ديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
ديباجة مولانا الدفتر الرابع على مدونة عبدالله المسافر باللهديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
ديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي
[ الدفتر الرابع ]
( النص )
« 40 »
.
« 41 »
[ ديباجة الدفتر الرابع ]
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) *
الظعن الرابع إلى أحسن المرابع وأجل المنافع ، تسر قلوب العارفين بمطالعته كسرور الرياض بصوب الغمام ، وأنس العيون بطيب المنام ، فيه ارتياح الأرواح وشفاء الأشباح ، وهو كما يشتهيه المخلصون ويهوونه ، ويطلبه السالكون ويتمنونه ، للعيون قرة ، وللنفوس مسرة ، أطيب الثمار لمن اجتني ، وأجل المرادات والمني ، موصل العليل إلى طبيبة ، وهادي المحب إلى حبيبه ، هو بحمد الله من أعظم المواهب وأنفس الرغائب ، مجدد عهده الألفة ، مسهل عسر أصحاب الكلفة ، يزيد النظر فيه أسفا لمن بعد ، وسرورا وشكرا لمن سعد ، تضمن صدره ما لم يتضمن صدور الغانيات من الحلل ، جزاء لأهل العلم والعمل ، كبدر طلع وجد رجع ، زايد من تأمل الآملين ، رايد لرود العاملين ، فهو يرفع الأمل بعد انخفاضه ، ويبسط الرجاء بعد انقباضه ، كشمس أشرقت ، من بين غمام تفرقت ، نور لأصحابنا ، وكنز لأعقابنا ،
ونسأل الله التوفيق شكره ، فإن الشكر قيد للعتيد ، وصيد للمزيد ، ولا يكون إلا ما يريد .
ومما شجاني أنني كنت نايما * أعلل من برد بطيب التنسم
إلى أن دعت ورقاء في غصن أيكة * تغرد مبكاها بحسن الترنم
فلو قبل مبكاها بكيت صبابة * لسعدي ، شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا * بكاها فقلت الفضل للمتقدم
« 42 »
رحم الله المتقدمين والمتأخرين والمنجزين والمتنجزين بفضله وكرمه وجزيل آلائه ونعمه ، فهو خير مسؤول وأكرم مأمول ، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين وخير المؤنسين والوارثين وخير مخلف رازق للعابدين الزارعين الحارثين . .
وصلى الله على محمد ، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، آمين يا رب العالمين .
« 43 »
01 - يا ضياء الحق حسام الدين ، أنك من فاق المثنوي القمر ضياء به . .
- إن همتك العالية أيها المرتجى ، تجذبة إلى حيث يعلم الله .
- وأنت تجذب المثنوي هذا معقود الجيد إلى قد حيث علمت .
- إن المثنوى مسرع منطلق وجاذبه غير طاهر . إنه غير ظاهر بالنسبة للجاهل المحروم من الرؤية .
05 - ولما كنت أنت المبدأ للمثنوي ، فهما يزيد فإن زيادته منك أنت .
- وما دمت تريد الأمر هكذا فهكذا يريده الله ، إن الله تعالى يحقق رغائب المتقين .
- إن « من كان لله » تعبر عن وجود سابق ، وسرعان من تحل « كان الله له » جزاء عليها .
- إن المثنوي مدين لك بآلاف الشكر ، لقد رفع كفيه « ضارعا » بالشكر والدعاء .
- ولقد رأى الله سبحانه وتعالى شكره إياك في شفتيه وكفيه ، فقدم الفضل وأمر باللطف والمزيد .
10 - ذلك أنه - سبحانه - وعد الشاكر بالزيادة ، كما جعل - جل شأنه - القرب أجرا للسجود .
- وقال إلهنا « القدير » : واسجد واقترب ، صار السجود ، وهو من فعل أبداننا - قربا للأرواح .
- فإن كان ثم زيادة فهي من هذا القبيل ، لا من أجل التظاهر والجاه الدنيوي .
- ونحن معك كما يكون الكرم في الصيف ، والأمر في يدك ، هيا قم بالجذب ، حتى نجذب .
« 44 »
- واجذب هذه القافلة نحو الحج جذبا رفيقا ، يا أمير القول القائل : الصبر مفتاح الفرج .
15 - إن الحج هو زيارة للبيت ، أما الحج إلى رب البيت فهو من أفعال الرجال .
- ومن هنا فإن سميتك ضياءً يا حسام الدين ، فإنك الشمس وهاتان الصفتان ؛
- أي « كونك » حساما وضياء » صفة واحدة ، وإن حسام الشمس يكون من الضياء لا محالة .
- فالنور للقمر والضياء للشمس ، وأقرأ هذا المعنى في القرآن الكريم .
- لقد سمي القرآن أيها الأب الشمس ضياءً والقمر نورا . .
فأمعن النظر في هذا « الأمر » .
20 - ولما كانت الشمس أعلى في حد ذاتها من القمر ، فاعلم أذن أن الضياء أعلى مرتبة من النور .
- ومن ثم فإن أحداً لم يبصر السبيل في نور القمر ، لكن هذا السبيل ظهر عندما سطعت الشمس .
- فإن الشمس قد أبدت التبدلات في الأشياء « 1 » جيدا ، فلا جرم أن الأسواق تنصب نهارا .
- وذلك حتى يميز الخبيث من الطيب جيدا ، وحتى يكون المرء بعيدا عن الحيلة ، والغبن .
- ومنذ أن يكتمل ضياؤها في الأرض ، تكون للتجار رحمة للعالمين .
25 - لكنها بالنسبة للمزيف مبغوضة قاسية ، ذلك لأن بضاعته ومتاعه يصيران كاسدين .
..............................................................
( 1 ) حر : الأعواض . . . وفي نسخة المولوي الأعراض ، والمقصود بالطبع كل ما يظهر في ضوء الشمس من أشياء وبضائع .
« 45 »
- وإذا كان الزيف ( من العملة ) هو عدو الصراف اللدود ، فمن يكون عدوا للدرويش سوى الكلب .
- وعندما يشتبك الأنبياء مع أعدائهم ، تصيح الملائكة : يا رب سلم .
- ولتحفظ ذلك المصباح الذي يهب الضياء . . من محاولات اللصوص إطفاءه « 1 » ومن أنفاسهم .
- وكفى باللص والمزيف أن يكونا عدوين للضياء . . . فالغوث من هذين أيها المستغاث
30 - وقم برش النور على هذا الدفتر الرابع ، فإن شمسا قد سطعت من الفلك الرابع .
- هيا وهب من هذا « المجلد » الرابع الضياء كالشمس ، حتى يسطع على البلاد وعلى الديار .
- وهو أسطورة لكل من يقرأه كأسطورة ، لكنه بالنسبة لمن رآه نقدا لأحواله رجولة .
- إنه ماء النيل ، ظهر لآل فرعون « 2 » دما ، ولم يكن دما بالنسبة لقوم موسى ، بل كان ماءً ( زلالا ) .
- وعدو هذا الكلام يبدو الآن للنظر وقد نكس مقلوبا في سقر .
35 - ولقد رأيت أحواله يا ضياء الحق . . . وأبدي لك الحق الجزاء الذي ناله علي فعاله .
- إنها بصيرتك التي تنفذ إلي الغيب أستاذة كأنها الغيب ، ألا لا قلل الله من الدنيا هذه البصيرة والعطاء .
..............................................................
( 1 ) حر : نفخات .
( 2 ) في النص يذكر القبطي والمقصود التابع لفرعون والسبطي وهو التابع لموسي وقد أثرنا الترجمة بآل فرعون منعا لأي لبس أو سوء فهم .
« 46 »
- وخليق بنا هنا أن نكمل تلك الحكاية التي هي نقد لأحوالنا .
- ودعك ممن ليسوا بأهلها من أجل من هم أهل لها ، وأتمم الحكاية واستخلص نتيجتها .
- أنك تلك الحكاية . . . وإن لم تتم هناك « 1 » ، انظمها إذن في الكتاب الرابع .
* * *
.