتهم اختلفوا فيها . 
وكذلك توحيد الاستحقاق ، سواء بسواء. ومتى أشهدك الله ذلك تحققت بالعلم به والإقرار.
وإذا أحالك على دليلك ، كنت مع توحيد الأدلة وما تعطيه قوة العقل، لا ما تعطيه المشاهدة . فاعلم. 
وأما توحيد الرضي فهو توحيد الأفعال . وهو توحید خاص لا مطلق. ولنا فيه تعمل. 
فتوحيد الرضي توحيد الحال . وهو رضانا بما ساء وسر، ونفع وضر، وحلا ومر. 
فيكون العبد مشغولا بقضاء الله تعالی . فيشغله ذلك عن تألم الطبع وغيره ، مع رضى العبد عن الله وتسليمه إليه مصلحته . 
فيقول : هو تعالى أعلم بمصلحتي . فهذا توحيد الحال ، وهو للسالكين. وتوحيد الدليل وهو للعقلاء المفكرين ، وتوحيد الاستحقاق لأكابر المحققين ، وتوحيد الإستحقاق توحید ذاتي لا فعلي وهو توحید مشهود لا معلوم ".
 
74 - شرح تجلي توحيد الاستحقاق
 
386 - (توحيد استحقاق الحق لا يعرفه إلا الحق) فإنه توحید ذاتي لا تقابله الكثرة ولا يتوقف تعقله على تعقلها . بل هو من حيث كونه معقولا للغير، ليس بتوحيد الاستحقاق . بل لا يمكن تعقله كما هو. فإن المعقول ، من حيث هو معقول ، مقید . وهذا التوحيد عين إطلاقه، وإطلاقه ذاتي لا يقابله التقييد. 
(فإذا وحدناه فإنا نوحده بتوحيد الرضي ولسانه) وهو توحيد الفعل . والسالك إنما يذوق من مشرب هذا التوحيد، إذا تقلب في الأحوال حيث يشاهد أن الأحوال الواردة عليه وعلى كل شيء على التعاقب فعل واحد ظهر من وراء أستارها. 
سواء كانت الأحوال قبضة أو بسطة، نفعا أو ضرا، هداية أو ضلالة . 
ولذلك يرضي حالتئذ بما يرد عليه من مقصوده . فإن لذة مشاهدته من وراء ستارة القهر، تشغله عن ألم الطبيعة الذي يجده فيه. وربما أن يستعذب القهر ويلتذ به . 
كما أنبأ الواجد عن نفسه بذلك حيث قال :
أريدك لا أريدك للثواب   …..     ولكني أريدك للعقاب
فكل مآربي قد نلت منها  …..     سوى ملذوذ وجدي بالعذاب 
قال : (فقنع) أي الحق تعالی (منا بذلك) أي بتوحيد الرضي حيث لا تعمد لنا في غيره .
 
387 - (فإذا جاء سلطان توحيد الاستحقاق لم نكن هناك ) إذ لا يطلب هذا التوحيد الغير ولا يتوقف حصوله وثبوته عليه . 
(فكان التوحيد) أي توحيد الاستحقاق حالتئذ. (ينبعث عنا ويجري منا) بلا أعياننا (من غير اختيار) فإن التوحيد عين الحق الظاهر بنا. فنحن إذ ذاك به لا بنا. 
ولذلك قال : (ولا هم لا علم ولا عين ولا شيء) من هذه الحيثية يضاف إلينا. فافهم.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:43 am

75 - شرح تجلي نور الغيب .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 75 على مدونة عبدالله المسافر بالله
75 - شرح تجلي نور الغيب 
75 - متن تجلي نور الغيب :-
كنا في نور الغيب فراينا سهل بن عبد الله التستري .
فقلت له : كم أنوار المعرفة يا سهل ؟
فقال نوران : نور العقل ونور الإيمان .
قلت : ما مدرك نور العقل وما مدرك نور الإيمان ؟
فقال مدرك نور العقل : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " [الشورى : 11] .
ومدرك نور الإيمان للذات بلا حد .
قلت : فأراك تقول بالحجاب .
قال : نعم .
قلت : يا سهل. حددته من حيث لا تشعر لهذا سجد قلبك فمن أول قدمٍ وقع الغلط.
قال : قل .
فقلت يا سهل مثلك من يسأل عن التوحيد فيجيب . وهل الجواب عنه إلا السكوت ؟! .
تنبه يا سهل .
ففني ثم رجع . فوجد الأمر على ما أخبرناه .
فقلت يا سهل : أين أنا منك ؟ .
فقال : أنت الإمام في علم التوحيد . فقد علمت ما لم أكن أعلم في هذا المقام .
وأنزلته إلى جنب النوري في علم التوحيد وواخيت بينه وبين ذي النون المصري . وانصرفت .


75 - إملاء ابن سودكين : 
« ومن تجلي نور الغيب وهذا نصه : كنا في نور الغيب. . وآخیت بينه وبين ذي النون المصري وانصرفت
قال جامعه سمعت شيخي يقول في اسد شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه :
ليس له شن ، هذا هو توحيد العقل . 
وقوله تعالى : "وهو السميع البصير" [الشورى:11]، هذا هو توحيد الإيمان . يدرك هذا بنور الإيمان . 
ولهذا قال سهل رحمه الله : إن نور المعرفة نوران : نور عقل ونور إيمان . وأما قولنا : نور الغيب ، فإن النور إذا كان قويا في نفسه ، فمن شرطه أن لا يكشف لك فيه شيء، فإن کشف لك فيه شيء فلضعف النور. 
فالنور القوي هو الحجاب وهو نور الغيب . واعلم أن الإيمان يتعلق بالغيب ، و يثبت ما حصل الإيمان به . ونور الإيمان يكشف ما أثبته الإيمان وصدقه . 
وقد أثبت الإيمان أنه تعالی «بصير» بلاحد، و«سميع» بلا حد. فالإيمان يعم العقل وزيادة . لأنك إذا وقفت مع ما يستقل به العقل وهو أنه تعالی ليس كمثله شيء. فحينئذ لا يثبت العقل من حيث دليله أنه تعالی سميع بصير، إذ تقع المماثلة عندئذ بين الخالق والمخلوق، وقد تقرر عنده أنه تعالی ليس كمثله شيء ، والإيمان أثبت ذلك. وأثبت كونه تعالی سميع بصيرة . 
ثم کشف نور الإيمان هذه الزيادة التي لم يكن في قوة العقل إثباتها . ثم أخذ سهل يفصل النورين بما تقدم ذكره . وقصد تنزيه الحق بذلك فقالت له حددته بما حكمت عليه به ، من حيث لا تشعر. 
لقولك : «لا حد له». ومن كان حده "أن لا له لا حد له" و "لا حد له" هو حده . وأما الجواب ههنا . فهو السكوت أو الجمع بين الضدين . 
فقلت له : لهذا سجد قلبك من أول قدم لكونه قصد السجود دون غيره . 
إذ لم يكن هذا التهيؤ أولى بقلبك من غيره، إذ السجود حالة مخصوصة من بين أحوال عامة . 
وقلب المعارف لا يتقيد . بل جميع الأحوال عنده بنسبة واحدة . فكيف لك أن حددت قلبك بالسجود الأبدي . فدل ذلك على أنك حددت الربوبية بأمر حکمت به عليها . 
وقد تلتبس الربوبية بالعبودية في تجليات كثيرة ، فتطلب أنت الإطلاق فلا تجده فيخرج منك حدك الذي اعتمدت عليه من كونه تعالى «لا حد له». وأما نزوله ، أي سهل التستري ، بين يدي الشيخ فكان اختبارا من الشيخ في حقه . 
لأنه قال بغیر حد. 
ولما دعاه إلى النزول بين يديه رأى الحق يدعوه في مظهر الشيخ ، فنزل بين يديه وأخذ عنه ، لكونه مظهرا من مظاهر الحق ، والمظهر هو الحد. 
فقد أخذ عن الحد، ولزمه ثبوت الحد. ولما فني سهل رأى الحق كما ذكر له الشيخ .
وأما قول الشيخ له : وهل الجواب عنه إلا السكوت يعني التوحيد لأن التوحيد لا لسان له إنما هو للخطاب ، والخطاب يستدعي مخاطبة ثانيا . 
وإذا حصل الثاني «المخاطب» فلا توحيد. فالجواب في التوحيد إنما هو السكوت . فلذلك نبه الشيخ عليه . 
وأما قول الشيخ : فأجلسته إلى جنب النوري فالإشارة فيه لاتفاقهما في العبارة والأمور الظاهرة. 
وقوله : وآخيت بينه وبين ذي النون المصري ، أي لاشتراكهما في الذوق الباطن ، فكانت أمهما حقيقة واحدة . لأنه قد يقع الاشتراك في أمر ما بين اثنين فياخذه أحدهما کشفا وذوقا من الباطن ، ويأخذه الآخر من باب الفهوم وصفاء الذهن والعقل، فاشتركا من وجه وتفرقا من وجه . 
 
فمثل هذا الأخير يقال فيه : أجلسته إلى جانبه لكونهما اتفقا في الوجه الظاهر من المقام. وأما إذا شاركه في الأصول الغيبية فقد رضع معه من الأم وشاركه في أمور الفطرة الذاتية . فأخذها من أم الكتاب في أول مراتبها . فتحقق ".
 
75 - شرح تجلي نور الغيب 


388 - هذا النور إذا اشتد ظهوره . لا يكشف فيه شيء قطعة. فهو من فرط ظهوره ، حجاب . 
والغيب به بالنسبة إلينا غيب . وإذا خفي أعطى الكشف والاضطلاع. 
قال قدس سره : (كنا في نور الغيب. 
فرأينا سهل بن عبد الله التستري. فقلت له: كم أنوار المعرفة يا سهل ؟ 
فقال: نوران : نور عقل ، ونور إيمان قلت: فما مدرك نور العقل وما مدرك نور الإيمان ؟ فقال : مدرك نور العقل ليس كمثله شيء) إذ في قوة العقل أن يستقل في التنزيه ويبلغ غاية التحقيق فيه . 
وليس له أن يستقل في شق التشبيه إلا بضرب من التأويل وصرف النصوص عن ظاهرها إلى وجه يرجع إلى أصل التنزيه . 
(ومدرك نور الإيمان، الذات بلا حد) أي الذات باعتبار سلب الاعتبارات المحدودة عنها . فأخرج بها القيد حيثية ظهور الذات في المظاهر التي هي الحدود. 
والذات مع كونها لا حد لها في حقيقتها ، لها في كل اسم بحسب حيطته حد. ونور الإيمان يكشف ما أثبته الإيمان عند تعلقه بالغيب . 
فأثبت الإيمان أنه تعالی سميع بصير. فأثبت فيهما ما لزمه ثبوت الحد وأثبت أيضا أنه سميع بلا حدود وبصير بلا حد، فأثبت أيضا ما أثبته العقل تنزيها
 
389 - قال قدس سره : (فقلت) له (أراك تقول بالحجاب) حيث قيدت الذات بلا حد والقيد بلا حجاب . (قال: نعم. قلت: يا سهل) أنت مع تحرزك عن التحديد . 
(حددته من حيث لا تشعر) إذ من وصف بأن لا حد له . فلا حد له هو حده . 
(لهذا سجد قلبك) أي لقولك بالحجاب والتقييد. انحصر قلبك في السجود من العبادات الذاتية دون غيره . 
ومقتضی حال القلب أن يحاذي في كل آن شان الحق في كل عبودية يقتضيها ولا ينحصر في شيء منها (من أول قدم وقع الغلط) فانحصرت وکنت برهة من الزمان ، تقول لم يسجد القلب ؟ 
حتى سمعت العباداني يقول : للأبد. 
فلما انفحم سهل رحمه الله (قال) له (قل) له : ما عندك من الأجوبة التي يستحقها سؤالك . 
(قلت: حتى تبرك بين يدي) تنزل من يلقي القياد إلى محل المراد . 
ولما قيد سهل رحمه الله مدرکه الإيماني بقوله : بلا حد، دعاه قدس سره إلى نفسه بقوله : حتى تنزل بين يدي ، فامتثل وألقى قياد قابليته إليه . 
(فجثا) بين يديه فشاهد الحق في حد مظهريته فلزمه ثبوت الحد في مدرکه الإيماني.
كما لزمه عدم ثبوته من حيثية مشهد قال فيه : بلا حد
 
390 - (قلت له: يا سهل مثلك من يسأل عن التوحيد فيجيب ، وهل الجواب عنه إلا السكوت) أو الجمع بين الضدين بمعنى أن تقول : بحد، وبلا حد. (تنبه يا سهل) لما فات عنك في مدرك التوحيد. 
(ففني) إذ ذاك سهل فيما شاهد من مظهريته ، قدس سره . 
( ثم رجع ) بوارد الصحو إلى مدرك نتائج الفناء . (فوجد الأمر كما أخبرناه فقلت: يا سهل أين أنا منك) في هذا المدرك الغريب (قال: أنت الإمام في علم التوحيد فقد علمت ما لم أكن أعلم في هذا المقام) حيث علمت أن التوحيد الذاتي لا لسان له . وقد كل لسان من عرف الحق بهذا التوحيد. 
واللسان إنما هو للتخاطب ، والتخاطب يستدعي المتخاطبين، فأين التوحيد ؟ 
ثم قال : (فأنزلته إلى جنب النوري في علم التوحيد) لاتفاقهما في المشرب . يقال أجلست فلانا إلى جنب فلان إذا وجدهما على رأي في أمر. 
ثم قال : (وواخيت بينه وبين ذي النون المصري) فإنه وجدهما في التوحيد مرتضعي ثدي واحد. فإن ذا النون قال : إن الحق بخلاف ما يتصور ويتخيل ويتمثل. فأخلى الكون عنه مع أنه لا يقوم إلا به . 
وإن سهلا حد الربوبية بلا حد. فأخلى الحدود عنها ثم قال : (وانصرفت) من المشاهد المشحونة باللطائف الفهوانية إلى عالم الإحساس .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:44 am

76 - شرح تجلي من تجليات التوحید .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 76 على مدونة عبدالله المسافر بالله
76 - شرح تجلي من تجليات التوحید
76 - متن نص تجلي من تجليات التوحيد :-
نصب كرسي في بيتٍ من بيوت المعرفة بالتوحيد .
وظهرت الألوهية مستوية على ذلك الكرسي .
وأنا واقف وعلى يميني رجلٌ عليه ثلاثة اثوابٍ :
ثوب لا يرى وهو الذي يلي بدنه .
وثوب ذاتي له .
وثوب معرا عليه .
فسألته : يا هذا الرجل من أنت ؟! فقال سل منصوراً .
فإذا بمنصورٍ خلفه . فقلت يا أبا عبد الله من هذا ؟ فقال : المرتعش .
فقلت أراه من اسمه مضطراً لا مختاراً . فقال المرتعش بقيت على الأصل والمختار مدع ولا اختار .
فقلت : على ما بنيت توحيدك ؟ قال : على ثلاث قواعد .
قلت : توحيد على ثلاث قواعد ليس بتوحيد . فخجل .
فقلت له : لا تخجل ما هي ؟!
قال : قصمت ظهري .
قلت : أين أنت من سهل والجنيد وغيرهما ؟! وقد شهدوا بكمالي .
فقال مجيباً بقواعد توحيده :
ربٌ وفرد ونفيٌ وضد . . . قلت له ليس ذلك عندي
فقال ما عندكم ؟ فقلنا . . . وجود فقدي وفقد وجدي
توحيد حقي بترك حقي . . . وليس حقي سواي وحدي
فقال : ألحقني بمن تقدم .
قلت :نعم .
وانصرفت وهو يقول :
يا قلب سمعاً له وطوعاً . . . قد جاء بالبينات بعدي
فالتفت إليه وقلت :
ظهرت في برزخٍ غريبٍ . . . فالرب ربي والعبد عبدي
 
76 - إملاء ابن سودکین :
« ومن تجليات التوحيد، وهذا نصه : نصب کرسي في بيت ... والعبد عبدي . 
قال جامعه : سمعت شيخي سلام الله عليه يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه قوله : نصب کرسي .. مستوية على ذلك الكرسي . 
أراد بالبيت مقاما أو حالا . وأما الكرسي فحال للمتجلي وهو الحضرة التي ظهرت فيها الألوهية . والبيت أيضا هو الذي ظهر فيه العبد. 
قوله : فظهرت فيه الألوهية، أي ظهرت جميع الأسماء، لأن الألوهية إنما هي المرتبة الجامعة. 
قوله : عليه ثلاثة أثواب . الثوب الذاتي هو ثوب العبودية ، والثوب الذي لا يرى هو كل علم لا ينقال ، والثوب المعار هو كل علم تقع فيه الدعوى ، فيقال فيه فلان عالم ، والعارف يعلم أن العالم غيره لا هو، فإنه ما علم الأشياء إلا الحق . 
فهذا معنى الثوب المعار. وقول المرتعش ، 
لما سأله الشيخ عن نفسه: سل منصورا . فأحال على غيره فكان ذلك دعوى منه
لكونه لو أجاب عن نفسه لما زاد على إسمه .
فلما أحال على غيره ، علم أن ذلك الغير يعين مرتبته للسائل عنه ليراه بعين كبيرة . فكانت هذه الحركة عن دعوى باطنه . 
فلذلك لما قال له غيره عن اسمه  "المرتعش" ، أجابه بما أجاب عنه ، ليعلم أن حركات العارفين إنما تبنى على أصول محققة . 
قال الشيخ : ولما سألت عن توحيده على ماذا بناه ، قال : على ثلاث قواعد. 
فلذلك كان لباسه ثلاثة أثواب وأيضا فإن هذا شرط علم الدليل وهو علم العقلاء. وليس علم المحققين كذلك فإن توحيدهم توحيد النسب . 
وقوله : قصمت ظهري ، فقلت له : سل سهلا وغيره عن هذه الصفة، فإنهم يشهدون بكمالها لا بكمالي . 
 
وأما شرح الأبيات وهو قوله : "رب وفرد ونفي ضد". فـ "الرب" ها هنا هو الثوب المعار. و«الفرد» هو الثوب الذاتي . و"نفي ضد" هو الثوب الذي لا يرى . 
وقوله قلت له : ليس ذاك عندي ، أي لم يكن توحيدي على هذا الأمر، بل كله عندنا واحد. لكونك أنت أثبت ثم نفيت ، وفي نفس الأمر ليس ثم ضد. فبقينا نحن على الأصل . وأما «الرب» فلا يشارك على التحقيق . 
فلم يبق إلا ثوب العبودية المحضة ، فتبقى في قبالتها ربوبية محضة . 
وقوله في البيت الثاني : فقال : ما عندكم. 
فقلنا : وجود فقد وفقد وجود . أي تارة أنظرني من حيث هو، وتارة من حيث أنا. 
فتارة أكون موجودا به ، عند مخاطبته إياي بالتكليف ، وتارة أكون معدوما بمشاهدته فيوجدني بالتكليف ويفقدني بالشهود 
وقوله في البيت الثالث : توحید حقي بترك حقي . أي أنه لما أثبت حقي كان ترکه حقي ، لكونه تعالى إنما أثبته امتنانا منه لما لا تعطيه حقیقتي . 
وحقیقتي تعطي أن لا حق لي . فتوحید حقي الصحيح أن أكون وحدي على ما تعطيه حقیقتي الأصلية ، بقائها  وحدها معراه عن أوصاف الربوبية التي هي أثواب معارة على العبد. وهاهنا ترك الأكابر التصرف في الوجود لما أعطوه ، عندما رأوه عندهم عارية .
وقوله في البيت الأخير الذي ختم به التجلي : ظهرت في برزخ.. 
أي بين حضرة الرب والعبد. 
تارة ينظر الربوبية وتارة ينظر العبودية وتارة ينظر حقه الذي من علي به ، فأعامله بما تقتضيه الربوبية . 
وتارة أنظر إلى عبوديتي فأعامله بما تقتضيه العبودية . 
وهذا البرزخ لا يقام فيه إلا الأكابر من الرجال . فيأخذ من الربوبية علوما ويلقيها على العبودية ، ثم يبرزها أعمالا . 
وقوله: الرب ربي . أي الرب الذي لي خاصة لانفرادي له وعدم الوسائط بيني وبينه . وقوله : العبد عبدي . 
أي خرجت عن الأكوان كلها على اختلافها ، وصرت مهما أخذته من ربي خلعته على الأكوان وعينت مراتبها بما ألقيه عليها من حضرة الربوبية ، وأنا أعرج تارة إلى هذا المقام الأرفع «مقام الربوبية» وتارة أتدلى إلى الأكوان عند وجود التكاليف فأنزل إلى الأكوان وأقوم بوظايف التكاليف ثم أعود. 
والدليل على ذلك ، حديث «القبضة» الذي ذكره أبو داود السجستاني في سننه . 
فقد تعين في ذلك الحديث ما ينبه على مقام البرزخ الذي كان آدم صلوات الله وسلامه عليه فيه. 
وتعين فيه أيضا تدليه إلى عالم التكاليف ليعمرها ثم ترقية إلى مقامه . 
فانظر مناسبتها في نص الحديث تجدها ، إن شاء الله تعالی »
 
76 - شرح تجلي من تجليات التوحید
 
391 - إذا بدا برق هذا التجلي من جانب الغور الإنساني ، وهمی مدراره من سماء الفهوانية ظهرت في الأرض الأريضة القلبية رغائب آبار ونبتت فيها عجائب أسرار. 
ولكنما الطريق الموصل إلى فهمها مشحون بالقواطع المبيدة . والصواعق المحرقة . 
فمن كان برق استعداده خلبا لا يستتبع الغيث الهامع ، فليقنع من المطالب التي عليها طلاسم الصواعق، بالخيال الزائر وليلزم بيت التقاعد ولا يتعدى طوره.
 
392 - قال قدس سره : ( نصب کرسي في بيت من بيوت المعرفة بالتوحيد ) الكراسي هي الحضرات الإلهية التي هي موارد التجليات. 
والبيوت هي المقامات والأحوال العبدانية المنتجة للمعارف. فلا بد لكل كرسي منها من بيت يكون محل نصبه ؛ ولكل حضرة من مقام وحال هو موقع تجليها . 
فالكرسي المنصوب بتوحيد الألوهية في بيت من بيوت المعارف .هو حضرة مخصوصة إلهية قاضية بهذا التجلي في مقام معرفة هذا العبد المخصوص . 
ثم قال : وظهرت الألوهية بتوحيدها . (مستوية على ذلك الكرسي) أي على الحضرة الجامعة جميع الحضرات الأسمائية المتجلية لهذا العبد في مقامه الجمعي الوسطي القلبي . 
وهذا المقام هو الذي نصب فيه هذا الكرسي المعبر عنه بالحضرة الجامعة . 
نصبا مثاليا يعطي حكم الفهوانية . ولذلك قال : (وأنا واقف) فإن السائر المنتهي إلى الوسط الذي هو محل الأشراف لا سیر له . 
ولهذا يسمى المقام الوسطي ، بوقوف السائر فيه موقفا . وفي كل مقام وسط يقف السائر فيه لاستيفاء مراسمه وحقوقه.
 
393 - ثم قال : (وعلى يميني رجل) يمين موقفه هو مورد التجلي ومشرق أنواره ؛ (عليه ثلاثة أثواب : ثوب لا يرى وهو الذي يلي بدنه) وهو صورة علمه الذي لا ينقال ظهرت له في المشهد الخيالي ثوبة سابغة. 
فإن الصفة كالكسوة المعنوية للموصوف بها ( وثوب ذاتي له) وهو صورة عبوديته التي هي صفته الذاتية المتحقق بها كل جزء وكل عضو من ذاته (وثوب معار عليه) وهو صورة كل علم تقع له فيه الدعوى ، ويلبس بسببه ثوب الشهرة حتى يقال فيه : إنه عالم محقق في كذا وكذا . 
والعارف يعلم حقيقة أن العالم في مظهريته غيره لا هو فإن العلم صفة الوجود وهو لا وجود له في ذاته من ذاته . 
ثم قال : (فسألته : يا هذا الرجل ، من أنت ؟ فقال سل منصورة) ولم يجب عن نفسه . 
فإنه لو أجاب لما زاد على اسمه . فكان اسمه ابتذاء يشعر بالوهن والاضطراب في أمره بما تقرر عندهم من المناسبة الإلهية والروحانية والطبيعية بين الاسم والمسمى.


394 - (وإذا بمنصور خلفه) . قال قدس سره : (فقلت لمنصور يا أبا عبد الله من هذا ؟ فقال : المرتعش . فقلت: أراه من اسمه مضطرة لا مختارة فقال المرتعش : بقيت على الأصل) الذي لا وجود له ، والاختيار صفة الوجود لا صفة العدم. 
 
(والمختار مع ولا اختيار . فقلت على ما بنيت توحيدك ؟ قال: على ثلاث قواعد) كما كان عليه ثلاثة أثواب (فقلت : توحيد على ثلاث قواعد، ليس بتوحيد) في عرف التحقيق . 
فإن نسبته تختلف باختلاف نسب القواعد. ومقتضی صرافة التوحيد، خلوصه عن الكثرة المعنوية أيضا ولهذا قال علي رضي الله عنه : "كمال الإخلاص له ، نفي الصفات عنه" . 
فإن نسبها تشعر بالكثرة المعقولة و متعلق کمال الإخلاص كمال التوحيد الذي هو مبنی کل کمال . 
(فخجل قلت : لا تخجل. ما هي) أي ما تلك القواعد الثلاث . (قال قصمت ظهري) بتعرضك الوارد علي. 
إذ لا يمكن أن أقول : إن اختلاف نسب القواعد الثلاث ليس بقادح في صرافة التوحيد . 
ولو قلت لكان ذلك من طريق علماء الدليل. وأما مذهب التحقيق فيها فغير ذلك . فإن مقتضی صرافته عندهم إسقاط النسب والإضافات مطلقا . 
فلا يصح التوحيد الشهودي مع ثبوتها . 
(قلت: أين أنت من سهل والجنيد وغيرهما وقد شهدوا بكمالي) في التوحيد والتحقيق فيه.
 
395 -  (فقال مجيبا بقواعد توحيده:
 رب وفرد ونفي ضد    ….. قلت له ليس ذلك عندي) 
فإن مجموعته الثلاث نسبة عقلية وكل فرد منها مشعر بثبوت النسب. أما كون مجموعته نسبة فظاهر. 
فأما الرب ولو جعلته من الأسماء الذاتية فمشعر بمجرد التسمية به بثبوت نسب الربوبية القاضية بثبوت المربوبات. 
والفرد مشعر بثبوت ما انفرد عنه من السوی . فإن الفردية لا تكون إلا في العدد . والنفي مشعر بثبوت المنفي في الجملة. فإن نفي المنفي تحصيل الحاصل . 
وكل ذلك مخل في صرافة التوحيد في مذهب التحقيق . 
كأنه قدس سره يقول : ليس توحيدي مبنيا على ما بنيته عليه . إذ لا وجود للسوى عندي حتى يشترك مع الرب في الوجود . فتميزه الفردية عنه فإن الامتياز مترتب على الاشتراك ، ولا اشتراك . أو يتصف بالضدية . فيتوجه النفي إليها لرفعها . 
بل هو عين السوي وعين الأضداد كما يجيء من بيانه في تجلي العزة . وهو يتلو هذا التجلي. 
 
396 - (فقال ما عندكم فقلنا وجود فقدي وفقد وجودي) ترجم قدس سره هذا البيت بما معناه في بعض إملائه يقول : تارة أنظرني من حيث هو وتارة من حيث أنا . فتارة أكون موجودة به عند مخاطبته إياي بالتكليف. 
وتارة أكون مفقودا في نفسي بمشاهدتي إياه . فيوجدني بالتكليف ويفقدني بالشهود . إذ متعلق الشهود العين عند ذهاب الرسوم ومحو الموهوم. 
ثم قال :
(توحید حقي بترك حقي) أي توحيدي المخصوص بي وحدي ، هو بتركي حقي الذي ظهر منه تعالى امتنان لي . وذلك هو الوجود الظاهر بحقيقتي الأصلية الباقية حالة ظهوره فيها على عدميتها . وأوصاف الربوبية التي هي ثوب معار عليها
(وليس حقي سواي وحدي)  قوله : «وحدي» تتمة للمصراع للأول . 
وقوله : «وليس حقي سواي» جملة حالية معناها أن الحق تعالی مع ترکه له ما ظهر له منه ، ليس سواي . إذ الوجود من حيث هو حقي الظاهر له منه ، عينه في الحقيقة . 
بل هو الذي تجلى بعينه في حقيقتي القابلة بحسبها : فالعين في الحقيقة له، والحكم لي. فافهم.
 
397 - (فقال) المرتعش (الحقني بمن تقدم) أي بمن اهتدى إلى ما فات عنه عاجلا من أسرار التوحيد بك . 
(فقلت: نعم وانصرفت وهو يقول:
يا قلب سمعا له وطوعا  ….  قد جاء بالبينات بعدي 
فالتفت إليه وقلت: ظهرت في برزخ غريب)
لا يأوي إليه إلا نزر من الأفراد. وهو يعطي الحكمين . حتی إذا نظرت إلى وجودي الذي هو موقع التكليف و مورد الخطاب قلت بلسان حقیقتي الأصلية : (فالرب ربي) 
وإذا نظرت إلي من حيث إني «لا أنا». بل «أنا» به «هو» كان «هو» لساني وسمعي و بصري ويدي . 
فقال حينئذ : (والعبد عبدي) فافهم وأمعن في هذا السر الموسوم واشرب من رحيقه المختوم .
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:44 am

77 - شرح تجلي العزة .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 77 على مدونة عبدالله المسافر بالله
77 - شرح تجلي العزة
77 - متن نص تجلي العزة :-
لإن قيل لك بماذا وجدت الحق ؟
فقل : بقبوله الضدين معاً ....الذين يصح أن ينسبا إليه :كالأول والآخر والظاهر والباطن والإستواء والنزول والمعية وما جاء من ذلك .
فإن قيل لك : ما معنى قبول الضدين ؟!
فقل : ما بين كونٍ ينعت أو يوصف بأمرٍ إلا وهو مسلوب من ضد ذلك الأمر عندما ينعت به من ذلك الوجه وهذا الأمر لا يصح في نعت الحق خصوصاً إذ ذاته لا تشبه الذوات فالحكم عليه لا يشبه الأحكام وهذا وراء طور العقل .
فإن العقل لا يدري ما أقول وربما يقال لكن هذا يخيله العقل .
فقل الشأن هنا إذا صح أن يكون الحق تعالى من مدركات العقول حينئذٍ تمضي عليه أحكامها لئن لم تنته لتشقين شقاء الأبد .
ما لك وللحق آية مناسبة بينك وبينه في أي وجه تجتمع .
أترك الحق للحق فلا يعرف الحق إلا الحق .
وعزة الحق لا عرفت نفسك حتى أجليك لك وأشهدك إياك فكيف تعرفني . تأدب فما هلك إمرؤ عرف قدره اقتد بالمهتدين من عبادي .
 
77 - إملاء ابن سودکین : 
« ومن تجلي العزة وهذا نصه : إن قيل لك : بماذا وجدت الحق.. واقتد بالمهتدين من عبادي . 
قال جامعه مستجلي مشاهدة البروق اللامعة من ثغور الفهوانية عند تجليها من الحضرة الخطابية ، نفع الله به : 
سمعت شيخي وإمامي مظهر التجليات ومفيضها على المحلات القابلات المنفرد في وقته بدرج النهايات ورتب الكمالات ، محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن العربي الطائي رضي الله تعالی عنه وأرضاه وجمعني معه في كل موطن جمعا أقوم فيه بحق حرمته وكمال رتبته بمنه وفضله ، يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : تجلي العزة . 
المراد به هنا المنع وما يقع فيه من الغلبة . 
قوله : تأدب وغيره ، وذلك عند منازعة العقول خاصة . والمنع ذاتي لنفسه، والغلبة إنما تكون عند وجود الخصم. 
واعلم أيها القابل للفيض الإلهي ، أن النفس تدرك بالعقل الأمور المعقولة ، وتدرك بالحواس الأمور المحسوسة ، ولها مدرك آخر لذاتها من غير آلة من القوى . 
فما أدركته بمجرد ذاتها من غير آلة من القوى . 
فما أدركته بمجرد ذاتها من غير آلة، كان ذلك المدرك وراء طور العقل ؛ وهو لأصحاب الفيض الإلهي أرباب الحقایق ، وهم المخاطبون بلسان هذه الحضرة دون غيرهم . 
وإذا علم هذا فاعلم أن الحق تعالى لما وصف نفسه بالجمع بين الضدين من كونه أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، كان للعقل هاهنا مدرك آخر، وهو إثبات هذه الأضداد من وجوه مختلفة ، وذلك مدرك العقل وحده ، فما من كون موصوف بأمر ما إلا ويسلب عنده ضده . 
كقولنا : فلان عالم بزید ، فمحال أن يكون جاهلا. به من وجه علمه به . 
وأما الفيض الإلهي فإنه أعطى أن ذلك من وجه واحد للحق تعالى ، فهو "أول" من حيث هو  "آخر"، و"ظاهر" من حيث هو باطن . وهذا مدرك اللطيفة الإنسانية مجردة ، خاصة بالفيض الإلهي . 
فكل نسبة نسبناها إلى الحق لو كانت من وجهين مختلفين تستحقها الذات لكان هو تعالى في نفسه محلا للكثرة وهو تعالی واحد من جميع الوجوه فینزه عن ذلك تعالى ثم يقال : بم أنكر المنكر اتصاف الجسم بالجمع بين الضدين؟ 
فيقال : بمعرفتنا بحقيقة الجسم حكمنا عليه بذلك. 
فيقال : هل عرفتم ذات الحق بالحد والحقيقة، لتعلموا هل يصح قبول الضدين أم عدمهما؟ فهذا يظهر لك الفرق وعدم التحكم على الله تعالى . إذ الذات مجهولة . 
وقد أضاف هو تعالى إليها أحكاما وأضدادا لا يمكننا رفعها عقلا الجهلنا بالذات الموصوفة بقبول الأضداد وغير ذلك. 
واعلم أن المجهول الذات لا يصح لكون أن يحكم عليه أصلا. إنما يحكم عليه بما حكم به تعالى على نفسه. 
فلا يصح أن يقال : إنه يقبل النفي والإثبات والعدم والوجود. 
ويكون هذا جدلا من الخصم. كقولنا: إنه جمع بين الضدين، من كونه سبحانه أطلق ذلك على نفسه فقال : "هو الأول والأخر والظهر والباطن " [الحديد:3] ، 
فرأينا جميع الذوات التي نحن عارفون بحدها وحقيقتها تقبل هذه الأولية والأخرية على البدل . فتكون أولا بنسبة ، وآخر بنسبة أخرى . فنسبنا إليها ما يليق بها . 
ونظرنا إلى الحق تعالى ، الذي أجمع الخصم معنا على وحدانيته فرأيناه مجهول الذات. 
وقد قال : ليس كمثله شيء. فنفينا عنه ما قبله الكون. 
وسلمنا له ما قال عن نفسه من الوجه الذي تقتضيه الوحدانية من جميع الوجوه على ما تقتضيه ذاته. 
وقوله سلام الله عليه : اترك الحق للحق . هذا خطاب المكاشف صاحب الفيض الإلهي للعقل الذي ادعى أن مدركه هو الغاية . وحكم بأن ما وراء مدرکه مدرك . فقال له : مالك وللحق اترك بنا الحق معة فإني مع كوني في مرتبة أعلى من مرتبتك ، ما عرفت الحق إلا بنسبة ما . 
فكيف بك مع القصور عن طوري ورتبتي . ومع كوني أدركت زایدا عنك ، فقد ثبت عندي أنه تعالى لا يصح أن يعرفه سواه . فتحقق » .


77 - شرح تجلي العزة
398 - العزة : المنعة والغلبة . هذا التجلي يعطي الاطلاع شهودا على وجه يعطي منع العقول عن إدراك حقيقة الحق وجمعها بين الضدين من وجه واحد. 
ويعطي الغلبة عند منازعة العقول في طلب هذا المدرك الممنوع عنها . 
والغلبة إنما تظهر عند وجود الخصم. 
قال قدس سره : (إن قيل لك:ماذا وحدت الحق ؟ فقل: بقبوله الضدين معا اللذين يصح أن ينسب إليه کالأول والآخر والظاهر والباطن والاستواء والنزول والمعية وما جاء من ذلك) أي من حيثية واحدة . 
فإن قبولهما من حيثيتين مختلفتين من مدارك العقول. (فإن قيل لك: ما معنى قبول الضدين فقل: ما من كون ينعت أو يوصف بأمر إلا وهو) أي ذلك الكون (مسلوب من ضد ذلك الأمر عندما ينعت به من ذلك الوجه) الذي نعت فيه به. 
كما تقول : فلان عالم بزید ، فمحال أن يكون جاهلا به من وجه ما هو عالم به . بخلاف الحق تعالى فإنه أول من حيث هو آخر. 
(وهذا الأمر) أي قبول الضدين من وجه واحد (لا يصح في نعت الحق خصوصا، إذ ذاته لا تشبه الذوات، والحكم عليه لا يشبه الأحكام وهذا) أي قبول الضدين معا. (وراء طور العقل) فإن النفس الإنسانية إنما تدرك المعقولات بعقلها والمحسوسات بحواسها ولها مدرك آخر بذاتها المجردة خاصة ، وذلك هو وراء طور العقل المختص علمه وشهوده بأرباب الفيض الإلهي ، الفائزين بالمواهب اللدنية .
 
399 - (فإن العقل لا يدري ما أقول. وربما يقال لك:هذا يخيله العقل) إذ لا يثبت العقل اجتماع الضدين إلا من جهتين مختلفتين . 
فلا يدري كون باطنية الحق عين ظاهريته، وظاهريته عين باطنيته أبدا . 
بل يدري باطنية الذوات التي يعرفها بحدها وحقيقتها بنسبة ما وظاهريتها بنسبة أخرى. 
فلا يصح حكمه على الذات المجهولة بحدها وحقيقتها إلا بما أعطاه إخبارها عن نفسها أو أعطاه الشهود الناتج لصاحب المنحة الإلهية من عين المنة . 
ولذلك قال قدس سره : (فقل: الشأن هنا) أي التجلي الظاهر بالآثار الأقدسية من عين المنة ، (إذا صح أن يكون الحق تعالی من مدركات العقول، حينئذ تمضي عليه أحكامها) بنفي وإثبات وجمع بينهما معا.
 
400 - (لئن لم تنته) يخاطب العقل (لتشقى شقاء الأبد) هذا الخطاب من الشأن الإلهي بلسان القائم بحق مظهريته للعقل الذي ادعى أن مدركه في الحق هو الغاية وليس وراء مدرکه مدرك . 
ولذلك زاد صاحب الفيض في تبكيته فقال : (ما لك وللحق ؟ أية مناسبة بينك وبينه؟ في أي وجه تجتمع معه؟) ألم تعلم أن القرب الأقرب والبعد الأبعد بين الشيئين بقدر المناسبة والمباينة بين ذاتياتيهما؟ 
فلولا البعد الأبعد بين ذاتیاتك وذاتیاته تعالى لما سمعت منه تعالى : والله غني عن العالمين . 
(اترك الحق للحق) ولا تقصد حمل أعباء معرفة ذاته تعالی و ذاتیاتها إذ لا يحمل البحر منقار العصفور، ولا يثبت الظل مع استواء النور، ولا تقابل البعوضة الريح العاصف . 
(فلا يعرف الحق إلا الحق) والمخصوص بالفيض الإلهي ، مع كونه أعرف بالحق من العقل . لم يعرفه إلا بنسبة ما.
 
401 - كأنما (يقول الحق) للعقل الموقوف دون حجاب العزة . 
( وعزة الحق ، لا عرفت نفسك حتى أجليك لك) بإلقاء نوري الأقدس على بصيرتك لتجليتها عن آثار الغلبة الإمكانية وأقتارها (وأشهدك إياك) بالقوة الكاشفة لك عن بعض ذاتیاتك في المشاهد التنزيهية . 
( فكيف تعرفني) بك وبما اختص بقابليتك من الإدراك . وأنت عاجز عن معرفة نفسك بإدراكك القاصر عنها (تأدب) ولا تدعي فيما ليس لك من ذاتك . (فما هلك امرؤ عرف قدره) ولم يتعد طوره . 
(واقتد بالمهتدين من عبادي) الذين جاسوا خلال ديار اليقين وميزوا ما لي عما لهم. بي لا بهم.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:45 am

78 - شرح تجلي النصيحة .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 78 على مدونة عبدالله المسافر بالله
78 - شرح تجلي النصيحة 
78. متن تجلي النصيحة :
لا تدخل داراً لا تعرفها ، فما من دار إلا وفيها مهاو ومهالك ، فمن دخل داراً لا يعرفها فما أسرع ما يهلك .
لا يعرف الدار الإ بانيها ..... فإنه يعرف ما أودع فيها .
بناك الحق داراً له لتعمرها به ما أنت بنيتها : "أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ" [الواقعة : 59] .
فلا تدخل ما لم يبن .
فإنك لا تدري في أي مهلك تهلك ولا في أي مهواة تهوى .
قف عند باب دارك حتى تأخذ الحق بيدك ويمشيك فيك يا سخيف العقل أبشرط الفكر تقتنص طيراً ؟ .
أبخيول الطلب تدرك غزالة ؟
أبسهم الجهد ترمي صيده ؟ مالك يا غافل ؟
إرم صيدك بسهمك فإن أصبته اصبته ولا تصبه أبداً .
يا عاجزاً عن نفسه كيف لك به ما ظفرت يداك بسوى التعب ؟ .
 
78 - إملاء ابن سودكين: 
«ومن تجلي النصيحة وهذا نصه : لا تدخل دار لا تعرفها.. ما ظفرت يداك بسوى التعب. 
قال جامعه سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه قال : 
تجلي النصيحة على وجهين . الوجه الواحد قبل الشروع ، وهو للمخصوصين . 
والوجه الثاني بعد الوقوع، وهو للأكثرين . 
ثم اعلم أن كل خطاب ورد على النفوس من الحق، بطريق التأديب فإنما هو من حيث آلات العقول ، 
فأما الكشف فبابه باب آخر: فإنه يعطي الأدب بذاته من غير خطاب يتوقف على آلة 
. والأدب هو الوقوف عن التعدي وأن لا يتعدى عن مرتبته بما تقتضيه . 
وهذه الدار فيها ما يقتضيه الحس فيدرك بالحس ؛ وفيها ما يقتضيه العقل ، وهو أمر مخصوص يدرك بالعقل ؛ وفيها ما يقتضيه الكشف ، وهو أمر مخصوص. 
فأما كلياتها، على الاستيفاء ، فلا يعرفك بها إلا الحق تعالى وحده . فإن أطلعك على وجودك حينئذ تعرف نفسك المعرفة التامة . 
وباب هذه المعرفة هو باب الشرع الذي تتلقاه بالإيمان. فمهما قال لك الشارع فهو كلام الحق تتلقاه منه بغير تعليل ولا تأويل . فإن أحكمت هذا المسلك وصلت إلى میراثه . وهو العلم الكامل الإلهي . 
فإنك تلقيته بعدم الوسائط والحجب منك . والحجب هي الحس والعقل وجميع الآلات. فإذا أطلعك الحق تعالی علی حقیقتك وكاشفك بالحقایق وجعل مدركك إنما هو بعين ذاتك لا بألة فحينئذ يكون إدراكك أتم ، وتكون أقرب إلى المناسبة لتحققك بصفة الأحدية الخاصة بك. 
ومع ذلك فأين أنت من الحق. أنت في المرتبة الثانية فغايتك أن تعرف نفسك. ولا يصح لك أن تستوفي معرفة نفسك أبدا. 
فابق متصفا بالعجز، والإقرار بالعجز عن درك الإدراك . فذلك بعض الإدراك .
والله يقول الحق ».
 
78 - شرح تجلي النصيحة 
 
402 - هذا التجلي إنما يظهر من عين المنة للمراد المعتنی به قبل شروعه في تحلية قلبه بالآداب الروحانية ، حفظ له حتى لا يباشر في تحليته بما تعطيه أحواله المعلولة من الآداب والرياضات المخترعة برأيه . 
ويظهر أيضا بعد أخذ السالك في سيره إلى الله بطلوع نجم العناية السابقة له . وهذا حظ الأكثرين من أهل الطريق.
 
403 - قال قدس سره : (لا تدخل) أيها السالك (دارة لا تعرفها) أي دار بنيتك المشتملة على ما في آفاق الوجود من الغيب والشهادة . وأنت لا تعرفها بناء وقواعد وعلوا وسفة ومراتب ودرجات وغرفا ومجالس ومشترقآ ومقاعد ومنصات ومخادع ومهوات ومساقط وأبوابا ومداخل وألزاما وسكانا من الأعالي والأواسط والأداني . 
وهل بنيت من المؤن النفيسة أو الخسيسة أو منهما معا؟
ومن مدبرها من الأرواح القدسية والقوى الطبيعية ؟ 
ومن زمامها من النفوس الملكية ؟ 
ومن ناظرها من الأسماء الإلهية ؟ 
وهل تصلح لنزول الملك فيها؟ 
وإذا نزل هل تكون بیت خلوته أو بيت جلوته أو تارة وتارة ؟ 
فإن هذه البنية المكرمة المقامة في أحسن تقویم .
إنما وضعت بالوضع الإلهي على نسق الحكمة البالغة : فيها المهلكات والمنجيات في محالها والمسالك مختلطة بعضها بالبعض ، والرقائق مشتبهة . 
فالداخل فيها إذا لم يكن على بصيرة من رب الدار ربما أشرف بجهالته فيها على مزال القدم ومساقطها فيقع في مهوات التلف .
ولذلك قال :
 
404 - (فما من دار إلا وفيها مهار ومهالك. فمن دخل دارا لا يعرفها فما أسرع ما يهلك. لا يعرف الدار إلا بانيها ، فإنه يعرف ما أودع فيها . بناك الحق دارة له لتعمرها به) بمعنی أن يظهر فيها في كل آن بشأن ويجمع فيها آثار ما توارد عليها من الشؤون ويضع فيها جواهر الحكم وصحف جوامع الكلم ، ويجعلها خزائن أسراره ومطالع أنواره . 
فليس لك أن تسلك بك مسالكها ولا أن تستعرض ودائعها وتستشرف على أهلها . 
إذ (ما أنت بنيتها أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون، فلا تدخل ما لم تبن فإنك لا تدري في أي مهلك ملك ولا في أي مهواة قوي. قف عند باب دارك حتى يأخذ الحق بيدك ويمشيك فيك). 
وهي باب دار إذا فتحت للواقف عليها شاهد ما وراءها وعرف جوامع مخبأتها وصنوف موضوعاتها الإلهية والكونية. 
وعرف بتعريف مالكها ، أن السر المضنون به في صدر الدار تحت وسادته مکتوم، مختوم عليه بختمه لا يكشفه ولا يتصرف فيه أحد إلا به وبآدابه الموصلة إلى ذلك . 
إذ بالشمس يهتدي إلى الشمس وهذا الباب الذي وجب الوقوف عنده هو شرع الوجود الظاهر به رحمة الكافة ، وأصل الآداب الموصلة إلى ذلك السر المضنون به . 
الإيمان الخالص ودلالته، لا العقل ودليله . فمن تلقى تعريف الشارع بالإيمان من غير تأویل وتعليل. إنما تلقاه من الحق بلا شك. 
ومن أحكم هذه القواعد الإيمانية وسلك هذه المسالك الإيقانية . 
ورث من صاحب شرع الوجود علما لدنيا إلهيا محيطا بحقيقة كل شيء كما هي من غير وسائط العقل والحس والمشاعر وتحقق بأحديته الخاصة به في أحدية صاحب الشرع فأدرك بذاته فيها كل شيء.
 
405 - ولما امتنع الظفر بهذا المطلوب الأبين بدلالة العقل ودليله . 
قال قدس سرہ : (یا سخيف العقل أبشرك الفكر تقتنص طيرا؟ أبخيول الطلب تدرك غزالة؟ أبسهم الجهد ترمي صيده؟ ما لك يا غافل ۔ ارم صيدك بسهمك فإن أصبته أصبته) 
يقول : لا تترك التدبير والجهد ولا تعتقد أنك بالجهد تناله . إذ ليس كل من سعي خلف الصيد صاد، ولكن ما صاد إلا من سعي خلفه . ثم نظر قدس سره إلى أن حصول الأمر لمن سعی إنما هو بمحض الامتنان . 
فقال : (ولا تصبه) بقصدك وسعيك ( أبدا یا عاجز عن معرفة (نفسه كيف لك به) أي بمعرفة ذات الحق وذاتیاته وأنت في المرتبة الثانية فلا خروج لك عنها ، فلا وصول لك إليه . 
غايتك أن تعرف نفسك به لا بك، ولا تعرفها حق المعرفة . فكن على حذر من طلب لا ينتهي إلى فائدة . 
فقل العجز عن درك الإدراك ، إدراك . إذ لو أفنيت ذاتك في روم ما لست بكفئه (ما ظفرت يداك إلا بالتعب)
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:45 am

79 - شرح تجلي لا يغرنك .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 79 على مدونة عبدالله المسافر بالله
79 - شرح تجلي لا يغرنك
79 - متن تجلي لا يغرنك :-
يا مسكين ! كم يضرب لك المثل بعد المثل ولا تفكر .
كم تخبط في الظلمة . وتحسب أنك في النور .
كم تقول : أنا صاحب الدليل ، وهو عين الدليل .
ومتى صحبك تفتري عليه .
لا يغرنك اتساع أرضه ، كلها شوك ولا نعل لك . كم مات فيها من أمثالك كم خرقت من نعال الرجال فوقفوا فلم يتقدموا ولم يتأخروا فماتوا جوعاً و عطشاً ! .
 
79 - إملاء ابن سودكين: 
«ومن تجلي : لا يغرنك ، ونصه : يا مسكين مالك ... جوعا وعطشا. 
قال جامعه سمعت شيخي سلام الله عليه يقول ما هذا معناه: لا يغرنك ما تسمعه منه أو تراه قبل أن يعرفك بمراده في ذلك . 
كقوله : اعمل ما شئت . هذا لفظ يحتمل الوعد ويحتمل الوعيد بحسب القرائن . قوله : يا مسكين .. ولا تفكر. 
قال سلام الله عليه الفكر على ضربين : مذموم وهو فكر أرباب الخلوات فإن الفكر يفسد محلهم، وفكر محمود وهو فكر الاعتبار في آلاء الله وفي مخاطبته لك في الكتاب والسنة .
وقوله : كم تقول.. الدليل . 
أي أن صاحب الدليل إنما طلب نتيجة دليله وكانت النتيجة هي الحق المطلوب له ، وقد أخلی دلیله من الحق لكونه إنما نظره في مدلول دليله . 
ولو كان نظره في الدليل لكان الدليل عنده هو عين المدلول . 
وقوله : متی صحبك تفتري عليه ، أي أنك فارقته في الدليل، ولا يوصل إلى الحق إلا بالحق . 
ولو استصحبته في عين الدليل لصحبك في المدلول . لكنك فارقته من أول قدم . والبداية عنوان النهاية . 
قوله : لا يغرنك اتساع .. من أمثالك.. الخ.
أي لا يغرنك كثرة الطرق إليه فإنه ما من قدم يطأها سالك من جميع عباد الله إلا وتحتها آفة من الآفات . 
فمن عرف تلك الآفة واتقاها كان المتقي هو الذي تحقق أنه على بصيرة من ربه . 
ومن جهلها ثم أتي بعد ذلك بخمسين وجها من وجوه الحق في ذلك القدم الواحدة ، كان ما فاته من تلك الآفة الواحدة يرجح بجميع الوجوه التي تحصل له من الحق في تلك القدم . 
قال سيدي سلام الله عليه : ولقد سألني بعض الأكابر فقال : هل رأيت سيئة واحدة أفسدت ثمانين حسنة . 
فقلت : هذا إذا كانت السيئة لا تنقسم ، فكيف إذا انقسمت . 
قال رضي الله عنه : وفي هذه الأرض الواسعة تحقق المحاسبي ، رحمه الله ، بمعرفة آفاتها . 
وأما أبو یزید ، رحمه الله ، مع جلالة قدره فإنه لم يثبت له فيها قدم ، إلى أن استغاث بربه فأعطاه شيئا من أشيائه . 
قال شيخنا رضي الله عنه : ولما كشف لي عن هذه الأرض کنت قايما أصلي خلف الإمام، وقد قرأ الإمام : يا عبادي إن أرضي واسعة ، فصحت صيحة عظيمة ثم غبت عن حسي، ولم أصح في طريق الله قط سوى هذه الصيحة . 
فلما أفقت أخبرني الحاضرون عندي أنه وضعت حامل كانت مشرفة على سطح يشرف على ذلك المسجد. 
وغشي على أكثر الجماعة. ثم في ذلك المشهد الذي غبت فيه عن حسي، أطلعني الله على حقيقة هذه الأرض ، وأشهدني حقایق آفاتها . 
فلا أرى حركة في العالم بعد ذلك ، إلا وأعلم من أين انبعثت ، وإلى أي شيء غايتها ، بإذن الله تعالی وحسن تأییده . والله يقول الحق ".
 
 79 - شرح تجلي لا يغرنك
 
406 - هذا التجلي يتضمن تحريض النفوس السائرة في مناهج الحق لطلب ما هو الأمر عليه . 
قال قدس سره : (يا مسكين ما لك يضرب لك المثل بعد المثل ولا تفكر) فيما ينطق به الكتاب والسنة وفيما يظهر لك من المخاطبات الفهوانية ، ولست أنت من تنظر الاعتبار وتتفكر فيما خاطبك الحق به فتعرف مراده تعالى من ذلك. 
نعم، لا تفكر لك حالة توجهك إلى تفريغ محلك من السوي فإن الفكر إذ ذاك يشغل محلك بما ليس بمطلوب من الصور الفكرية فيفسده بها. 
(كم تخبط في الظلمة) أي في ظلمة الجهالة القاضية بحصر الحق في بعض الوجوه وتخلية بعضها عنه (وتحسب أنك في النور) حيث زعمت أن دليلك انتهى بك إلى الحق (كم تقول: أنا صاحب الدليل، وهو عين الدليل) ولولا هو كذلك لما اهتديت به إلى الحق ، فبالحق اهتديت إلى الحق. 
(ومتی صحبك) الحق (تفتري عليه) حيث تزعم أنك فارقته في الدليل وصحبته في مدلوله . 
والحق أنه صحبك في عين الدليل إلى المدلول . فالحق في الحقيقة هو موصلك إلى الحق. ولكنك فارقته بزعمك في أول قدم استدلالك . والبداية عنوان النهاية . 
ولو صحبك في دليلك ومدلوله وبدايتك ونهايتك في نفس الأمر، ولست أنت واجده هكذا لما كنت على شيء. فإن من الكمالات المختصة بك وجدانك إياه عين كل شيء وإلا حكم كونه هكذا بالنسبة إلى كل شيء على السواء فأين اختصاصك.
 
407 - ثم قال : ( لا يغرنك اتساع أرضه ، كلها شوك ولا نعل لك. كم مات فيها من أمثالك كم خرقت من نعال الرجال فوقفوا ولم يتقدموا ولم يتأخروا فماتوا جوعا وعطشا ) لعله أراد باتساعها ، كثرة الطرق إلى الله . 
يقول : ولو كانت الطرق إليه كثيرة لا تحصى عددا ولكن لك في كل نفس وتحت كل قدم آفة وأقلها . تعارض حکمي الوجوبية والإمكانية . 
والأمرية والخلقية بحكم المغالبة فيك في كل نفس . والحرب سجال لا يدري أن الغلبة لأيهما لا بل تعارض أحكام الأسماء الجزئية المتقابلة المتوجهة إلى قابليتك بما لها من أصلها الشامل . 
فإن كلا منها يطلبها أن تقوم بحق مظهريته وظهور خصائص حيطته. 
وهذا التعارض إنما يعطي التعويق والوقفة والخمود والفترة في حال البداية وهي المعبر عنها بقوله : فوقفوا لم يتقدموا ولم يتأخروا . 
وإنما حصصنا التعارض بالأسماء الجزئية. إذ لها الولاية والتأثير في حال البداية بحکم الأكثرية. 
وأما في النهاية فالولاية والتأثير الأسماء الكلية، وتعارضها إنما يعطي التمانع فيبقى القابل فيه مطلقا عن الميل والتقيد. 
فيحصل له في إطلاقه الاختيار والحكم والاقتدار . فيميل ويتقيد بأي اسم شاء مهما شاء من الأسماء المتقابلة اختيارا . فافهم.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 5:46 am

80 - شرح تجلي عمل في غير معمل .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي  

شرح التجلي 80 على مدونة عبدالله المسافر بالله
80 - شرح تجلي عمل في غير معمل
80 - متن تجلي عمل في غير معمل
كم ماشٍ على الأرض ؟ كم ساجدٍ عليها وهي لا تقبله .
كم داعٍ لا يتعدى كلامه لسانه ولا خاطرهُ ، محله .
كم من ولي حبيب في البيّع والكنائس .
كم من عدوٍ بغيضٍ في الصلوات والمساجد يعمل في حق هذا، وهو يحسب أنه يعمل لنفسه.
حقت الكلمة ووقفت الحكمة ونفذ الأمر : فلا نقص ولا مزيد .
بالنرد كان اللعب ولم يكن بالشطرنج .
قاصمة الظهر وقارعة الدهر ، حكمٌ نفذ لا راد لأمره ولا معقب لحكمه . انقطعت الرقاب . اسقط في الأيدي . تلاشت الأعمال . طاحت المعارف . اهلك الكون السلخ والخلع : يسلخ من هذا ويخلع على هذا .
 
80 - إملاء ابن سودكين: 
«ومن تجلي عمل في غير معمل، وهذا نصه : كم ماش على الأرض .. ويخلع على هذا . 
قال جامعه سمعت شيخي سلام الله عليه يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه وأصله
حاصل هذا التجلي أن الله تعالى جعل الأعمال على تنوعها من الخير والشر مراتب معلومة تطلبها تلك الأعمال بذواتها . 
فيرى العامل الخير فيما يبدو للناس، وهو معيب عند الله . يعمل أعمالا كثيرة من البر لكنها تشوبها سمسمة من باطن العمل تناقض ذلك العمل بالذات . 
فلا يصح لذلك العمل أن يساکن صاحب تلك السمسمة . فيرى العمل يطلب محلا يناسبه ولا يكون لتلك السمسمة فيه أثر البتة فيرى العامل الممكور به الذي هذا نشأته من الشر يقتضي رتبة تناسبه . 
وهو فيما يجري عليه من أعمال البر کالساعي من التجار في رزق غيره ينقله من موطن إلى موطن . فعمله عنده عارية يطلب محلا يناسبه . 
ويكون ذلك المحل الذي يناسبه هو البر المنقول ، الطالب مرتبته بالذات لعبد من عمال الشر فيما يبدو للناس . 
إلا أن الله كتبه لأحد من أحبابه وأوليائه يظهر أثر سعادته عند خاتمته . 
فیری محل هذا السعيد ظاهرا عن تلك السمسمة التي تقر عنها عمل الأول من البر. 
فيجعل الله تعالی عمل ذلك الشقي منشورة على هذا المحل السعيد. ويطلب عمل هذا الآخر من الشر عند ورود الخير على محله ، لذلك المحل الخبيث الذي استدعاه من وجود تلك السمسمة فيه منه . 
فإذا بلغ الكتاب أجله ، تاب الله على عبده وختم له بالخير وأظهر عليه حلة السعادة وجعل جميع حسنات الأول في ميزانه تطلب محله بالخاصية كما تطلب الطيور أوكارها فتسارع إليه وتتناثر عليه . 
وهذا معنى قوله تعالى : "وقمنا إلى ما عملوا من عمل فجعله هباء منثورا" [الفرقان:23] أي نثرناه على غيرهم. 
واعلم أن لكل عبد من أهل الجنة في الجنة مرتبتان، ولكل عبد من أهل النار في النار مرتبتان. 
فالمرتبة الواحدة اقتضاها عمله ، والمرتبة الأخرى هي موروثة له من بدله الذي أبدله الله تعالى مكانه في الجنة ، وأبدل الآخر مكان هذا في النار . 
فصار لكل واحد منهما منزلتان في موطنه وورث هذا حسنات هذا ، وهذا سيئات هذا . فهذه هي خاصية هذا التجلي . 
وهذا معنى قوله : کم ماش على الأرض . إلى آخر التجلي . 
قوله : أهلك الكون الخلع والسلخ ، فتحقق بالتقوى وتطهر من خفي الآفات والهوى . ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدة. 
والله يقول الحق ، سبحانه .
 
80 - شرح تجلي عمل في غير معمل
 
408 - العمل على ضربين : عمل صالح، وعمل غير صالح. 
فالعامل بالعمل الصالح قد ينطوي استعداده على مثقال سمسمة من الشقاوة وهي تابي العمل الصالح. 
والعامل بالعمل الغير الصالح قد ينطوي استعداده على مثقال سمسمة من السعادة وهي تأبي العمل الغير الصالح . 
فكل واحد من هذين العملين : عمل في غير معمل . 
ولذلك إذا بلغ الكتاب أجله جعل الله العمل الصالح هباء عن صاحب سمسمة الشقاوة منشورة على صاحب سمسمة السعادة . 
فإذن يسبقه الكتاب فيموت سعيدة. وجعل العمل الغير الصالح هباء عن صاحب سمسمة السعادة ، منثورة على صاحب سمسمة الشقاوة . 
فإذن يسبقه الكتاب فيموت شقية . فيرث كل منهما مع ما لهما في الجنة والنار، ما للآخر.
 
409 - قال قدس سره : (کم ماش على الأرض والأرض تلعنه. كم ساجد عليها وهي لا تقبله . کم داع لا يتعدى كلامه لسانه ولا خاطره محله. 
كم من ولي حبيب في البيع والكنائس. كم من عدو بغيض في الصلوات والمساجد يعمل هذا في حق هذا وهو يحسب أنه يعمل لنفسه)
مثله كمثل من يسعى في تحصيل رزق الغير. فإذا حصل كان عارية يطلب محلا قدر له . والرزق قد يكون حلالا وقد يكون حراما . 
فكل منهما يطلب محلا يناسبه . فمن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
 
410 - (حقت الكلمة ووقعت الحكمة ونفذ الأمر ، فلا نقص ) عما قدر (ولا مزید ) عليه . 
وقد ضرب قدس سره مثلا لطلب الرزق محله حيث قال : (بالنرد كان اللعب) ولذلك انتقل مال الراهن إلى اللاعب الذي هو محله المناسب ، بما جاء على الراهن في لعبه من نقوش الكعبتين من غير أن يكون لتدبيره واختياره في دفعها أثر ولا لقصد اللاعب في إتيانها حسب مراده أثر. 
وهذا نظير انتقال العمل الصالح من صاحب سمسمة الشقاوة إلى صاحب سمسمة السعادة من غير اختيارهما أو بالعکس . 
(ولم يكن) اللعب (بالشطرنج) ليكون للفكر والتدبير في الدفع والجلب ، مجال . ولما كانت نقلة أعمال البر والشر من كل واحد من العاملين إلى الآخر، من غير تدبیرهما . 
قال في تلك النقلة إنها : ( قاصمة الظهر وقارعة الدهر حكم نفذ ) في عرصة التقدير الأزلي حسب اقتضاء الاستعدادات الأصلية ؛ (لا راد لأمره ولا معقب لحكمه. انقطعت الرقاب. أسقط في الأيدي) طبق الحكم الأزلي (تلاشت الأعمال) حيث صارت هباء منثورة . 
(طاحت المعارف) حتى انسلخ بلعام من آيات الله في تحقيق الاسم الأعظم فعاد جاهلا به . 
قد (أهلك الكون السلخ والخلع  .. يسلخ من هذا ويخلع على هذا) كما خلعت
خلع الحياة من الأبناء المذبوحين لموسى عليه السلام. وخلعت عليه تأییدا وإمداد له باجتماع روحانيتهم عليه.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب التجليات الإلهية من 41 - 50 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 51 - 60 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 61 - 70 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 81 - 90 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 91 - 100 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: