ديباجة مولانا الدفتر الخامس .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
ديباجة مولانا الدفتر الخامس على مدونة عبدالله المسافر باللهديباجة مولانا الدفتر الخامس المثنوي المعنوي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
[ الدفتر الخامس ]
( النص )
“ 44 “
[ ديباجة الدفتر الخامس ]
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )
*وبه نستعين ، وعليه نتوكل ، وعنده مفاتيح القلوب ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين .
هذا هو المجلد الخامس من دفاتر المثنوي والتبيان المعنوي في بيان أن الشريعة كالشمع تبدي الطريق ، ودون أن تحصل على الشمع لا تصبح سالكا للطريق ، وعندما تسير في الطريق ، فسيرك هذا هو الطريقة ، وعندما تصل إلى المقصود ، تكون الحقيقة .
ومن هنا قيل : لو ظهرت الحقائق بطلت الشرائع ، فلو كان النحاس قد تحول إلى ذهب ، أو كان المعدن ذهبا في الأصل ، لما كانت به حاجة إلى علم الكيمياء الذي هو بمثابة الشريعة ، أو أن يعرض على هذا العلم ، وعرضه هذا هو الطريقة ، كما قيل : [ طلب الدليل بعد الوصول إلى المدلول قبيح ، وترك الدليل قبل الوصول إلى المدلول مذموم ] . . .
الخلاصة أن الشريعة بمثابة تعلم علم الكيمياء من أستاذ أو من كتاب ، والطريقة هي استخدام الأدواء وتعريض النحاس للكيمياء ، أما الحقيقة فهي تحول النحاس إلى ذهب .
وعلماء الكيمياء فرحون قائلون : نحن نعلمها ، والعاملون في علم الكيمياء فرحون قائلون : ونحن نمارسها ، ومن وجدوا الحقيقة سعداء بالحقيقة قائلون : لقد صرنا ذهبا وتحررنا من علم الكيمياء أو العمل به ، فنحن عتقاء اللهكُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ *. . .
أو أن مثل الشريعة كمثل تعلم الطب ، ومثل الطريقة كمثل التطبب والتوقي على مقتضى الطب ، والحقيقة هي إدراك الصحة الأبدية والفراغ من التعلم والممارسة ، وعندما يمضي المرء عن هذه الحياة ، تنقطع عنه الشريعة والطريقة وتبقى الحقيقة ، فإذا كانت لديه الحقيقة فهو لا يفتأ يصيحيا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي، وإن
“ 45 “
لم يدركها صاح يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ، وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ ، يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ، ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ فالشريعة علم ، والطريقة عمل ، والحقيقة هي الوصول إلى الله ، فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ، فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً .
وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وعترته وسلم تسليما .
“ 46 “
01 - إن الملك حسام الدين وهو نور الأنجم ، طالبٌ لبدء السفر الخامس .
- يا ضياء الحق ، ويا حسام الدين العظيم ، يا أستاذا لأساتذة الصفاء .
- لو لم يكن الخلق محجوبين مدنسين ، ولو لم تكن الحلوق ضيقة ضعيفة ؛
- لأعطيت الكلام حقه في مدحك ، ولتفوهت بغير هذا المنطق .
05 - لكن طعام البازي لا يكون لتلك الصعوة ، وما من حلٍ الآن سوى أن يمزج الماء بالزيت .
- وإن شرح أحوالك مع أهل الدنيا يكون من قبيل الغبن ، فلأكتمه في داخلي كأنه سر العشق .
- فالقيام بمدحك مع السجناء إهدارٌ له ، فعليّ أن أنطلق في هذا المديح في محفل أهل الروح .
- وما المدح إلا تعريف وكشف للحجاب ، والشمس في غنى عن التوضيح والتعريف .
- ومادح الشمس هو في الحقيقة مادح لنفسه . . . كأنه يقول : إن عينيّ مبصرتان وليستا بالرمداوين .
10 - وتوجيه الذم إلى شمس الكون هو ذم للنفس ، كأنك تقول : عيناي عمياوان مظلمتان كليلتان .
- ولتلتمس العذر لإنسان يكون في هذا الكون حاسدا للشمس المضيئة .
- فهل استطاعت عين قط أن تخفيها بأن تغمض " أمامها " ، أو هل قدرت على منعها من منح النضرة للأشياء المهترئة .
- أو أن تقلل من نورها الذي لا حدود له ، أو أن تنهض منكرة سطوتها وجاهها ؟
“ 47 “
- إن من يكون حاسدا للكون ، يكون هذا الحسد له بمثابة الموت الأبدي .
15 - لقد جاوز قدرك إدراك العقول ، وكل ما يبديه العقل في تفسير أحوالك ، مجرد فضول .
- فإذا كان العقل عاجزا عن البيان ، وجبت الحركة بعجز في هذا المجال .
- " إن شيئا كله لا يدرك ، إعلموا أن كله لا يترك " . “ 1 “
- فإذا كان لا يمكن شرب طوفان السحاب ، فكيف يمكن ترك شرب الماء ؟ “ 2 “
- وإذا كنت لا تستطيع أن تعبر عن السر في بيان ، فهيا جدد المدارك من مجرد قشوره .
20 - إن أنواع المنطق بالنسبة لك كلها قشور ، لكنها بالنسبة للآخرين لباب طيب
- والسماء بالنسبة للعرش شديدة الدنو ، لكنها بالنسبة لأكداس للتراب شديدة العلو
- وأنا أتحدث واصفا إياك ليسلكوا الطريق ، قبل أن تأخذنهم الحسرة من فواته .
- فأنت نور الحق ، وأنت حقيقة جاذب الروح ، والخلق " تائهون " في ظلمات الوهم والظن .
- ولكي يصير هذا النور الطيب مكحلة للعميان ، عليهم في البداية أن يقوموا بتعظيمه .
25 - وإنما يجد النور ذلك المستعد حاد السمع ، ذلك الذي لا يكون عاشقا للظلام وكأنه الفأر .
..............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن الفارسي .
( 2 ) ج 11 / 120 - محمد تقي جعفري - تفسير ونقد وتحليل مثنوي جلال الدين محمد مولوى - مجلد 11 - ط 11 - تهران 1363 هـ ش . :
وإذا لم يكن في الإمكان شرب ماء البحر ، يمكن لك أن تشرب منه بقدر ما يسد ظمأك .
“ 48 “
- وضعاف البصر الذين يتجولون ليلا ، متى يمكن لهم الطواف حول مشعلة الإيمان .
- والنكات المشكلة دقت على فهم رهين الطبع ، ذلك الذي عمي " بصره " عن الدين .
- والعين لا تستطيع أن تحملق في ضوء الشمس ، ما لم يزين الفضل سداها ولحمتها .
- وذلك الذي حفر الأرض جحورا كأنه الفأر ، لا يستطيع أن يتسامق بفروعه كأنه النخل .
30 - وهناك أربعة أوصاف ضاغطة على قلوب البشر ، والعقل قد صار مصلوبا على هذه الأربعة .
.
أبيات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
* * *
الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء الخامس د. أبراهيم الدسوقي شتا
* * *