مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله
مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
قصة بازى الملك والعجوز
- إنك ( بهدا ) تسلم البازي الأبيض لامرأة عجوز ، فتقلم أظافره زاعمة أنها ترعاه .
- هذه المخالب التي هي أساس العمل والصيد ، تقلمها العجوز العمياء من عماها .
2630 - تقول له : أين كانت أمك بحيث طالت مخالبك هكذا أيها العزيز .
- لقد قلمت أظافره وقطعت منقاره ، لقد فعلت هذا عن حب هذه العجوز الدنسة .
- وعندما تقدم له عصيدة الدقيق ( وتراه ) يأكل قليلا ، يشتعل غضبها ، وتصرف محبتها عنه .
- قائله له : لقد طبخت مثل هذه العصيدة من أجلك ، ثم تبدى التكبر والعتو ،
- إنك جدير بما كنت فيه من تعب وبلاء . . . فمتى كنت خليقاً بهذه النعمة وهذا الاقبال ،
2635 - فتعطيه حساء العصيدة قائله له : إذن فخذ هذا إن كنت لا تريد العصيدة .
- وحساء العصيدة لا يوافق طبع البازي فتنفجر العجوز ويزداد غضبها .
- وتصب الحساء المغلى غضباً على رأسه فتصيب مفرق رأسه بالقراع . . .
« 266 »
- ومن الحرارة يسيل الدمع من عينيه وهو يتذكر لطف الملك الذي يضئ القلب .
- من هاتين العينين الجميلتين ذواتي الدلال . . . . والتي تجد من ( النظر ) إلى وجه الملك ألف كمال .
2640 - إن عينيه اللتين كان يصدق عليهما ( مازاع البصر ) صارتا من نقر الغربان كليلتين ، وهكذا العين الجميلة تصيبها مئات الجراح من عين السوء .
- كان انبساط البحر من بسط تلك العينين ، وكان العالمان يبدوان أمامها كشعرة واحدة .
- تلك العين التي لو أن الأفلاك وقعت في مرمى نظرها ، لبدت كعين حقيرة في مقابل البحر العباب .
- وإنها عين تجاوزت هذه المحسوسات ، فكان أن وجدت القبل من بصيرة الغيب .
- وأنا لا أجد أذنا ( جديرة مستحقة ) حتى أبسط القول عن تلك العين الحسناء .
2645 - لقد كان ذلك الدمع المحمود الجليل سائلًا وكان جبريل يلتقط قطرات الدمع .
- وذلك لكي يضمخ به جناحه ومنقاره ، لو سمح له بذلك ذلك المحمود المذهب .
- ويقول البازي : إن غضب العجوز وإن اشتعل فإنه لم يحرق مجدي ونوري وصبري وعلمي .
- ومرة أخرى تنسج روحي مائة صورة إنها تصيب الناقة بالجراح ولا تصيب صالحا .
« 267 »
- وصالح بنفس واحد يطلقه بعظمه ( يجعل ) متن الجبل يلد مائة من أمثال تلك الناقة .
2650 - إن قلبي يقول لي اصمت وحذار ، وإلا مزقت منك الغيرة السدى واللحمة .
- إن لغيرته مائة حلم في الخفاء ، والا لأحرق نفس واحد منه مائة دنيا .
- لقد سدت نخوة الملك ( من فرعون ) موضع النصيحة ، حتى صرف قلبه عن قيد النصح .
- قائلًا : على أن أطلب من هامان الرأي والمشورة ، ظهير الملك وقطب السلطة .
- لقد كان مستشار المصطفى هو صديق الرب ، لكن مستشار أبى جهل كان أبو لهب .
2655 - لقد اجتذبه عرق المجانسة ، بحيث أصبحت تلك النصائح بالنسبة إليه باردة ( بلا طعم ) .
- إن كل طائر يطير بمائة جناح مع من هو من جنسه ، ويمزق القيود عندما يعن له خياله .
قصة تلك المرأة التي زحف طفلها على رأس قناة وكان في خطر
السقوط فيها وطلبها حلا من علي كرم الله وجهه
- جاءت امرأة إلى المرتضى وقالت له : إن طفلى صعد إلى حافة الميزاب .
- وإن دعوته لا يأتي وإن تركته أخشى عليه أن يسقط في الهاوية .
- وهو ليس بعاقل لكي يدرك مثلنا إن ناديته أن يأتي نحوى ( هربا ) من الخطر .
« 268 »
2660 - كما أنه لا يفهم الإشارة باليد ، وحتى إن كان يعرف فلن يستجيب . . .
والوضع سىء تماماً - وقد أبديت له ثديي ولبنى . . لكنه يحول وجهه وبصره عنى .
- وأنتم أيها العظماء عطية الحق من أجل أن تكونوا عونا لنا على الدنيا والآخرة .
- فعالج هذا الأمر سريعاً فإن قلبي يرتعد وأخشى ما أخشاه أن ( تضيع منى ) ثمرة القلب .
- قال ( الإمام ) : أحضرى أحد الأطفال سريعاً إلى السطح حتى يرى ذلك الطفل من هو من جنسه .
2665 - فيأتي سريعاً نحو من هو من جنسه من ذلك الميزاب فان الجنس عاشق لجنسه على الدوام . .
- وهكذا فعلت المرأة ، وعندما رأى طفلها من هو في جنسه هش له وبش واتجه إليه .
- وجاء إلى السطح من فوق الميزاب ، فأعلم أن كل شئ يجذبه من هو من جنسه .
- لقد أتى ذلك الطفل زاحفاً نحو الطفل ( الآخر ) ونجا من السقوط في الهاوية .
- ومن هنا كان الأنبياء والرسول من جنس البشر ، حتى « يقوموا » بانقاذ جنسهم من حافة الميزاب .
2670 - ومن هنا قال ( الرسول ) : إنني بشر مثلكم حتى تنجذبوا إلى من هو من جنسكم وتكفوا عن الضلال .
- وذلك أن علاقة التجانس ذات جاذبية عجيبة ، وكل من هو طالب إنما يكون منجذبا نحو جنسه .
« 269 »
- لقد صعد عيسى وإدريس - عليهما السلام - إلى الفلك مع الملائكة لأنهما كانا من جنسهم .
- ثم إن هاروت وماروت هبطا من الأعالي فقد كانا من جنس الجسد ( فهبطا ) إلى حضيض الأرض .
- والكفار من جنس الشياطين وقد صارت أرواحهم تلاميذ للشياطين .
2675 - لقد تعلموا مئات الآلاف من الخصال السيئة وخاطوا بصائر العقل والقلب .
- وأقل خصالهم قبحاً هو الحسد وذلك الحسد الذي دق عنق إبليس .
- لقد تعلموا الحقد والحسد من أولئك الكلاب الذين لا يريدون للخلق ملك الأبد .
- فكلما رأي ( ذلك الشيطان ) أحداً ذا كمال على يمينه أو يساره . تحرك ألم القولنج عنده من الحسد .
- وذلك أن كل شقى محترق البيدر لا يريد لأحد أن يكون شمعه مشتعلا .
2680 - فاذهب واحصل على الكمال حتى لا تسقط في الغم من جراء كمال الأخرين .
- واطلب من الله تعالى دائماً دفع هذا الحسد ، حتى يخلصك سبحانه من الحسد .
- أو يهبك انشغالا بباطنك ، بحيث لا يشغلنك هذا الظاهر .
- إن الله سبحانه وتعالى يهب جرعة من الخمر يثمل بها المرء فيتخلص من العالمين .
- ويضع في قطعة من الحشيش خاصية ، يخلص المرء بها في نفسه برهة من الزمن .
« 270 »
2685 - كما يجعل الله سبحانه وتعالى النوم على هذا النسق بحيث يجعل ( المرء ) ينصرف عن التفكير في الدارين .
- ولقد جعل المجنون من عشقه لجسد . . ( ذاهلا ) لا يعرف عدوه من حبيبه .
- كما أن لديه مئات الآلاف من أمثال هذه الخمر يسلطها جل شأنه على إدراكك .
- وهناك خمور هي شقاء للنفس بحيث تصيب بالهلاك تلك المشئومة .
- وهناك خمور هي سعادة للعقل ، بحيث يجد المرء المنزل ( المقصود ) دون انتقال .
2690 - بل إن خيمة الفلك ولها خمرها التي تسكرها وتقتلعها . . . ومن تلك الناحية تجعلها تتقدم في الطريق .
- فانتبه أيها القلب ولا تغتر بكل سكر ، فعيسى - عليه السلام - ثمل بالحق والحمار ثمل بالشعير .
- فابحث عن مثل هذه الخمر من هذه الدنان والتي لا يكون سكرها مؤقتاً مقطوع الذيل .
- وذلك أن كل معشوق كالدن الممتلئ لكن أحدها ملئ بالثفل وآخر ملئ بالدر .
- ويا عالماً بالخمر انتبه وتذوق بحذر ، حتى تجد خمراً خالية من الشوائب « 1 » .
2695 - إن كلتيهما تصيبك بالسكر لكن هذه يجرك السكر بها منجذبا حتى رب الدين .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 472 :
يا عالما بالخمر هيا وتذوق أيها العبوس في تلك الخمر الصافية التي تصمت من جرائها ! !
« 271 »
- وحتى تنجو من الفكر والوسواس والحيل وبدون احتياج إلى عقل العقل تنجيك في رقص الجمل « 1 » .
- ولما كان الأنبياء من جنس الروح ( الأمين ) والملائكة ، فإنهم قد جذبوا الملائكة من الفلك .
- والريح من جنس النار ورفيقة لها ومن ثم فإن اتجاه كليها إلى العلو .
- وأنت عندما تسد فوهة آنية خالية ، وتضعها في حوض ماء أو جدول .
2700 - فإنها حتى القيامة لا تغوص في القاع فإنها خالية القلب مملوءة بالريح .
- وميل الريح يجذبها إلى أعلى . . فيجذب الآنية بالتالي إلى أعلى .
- ومن ثم فتلك الأرواح التي من جنس الأنبياء منجذبة إليها كأنها الظلال .
- وذلك لأن العقل غالب عليها وبلا شك ، فإن العقل متجانس في خلقه مع الملك .
- وهوى النفس غالب على العدو ، فقد تجانس مع النفس وهوى بها إلى الحضيض .
2705 - كان آل فرعون من جنس فرعون الذميم وكان بنو إسرائيل من جنس موسى .
- وكان هامان أكثر تجانس مع فرعون فاختاره فرعون وحمله إلى صدر القصر .
- فلا جرم أنه جره من القصر إلى الدرك الأسفل ( من النار ) ، وكلاهما من جنس الجحيم هذان الدنسان .
..............................................................
( 1 ) رقص الجمل كناية عن العمل غير المتوازن الذي لا يتناسب مع الوقار أو الفعل العجيب الغريب المستبعد ( حواشي فروزانفر على معارف بها ولد 2 / 263 - 264 )
« 272 »
- كلاهما محرق كالجحيم ، مضاد للنور ، كلاهما كالجحيم نفور من نور القلب « 1 » .
- وذلك أن الجحيم يقول : أيها المؤمن جز سريعا فإن نورك قد اطفأ النار .
2710 - هيا جز أيها المؤمن فإن نورك يقتل ناري عندما يبسط رداءه .
- وذلك النارى يفزع أيضا من النور ، ذلك أن له طبعا جهنميا أيها الطيب !
- والجحيم يهرب من المؤمن كما يهرب المؤمن من الجحيم بكل ما أوتى من قوة .
- وذلك أن نوره لا يكون من جنس النار . . . فهو مضاد للنار باحث عن النور في الحقيقة .
- وقد ورد في الحديث أن المؤمن عندما يدعو الله سبحانه وتعالى أن ينجيه من النار .
2715 - تدعوه النار أيضا بكل ما أوتيت من قوة قائلة : يا إلهي أبعدنى عن فلان .
- فانظر إلى جاذبية التجانس عندك الآن ، من جنس من تكون . . . من جنس الكفر أو من جنس الدين .
- فإذا كنت ميالا إلى هامان فأنت هامانى ( الطبع ) . . وإن كنت ميالا إلى موسى فأنت الهى .
- وإذا كنت تنطوى على ميل لكليهما معا فالنفس والعقل كلاهما ممتزج عندك .
- وهما معا في حرب . . . فهيا جاهد ، حتى تتغلب فيك المعاني على الصور والنقوش .
2720 - وفي عالم الحرب ، حسبك فرحا أن ترى الهزيمة في كل لحظة تحيق
..............................................................
( 1 ) هنا عنوان نسخة جعفري ( ج - 10 - ص - 492 ) في بيان حديث « جزيا مؤمن فإن نورك اطفأ ناري » على لسان النار .
« 273 »
بالخصم « 1 » . . .
- وذلك الصفيق الوجه ، في شدته ، تحدث في النهاية مع هامان مستشيرا إياه .
- لقد تحدث إليه بوعود كليم الله وجعل من ذلك الضال نجيا وموضعا للسر .
مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام
- لقد تحدث إلى هامان عندما إنفرد به ، فقفز هامان وشق جيبه .
- وأخذ يصرخ ويبكى ذلك اللعين والقى بالعمامة والتاج على الأرض .
2725 - قال : كيف قال مثل ذلك الوقح كلاما فارغا كهذا في حضور الملك ؟ !
- لقد أخضعت العالم بأجمعه ، وسويت الأمور بإقبالك الذهبي !
- ودون أي عناد يأتي إليك من الملوك من المشارق والمغارب يؤدون إليك الجزية ( عن يد وهم صاغرون ) .
- والملوك يمرغون شفاههم على عتبة بابك فرحين أيها الملك العظيم .
- وجواد كل متمرد عندما يرى جيادنا يحول وجهه ويلوذ بالفرار دون عصا منا .
2730 - وكنت حتى الآن معبودا للدنيا وموضع سجودها فتحولت إلى أحقر العبيد .
- إن الدخول في لهيب ألف نار أفضل من أن يصير سيد مولى لعبد !
- لا أقتلنى أولا يا ( غالبا ) ملك الصين حتى لا تبصر عيني هذا الأمر
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 492 : فجاهد حتى يهزم خصمك بالرغم من أن فرعون لم يستمع إلى هذا ولقد طال الحديث أيها المضطر فتحدث ثانية عن ضلال فرعون ومستشاره كما أن البيتين التاليين بعد العنوان ( ج - 10 / ص - 494 ) .
« 274 »
( يجرى على ) الملك .
- واضرب عنقي أولا يا سيدي حتى لا تبصر عيناي هنا المذلة .
- إن هذا الأمر لم يحدث من قبل ، ولا حدث ولا كان . . أن تنقلب الأرض سماء والسماء أرضا .
2735 - وأن يصير عبيدنا شركاء لنا وأن يصير الخائفون منا أذى على قلوبنا .
- وأن تضئ عيون الأعداء فرحا بينما يعمى الأصدقاء ، إذن فقد صارت لنا بطن الأرض خيرا من ظهرها . « 1 »
زيف كلام هامان عليه اللعنة
- أنه لم يكن يعرف العدو من الصديق ، كان يلعب نرد ( حياته ) بعمى وبشكل معوج .
- فلا يوجد سواك أنت عدو لك فلا تتهم الأبرياء بعدائك حقدا .
- أن وضعك الشئ هو في رأيك الدولة ( دولت ) بينما أولها سعى وكدح ( دو ) وآخرها سقوط وانهيار ( لت ) « 2 »
2740 - وأن لم تفر من هذه الدولة زاحفا ، فإن ربيعك هذا ينقلب عليك خريفا .
- والمشرق والمغرب رأيا كثيرين من أمثالك ، وقد فصلت رؤوسهم عن أجسادهم .
- والمشرق والمغرب كلاهما لا يقر له قرار ، فكيف يكون لأحد يعيش ( فوقهما ) قرار ؟ !
- إنك تفخر بأنك بالتخويف والقيود ، جعلت الناس ينافقونك عدة أيام !
- وكل من يسجد الناس له ، إنما يقومون بدس السم الزعاف لروحه .
2745 - وعندما ينفض عنه ذلك الذي سجد له ، يعلم أنه كان سما قاضيا عليه .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : فروضتنا هي قاع القبر .
( 2 ) يتلاعب بين اللفظين دو بمعنى سعى ولت بمعنى انهيار وسقوط .
« 275 »
- فما أسعد ذلك الذي ذلت نفسه ، وويل لذلك يبدو كالجبل من العصيان ( والتكبر ) .
- وأعلم أن هذا التكبر سم قاتل ، وأن هذا المذهول قد ثمل بكأس خمر ملئ بالسم .
- وعندما يشرب أحد الأشقياء خمرا مسمومة فإنه يحرك رأسه طربا لكن للحظة واحدة .
- وبعد هذه اللحظة يسرى السم في كيانه ويبدأ في السيطرة على ( حياته ) وروحه .
2750 - وإن لم تؤمن بأن ( الكبرياء ) سم ، وبما يتأتى منه ، فانظر إلى قوم عاد .
- وعندما يجد أحد الملوك القدرة على ملك آخر يقتله ، أو يسجنه في ( قاع ) جب .
- لكنه إن وجد متعبا عاجزا ، فإن الملك يقدم له الدواء ويبذل له العطاء .
- فإن لم يكن الكبرياء سما فلماذا قتل الملك البرئ ومن لم يرتكب ذنبا .
- وكيف أكرم ذلك الآخر دون سابق خدمة ؟ من هذين الطرفين يمكن أن تعرف سم ( الكبرياء ) .
2755 - إن قاطع الطريق لم يضرب معدما قط ؟ وهل عض ذئب ذئبا ميتا قط ؟ !
- لقد خرق الخضر السفينة وذلك من أجل أن ينقذها من المغتصبين !
- وما دام الكسير ينجو فكن كسيرا والأمان في الفقر فكن فقيرا .
- وذلك الجبل الذي يحتوى على عدد من المناجم الحاضرة قد مزق إربا من ضربات المعاول .
- والسيف ( موجود ) من أجل ذلك الذي له عنق ، والظل الملقى أرضا لا يلتقى الطعنات .
2760 - والسيادة نفط ونار إيها الغوى . . فكيف تمشى على النار أيها الأخ .
« 276 »
- وكل شئ يكون مسوى بالأرض متى يكون هدفا للسهام ، ألا فلتنظر بامعان .
- لكن نفس ذلك الشيء بمجرد أن يرتفع عن سطح الأرض ، يكون كالأهداف تنهال عليه طعنات لا تقبل الشفاء .
- إن هذه الأنية بمثابة درجات السلم بالنسبة للخلق ، والنهاية ( المؤكدة ) هي السقوط من فوق هذه الدرجات .
- وكل من صعد إلى أعلى ( أكثر ) يكون أكثر بلها ، فان عظامه ( عند السقوط ) سوف تتحطم بدرجة أسوأ .
2765 - هذه هي فروع ( الكبرياء ) أما أصوله فهي أنه إشراك بالله .
- وما دمت لم تمت ثم ترتد حيا منه هو ، تكون عاصيا طالبا للمشاركة في الملك .
- وما دمت قد صرت حيا به . . . فأنت هو . . . في وحدة محضة فمتى تكون مشاركة ؟ !
- فاطلب شرح هذا ( المعنى ) في مرآة الأعمال فإنك لن تستطيع أن تفهمه من مجرد المقال .
- ولو بحت بكل ما هو موجود في باطني ، ما أكثر الأكباد التي كانت سوف تتحول في الحال إلى دم .
2770 - فلأقصر . . فإن هذا القدر يكفى ذوى الألباب لقد صحت صيحة أو صيحتين إن كان ثم أحد في القرية .
- الخلاصة أن هامان بذلك القول الشئ ، قد قطع مثل هذا الطريق على فرعون .
« 277 »
- لقد وصلت لقمة الحظ إلي الفم . . ثم قطعت عن ( النزول ) في حلقة فجأة .
- وذرى بيدر فرعون ادراج الرياح ، فلا ابتلى ملك أبدا بمثل هذا الوزير « 1 »
يأس موسي من إيمان فرعون لتأثير قول هامان
في قلب فرعون
- قال موسى : لقد أبدينا اللطف والجود لكن السيادة ( الحقيقية ) لم تكن رزقا لك . .
2775 - وذلك السلطان الذي لا يكون حقيقيا ، إعلم أنه لا يد له ولا كم ( خال من اليد )
- وذلك السلطان الذي يكون مسروقا هو بلا قلب ولا روح ولا بصر .
- وذلك السلطان الذي يمنحك إياه العوام ، يستردونه منك ثانية كأنه الدين .
- فرد السلطان المستعار إلى الحق ، حتى يهبك سلطانا متفقا عليه .
تنازع امراء العرب مع المصطفى عليه السلام قائلين : قاسمنا الملك حتى لا يكون نزاع وجواب المصطفى إنني في
هذه الإمارة مأمور وقيام الجدل بين الطرفين
- لقد اجتمع امراء العرب وذهبوا إلى الرسول عليه السلام منازعين .
2780 - قالوا له : إنك أمير لكن لكل واحد منا بدوره أمير فقسم هذا الملك وخذ نصيبك منه .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 497 :
فابتعد عن مثل قرين السوء هذا واحذر والله أعلم باليقين .
« 278 »
- وليكن كل منا عادلا منصفا في منطقته . . فلا تتدخل أنت إذن في مناطقنا .
- قال ( الرسول ) : لقد أعطاني الحق الإمارة ، إنه هو الذي منحنى الرئاسة والحكم المطلق .
- قال له القوم : نفس القضاء الإلهي الذي منحك الامارة ، قد منحنا الحكم فنحن أيضا حكام
2785 - قال : لكن الله قد أعطاني ملك ( الأبد ) وهو لكم عارية من أجل الإرتزاق ( والحياة الدنيا ) ! « 1 »
- وأن أمارتى لباقية حتى يوم القيامة - لكن الأمارة العارية سرعان ما تتحطم !
- قال القوم : أيها الأمير لا تتعال علينا فما هي حجتك على تعاليك هذا ؟ !
- وفي التو واللحظة أزجى سحاب بالأمر الإلهى القاطع . . ونزل السيل فملأ تلك النواحي . .
- واتجه السيل المهول إلى المدينة فأصبح أهل المدينة في عويل ورعب !
2790 - فقال الرسول عليه السلام : لقد حل الآن أوان الامتحان وذلك حتى ينقلب الظن إلى عيان .
- وألقى كل أمير بحريته امتحانا لكي تصير سدا أمام هذا السيل .
- ثم ألقى المصطفى بقضيبه فيه ، وذلك القضيب المعجز نافذ الأمر .
..............................................................
( 1 ) الكلمة هنا زاد وهكذا ترجمها نيكلسون (VOL 4 . P . 426) وهكذا فسرها جعفري ( ج - 10 ص - 508 ) وأن كنت أميل إلى ترجمتها بالميلاد أي ملك بالإرث أنظر الشرح .
« 279 »
- لقد اختطف السيل الحراب كأنها الغثاء ( إختطفها ) ماء السيل ذاك المندفع الهادر العنود .
- وضاعت كل الحراب أما ذلك القضيب ، وقف فوق الماء كأنه الرقيب .
2795 - ومن احترام السيل العرم لذلك القضيب ، حول وجهته ، وانتهى . . .
- وعندما رأوا منه عليه السلام هذا الأمر العظيم أقر هؤلاء الأمراء واعترفوا من الخوف .
- إلا ثلاثة منهم كان الحقد قد سيطر عليهم ، جحدوا به وسموه ساحرا وكاهنا .
- وهكذا فالملك الذي يصطنعه الإنسان لنفسه يكون ضعيفا ، أما الملك الأصلي الحقيقي فهكذا يكون شريفا .
- فإن لم تكن قد رأيت الحراب مع القضيب فانظر إلى اسمه وانظر إلى أسمائهم أيها النجيب .
2800 - لقد جرف سيل الموت الطامى أسماءهم لكن اسمه لم يمت لا ( ولم تنقض ) دولته المظفرة .
- انهم يدقون له ( الطبول ) خمس مرات في اليوم على الدوام وهكذا حتى تقوم الساعة . « 1 »
- فإن كان لك ( أيها الفرعون ) عقل فقد عرضت عليك أنواع اللطف وإن كنت حمارا فقد جئت للحمار بالعصا .
- وكذلك أخرجك بالعصا من حظيرتك هذه بحيث أدمى رأسك وأذنك .
- فإن الناس والدواب في هذه الحظيرة لا يجدون الأمن من غلظتك .
..............................................................
( 1 ) في نسخة جعفري ( 10 / 509 ) يوجد عنوان بعد هذا البيت :
تكمله حديث موسى عليه السلام في توبيخ فرهون وتقريحه
« 280 »
2805 - ها أنا قد أتيت بالعصا لتأديب كل حمار لا يكون مستجيبا متحليا بالصفات الحسنة .
- وهذه العصا من أجل أن تقوم بتأديبك تنقلب إلى أفعى ، ذلك أنك قد انقلبت إلى أفعى في فعلك وطبعك .
- إنك أفعى بالجبلة لا ترحم . . لكن انظر اذن إلى أفاعي السماء .
- وهذه العصا جاءت إليك أخذت من الجحيم مذاقا . . فهيا واهرع منها إلى النور .
- وإلا صرت عاجزا بين أسنانى ، ولا يكون لك أي خلاص من سبلى وطرقي « 1 »
2810 - لقد كانت عصا وهي الآن أفعى حتى لا تقول : اين جحيم الله ؟ ! « 2 »
في بيان أن من يعرف قدرة الحق لا يسأل : أين الحنة وأين النار
- حينما يريد الله يجعل عليك هذا المكان جحيما ، ويجعل الأوج فخا وشباكا على الطائر .
- فتحس بالألم في أسنانك ، حتى تجأر بالصياح : إن الألم كنار الله الموقدة أو كالأفعى .
- أو يجعل ريقك ( في حلاوة ) العسل حتى تقول إنها جنة ( ذات ) حلل .
- وينبت من جذور اسنانك السكر حتى تعلم قوة حكم القدر .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 105 :
فعد من الكفر إلى دين الحق والا بقيت ممزقا في النار إلى الأبد
- عد أيها الضال الشقي الدنى والانكست في الجحيم والبيت التالي في نسخة جعفري بعد العنوان
( 2 ) ج / 10 - 511 : إن هذا الجحيم ظاهر لكنه مستور عن قلبك يقينا من تأثير جسدك .
« 281 »
2815 - إذن فلا تعض الضعفاء بأسنانك وفكر في ضربة ( القدر ) الذي لا يحترز .
- إن الحق يجعل النيل دما على قوم فرعون ، ويجعل قوم موسى محصنين من البلاء !
- وذلك لكي تعلم أن هناك عند الحق تمييزا بين اليقظ في الطريق والثمل .
- وان النيل قد تعلم التمييز من الله فهو لهذا بسط ولذاك قبض شديد .
- إن لطفه يجعل النيل ذا عقل ، لكن قهره يجعل من قابيل جاهلا أبله .
2820 - لقد خلق من كرمه في الجماد عقلا وبقهره طار العقل من ( وجود ) العاقل .
- لقد ظهر العقل من اللطف في الجماد ، ومن النكال ( والقهر ) هرب العلم من العقلاء .
- لقد انصب عقل كالمطر في هذا الموضع بالأمر الإلهى والعقل من الناحية الأخرى أبصر قهر الحق وهرب .
- والسحاب والشمس والقمر والنجوم العالية ، كلها تأتى وتمضى بنظام وترتيب .
- ولا يطلع أي منها إلا في وقته وأوانه ، ولا هي تتأخر لحظة أو تتقدم أخرى .
2825 - ولأنك لم تفهم هذا من الأنبياء وضع الله سبحانه وتعالى المعرفة والتمييز في الحجر والعصا « 1 »
- وتبدو لك واضحة عيانا طاعة العصا والحجر وهي تخبر عن أحوال الجمادات الأخرى .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 / 511010 :
حتى تقيس الجمادات الأخرى بلا التباس على الحجر وعلى العصا .
« 282 »
- ( فهي تقول لك ) : إننا جميعا على علم من الله ووعى ولسنا هملا ضياعا وبالمصادفة .
- وها أنت تعلم أن ماء النيل عندما آن أوان غرق ( فرعون ) فرق وميز بين أمتين .
2830 - أو كالأرض فهي عالمة في وقت الخسف الذي حاق بقارون فقهرته ونسفته .
- ومثل القمر الذي سمع الأمر وأسرع ( في سيره ) ثم إنشق على الفلك وصار قسمين « 1 »
- مثل الشجر والحصى وهي في كل مقام أبدت عيانا بيانا رسالة المصطفى . . والسلام
الجواب علي الدهري المنكر للألوهية والذي يقول إن العالم قديم
- كان أحدهم يقول بالأمس إن العالم حادث وأن هذا الفلك فان الحق وارثه .
- فقال له مشتغل بالفلسفة أي علم لك بالحدوث ؟ ! وكيف تعلم الأمطار ان السحاب حادث ؟ !
2835 - وأنت نفسك ذرة في ( دوران الأفلاك ) وانقلابها ، فأي علم لك بحدوث الشمس ؟ .
- وتلك الدودة الحقيرة التي تكون مدفونة في الغائط أي علم لها ببداية الأرض ونهايتها ؟!
- لقد سمعت هذا تقليدا من أبيك ، ومن حماقتك تمسكت به .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 512 :
مثل الجذع الذي أن لفراق النبي وعلم بذلك العجوز والصبى .
« 283 »
- فأي برهان لديك على حدوث هذا ؟ هيا قله والا فاصمت ولا تزد في القول .
- قال : رأيت فريقين ذات يوم يتجادلان حول هذا البحر العميق .
2840 - كانوا في تخاصم وجدل وتحد ، وقد تجمع حولهم جماعة من الناس .
- وتقدمت أنا بدوري نحو هذا الجمع لكي أتعرف على أحوالهم .
- كان أحدهم يقول : هذا العالم إلى فناء لكن لابد لهذا البناء من بان !
- فقال آخر : بل هو قديم وبلا زمان وليس له خالق ، بل الخالق هو ذاته .
- قال ( الأول ) : لقد أصبحت منكرا للخلاق ، مبدع الليل والنهار الرزاق
2845 - قال ( الثاني ) : لن أسمع منك بلا برهان إن ما تؤمن به عن جهل وتقليد .
- فهيا قدم الحجة والبرهان فإني لا أسمع إلى هذا بلا برهان في التو واللحظة .
- قال ( الأول ) : ان الحجة مرجودة داخل روحي . . لقد وضع لي البرهان داخل الروح .
- انك لا ترى الهلال من ضعف بصرك . . لكني أراه فلا تغضب على .
- لقد كثر الجدل والخلق حائرون . . حول مبدأ هذا الفلك المزدان ومنتهاه
2850 - قال ( الأول ) أيها الرفيق إن في داخلي برهانا وهو حجة على حدوث السماء .
- وأنا موقن بهذا الدليل يقينا شديدا والمتيقن هو الذي يمضى ( بيقينه ) إلى داخل النار .
- أعلم أن هذه الحجة لا تتأتى على اللسان ، أن مثلها هو مثل حال سر العاشقين .
« 284 »
- فلا يبدو مفسر لقولي على العيان ، اللهم إلا في اصفرار وجهي ونحولى .
- فالدمع والدم الجاريان على الوجه يصبحان دليلا على حسنه وجماله .
2855 - قال ( الثاني ) : إنني لا أعتبر هذه الأمور من قبيل اليرهان ، هات برهانا يكون مقبولا لدى الجميع .
- قال ( الأول ) : عندما يتحدث الزيف والصراح النضار ، ويقول كل منهما للآخر : إنك أنت الزائف . . . وأنا الصحيح السليم .
- تكون النار هي الامتحان الأخير فعلى كل منها أن يدخل النار .
- ويصبح العامي ومن هو من الخواص على علم بحاليهما ويمضيان من الشك والريب إلى اليقين والتأكيد .
- إن الماء والنار هما أيها الحبيب ، الامتحان بين الصحيح والزائف اللذين يكونا خفيين
2860 - فلنمض أنا وأنت داخل النار ولتقدم الحجة لبقية الحائرين .
- وليسقط كلانا في اللهيب ليصبح كل منا آية لهؤلاء الخلق .
- وهكذا فعلا ومضيا إلى النار وكلاهما عرض نفسه للهيب النار « 1 »
- ان المدعى المتحدث بالله قد نجا ، اما ذلك المدعى فقد احترق في النار .
- واستمع إلى المؤذن إنه دائم الإعلان عن هذا الأمر برغم أنف تزيد نفس هذا الساذج الغمر .
2865 - إن هذا الاسم لم يحترق من الآجال والآماد فقد كان المسمى به صدرا أجلا « 2 »
..............................................................
( 1 ) هنا بيت زائد عند يوسف بن أحمد ( 4 / 384 ) وعند جعفري ( 10 / 515 ) :
فأحرقت النار المتفلسف وجعلته رمادا لكنها ربت المتقى وجعله أكثر نضره .
( 2 ) ج / 10 - 515 :
ومئات الآلاف من الأرواح وهبت حياتها له وفي سبيله سقطت في الطريق بأجمعها ! !
« 285 »
- ومئات الالآف من أمثال هذا البرهان قد كانت طوال القرون بتمزيق حجب المنكرين ( وفضحتهم ) !
- وعندما تراهنوا ( مع العارفين بالله ) غلب الصواب ، دعمته المعجزة وقام دليلا على صدقه دوامه .
- ومن هنا فهمت أن كل من آمن بحدوث العالم وتحدث عن سبق وجود الله قد انتصر وهو على حق .
- وحجة المنكر دائما ما هي باهته وداحضة ، فأين علامة واحدة على صدق هذا الانكار ؟ .
2870 - واين توجد مئذنة واحدة في هذا العالم تثنى على المنكرين حتى تكون دليلا .
- واين منبر واحد يعتليه مخبر ومذكر يقوم بذكر أيام الإلحاد والإنكار .
- أن وجوه الدراهم والدنانير المزدانة بأسماء ( المؤمنين ) تعد حتى القيامة دليلا على صدقهم .
- وان عمله الملوك تتغير وتتبدل وأنظر إلى سكة أحمد عليه السلام قائمة وثابتة في مكانها .
- فأبد لي اسم منكر واحد سكت به عملة ذهبية أو عملة فضية واحدة .
2875 - ودعك من هذه المعجزة الواضحة وضوح الشمس وانظر إلى الذي يتحدث معك بمائة لسان واسمه أم الكتاب !
- ولا أحد يجترىء إلى إسقاط حرف واحد منه أو إضافة حرف واحد على تلاوته .
- فكن رفيقا للغالبين لكي تصير غالبا ولا تصاحب المغلوبين وانتبه أيها الغوى .
« 286 »
- وإن حجة المنكر لا تتعدى قوله . . انني لا أعترف إلا بهذا الظاهر لي فحسب .
- ولم يفكر قط أنه حينما يكون ظاهر فإنه يكون مخبرا عن حكم خفية .
2880 - وان فائدة كل ظاهر هو الباطن فحسب ، مثلها يكون النفع كامنا في الدواء « 1 ».