منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Empty
مُساهمةموضوع: ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية   ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Emptyالخميس مايو 14, 2020 1:47 pm

ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع عين على العينية العارف بالله عبد الكريم الجيلي شرح معاصر للقصيدة العينية د. سعاد الحكيم
شرح الأبيات من 30 إلى 69 على مدونة عبدالله المسافر بالله

شرح الأبيات  من 30 إلى 69 : ثالثا توجّه الشاعر "الجيلي" إلى محبوبه بوصف حاله في العشق ومكانة معشوقه لديه

(30) فكلّ الّذي يقضيه فيّ رضاكم   ..... مرامي وفوق القصد ، ما أنا صانع
(31) تلذّ لي الآلام إذ  أنت مسقمي ..... وإن تمتحنّي فهي عندي صنائع
(32) تحكّم بما تهواه فيّ فإنّني      ..... فقير لسلطان المحبّة طائع
(33) حببتك ، لا لي ، بل لأنّك أهله   ..... وما لي في شيء سواك مطامع
(34) فصل إن ترى  أودع وعدّ عن اللّقا   ..... وأوعد وعد أو عد فها أنا قانع
(35) تمكّن مني الحبّ فانمحق الحشا   ..... وأتلفني الوجد الشّديد المنازع
(36) وأشغلني شغلي بها عن شواغلي .....   وأذهلني عنّي الهوى والهوامع
(37) وقد فنيت روحي بقارعة الهوى   ..... وأفنيت عن محوي بما أنا قارع
(38) وقام الهوى عندي مقامي فكنته   ..... وغيّبت عن كوني فعشقي جامع
(39) غرامي غرام لا يقاس بغيره     ....... ودون هيامي للمحبّين مانع
(40) غرامي والتّبريح للروح لازم   ..... وسقمي والآلام للجسم تابع
(41) ولوعي وأشجاني وشوقي ولوعتي   ..... لجوهر ذاتي في الغرام طبائع
(42) فشوقي نار والهوى : فهو الهوا.....   وتربي والما : ذلّتي والمدامع
(43) يلوم الورى نفسي لفرط جنونها .....   وليس بأذني للملام مسامع
(44) ومذ أحشاي حبّيك إنّني         ..... لسهم قسيّ النّائبات مواقع
(45) وما لي إن حلّ البلاء التفاتة   ..... وما لي إن جاء النّعيم مراتع
(46) وما أنا من يسلو ببعض غرامه   ..... عن البعض ، بل بالكلّ ما أنا قانع
(47) وشوقي ، ما شوقي ، وقيت  فإنّه ..... جحيم له بين الضّلوع فراقع
(48) وبي كمد لو حمّلته جبالها    ..... لدكّت برضواها وهدّت صوامع
(49) ولي كبد حرّاء من ظمأ بها   ..... عليك ، ولم يبرد غليلا  مصانع
(50) يخيّل لي أنّ السماء على الثّرى   ..... طبقن وأنّي بين ذلك واقع
(51) ونفسي نفس أيّ نفس أبيّة   ..... ترى الموت نصب العين وهي تسارع
(52) فهمّي  وفهمي ، ذا عليك ، وفيك ذا   ..... وجدّي ووجدي زآئد ومتابع
(53) وعزمي وزعمي أنّه فوق كلّ ما  ..... يراد ، وظنّي إنّما هو نافع
(54) تسامر عيناي السّها بسهادها   ..... وتسأل بل ما سال إلّا المدامع
(55) ويرقب مني الطّيف جفني دجنّة    ..... وكم زاره طيف وما هو هاجع
(56) ويخبرني عنك الصّبا وهو جاهل   ..... فتلتذّ من أخباركم لي مسامع
(57) إذا زمزمت ورق على غصن بانة   ..... وجاوب قمريّ على الأيك ساجع
(58) فأذني لم تسمع سوى نغمة الهوى  ..... ومنكم فإنّي لا من الطّير سامع
(59) ومن أيّ أين كان إن هبّ ضائع   ..... فلي فيه من عطر الغرام بضائع
(60) وإن زمجر الرّعد الحجازيّ بالصّفا   ..... وأبرق من شعبي جياد لوامع
(61) يصوّر لي الوهم المخيّل أنّ ذا   ..... ثناك وهذا من ثناياك ساطع
(62) فأسمع عنكم كلّ أخرس ناطقا   ...... وأبصركم في كلّ شيء أطالع
(63) إذا شاهدت عيني جمال ملاحة   ..... فما نظري إلا بعينك واقع
(64) وما اهتزّ من قدّقنا تحت طلعة   ..... من البدر أبدت أم خبتها البراقع
(65) ولا سلسلت أعناقها بغرامها   ..... تصافيف جعد خطّهنّ وقائع
(66) ولا نقّطت خال الملاحة بهجة   ..... على وجنة ، إلّا وحرفك بارع
(67) فأنت الّذي لي فيه يظهر حسنه   ..... به ، لا بنفسي ، ما له من ينازع
(68) وإن حثّ جلدي من كثيف خشونة .....   فلي فيه من ألطاف حسنك رادع
(69) تخذتك وجها والأنام بطانة       ..... فأنجمهم غابت وشمسك طالع

شرح الأبيات :
( 30 ) فكلّ الّذي يقضيه فيّ رضاكم   ..... مرامي وفوق القصد ، ما أنا صانع
المفردات :
يقضيه : يحكم به ، وينفذه ، ويمضيه .
مرامي : مطلبي .
فوق القصد : أكثر من المراد .
ما أنا صانع : ليس لي صنع .
المعنى :
يقول الجيلي ، إنني أرضى بكل ما ترضونه لي من قضاء ، ولست بصانع لأمر ، ولا أطلب تغييرا ولا تبديلا ، بل ها أنا ساكن تحت مجاري الأقدار.
 وفي البيت تأكيد على معنى الرضا عند الصوفية ، وأصله الرضا عن مراد اللّه تعالى في كل ما قضى وقدّر .
والرضا يتدرج في أقوال الصوفية من عدم الاعتراض على القضاء ، إلى التسليم لقضاء اللّه تعالى ورفع الاختيار ، إلى سكون القلب بمعنى سروره بالقضاء .
وقد أتى الجيلي هنا برفع الاختيار وبسكون القلب تحت مجاري الأقدار ، وفي البيت اللاحق سنرى سرور القلب بالمقدور .


( 31 ) تلذّلي الآلام إذ أنت مسقمي   ..... وإن تمتحنّي فهي عندي صنائع المفردات :
إذ أنت مسقمي : لأنك أنت مسقمي وممرضي .
واستخدم الجيلي “ إذ أنت “ ، وإذ : ظرفية زمنية ، ليشير إلى وقوع السقم ، أي عندما أنت تسقمني وتمرضني .
وإن تمتحنّي : تختبرني .
والامتحان عند الصوفية من مستلزمات السلوك ، لأنه اختبار يكشف حقيقة أعماق السالك وادعاءاته من ناحية ، ويكشف عن مقدراته وطاقاته ومدى رسوخه أمام عظائم الأمور من ناحية ثانية . [ انظر “ بلاء “ ، شروحات البيت رقم 22 ] .
""   بلاء في شروحات البيت رقم  22 : البلاء - لغة - هو الامتحان والاختبار .
وقد فرّق الصوفية بين الامتحان والبلاء ، فالامتحان هو أن يمتحن اللّه تعالى محبّيه وطالبيه بأنواع البلايا في قلوبهم ، كالخوف والحزن والقبض والهيبة ؛ وقد أخذ الصوفية الامتحان من قوله تعالى :"أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى"[ الحجرات : 3 ] .
 أما البلاء فهو أعلى عندهم من الامتحان ،لأن الامتحان يؤثر في القلب فقط على حين أنّ البلاء اسم للألم الذي يظهر على قلب المؤمن وجسده.
ووقوع البلاء لسالكي المتصوفة هو ضرورة منهجية ، لأنه يظهر أحوال الرجال ويفضح المدّعي ؛ فمن ابتلي وصبر وما شكا ، فهو نعم العبد .
والبلاء هو غير “ الشقاء “ الذي يصيب الكافرين والمعرضين عن اللّه عزّ وجلّ.""
صنائع : جمع . صنيعة ، وهي المعروف والخير .
المعنى :
يقول الجيلي ؛ إنني مريض وبما أنك ممرضي فالآلام تلذلي . وإن اختبرتني في هواك فأنا ثابت على عشقك لا أتغير .
والامتحان هنا أو الآلام ، هو صنيعة ومعروف ، لأن المؤمن إذا ثبت صابرا وشاكرا عند الامتحان ، أضيف ذلك إلى
جميل أعماله ، يقول ذو النون المصري [ اللمع : 307 ] : “ ومن لم يعدّ البلاء نعمة فليس من الحكماء “ .
ويؤكد الصوفية على أن العاشق يثبت عند الامتحان أكثر مما يثبت المؤمن الصالح أو السالك المريد ، لأن العاشق مأخوذ بالنظر إلى معشوقه لا يلتفت إلى ما يعاني بدنه أو روحه من آلام .


( 32 ) تحكّم بما تهواه فيّ فإنّني   ..... فقير لسلطان المحبّة طائع
المفردات :
تحكّم بما تهواه فيّ : أي إفعل فيّ ما تريد .
فقير : الفقر هو الحاجة .
ويرى الصوفيون إن الفقر هو صفة كل المخلوقات ، فكل موجود سوى اللّه تعالى هو فقير بوجه من الوجوه.
فليس في الوجود إلا غنيّ واحد هو اللّه تعالى ، وكل من عداه فقراء إليه .
حتى أضحى لفظ “ فقير “ اسم علم على المتصوف والسالك في القرنين الثالث والرابع الهجريين .
المعنى :
يخاطب الجيلي محبوبه قائلا : أحكم وتحكّم فيّ ، وليمتدّ سلطان هواك على جميع ذاتي ، فأنا عاشق ساكن تحت تجلّيات قهر محبتك وسلطانها .

( 33 ) حببتك ، لا لي ، بل لأنّك أهله   ..... وما لي في شيء سواك مطامع
المفردات :
بل لأنك أهله : أي أحببتك لأنك أهل للحب . ويسمي الصوفية هذا النوع من الحب بالحب الذي يستوجبه مقام المحبوب ، في مقابل الحب الانساني الذي يطمح فيه الإنسان بامتلاك محبوبه . 
وقد كان لرابعة العدوية فضل السبق في ترسيخ هذين النوعين من الحب الإلهي :
حب الهوى ، والحب الذي يستوجبه المحبوب لذاته ومقامه .
فأنشدت :
أحبّك حبين حبّ الهوى   ..... وحبّا لأنك أهل لذاكا
المعنى :
يواصل الجيلي خطاب محبوبه فيقول : أحببتك لا لتكون لي ، بل لأن مقامك استوجب حبا فأحببتك .
وها هي نفسي الآن فارغة عن أي طلب ، لأنها - من جهة - منعت من الطمع في امتلاكك ؛ وهي - في الأصل ومن جهة ثانية - زاهدة في كل ما عداك لم تطمع يوما في سواك .

( 34 )  فصل إن ترى أو دع  وعدّ عن اللّقا .....   وأوعد وعد أو عد فها أنا قانع
المفردات :
فصل : فعل أمر من وصل ، بمعنى صلني ولا تهجرني .
دع : اترك . واهجر .
وعدّ عن اللقا : تجاوز عن اللقاء .
وأوعد : من الوعيد وهو للتخويف والشر ، وهنا أوعد بالهجر .
وعد : فعل أمر من وعد ، والوعد للخير وهنا الوعد بالقرب والوصل .
عد : ارجع ، أي ارجع عن وعدك بالقرب
المعنى :
يتابع الجيلي المعنى السابق فيقول : ها أنا قانع بكل ما تفعل بي من وصل وهجر ، من وعد بالقرب أو وعيد بالهجر .

( 35 ) تمكّن مني الحبّ فانمحق الحشا   ..... وأتلفني الوجد الشّديد المنازع
المفردات :
فانمحق : فامحّى وذهب . والمحق في اللغة الصوفية هو فناء العبد في الحق . ويميز الصوفية بين أنواع ثلاثة من الفناء هي الطمس والمحو والمحق .
فالطمس هو فناء صفات العبد في صفات الحق ، والمحو فناء أفعال العبد في فعل الحق ، والمحق هو فناء العبد في الحق .
واتلفني : أهلكني وأفناني ، والتلف عند الصوفيين هو ما ينتظر منه الهلاك في الحين .
الوجد : ما يلاقيه القلب من شديد العشق [ راجع . شروحات البيت رقم 19 ] .
"" شروحات البيت رقم 19  : يتابع الجيلي تفصيل أحواله وأحاسيسه في الحب ، ويدّعي أن الوجد الحقيقي هو ما يقاسيه من آلام الهوى ، وأنّ كل آلام الآخرين إنما هي صورة وجد وليست وجدا .
كذلك الأمر في الموت ، فالموت الحقيقي هو موته وجدا بمحبوبه وما عداه ليس له من الموت إلا الصورة""
 المنازع : المميت .
المعنى :
يتابع الجيلي وصف أثر الحب على كينونته فيقول : تمكّن الحب من أعماق قلبي فمحقها ، وأكمل الوجد فناء قلبي فأتلفه بعد محق .

( 36 ) وأشغلني شغلي بها عن شواغلي   ..... وأذهلني عنّي الهوى والهوامع
المفردات :
واذهلني عني : غيّبني عن الإحساس بوجودي . والذهول من مقامات الوجد عند الصوفيين .
قال الواسطي : “ مقامات الوجد أربعة : 
الذهول ، ثم الحيرة ، ثم السكر ، ثم الصحو “ [ راجع . عوارف المعارف . السهروردي . ص 527 ] .
وجعل بعضهم وصول سر السالك إلى مقام الذهول من علامات الاتصال [م . ن ، ص 516].
الهوامع : همع بمعنى سقط من مكان عال ، والهوامع هنا تشير إلى كل ما يهبط على الشاعر العاشق من صور تجليات محبوبه ، أو من أحوال وواردات .
المعنى :
يتابع الجيلي وصف أحواله فيقول : أخذني اشتغالي بالمحبوب عن كل شيء سواه ، وغيّبني حبي وما يتجلى لي من صور المحبوب عن نفسي وعن إحساسي بوجودي.


( 37 ) وقد فنيت روحي بقارعة الهوى   ..... وأفنيت عن محوي بما أنا قارع
المفردات :
فنيت روحي : تلفت وذهبت ، والفناء في اصطلاح المتصوفين هو أن يفنى الإنسان عن الأشياء كلها شغلا بما فني به ، والفاني لا يشعر بنفسه ولا بشيء من لوازمها ، لأن احساسه هو مع ما أفناه .
وإذا قيل فني الإنسان عن نفسه وعن الخلق ، فنفسه والخلق موجودون ولكنه لا يشعر بهم . 
بقارعة الهوى : بما يصيبني من شديد الهوى وعظيمه ، والقارعة الأمر العظيم . 
وأفنيت عن محوي : وغيّبت وذهلت عن محوي ، ويستعير الصوفيون صورة المحو الحسي ليعبروا به عن فناء صور الإنسان وأفعاله وأحواله مع بقاء وجوده ، لأن المحو هو ذهاب كيفية الشيء مع بقاء وجوده ، تماما كما نمحو الكتابة عن اللوح فتذهب الكتابة ويبقى اللوح .  
بما أنا قارع : بما أحس وأشعر .
المعنى :
يتابع الجيلي وصفه للتدرج في أحوال العشق ويصل في هذا البيت إلى الفناء والمحو . فيقول : محيت روحي لما نزل بي من الغرام الشديد ، وغبت عن هذا المحو بما أعانيه من أهوال الهوى .

( 38 ) وقام الهوى عندي مقامي فكنته   ..... وغيّبت عن كوني فعشقي جامع
المفردات :
وغيّبت : الغيبة هي غيبة القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق لإشتغال الحس بما يرد عليه .
عن كوني : عن وجودي الكائن المحسوس .
فعشقي جامع : العشق عند الجيلي هو آخر مراتب انجذاب القلب إلى محبوبه ، ذلك أنه إذا طفح الإنجذاب حتى أفنى المحبّ والمحبوب سمي عشقا ، وفي هذا المقام يرى العاشق معشوقه فلا يعرفه .
وهذا آخر مقامات الوصول والقرب ، فيه ينكر العارف معروفه فلا يبقى عارف ولا معروف ولا عاشق ولا معشوق ،ولا يبقى إلا العشق وحده.
فهو ، أعني العشق ، في ابتداء ظهوره يفني العاشق حتى لا يبقي له اسما ولا رسما .
 فإذا امتحق العاشق وانطمس ، أخذ العشق في فناء المعشوق والعاشق [ راجع . الإنسان الكامل ، 1 / 48 - 49 ] .
جامع : أي يبقى العشق وحده ولا عاشق ولا معشوق .
المعنى :
بعد الفناء والمحو في البيت السابق يتابع الجيلي وصف فنائه وفناء معشوقه وبقاء العشق .
فيقول : إنه في مرحلة أولى سحقه حبّه لمحبوبه ومحقه ، ثم احتل هذا الحب كيانه فكان هو عين حبه لمحبوبه .
وفي مرحلة ثانية غيّبه العشق عن ذاته وعن كونه عين حبه لمحبوبه ففني عاشق ومعشوق ، ولم يبق إلا العشق .

( 39 ) غرامي غرام لا يقاس بغيره   ..... ودون هيامي للمحبّين مانع
المفردات :
هيامي : هام يهيم هياما أي انشغل بالمحبوب ، ولم يعي سواه .
المعنى :
بعد أن وصف الجيلي تدرّجه في مراتب العشق يباهي هنا بتفرّده بين العشاق ،
فيقول : تفرّد غرامي في العشق فلا يقاس به ، ولا يصل إلى هيامي هائم لأن دون ذلك موانع لا يستطيع تجاوزها .
وهذا معنى يتردد كثيرا عند عشاق المتصوفة ويتكرر في أشعارهم ، فكل عاشق منهم يعلن بأن غرامه لا يقاس بغيره ،وأنه لا يصل إلى هيامه محبّ.
يقول ابن الفارض في المعنى نفسه:
يحشر العاشقون تحت لوائي   ..... وجميع الملاح تحت لواكا

 
( 40 ) غرامي والتّبريح للروح لازم   ..... وسقمي والآلام للجسم تابع
المفردات :
والتبريح : التعذيب والشدة ؛
وتباريح الشوق : توهجه .
لازم : ملازم ، لا يفارق .
المعنى :
يخاطب الجيلي محبوبه ، قائلا ؛ هذه روحي لا يفارقها غرامي وتوهّج شوقي إليك ، وهذا بدني لا تفارقه الأمراض والآلام .

( 41 )  ولوعي وأشجاني وشوقي ولوعتي   ..... لجوهر ذاتي في الغرام طبائع
المفردات :
ولوعي : الولع هو المرتبة الثانية للمحبة حيث يقوى ويشتد انجذاب القلب إلى محبوبه ؛ [ راجع . شروحات البيت رقم 5 ] .
"" شروحات البيت رقم 5 :  يقول الجيلي : أغري قلبي بالوصول إلى ماء زرود ، ولكن يا لهفي ما أكثر الطالبين وما أقلّ الواصلين ، ويا خوف نفسي كم مات طالب والع ولم تبتلّ شفتاه الماء .  ""
وأشجاني : وأحزاني . 
طبائع : ج . طبيعة .
المعنى :
يقول الجيلي هنا ؛ إن جوهر ذاته في الغرام يتكون من عناصر أربعة هي :
الولع ، والشجن ، والشوق ، واللوعة .


( 42 ) فشوقي : نار ، والهوى : فهو الهوا ،   ..... وتربي والما : ذلّتي والمدامع
المفردات :
فهو الهوا : فهو الهواء ، أي عنصر الهواء .
والما : والماء .
المعنى :
الشاعر هنا يفصل الصورة التي أجملها في البيت السابق .
فكما أن الطبيعة التي عنها تكوّن الوجود تتألف من عناصر أربعة هي الماء والهواء والنار والتراب .
كذلك جوهر وجوده تكوّن من طبيعة غرامه بعناصرها الأربعة :
فشوقه يقابل عنصر النار .
وهواه يقابل عنصر الهواء .
وذلته تقابل عنصر التراب.
ودموعه تقابل عنصر الماء .


( 43 ) يلوم الورى نفسي لفرط جنونها   ..... وليس بأذني للملام مسامع
المفردات :
الورى : الخلق ، المخلوقات .
فرط جنونها : شدته ، والجنون هنا ليس سببه فساد مزاج أدى إلى المرض العقلي المعروف ، بل اشتهر مجانين الصوفية بأنهم قوم انحجبت عقولهم القائمة على تدبير حياتهم ومعاشهم بما فجأهم من الحق .
ويسميهم ابن الجوزي في صفة الصفوة : عقلاء المجانين ، والبهاليل [ جمع : بهلول ] ، والمجانين الإلهيين [ جمع . مجنون إلهي ] .
المعنى :
يشتكي الجيلي اللوم واللائمين ، فيقول :
 إن المخلوقات كلها تلومني لأنني مهيّم بالحب ، مجنون عن دنياي ومعاشي .
وها هي أذني وإن امتلكت مسامع تستقبل كل صوت في الكون ، إلا أنها تجرّدت عن مسامع تسمع بها لوما على الحب والحبيب .
يضيف الجيلي هنا إلى التمييز المعروف بين عضو السمع وحاسة السمع موضوعا جديدا ، وهو أن حاسة السمع عنده تتمتع باستقلالية وطاقة نقدية .!!
فهي ليست مجرد أداة استقبال تسمع كل ما يعرض لها ، بل تنتقي وتقبل وترفض ، وهي خليّة عن مسامع تستقبل ملامة في الحب .


( 44 ) ومذ أو ترت أحشاي حبّيك إنّني   ..... لسهم قسيّ النّائبات مواقع
المفردات :
أوترت : جعلتها وترا ، والوتر هو الرقم المفرد وأوله “ الثلاثة “ .
أحشاي : إشارة إلى الكبد مركز الحب [ راجع . شروحات البيت رقم 27 ]
"" شروحات البيت رقم 27  :  استعار الجيلي جمال النبي يوسف عليه السّلام وأطلقه على محبوبه محولا الاسم إلى صفة ، فمحبوبه هو جمال الدنيا .
وهنا يناديه على عادة العشاق في تأوهاتهم “ أيا يوسف الدنيا “ ، بمعنى أي أيا جمال الدنيا ، إن كبدي تمزقت من الحزن لفقدك ، كما تمزقت كبد يعقوب عليه السّلام حين غاب عنه وجه يوسف ، فهل ترجع كما رجع يوسف؟! ""
 حبّيك : إشارة إلى الحبين الواردين في قول رابعة ، 
وهما :حب الهوى ، وحب التعظيم والإجلال الذي يستحقه مقام المحبوب .
تقول رابعة : “ أحبك حبين : حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك “ .
قسي : جمع . قوس . 
النائبات : المصائب
مواقع : جمع . موقع وهو مكان وقوع السهم .
المعنى :
يتابع الجيلي شكواه ، فيخاطب محبوبه قائلا ؛ أحبّك حبين : حب الهوى وحب التعظيم .
وجاءت احشاي العاشقة لتثلّث حبّيك ، فأحشاي وحبّيك ثلاثة أي وتر . . .
ومنذ ثلّثت أحشاي حبيّك أصبحت هدفا لسهم المصائب والبلايا .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية   ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية Emptyالخميس مايو 14, 2020 1:48 pm

الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع عين على العينية العارف بالله عبد الكريم الجيلي شرح معاصر للقصيدة العينية د. سعاد الحكيم

شرح الأبيات من 30 إلى 69 على مدونة عبدالله المسافر بالله

تابع شرح الأبيات  من 30 إلى 69 : ثالثا توجّه الشاعر "الجيلي" إلى محبوبه بوصف حاله في العشق ومكانة معشوقه لديه

الجزء الثاني
( 45 ) وما لي إن حلّ البلاء التفاتة   ..... ومالي إن جاء النّعيم مراتع
المفردات :
مراتع : ج : مرتع وهو موضع الرتع واللهو والتنعم .
المعنى :
ومهما أصاب الجيلي من حبه ، فكلّه لحبيبه ويخاطبه قائلا ؛ إن حبك استغرقني كلي فلم يعد يهمني بلاء ، ولم يعد يشغلني نعيم .


( 46 ) وما أنا من يسلو ببعض غرامه   ..... عن البعض ، بل بالكلّ ما أنا قانع
المفردات :
يسلو : من السلوان أي النسيان .
المعنى :
يقول الجيلي ؛ لست ممّن يرضيه تحقيق بعض أمانيه ومطالبه ، ويثنيه ذلك عن طلب الباقي من أمانيه ، وذلك أن أكثر الناس تجد تعويضا في عطاء عن عطاء .
 أمّا أنا ، فلو اتفق لي أن تتحقق كل أمانيّ ، لا أقنع ولا أرضى لأنها لا تعوضني عن محبوبي.


( 47 ) وشوقي ، ما شوقي ، وقيت ، فإنّه   ..... جحيم له بين الضّلوع فراقع
المفردات :
وقيت : تعوّذ بمعنى : وقاني اللّه .
فراقع : جمع . فرقعة ، وهو الصوت الناتج من احتراق ؛ وهنا الإشارة إلى فرقعة نار الجحيم .
المعنى :
يتابع الجيلي كلامه عن حبه ، ويشرح هنا شوقه ، فيقول ؛ وشوقي ما أدراك ما شوقي ، وقاني اللّه الجحيم ، إنه جحيم تسمع فرقعة ناره المشتعلة بين الضلوع .

( 48 ) وبي كمد لو حمّلته جبالها   ..... لدكّت برضواها وهدّت صوامع
المفردات :
كمد : من مفردات الحزن والحزن من أحوال الصوفية [ شروحات البيت رقم 27 ] .
"" شروحات البيت رقم 27  : استعار الجيلي جمال النبي يوسف عليه السّلام وأطلقه على محبوبه محولا الاسم إلى صفة ، فمحبوبه هو جمال الدنيا .
وهنا يناديه على عادة العشاق في تأوهاتهم “ أيا يوسف الدنيا “ ، بمعنى أي أيا جمال الدنيا ، إن كبدي تمزقت من الحزن لفقدك ، كما تمزقت كبد يعقوب عليه السّلام حين غاب عنه وجه يوسف ، فهل ترجع كما رجع يوسف؟! ""
جبالها : جبال الدنيا 
لدكت : لتهدّمت وتفتّتت . 
برضواها : بما فيها جبل رضوى ، وهو جبل صلب متماسك الحجارة منه يقطع حجر المسنّ ويحمل إلى الدنيا ، وهو يبعد عن المدينة المنورة سبع مراحل [ البلدان 3 / 51 ] .
صوامع : ج . صومعة وهي بناء يسكنه الرهبان ، ونرجح أن الشاعر أشار إليه على اعتبار أنه يقع غالبا في رؤوس الجبال ويبنى من صلب الحجار حتى يثبت أمام عوامل الزمن .
المعنى :
يكمل الجيلي كلامه في الحب ، ويشرح هنا كمده ، فيقول ؛ إن الكمد الذي أحمله لو حمّل لجبال الدنيا لتفتّتت حتى جبل رضوى الصلب المتماسك يتفتت ، وحتى الصوامع المبنية من صلب الحجار تهدّ وتتهدم .


( 49 ) ولي كبد حرّاء من ظمأ بها   ..... عليك ، ولم يبرد غليلا مصانع
المفردات :
حرّاء : محرورة ، ملتهبة .
غليلا : عطشا .
مصانع : جمع . مصنع ومصنعة وهي أحباس تتخذ للماء .
المعنى :
بعد الحب والشوق والكمد يخاطب الجيلي محبوبه شاكيا عطشه إليه ، فيقول:  
لي كبد عطشى إليك ، محرورة من عطشها إليك ، ولا يبرد لهيبها كل المياه الموجودة في محابسها من الأرض.
 

( 50 ) يخيّل لي أنّ السماء على الثّرى   ..... طبقن ، وأنّي بين ذلك واقع
المفردات :
الثرى : التراب النديّ ، الأرض .
طبقن : وردت بصيغة الجمع إشارة إلى السماوات ، وإن كان الجيلي قد جاء بها مفردة للضرورة الشعرية .
بين ذلك : بين السماء والثرى .
المعنى :
يتابع الجيلي وصف أحواله في الحب ، فيقول : يخيل إليّ أن السماوات طبقن على الأرض ، وأنا واقع بينهما.
 

( 51 ) ونفسي نفس أيّ نفس أبيّة   ..... ترى الموت نصب العين وهي تسارع
المفردات :
أيّ نفس : بمعنى يا لها من نفس .
المعنى :
مهما عانى الجيلي في الحب فهو صاحب نفس أبيّة لا تتراجع أمام أهوال الحب ومشاقّه .
ويخاطب محبوبه شارحا حال نفسه قائلا : ونفسي الأبية ، يا لها من نفس ، لا تتراجع عن طلب محبوبها .
ترى موتها منصوبا أمام أعينها ومع ذلك تسارع إليه


( 52 ) فهمّي وفهمي ذا عليك وفيك ذا   ..... وجدّي ووجدي زآئد ومتابع
المفردات :
فهمّي : الهمّ وهو قبلة نظر القلب عند الجيلي ، يقول في [ الإنسان الكامل ج 2 / ص 14 ] : “ إن وجه القلب يكون دائما إلى نور في الفؤاد يسمى الهمّ وهو محل نظر القلب ، ( و ) الهم لا يكون له في القلب جهة مخصوصة .
فمن الناس من يكون همّه أبدا إلى فوق كالعارفين .. ويكون معنى “ فهمّي عليك “ ، أي لا يتوجه قلبي إلا إليك .
وفهمي : من الفهم ، وقد اختصر الصوفية موقف الإنسان العقلي بالفهم . يقول إبراهيم الخواص [ اللمع 298 ] : “ والفهم صفوة العقل “ .
والمحاسبي في كتابه “ ماهية العقل وفهم القرآن “ يبيّن أن الفهم هو الظاهرة العقلية الأهمّ . وفي رأيي أن هذا الموقف الصوفي مفهوم ، لأن الصوفي لا يستنبط علومه عقليا ؛ بل هو يقف أمام نص ليفهمه أو يقف أمام إلهام أو وارد ليفهمه
 وجدّي : واجتهادي ونشاطي .
ووجدي : وما أجده من شدة غرامي [ راجع : وجد فى شروحات البيت رقم 19]
"" وجد في شروحات البيت رقم  19 الوجد - لغة - هو عذاب الحب والهيام .
والوجد عند الصوفيين يطلق على كل ما صادف قلب الإنسان دون تعمّد أو تكلّف من فزع أو غمّ أو رؤية معنى أو كشف حالة .
والوجد عندهم على مراتب ، وأكثر ما يرد على قلب الإنسان في حال الذكر .
فالروح تلتذ بالذكر ، ولكن عندما يشتد استغراقها فيه تغشى ، وغشيان الروح هذا من غلبة الذكر والشوق يسمونه الوجد .   ""
زائد : يتزايد دائما .
متابع : يتتابع دون انقطاع ، مستمر دائم
المعنى :
يخاطب الجيلي محبوبه شارحا كلية انشغاله به ، فيقول :
قلبي لا يتوجه نظره إلا إليك ، وعقلي لا ينشغل فهمه إلا فيك .
وهذا حال عقلي وقلبي وهو حال مستمر دائما متتابع لا يفتر ، بل على العكس يتزايد اجتهادي في الوصول إليك ويتتابع غرامي وشوقي إليك دون انقطاع
 

( 53 ) وعزمي وزعمي أنّه فوق كلّ ما   ..... يراد ، وظنّي إنّما هو نافع
المفردات :
وعزمي : العزم هو عقد النية وإرادة الفعل .
وزعمي : الزعم هو القول يكون حقا أو باطلا .
المعنى :
يقول الجيلي رغم أن جده ووجده يتزايد ويتتابع باستمرار إلا أنه يعلم يقينا أن محبوبه لا يطال ويعلو على كل مراد . لكن ومع أن محبوبه لا يطال إلا أن الظن ينفع صاحبه ، لقوله تعالى في الحديث القدسي : “ أنا عند ظن عبدي فليظن بي ما شاء “

( 54 ) تسامر عيناي السّها بسهادها   ..... وتسأل ، بل ما سال الّا المدامع
المفردات :
تسامر : من السمر ، وهو حديث الليل خاصة .
السها : كويكب صغير خفي الضوء يمتحن الناس به أبصارهم .
بسهادها : السهاد هو الأرق وعدم النوم ، والسهر من أركان الطريق عند المتصوفين .
يقول أبو طالب المكي : بني طريقنا على أربع : الجوع والسهر والصمت والعزلة .
المعنى :
يبدأ الجيلي بوصف سهره ، فيقول ؛ أسهر الليل أتحدث إلى كويكب السها ، أسائله عن محبوبي ، بل أبكي له بدموعي السائلة . وفي البيت طباق لطيف بين سأل وسال ، وبين سائل بمعنى مستفهم وسائل بمعنى جار


( 55 ) ويرقب مني الطّيف جفني دجنّة   ..... وكم زاره طيف وما هو هاجع
المفردات :
ويرقب : بمعنى يراقب ، والمراقبة في لغة المتصوفين هي حال يحصّلونه بعد المحاسبة ، يتلخّص بأن يراقب الإنسان قلبه فلا يدعه يغفل لحظة عن العلم بأن اللّه مطّلع عليه في جميع أحواله .
الطّيف : الخيال .
دجّنّة : ظلمة .
هاجع : نائم ، والهجوع هو النوم ليلا .
المعنى :
يتابع الجيلي تصوير سهره ، فيقول ؛ يترقب طيفي انطباق ظلمة الليالي على الكون ، ينام الناس ويسهر هو [ أي طيف الجيلي ] مراقبا أطياف زائريه التي تجده صاحيا فتمدّه بالعطاء ، ويتلقّى عنها.


( 56 ) ويخبرني عنك الصّبا وهو جاهل   ..... فتلتذّ من أخباركم لي مسامع
المفردات :
الصبا : نسيم تغنّى به الشعراء .
مسامع : جمع . مسمع ، وهو مدخل الكلام في الأذن . والجدير بالذكر أن المسامع عند الجيلي نراها تتمتع بإرادة مستقلة وها هي هنا تلتذ بذكر المحبوب كما كانت في البيت ( رقم 43 ) صماء عن كل لوم .
المعنى :
الصوفي ملتهب المشاعر فيما يختص بمحبوبه ، وقد وقف عليه كل حواسه يسمع به وعنه وله فقط ، ويلتذ سمعه بكلامه إذا حضر وبذكره إذا غاب.
حتى قال ابن الفارض : “ كلامه وكلام عنه يطربني “ .
والجيلي هنا يفهم أخبار محبوبه من النسيم ، فتلتذ مسامعه وينتشي من ذكر حبيب حمله النسيم وهو لا يعلم بما يحمل.


( 57 ) إذا زمزمت ورق على غصن بانة   ..... وجاوب قمريّ على الأيك ساجع
المفردات :
زمزمت : الزمزمة هي صوت خفي لا يكاد يفهم ، والعصفور يزمّ بصوت له ضعيف.
ورق : جمع . ورقاء وهي الحمامة ذات السمرة .
بانة : البان شجر يسمو ويطول ، واحدته بانة .
قمري : طائر يشبه الحمام القمر البيض .
الأيك : الشَّجر الكثير الملتفّ . نوع من الشجر .
ساجع : سجع الحمام بمعنى هدل .
المعنى :
انظر معنى البيت اللاحق "" إذا زمزمت ورق أو جاوب قمري فأذن الجيلي لم تسمع أصواتا بل سمعت معنى العشق الذي تبادله هذان الطائران في هديلهما .
وإن كان سمع الجيلي يتجاوز رنين الصوت إلى معنى العشق الموجود في هديل الطائرين . ولا يكون سماعه لمعنى العشق مصدره الطير بل يسمع من المحبوب نفسه وليس من الطير.  ""
 

( 58 ) فأذني لم تسمع سوى نغمة الهوى  ..... ومنكم فإنّي لا من الطّير سامع
المفردات :
لم تسمع : إشارة إلى السمع والسماع عند المتصوفين ، فالصوفي يتواجد عند سماعه صوتا ويخرج بوجده من المقيّد إلى المطلق ، أي من الكون إلى اللّه عزّ وجلّ .
فقد يسمع مثلا منشدا أو قوّالا يناجي حبيبته ويناديها ، فيرتفع بالمعاني من المخلوقات إلى الخالق ، ويسمو بسماعه حتى لا يبقى إلا مخاطب ومخاطب .
بمعنى أنه يسمع المعاني وكأنها ترد عليه من الحق ، أو يسمع المعاني كأنه هو الذي يخاطب بها الحق .
المعنى :
إذا زمزمت ورق أو جاوب قمري فأذن الجيلي لم تسمع أصواتا بل سمعت معنى العشق الذي تبادله هذان الطائران في هديلهما .
وإن كان سمع الجيلي في الشطر الأول تجاوز رنين الصوت إلى معنى العشق الموجود في هديل الطائرين .
فالجيلي في الشطر الثاني يرفض أن يكون سماعه لمعنى العشق مصدره الطير بل هو يسمع من المحبوب نفسه وليس من الطير

( 59 ) ومن أيّ أين كان ، إن هبّ ضائع   ..... فلي فيه من عطر الغرام بضائع
المفردات :
أين : الأين شجر حجازي واحدته أينة .
والأين أيضا : المكان .
إن هبّ ضائع : إن تضوّعت وانتشرت ريح طيبة .
المعنى :
كلما انتشرت ريح طيبة فإنها لا تقيّد مشامّ الجيلي ، بل يتجاوزها إلى الأخذ عن محبوبه . فهو لم يشم عطر الريح الطيبة ، بل شمّ منها عطر حبّه لمحبوبه .


( 60 )  وإن زمجر الرّعد الحجازيّ بالصّفا   ..... وأبرق من شعبي جياد لوامع
المفردات :
الصفا : مكان مرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي [ م . البلدان 3 / 411 - 412 ] .
شعبي جياد : مفردها شعب وهي الطريق بين الجبلين ، وجياد جبل معروف بمكة [ راجع . م . البلدان 2 / 195 ] .
لوامع : جمع . اللمع وهو البرق .
المعنى :
إذا سمع الجيلي زمجرة الرعد الحجازي في الصفا ، أو شاهد التماع البرق من شعبي جبل جياد ، يصوّر له الوهم أن الرعد هو ثناء على المحبوب ومديح له ، ويخيل له أيضا أن البرق هو التماع ثنايا المحبوب.
[وانظر معنى البيت اللاحق] .
"" إذا سمع الجيلي زمجرة الرعد يصوّر له خياله أن الرعد هو ثناء على المحبوب ومديح له ، ويخيل له أيضا أن البرق هو التماع ثنايا المحبوب .
ولعل سماع الجيلي للرعد على أنه مديح وثناء نجد مرجعه في الآية الكريمة: "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ" [ الرعد : 13 ] . 
أما النور واللوامع فاللّه عزّ وجلّ هو نور السماوات والأرض ولا عجب إن ذكّر كل نور مخلوق بالنور القديم الأزليّ ""

( 61 ) يصوّر لي الوهم المخيّل أنّ ذا   ..... ثناك ، وهذا من ثناياك ساطع
المفردات :
ثناك : الثناء هو المدح .
ثناياك : واحدتها ثنية من السن ، وثنايا الإنسان في فمه هي الأربع التي في مقدم فيه ؛ ثنيّتان من فوق ، وثنيتان من أسفل .
المعنى :
إذا سمع الجيلي زمجرة الرعد الحجازي في الصفا ، أو شاهد التماع البرق من شعبي جبل جياد ، يصوّر له الوهم أن الرعد هو ثناء على المحبوب ومديح له ، ويخيل له أيضا أن البرق هو التماع ثنايا المحبوب .
ولعل سماع الجيلي للرعد على أنه مديح وثناء نجد مرجعه في الآية الكريمة: "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ" [ الرعد : 13 ] . 
أما النور واللوامع فاللّه عزّ وجلّ هو نور السماوات والأرض ولا عجب إن ذكّر كل نور مخلوق بالنور القديم الأزليّ


( 62 ) فأسمع عنكم كلّ أخرس ناطقا   ..... وأبصركم في كلّ شيء أطالع
المعنى :
يسمع الجيلي كل أخرس ناطقا بكمالات محبوبه ، بمعنى أنه يسمع ما هو أخرس في حكم الظاهر كالجماد والنبات وهو يخبره عن كمال محبوبه وجماله وجلاله .
وفي ذلك إشارة إلى قوله تعالى :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ"[ الإسراء : 44 ] .
كما أنه يبصر وجه محبوبه في كل ما ينظر إليه .
وله في الآية الكريمة مرجع وسند .
قال تعالى :"فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ" [ البقرة : 115] .


( 63 ) إذا شاهدت عيني جمال ملاحة   ..... فما نظري إلا بعينك واقع
المفردات :
بعينك : عين الشيء نفسه وذاته .
المعنى :
يقول الجيلي أنه إذا عرض جمال أو ملاحة أمام عينيه ، فإن نظره لا يقع إلا على محبوبه ؛ بمعنى أن الجيلي لا يتقيد بالصور الجميلة بل ينفذ منها ومن كل جمال مقيد إلى البديع الأزلي ، واهب الجمال لكل جميل في الكون.


( 64 )  وما اهتزّ من قدّ قنا تحت طلعة   ..... من البدر أبدت أم خبتها البراقع
المفردات :
قد قنا : أي قدّ أو قامة نحيفة كالقنا ، وهي الرماح ، واحدتها : قناة .
تحت طلعة من البدر : تحت وجه كالبدر .
أبدت : أظهرت .
خبتها : خبأتها ، سترتها .
المعنى :
انظر معنى البيت رقم ( 66 )
"" ينسلخ الجيلي عن كل جمال مشهود ، ويخاطب ربه ، قائلا ؛ كلما تحركت قامة نحيلة ممشوقة ، تحمل وجها كالبدر يسطع سواء أأخفته البراقع أم أبدته وكشفته .
فأنا لا أرى في كل هذا الجمال إلا صنعك وصنيعك الظاهر يا رب ""


( 65 ) ولا سلسلت أعناقها بغرامها   ..... تصافيف جعد خطّهنّ وقائع
المفردات :
سلسلت : جعلتها سلاسل .
تصافيف : جمع . تصفيف ، وهو الشعر المصفف
خطهن : موقعهن ، ميدانهن .
وقائع : جمع . وقعة ووقيعة وهي الحرب والقتال أو المعركة .
المعنى :
كلما سلسلت تصافيف شعر أجعد عنق صاحبته ، وكان في تصفيف هذه الخطوط وهذه التجعيدات مقاتل للناس .
 

( 66 ) ولا نقّطت خال الملاحة بهجة   ..... على وجنة ، إلّا وحرفك بارع
المفردات :
خال : شامة سوداء .
وحرفك بارع : الحرف هو اللغة والخطاب ، وحرفك بارع بمعنى : وخطابك أو وصنعك ظاهر .
المعنى :
ينسلخ الجيلي عن كل جمال مشهود ، ويخاطب ربه ، قائلا ؛ كلما تحركت قامة نحيلة ممشوقة ، تحمل وجها كالبدر يسطع سواء أأخفته البراقع أم أبدته وكشفته .
وكلما سلسلت تصافيف شعر أجعد عنق صاحبته وكان فيه مقاتل للناس . .
وكلما نقط الخال ملاحة على وجنة . .
فأنا لا أرى في كل هذا الجمال إلا صنعك وصنيعك الظاهر يا رب
 

( 67 ) فأنت الّذي لي فيه ، يظهر حسنه   ..... به ، لا بنفسي ، ما له من ينازع
المفردات :
ينازع : يجاذب بالحجج ويخاصم .
المعنى :
يخاطب الجيلي محبوبه قائلا : “ فأنت “ ، يريد الحقّ عزّ وجلّ ، الذي يظهر حسنه في كل جميل وبديع من الكائنات .
يتجلى جمالك يا رب في كل جميل ساحقا للمخلوق فلا يقوم مدّعيا جمالا .
ويرى الجيلي أن جمال الحق وإن ظهر في المخلوق إلا أنه يظهر منزّها عن مشاركة الأغيار غير ممزوج بشبه الأشكال والكائنات .
ولا تستطيع صورة مهما حسنت أن تنازع اللّه عزّ وجلّ في نسبة الجمال إليها ؛ فالجمال للّه وحده وليس للصور الجميلة منه شيء.
 

( 68 ) وإن حثّ جلدي من كثيف خشونة  ..... فلي فيه من ألطاف حسنك رادع
المفردات :
حثّ : لامس وأحس .
المعنى :
يتابع الجيلي نجواه لربه ، فيقول :

إن لامس جلدي خشونة جسم خشن فأنا لا أحسّ خشونته لأن ألطاف حسنك يا رب تردع عني كل إحساس بالأجسام ،سواء أكانت لطيفة أم خشنة.
باختصار ، إن تصدّى لي أي مخلوق من عالم المخلوقات وحاول أن يشغلني بجماله وحسنه عنك يا رب ، تردعني ألطاف حسنك وجمالك.

( 69 ) تخذتك وجها والأنام بطانة   ..... فأنجمهم غابت وشمسك طالع
المفردات :
تخذتك : أي اتخذتك مع حذف الهمزة من أولها .
وجها : أصلا ظاهرا .
والأنام : الخلق ، المخلوقات .
بطانة : البطانة ما بطن من الثوب فلا يظهر للناس .
المعنى :
يتابع الجيلي نجواه لربه ، فيقول ؛ أنت يا رب عندي أصل كل شيء والظاهر في كل شيء وفوق كل شيء .
 اتخذتك ظاهرا فقهر ظهورك الخلق جميعا فبطنوا وخفوا ، وغابت أنجمهم .
 وذلك أنه حين يتجلى نور الحق تغيب نجوم الخلق ، تندكّ وتصعق .
 * * * 
.

شرح الأبيات من 30 إلى 69 على مدونة عبدالله المسافر بالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثالثا شرح الأبيات 30 - 69 من القصيدة العينية الجيلي يوصف أحواله في العشق .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية معاناه الجيلي فى الجذب والحب الإلهي .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» أولا شرح الأبيات 01 - 16 من القصيدة العينية هوبة الجيلي .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
» مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
» القصيدة العينية أو قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية للشيخ قطب الدين عبد الكريم الجيلي كاملة 534 بيت
» تاسعا شرح الأبيات من 282 إلى 319 الجيلي يروي سيرته الروحية الجزء الأول .شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة :: الإمام عبد الكريم الجيلي -
انتقل الى: