منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:14 pm

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   
مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قصة بازى الملك والعجوز
- إنك ( بهدا ) تسلم البازي الأبيض لامرأة عجوز ، فتقلم أظافره زاعمة أنها ترعاه .
- هذه المخالب التي هي أساس العمل والصيد ، تقلمها العجوز العمياء من عماها .
 
2630 - تقول له : أين كانت أمك بحيث طالت مخالبك هكذا أيها العزيز .
- لقد قلمت أظافره وقطعت منقاره ، لقد فعلت هذا عن حب هذه العجوز الدنسة .
- وعندما تقدم له عصيدة الدقيق ( وتراه ) يأكل قليلا ، يشتعل غضبها ، وتصرف محبتها عنه .
- قائله له : لقد طبخت مثل هذه العصيدة من أجلك ، ثم تبدى التكبر والعتو ،
- إنك جدير بما كنت فيه من تعب وبلاء . . . فمتى كنت خليقاً بهذه النعمة وهذا الاقبال ،
 
2635 - فتعطيه حساء العصيدة قائله له : إذن فخذ هذا إن كنت لا تريد العصيدة .
- وحساء العصيدة لا يوافق طبع البازي فتنفجر العجوز ويزداد غضبها .
- وتصب الحساء المغلى غضباً على رأسه فتصيب مفرق رأسه بالقراع . . .
  
« 266 » 
 
- ومن الحرارة يسيل الدمع من عينيه وهو يتذكر لطف الملك الذي يضئ القلب .
- من هاتين العينين الجميلتين ذواتي الدلال . . . . والتي تجد من ( النظر ) إلى وجه الملك ألف كمال .
 
2640 - إن عينيه اللتين كان يصدق عليهما ( مازاع البصر ) صارتا من نقر الغربان كليلتين ، وهكذا العين الجميلة تصيبها مئات الجراح من عين السوء .
- كان انبساط البحر من بسط تلك العينين ، وكان العالمان يبدوان أمامها كشعرة واحدة .
- تلك العين التي لو أن الأفلاك وقعت في مرمى نظرها ، لبدت كعين حقيرة في مقابل البحر العباب .
- وإنها عين تجاوزت هذه المحسوسات ، فكان أن وجدت القبل من بصيرة الغيب .
- وأنا لا أجد أذنا ( جديرة مستحقة ) حتى أبسط القول عن تلك العين الحسناء .
 
2645 - لقد كان ذلك الدمع المحمود الجليل سائلًا وكان جبريل يلتقط قطرات الدمع .
- وذلك لكي يضمخ به جناحه ومنقاره ، لو سمح له بذلك ذلك المحمود المذهب .
- ويقول البازي : إن غضب العجوز وإن اشتعل فإنه لم يحرق مجدي ونوري وصبري وعلمي .
- ومرة أخرى تنسج روحي مائة صورة إنها تصيب الناقة بالجراح ولا تصيب صالحا .
 
« 267 »
  
- وصالح بنفس واحد يطلقه بعظمه ( يجعل ) متن الجبل يلد مائة من أمثال تلك الناقة .
 
2650 - إن قلبي يقول لي اصمت وحذار ، وإلا مزقت منك الغيرة السدى واللحمة .
- إن لغيرته مائة حلم في الخفاء ، والا لأحرق نفس واحد منه مائة دنيا .
- لقد سدت نخوة الملك ( من فرعون ) موضع النصيحة ، حتى صرف قلبه عن قيد النصح .
- قائلًا : على أن أطلب من هامان الرأي والمشورة ، ظهير الملك وقطب السلطة .
- لقد كان مستشار المصطفى هو صديق الرب ، لكن مستشار أبى جهل كان أبو لهب .
 
2655 - لقد اجتذبه عرق المجانسة ، بحيث أصبحت تلك النصائح بالنسبة إليه باردة ( بلا طعم ) .
- إن كل طائر يطير بمائة جناح مع من هو من جنسه ، ويمزق القيود عندما يعن له خياله .
 
قصة تلك المرأة التي زحف طفلها على رأس قناة وكان في خطر
السقوط فيها وطلبها حلا من علي كرم الله وجهه
 
- جاءت امرأة إلى المرتضى وقالت له : إن طفلى صعد إلى حافة الميزاب .
- وإن دعوته لا يأتي وإن تركته أخشى عليه أن يسقط في الهاوية .
- وهو ليس بعاقل لكي يدرك مثلنا إن ناديته أن يأتي نحوى ( هربا ) من الخطر .
 
« 268 » 
 
2660 - كما أنه لا يفهم الإشارة باليد ، وحتى إن كان يعرف فلن يستجيب . . .
والوضع سىء تماماً - وقد أبديت له ثديي ولبنى . . لكنه يحول وجهه وبصره عنى .
- وأنتم أيها العظماء عطية الحق من أجل أن تكونوا عونا لنا على الدنيا والآخرة .
- فعالج هذا الأمر سريعاً فإن قلبي يرتعد وأخشى ما أخشاه أن ( تضيع منى ) ثمرة القلب .
- قال ( الإمام ) : أحضرى أحد الأطفال سريعاً إلى السطح حتى يرى ذلك الطفل من هو من جنسه .
 
2665 - فيأتي سريعاً نحو من هو من جنسه من ذلك الميزاب فان الجنس عاشق لجنسه على الدوام . .
- وهكذا فعلت المرأة ، وعندما رأى طفلها من هو في جنسه هش له وبش واتجه إليه .
- وجاء إلى السطح من فوق الميزاب ، فأعلم أن كل شئ يجذبه من هو من جنسه .
- لقد أتى ذلك الطفل زاحفاً نحو الطفل ( الآخر ) ونجا من السقوط في الهاوية .
- ومن هنا كان الأنبياء والرسول من جنس البشر ، حتى « يقوموا » بانقاذ جنسهم من حافة الميزاب .
 
2670 - ومن هنا قال ( الرسول ) : إنني بشر مثلكم حتى تنجذبوا إلى من هو من جنسكم وتكفوا عن الضلال .
- وذلك أن علاقة التجانس ذات جاذبية عجيبة ، وكل من هو طالب إنما يكون منجذبا نحو جنسه .
  
« 269 »
  
- لقد صعد عيسى وإدريس - عليهما السلام - إلى الفلك مع الملائكة لأنهما كانا من جنسهم .
- ثم إن هاروت وماروت هبطا من الأعالي فقد كانا من جنس الجسد ( فهبطا ) إلى حضيض الأرض .
- والكفار من جنس الشياطين وقد صارت أرواحهم تلاميذ للشياطين .
 
2675 - لقد تعلموا مئات الآلاف من الخصال السيئة وخاطوا بصائر العقل والقلب .
- وأقل خصالهم قبحاً هو الحسد وذلك الحسد الذي دق عنق إبليس .
- لقد تعلموا الحقد والحسد من أولئك الكلاب الذين لا يريدون للخلق ملك الأبد .
- فكلما رأي ( ذلك الشيطان ) أحداً ذا كمال على يمينه أو يساره . تحرك ألم القولنج عنده من الحسد .
- وذلك أن كل شقى محترق البيدر لا يريد لأحد أن يكون شمعه مشتعلا .
 
2680 - فاذهب واحصل على الكمال حتى لا تسقط في الغم من جراء كمال الأخرين .
- واطلب من الله تعالى دائماً دفع هذا الحسد ، حتى يخلصك سبحانه من الحسد .
- أو يهبك انشغالا بباطنك ، بحيث لا يشغلنك هذا الظاهر .
- إن الله سبحانه وتعالى يهب جرعة من الخمر يثمل بها المرء فيتخلص من العالمين .
- ويضع في قطعة من الحشيش خاصية ، يخلص المرء بها في نفسه برهة من الزمن .
  
« 270 » 
 
2685 - كما يجعل الله سبحانه وتعالى النوم على هذا النسق بحيث يجعل ( المرء ) ينصرف عن التفكير في الدارين .
- ولقد جعل المجنون من عشقه لجسد . . ( ذاهلا ) لا يعرف عدوه من حبيبه .
- كما أن لديه مئات الآلاف من أمثال هذه الخمر يسلطها جل شأنه على إدراكك .
- وهناك خمور هي شقاء للنفس بحيث تصيب بالهلاك تلك المشئومة .
- وهناك خمور هي سعادة للعقل ، بحيث يجد المرء المنزل ( المقصود ) دون انتقال .
 
2690 - بل إن خيمة الفلك ولها خمرها التي تسكرها وتقتلعها . . . ومن تلك الناحية تجعلها تتقدم في الطريق .
- فانتبه أيها القلب ولا تغتر بكل سكر ، فعيسى - عليه السلام - ثمل بالحق والحمار ثمل بالشعير .
- فابحث عن مثل هذه الخمر من هذه الدنان والتي لا يكون سكرها مؤقتاً مقطوع الذيل .
- وذلك أن كل معشوق كالدن الممتلئ لكن أحدها ملئ بالثفل وآخر ملئ بالدر .
- ويا عالماً بالخمر انتبه وتذوق بحذر ، حتى تجد خمراً خالية من الشوائب « 1 » .
 
2695 - إن كلتيهما تصيبك بالسكر لكن هذه يجرك السكر بها منجذبا حتى رب الدين .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 472 :
يا عالما بالخمر هيا وتذوق أيها العبوس في تلك الخمر الصافية التي تصمت من جرائها ! !
 
« 271 » 
 
- وحتى تنجو من الفكر والوسواس والحيل وبدون احتياج إلى عقل العقل تنجيك في رقص الجمل « 1 » .
- ولما كان الأنبياء من جنس الروح ( الأمين ) والملائكة ، فإنهم قد جذبوا الملائكة من الفلك .
- والريح من جنس النار ورفيقة لها ومن ثم فإن اتجاه كليها إلى العلو .
- وأنت عندما تسد فوهة آنية خالية ، وتضعها في حوض ماء أو جدول .
 
2700 - فإنها حتى القيامة لا تغوص في القاع فإنها خالية القلب مملوءة بالريح .
- وميل الريح يجذبها إلى أعلى . . فيجذب الآنية بالتالي إلى أعلى .
- ومن ثم فتلك الأرواح التي من جنس الأنبياء منجذبة إليها كأنها الظلال .
- وذلك لأن العقل غالب عليها وبلا شك ، فإن العقل متجانس في خلقه مع الملك .
- وهوى النفس غالب على العدو ، فقد تجانس مع النفس وهوى بها إلى الحضيض .
 
2705 - كان آل فرعون من جنس فرعون الذميم وكان بنو إسرائيل من جنس موسى .
- وكان هامان أكثر تجانس مع فرعون فاختاره فرعون وحمله إلى صدر القصر .
- فلا جرم أنه جره من القصر إلى الدرك الأسفل ( من النار ) ، وكلاهما من جنس الجحيم هذان الدنسان .
..............................................................
( 1 ) رقص الجمل كناية عن العمل غير المتوازن الذي لا يتناسب مع الوقار أو الفعل العجيب الغريب المستبعد ( حواشي فروزانفر على معارف بها ولد 2 / 263 - 264 )
  
« 272 » 
 
- كلاهما محرق كالجحيم ، مضاد للنور ، كلاهما كالجحيم نفور من نور القلب « 1 » .
- وذلك أن الجحيم يقول : أيها المؤمن جز سريعا فإن نورك قد اطفأ النار .
 
2710 - هيا جز أيها المؤمن فإن نورك يقتل ناري عندما يبسط رداءه .
- وذلك النارى يفزع أيضا من النور ، ذلك أن له طبعا جهنميا أيها الطيب !
- والجحيم يهرب من المؤمن كما يهرب المؤمن من الجحيم بكل ما أوتى من قوة .
- وذلك أن نوره لا يكون من جنس النار . . . فهو مضاد للنار باحث عن النور في الحقيقة .
- وقد ورد في الحديث أن المؤمن عندما يدعو الله سبحانه وتعالى أن ينجيه من النار .
 
2715 - تدعوه النار أيضا بكل ما أوتيت من قوة قائلة : يا إلهي أبعدنى عن فلان .
- فانظر إلى جاذبية التجانس عندك الآن ، من جنس من تكون . . . من جنس الكفر أو من جنس الدين .
- فإذا كنت ميالا إلى هامان فأنت هامانى ( الطبع ) . . وإن كنت ميالا إلى موسى فأنت الهى .
- وإذا كنت تنطوى على ميل لكليهما معا فالنفس والعقل كلاهما ممتزج عندك .
- وهما معا في حرب . . . فهيا جاهد ، حتى تتغلب فيك المعاني على الصور والنقوش .
 
2720 - وفي عالم الحرب ، حسبك فرحا أن ترى الهزيمة في كل لحظة تحيق
..............................................................
( 1 ) هنا عنوان نسخة جعفري ( ج - 10 - ص - 492 ) في بيان حديث « جزيا مؤمن فإن نورك اطفأ ناري » على لسان النار .
 
« 273 »
  
بالخصم « 1 » . . .
- وذلك الصفيق الوجه ، في شدته ، تحدث في النهاية مع هامان مستشيرا إياه .
- لقد تحدث إليه بوعود كليم الله وجعل من ذلك الضال نجيا وموضعا للسر .
 
مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام
 
- لقد تحدث إلى هامان عندما إنفرد به ، فقفز هامان وشق جيبه .
- وأخذ يصرخ ويبكى ذلك اللعين والقى بالعمامة والتاج على الأرض .
 
2725 - قال : كيف قال مثل ذلك الوقح كلاما فارغا كهذا في حضور الملك ؟ !
- لقد أخضعت العالم بأجمعه ، وسويت الأمور بإقبالك الذهبي !
- ودون أي عناد يأتي إليك من الملوك من المشارق والمغارب يؤدون إليك الجزية ( عن يد وهم صاغرون ) .
- والملوك يمرغون شفاههم على عتبة بابك فرحين أيها الملك العظيم .
- وجواد كل متمرد عندما يرى جيادنا يحول وجهه ويلوذ بالفرار دون عصا منا .
 
2730 - وكنت حتى الآن معبودا للدنيا وموضع سجودها فتحولت إلى أحقر العبيد .
- إن الدخول في لهيب ألف نار أفضل من أن يصير سيد مولى لعبد !
- لا أقتلنى أولا يا ( غالبا ) ملك الصين حتى لا تبصر عيني هذا الأمر
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 492 : فجاهد حتى يهزم خصمك بالرغم من أن فرعون لم يستمع إلى هذا ولقد طال الحديث أيها المضطر فتحدث ثانية عن ضلال فرعون ومستشاره كما أن البيتين التاليين بعد العنوان ( ج - 10 / ص - 494 ) .
 
« 274 »
 
( يجرى على ) الملك .
- واضرب عنقي أولا يا سيدي حتى لا تبصر عيناي هنا المذلة .
- إن هذا الأمر لم يحدث من قبل ، ولا حدث ولا كان . . أن تنقلب الأرض سماء والسماء أرضا .
 
2735 - وأن يصير عبيدنا شركاء لنا وأن يصير الخائفون منا أذى على قلوبنا .
- وأن تضئ عيون الأعداء فرحا بينما يعمى الأصدقاء ، إذن فقد صارت لنا بطن الأرض خيرا من ظهرها . « 1 »
 
زيف كلام هامان عليه اللعنة
 
- أنه لم يكن يعرف العدو من الصديق ، كان يلعب نرد ( حياته ) بعمى وبشكل معوج .
- فلا يوجد سواك أنت عدو لك فلا تتهم الأبرياء بعدائك حقدا .
- أن وضعك الشئ هو في رأيك الدولة ( دولت ) بينما أولها سعى وكدح ( دو ) وآخرها سقوط وانهيار ( لت ) « 2 »
 
2740 - وأن لم تفر من هذه الدولة زاحفا ، فإن ربيعك هذا ينقلب عليك خريفا .
- والمشرق والمغرب رأيا كثيرين من أمثالك ، وقد فصلت رؤوسهم عن أجسادهم .
- والمشرق والمغرب كلاهما لا يقر له قرار ، فكيف يكون لأحد يعيش ( فوقهما ) قرار ؟ !
- إنك تفخر بأنك بالتخويف والقيود ، جعلت الناس ينافقونك عدة أيام !
- وكل من يسجد الناس له ، إنما يقومون بدس السم الزعاف لروحه .
 
2745 - وعندما ينفض عنه ذلك الذي سجد له ، يعلم أنه كان سما قاضيا عليه .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : فروضتنا هي قاع القبر .
( 2 ) يتلاعب بين اللفظين دو بمعنى سعى ولت بمعنى انهيار وسقوط . 
 
« 275 » 
 
- فما أسعد ذلك الذي ذلت نفسه ، وويل لذلك يبدو كالجبل من العصيان ( والتكبر ) .
- وأعلم أن هذا التكبر سم قاتل ، وأن هذا المذهول قد ثمل بكأس خمر ملئ بالسم .
- وعندما يشرب أحد الأشقياء خمرا مسمومة فإنه يحرك رأسه طربا لكن للحظة واحدة .
- وبعد هذه اللحظة يسرى السم في كيانه ويبدأ في السيطرة على ( حياته ) وروحه .
 
2750 - وإن لم تؤمن بأن ( الكبرياء ) سم ، وبما يتأتى منه ، فانظر إلى قوم عاد .
- وعندما يجد أحد الملوك القدرة على ملك آخر يقتله ، أو يسجنه في ( قاع ) جب .
- لكنه إن وجد متعبا عاجزا ، فإن الملك يقدم له الدواء ويبذل له العطاء .
- فإن لم يكن الكبرياء سما فلماذا قتل الملك البرئ ومن لم يرتكب ذنبا .
- وكيف أكرم ذلك الآخر دون سابق خدمة ؟ من هذين الطرفين يمكن أن تعرف سم ( الكبرياء ) .
 
2755 - إن قاطع الطريق لم يضرب معدما قط ؟ وهل عض ذئب ذئبا ميتا قط ؟ !
- لقد خرق الخضر السفينة وذلك من أجل أن ينقذها من المغتصبين !
- وما دام الكسير ينجو فكن كسيرا والأمان في الفقر فكن فقيرا .
- وذلك الجبل الذي يحتوى على عدد من المناجم الحاضرة قد مزق إربا من ضربات المعاول .
- والسيف ( موجود ) من أجل ذلك الذي له عنق ، والظل الملقى أرضا لا يلتقى الطعنات .
 
2760 - والسيادة نفط ونار إيها الغوى . . فكيف تمشى على النار أيها الأخ .
 
« 276 » 
 
- وكل شئ يكون مسوى بالأرض متى يكون هدفا للسهام ، ألا فلتنظر بامعان .
- لكن نفس ذلك الشيء بمجرد أن يرتفع عن سطح الأرض ، يكون كالأهداف تنهال عليه طعنات لا تقبل الشفاء .
- إن هذه الأنية بمثابة درجات السلم بالنسبة للخلق ، والنهاية ( المؤكدة ) هي السقوط من فوق هذه الدرجات .
- وكل من صعد إلى أعلى ( أكثر ) يكون أكثر بلها ، فان عظامه ( عند السقوط ) سوف تتحطم بدرجة أسوأ .
 
2765 - هذه هي فروع ( الكبرياء ) أما أصوله فهي أنه إشراك بالله .
- وما دمت لم تمت ثم ترتد حيا منه هو ، تكون عاصيا طالبا للمشاركة في الملك .
- وما دمت قد صرت حيا به . . . فأنت هو . . . في وحدة محضة فمتى تكون مشاركة ؟ !
- فاطلب شرح هذا ( المعنى ) في مرآة الأعمال فإنك لن تستطيع أن تفهمه من مجرد المقال .
- ولو بحت بكل ما هو موجود في باطني ، ما أكثر الأكباد التي كانت سوف تتحول في الحال إلى دم .
 
2770 - فلأقصر . . فإن هذا القدر يكفى ذوى الألباب لقد صحت صيحة أو صيحتين إن كان ثم أحد في القرية .
- الخلاصة أن هامان بذلك القول الشئ ، قد قطع مثل هذا الطريق على فرعون .
 
« 277 »
 
- لقد وصلت لقمة الحظ إلي الفم . . ثم قطعت عن ( النزول ) في حلقة فجأة .
- وذرى بيدر فرعون ادراج الرياح ، فلا ابتلى ملك أبدا بمثل هذا الوزير « 1 »
 
يأس موسي من إيمان فرعون لتأثير قول هامان
في قلب فرعون
 
- قال موسى : لقد أبدينا اللطف والجود لكن السيادة ( الحقيقية ) لم تكن رزقا لك . .
 
2775 - وذلك السلطان الذي لا يكون حقيقيا ، إعلم أنه لا يد له ولا كم ( خال من اليد )
- وذلك السلطان الذي يكون مسروقا هو بلا قلب ولا روح ولا بصر .
- وذلك السلطان الذي يمنحك إياه العوام ، يستردونه منك ثانية كأنه الدين .
- فرد السلطان المستعار إلى الحق ، حتى يهبك سلطانا متفقا عليه .
 
تنازع امراء العرب مع المصطفى عليه السلام قائلين : قاسمنا الملك حتى لا يكون نزاع وجواب المصطفى إنني في
هذه الإمارة مأمور وقيام الجدل بين الطرفين
 
- لقد اجتمع امراء العرب وذهبوا إلى الرسول عليه السلام منازعين .
 
2780 - قالوا له : إنك أمير لكن لكل واحد منا بدوره أمير فقسم هذا الملك وخذ نصيبك منه .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 497 :
فابتعد عن مثل قرين السوء هذا واحذر والله أعلم باليقين .
  
« 278 »
  
- وليكن كل منا عادلا منصفا في منطقته . . فلا تتدخل أنت إذن في مناطقنا .
- قال ( الرسول ) : لقد أعطاني الحق الإمارة ، إنه هو الذي منحنى الرئاسة والحكم المطلق .
- قال له القوم : نفس القضاء الإلهي الذي منحك الامارة ، قد منحنا الحكم فنحن أيضا حكام
 
2785 - قال : لكن الله قد أعطاني ملك ( الأبد ) وهو لكم عارية من أجل الإرتزاق ( والحياة الدنيا ) ! « 1 »
- وأن أمارتى لباقية حتى يوم القيامة - لكن الأمارة العارية سرعان ما تتحطم !
- قال القوم : أيها الأمير لا تتعال علينا فما هي حجتك على تعاليك هذا ؟ !
- وفي التو واللحظة أزجى سحاب بالأمر الإلهى القاطع . . ونزل السيل فملأ تلك النواحي . .
- واتجه السيل المهول إلى المدينة فأصبح أهل المدينة في عويل ورعب !
 
2790 - فقال الرسول عليه السلام : لقد حل الآن أوان الامتحان وذلك حتى ينقلب الظن إلى عيان .
- وألقى كل أمير بحريته امتحانا لكي تصير سدا أمام هذا السيل .
- ثم ألقى المصطفى بقضيبه فيه ، وذلك القضيب المعجز نافذ الأمر .
..............................................................
( 1 ) الكلمة هنا زاد وهكذا ترجمها نيكلسون (VOL 4 . P . 426) وهكذا فسرها جعفري ( ج - 10 ص - 508 ) وأن كنت أميل إلى ترجمتها بالميلاد أي ملك بالإرث أنظر الشرح .
  
« 279 » 
 
- لقد اختطف السيل الحراب كأنها الغثاء ( إختطفها ) ماء السيل ذاك المندفع الهادر العنود .
- وضاعت كل الحراب أما ذلك القضيب ، وقف فوق الماء كأنه الرقيب .
 
2795 - ومن احترام السيل العرم لذلك القضيب ، حول وجهته ، وانتهى . . .
- وعندما رأوا منه عليه السلام هذا الأمر العظيم أقر هؤلاء الأمراء واعترفوا من الخوف .
- إلا ثلاثة منهم كان الحقد قد سيطر عليهم ، جحدوا به وسموه ساحرا وكاهنا .
- وهكذا فالملك الذي يصطنعه الإنسان لنفسه يكون ضعيفا ، أما الملك الأصلي الحقيقي فهكذا يكون شريفا .
- فإن لم تكن قد رأيت الحراب مع القضيب فانظر إلى اسمه وانظر إلى أسمائهم أيها النجيب .
 
2800 - لقد جرف سيل الموت الطامى أسماءهم لكن اسمه لم يمت لا ( ولم تنقض ) دولته المظفرة .
- انهم يدقون له ( الطبول ) خمس مرات في اليوم على الدوام وهكذا حتى تقوم الساعة . « 1 »
- فإن كان لك ( أيها الفرعون ) عقل فقد عرضت عليك أنواع اللطف وإن كنت حمارا فقد جئت للحمار بالعصا .
- وكذلك أخرجك بالعصا من حظيرتك هذه بحيث أدمى رأسك وأذنك .
- فإن الناس والدواب في هذه الحظيرة لا يجدون الأمن من غلظتك .
..............................................................
( 1 ) في نسخة جعفري ( 10 / 509 ) يوجد عنوان بعد هذا البيت :
تكمله حديث موسى عليه السلام في توبيخ فرهون وتقريحه 
 
« 280 »
 
2805 - ها أنا قد أتيت بالعصا لتأديب كل حمار لا يكون مستجيبا متحليا بالصفات الحسنة .
- وهذه العصا من أجل أن تقوم بتأديبك تنقلب إلى أفعى ، ذلك أنك قد انقلبت إلى أفعى في فعلك وطبعك .
- إنك أفعى بالجبلة لا ترحم . . لكن انظر اذن إلى أفاعي السماء .
- وهذه العصا جاءت إليك أخذت من الجحيم مذاقا . . فهيا واهرع منها إلى النور .
- وإلا صرت عاجزا بين أسنانى ، ولا يكون لك أي خلاص من سبلى وطرقي « 1 »
 
2810 - لقد كانت عصا وهي الآن أفعى حتى لا تقول : اين جحيم الله ؟ ! « 2 »
 
في بيان أن من يعرف قدرة الحق لا يسأل : أين الحنة وأين النار
 
- حينما يريد الله يجعل عليك هذا المكان جحيما ، ويجعل الأوج فخا وشباكا على الطائر .
- فتحس بالألم في أسنانك ، حتى تجأر بالصياح : إن الألم كنار الله الموقدة أو كالأفعى .
- أو يجعل ريقك ( في حلاوة ) العسل حتى تقول إنها جنة ( ذات ) حلل .
- وينبت من جذور اسنانك السكر حتى تعلم قوة حكم القدر .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 105 :
فعد من الكفر إلى دين الحق والا بقيت ممزقا في النار إلى الأبد
- عد أيها الضال الشقي الدنى والانكست في الجحيم والبيت التالي في نسخة جعفري بعد العنوان
( 2 ) ج / 10 - 511 : إن هذا الجحيم ظاهر لكنه مستور عن قلبك يقينا من تأثير جسدك .
  
« 281 » 
 
2815 - إذن فلا تعض الضعفاء بأسنانك وفكر في ضربة ( القدر ) الذي لا يحترز .
- إن الحق يجعل النيل دما على قوم فرعون ، ويجعل قوم موسى محصنين من البلاء !
- وذلك لكي تعلم أن هناك عند الحق تمييزا بين اليقظ في الطريق والثمل .
- وان النيل قد تعلم التمييز من الله فهو لهذا بسط ولذاك قبض شديد .
- إن لطفه يجعل النيل ذا عقل ، لكن قهره يجعل من قابيل جاهلا أبله .
 
2820 - لقد خلق من كرمه في الجماد عقلا وبقهره طار العقل من ( وجود ) العاقل .
- لقد ظهر العقل من اللطف في الجماد ، ومن النكال ( والقهر ) هرب العلم من العقلاء .
- لقد انصب عقل كالمطر في هذا الموضع بالأمر الإلهى والعقل من الناحية الأخرى أبصر قهر الحق وهرب .
- والسحاب والشمس والقمر والنجوم العالية ، كلها تأتى وتمضى بنظام وترتيب .
- ولا يطلع أي منها إلا في وقته وأوانه ، ولا هي تتأخر لحظة أو تتقدم أخرى .
 
2825 - ولأنك لم تفهم هذا من الأنبياء وضع الله سبحانه وتعالى المعرفة والتمييز في الحجر والعصا « 1 »
- وتبدو لك واضحة عيانا طاعة العصا والحجر وهي تخبر عن أحوال الجمادات الأخرى .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 / 511010 :
حتى تقيس الجمادات الأخرى بلا التباس على الحجر وعلى العصا .
  
« 282 »
  
- ( فهي تقول لك ) : إننا جميعا على علم من الله ووعى ولسنا هملا ضياعا وبالمصادفة .
- وها أنت تعلم أن ماء النيل عندما آن أوان غرق ( فرعون ) فرق وميز بين أمتين .
 
2830 - أو كالأرض فهي عالمة في وقت الخسف الذي حاق بقارون فقهرته ونسفته .
- ومثل القمر الذي سمع الأمر وأسرع ( في سيره ) ثم إنشق على الفلك وصار قسمين « 1 »
- مثل الشجر والحصى وهي في كل مقام أبدت عيانا بيانا رسالة المصطفى . . والسلام
 
الجواب علي الدهري المنكر للألوهية والذي يقول إن العالم قديم
 
- كان أحدهم يقول بالأمس إن العالم حادث وأن هذا الفلك فان الحق وارثه .
- فقال له مشتغل بالفلسفة أي علم لك بالحدوث ؟ ! وكيف تعلم الأمطار ان السحاب حادث ؟ !
 
2835 - وأنت نفسك ذرة في ( دوران الأفلاك ) وانقلابها ، فأي علم لك بحدوث الشمس ؟ .
- وتلك الدودة الحقيرة التي تكون مدفونة في الغائط أي علم لها ببداية الأرض ونهايتها ؟!
- لقد سمعت هذا تقليدا من أبيك ، ومن حماقتك تمسكت به .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 512 :
مثل الجذع الذي أن لفراق النبي وعلم بذلك العجوز والصبى .
 
« 283 »
  
- فأي برهان لديك على حدوث هذا ؟ هيا قله والا فاصمت ولا تزد في القول .
- قال : رأيت فريقين ذات يوم يتجادلان حول هذا البحر العميق .
 
2840 - كانوا في تخاصم وجدل وتحد ، وقد تجمع حولهم جماعة من الناس .
- وتقدمت أنا بدوري نحو هذا الجمع لكي أتعرف على أحوالهم .
- كان أحدهم يقول : هذا العالم إلى فناء لكن لابد لهذا البناء من بان !
- فقال آخر : بل هو قديم وبلا زمان وليس له خالق ، بل الخالق هو ذاته .
- قال ( الأول ) : لقد أصبحت منكرا للخلاق ، مبدع الليل والنهار الرزاق
 
2845 - قال ( الثاني ) : لن أسمع منك بلا برهان إن ما تؤمن به عن جهل وتقليد .
- فهيا قدم الحجة والبرهان فإني لا أسمع إلى هذا بلا برهان في التو واللحظة .
- قال ( الأول ) : ان الحجة مرجودة داخل روحي . . لقد وضع لي البرهان داخل الروح .
- انك لا ترى الهلال من ضعف بصرك . . لكني أراه فلا تغضب على .
- لقد كثر الجدل والخلق حائرون . . حول مبدأ هذا الفلك المزدان ومنتهاه
 
2850 - قال ( الأول ) أيها الرفيق إن في داخلي برهانا وهو حجة على حدوث السماء .
- وأنا موقن بهذا الدليل يقينا شديدا والمتيقن هو الذي يمضى ( بيقينه ) إلى داخل النار .
- أعلم أن هذه الحجة لا تتأتى على اللسان ، أن مثلها هو مثل حال سر العاشقين .
 
« 284 »
  
- فلا يبدو مفسر لقولي على العيان ، اللهم إلا في اصفرار وجهي ونحولى .
- فالدمع والدم الجاريان على الوجه يصبحان دليلا على حسنه وجماله .
 
2855 - قال ( الثاني ) : إنني لا أعتبر هذه الأمور من قبيل اليرهان ، هات برهانا يكون مقبولا لدى الجميع .
- قال ( الأول ) : عندما يتحدث الزيف والصراح النضار ، ويقول كل منهما للآخر : إنك أنت الزائف . . . وأنا الصحيح السليم .
- تكون النار هي الامتحان الأخير فعلى كل منها أن يدخل النار .
- ويصبح العامي ومن هو من الخواص على علم بحاليهما ويمضيان من الشك والريب إلى اليقين والتأكيد .
- إن الماء والنار هما أيها الحبيب ، الامتحان بين الصحيح والزائف اللذين يكونا خفيين
 
2860 - فلنمض أنا وأنت داخل النار ولتقدم الحجة لبقية الحائرين .
- وليسقط كلانا في اللهيب ليصبح كل منا آية لهؤلاء الخلق .
- وهكذا فعلا ومضيا إلى النار وكلاهما عرض نفسه للهيب النار « 1 »
- ان المدعى المتحدث بالله قد نجا ، اما ذلك المدعى فقد احترق في النار .
- واستمع إلى المؤذن إنه دائم الإعلان عن هذا الأمر برغم أنف تزيد نفس هذا الساذج الغمر .
 
2865 - إن هذا الاسم لم يحترق من الآجال والآماد فقد كان المسمى به صدرا أجلا « 2 »
..............................................................
( 1 ) هنا بيت زائد عند يوسف بن أحمد ( 4 / 384 ) وعند جعفري ( 10 / 515 ) :
فأحرقت النار المتفلسف وجعلته رمادا لكنها ربت المتقى وجعله أكثر نضره .
( 2 ) ج / 10 - 515 :
ومئات الآلاف من الأرواح وهبت حياتها له وفي سبيله سقطت في الطريق بأجمعها ! !
  
« 285 »
 
- ومئات الالآف من أمثال هذا البرهان قد كانت طوال القرون بتمزيق حجب المنكرين ( وفضحتهم ) !
- وعندما تراهنوا ( مع العارفين بالله ) غلب الصواب ، دعمته المعجزة وقام دليلا على صدقه دوامه .
- ومن هنا فهمت أن كل من آمن بحدوث العالم وتحدث عن سبق وجود الله قد انتصر وهو على حق .
- وحجة المنكر دائما ما هي باهته وداحضة ، فأين علامة واحدة على صدق هذا الانكار ؟ .
 
2870 - واين توجد مئذنة واحدة في هذا العالم تثنى على المنكرين حتى تكون دليلا .
- واين منبر واحد يعتليه مخبر ومذكر يقوم بذكر أيام الإلحاد والإنكار .
- أن وجوه الدراهم والدنانير المزدانة بأسماء ( المؤمنين ) تعد حتى القيامة دليلا على صدقهم .
- وان عمله الملوك تتغير وتتبدل وأنظر إلى سكة أحمد عليه السلام قائمة وثابتة في مكانها .
- فأبد لي اسم منكر واحد سكت به عملة ذهبية أو عملة فضية واحدة .
 
2875 - ودعك من هذه المعجزة الواضحة وضوح الشمس وانظر إلى الذي يتحدث معك بمائة لسان واسمه أم الكتاب !
- ولا أحد يجترىء إلى إسقاط حرف واحد منه أو إضافة حرف واحد على تلاوته .
- فكن رفيقا للغالبين لكي تصير غالبا ولا تصاحب المغلوبين وانتبه أيها الغوى .
 
« 286 »
 
- وإن حجة المنكر لا تتعدى قوله . . انني لا أعترف إلا بهذا الظاهر لي فحسب .
- ولم يفكر قط أنه حينما يكون ظاهر فإنه يكون مخبرا عن حكم خفية .
 
2880 - وان فائدة كل ظاهر هو الباطن فحسب ، مثلها يكون النفع كامنا في الدواء « 1 »
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:15 pm

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )

مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله   

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

تفسير الآية الكريمة : وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ
أي لم نخلقها من أجل ما ترون بل لمعنى وحكمة باقية لا ترونها .
- لا يوجد رسام قط يرسم زينة الصور دون رجاء النفع . . ولمجرد الصورة في حد ذاتها .
- بل من أجل أن يتخلص الأحباب « 2 » والصغار من الهموم عند مشاهدتهم لها .
- بل على الأقل يهدف بها سعادة الأطفال وذكر الأصدقاء لاصدقائهم الماضيين عند رؤية الصورة .
- ولا يوجد فخارى قط يسرع في صنع آنية . . . . من أجل الآنية في حد ذاتها وليس على رجاء الماء .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 514 :
- لقد وضع الله جل وعلا هذا الفرق ( بين الظاهر والباطن ) حتى يعرفه أهل العرفان في الدنيا ! ! 
- وإن النسر ليعمر ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة فأي علم للحمامة بذلك ؟ ! 
- ومن الحمام يموت مئات الآلاف ودون أن ترى موت نسر واحد ! ! 
- فهي تظن بأجمعها أن النسر باق لقد أخطأت وظنت ببقاء أحد .
- عندما صاروا ناظرين إلى الظاهر من جهلهم لا يرون من العمى ما قدامهم ووراءهم .
- فلا شعرة واحدة تبقى في هذا العالم « كل شى هالك إلا وجهه »
- أن كل ما هو ظاهر من أجل معنى ( باطن ) فانظر إلى باطنه ولا تقف عند الظاهر ! !
( 2 ) حر : الضيوف .
  
« 287 » 
 
2885 - ولا يوجد صانع أطباق يتم صنع طبقة من أجل الطبق . . لا من أجل الطعام .
- ولا يوجد خطاط يكتب الخط بفن من أجل الخط في حد ذاته لا من أجل أن يقرأ ( هذا الخط ) .
- إن الصورة الظاهرة الحاضرة تكون من أجل صورة غائبة ، وهذه في حد ذاتها مرتبطة بغائب آخر .
- وهكذا حتى الغائب الثالث والرابع بل العاشر وهذه الفوائد تكون بقدر النظر .
- مثل ألعاب الشطرنج يا بنى ، أنظر إلى فائدة كل لعبة في اللعبة التي تليها .
 
2890 - لقد وضعوا ( هذه القطعة ) من أجل تلك الخطة الخفية وتلك من أجل أخرى ، والأخرى من أجل الثالثة .
- وهكذا رأيت الأدوار تكون متداخله ومتصلة ببعضها حتى تصل إلى القضاء على الملك .
- وتكون الأولى من أجل الثانية كالصعود على درجات السلم .
- واعلم أن الثانية تكون بالطبع من أجل الثالثة لكي تصل درجة بدرجة إلى السطح .
- وشهوة الطعام والأكل من أجل ( تكثير ) المنى . . ذلك المنى الذي يكون من أجل الولد . . . الذي هو ضياء ( للعين ) .
 
2895 - وكليل الصبر لا يرى غير هذا ( الذي هو حاضر ) ، وعقله لا انطلاق له . . كأنه نبات الأرض .
- فالنبات ثابت القدم مغروس في الطين . . سواء دعوته إليك أم لم تدعه .
 
« 288 » 
 
- ولو تحركت رأسه وفق حركة الريح . . لا تنخدع أنت لتحريكه لرأسه !
- فرأسه تقول : لقد سمعنا أيها الصبا . . لكن قدمه تقول : عصينا ، خلنا
- وهو ( أي كليل البصر ) لا يعرف الانطلاق فهو يساق كالعامى ويخطو بقدمه على التوكل كالأعمى .
 
2900 - أنه على التوكل (منتظر) ما تسفر عنه المعركة، إنه يكون مثل توكل لاعبى النرد.
- وتلك الأنظار التي لا تكون ذابلة جامدة ، ليست الانافذة ممزقة للحجب .
- فيبدو لها ما سوف يحدث بعد عشرة سنوات ، وتراه العين في التو واللحظة .
- وكل انسان بقدر نظره ، يرى الغيب والمستقبل بخيره وشره .
- إذ لم يبق هناك سد من بين يديه أو من خلفه ، لقد صارت العين نفاذة وقرأت لوح الغيب .
 
2905 - وعندما عاد بنظره إلى بداية الوجود ، ظهرت الوقائع وأسفرت بداية الوجود عن وجهها .
- كمناقشة الملائكة الأرضيين الله سبحانه وتعالى حول تنصيب آدم أبينا خليفة (في الأرض).
- وعندما القى نظره إلى الامام . . . رأى ما سوف يكون حتى الحشر عيانا
- عندما يعود إلى الوراء تدريجيا يرى أصل الأصل، ويرى ما سوف يحدث حتى يوم الفصل.
- وكل امرئ بقدر نور قلبه ، يرى الغيب بقدر صفائه وجلاء قلبه .
 
« 289 » 
 
2910 - فكل من صقل قلبه أكثر يرى أكثر وتبدو له الصور ( في هذا القلب ) أشد وضوحا .
- فإذا قلت أن هذا الصفاء هو أيضا فضل في الله وأن التوفيق في صقل القلب من عطائه تعالى .
- ( ينبغي أن أقول ) : أن ذلك الجهد والدعاء يكون بقدر الهمة ، « وليس للانسان إلا ما سعى » .
- وإن كان واهب الهمة هو الله سبحانه وتعالى ، فان كل خسيس لا تكون له همة الملوكية .
- وليس هناك تخصيص من الله للإنسان بعمل مانع للحرية والمراد والاختيار .
 
2915 - لكنه عندما يبتلى سيئا بمحنة ما ، فإنه سرعان ما يهرع إلى الكفران .
- لكن السعيد عندما يبتليه الله ، يزداد تقربا منه سبحانه وتعالى .
- ولقد اختار الجبناء أسباب الهزيمة في القتال ، عندما خافوا على أرواحهم .
- بينما هاجم الشجعان الصفوف في الحرب لنفس السبب وهو الخوف على أرواحهم .
- ولأمثال رستم يكون الخوف والحزن ( على الروح ) دافعا إلى التقدم ، ومن الخوف أيضا مات ذلك الجبان في جلده .
 
2920 - وهكذا فإن البلاء والخوف على الروح من قبيل المحك فمنه يظهر الشجاع من الجبان « 1 »
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 530 : والنتيجة أن كل من هرب نتيجة لوسوسة في كل صوب انما فر من القضاء إلى القضاء 
 
« 290 » 
 
وحى الحق لموسي عليه السلام : يا موسى أنا الخالق أحبك
- لقد قال الله تعالى لموسى بوحي القلب : أيها المختار المصطفى إنني أحبك .
- قال : اية خصلة في يا ذا الكرم سببت ( هذا الحب ) حتى أزيد فيها .
- قال الله سبحانه وتعالى: قال لأنك معي كالطفل مع والدته يتشبث بها حتى عند غضبها عليه.
- ولا يعلم لأحد وجودا سواها ، فهو ثمل بها . . . وهو في خمار منها .
 
2925 - وإن قامت أمة بصفعه ، فهو يهرع إليها أيضا ويتمسك بها .
- ولا يطلب عونا من أحد إلا منها ، فهي كل خيره وكل شره .
- وأنت أيضا متعلق الخاطر بنا في الخير والشر ولا يلتفت هذا الخاطر إلى أي موضع آخر .
- وما سواي بالنسبة لك كالحجر والمدر . . سواء كان صبيا أو شابا أو شيخا .
- ومن ثم فإنك عندما تقول « إياك نعبد » متضرعا فإنك تعنى اننا « لا نستعين » بغيرك في البلاء .
 
2930 - وإياك نعبد هي لغة للحصر وهي من أجل نفى الرياء .
- وإياك نستعين هي أيضا للحصر ، فقد حصرت الاستعانة وقصرتها ( على الله ) .
- وهي تعنى : أننا نعبدك أنت فحسب وننتظر منك - لا سواك - العون .
  
« 291 »
  
غضب الملك علي النديم وشفاعة أحد الشفعاء له وقبول الملك شفاعته وتألم النديم من الشفيع قائلا له : لماذا شفعت ؟
- لقد غضب أحد الملوك على أحد الندماء ، فهم بعقابة وإهلاكه .
- وسل الملك السيف من غمده ، حتى يضربه به جزاء لما بدر منه من خطأ .
 
2935 - ولم يكن أحد يجرؤ على الحديث ، وأن يقوم أحد الشفعاء بالشفاعة .
- اللهم إلا أحد الخواص وكان اسمه عماد الملك . . كان ذا مكانه خاصة في الشفاعة كالمصطفى .
- فنهض ( من مجلسه ) وأسرع بالسجود ، فوضع الملك سيف الغضب من يده في التو واللحظة .
- وقال : لقد عفونا عنه حتى وإن كان شيطانا وتجاوزت عن جرمه وإن كان في حجم جرم إبليس .
- وما دمت أنت قد تشفعت فاننى رضيت ، حتى وإن كان المجرم قد أحدث خسارة فادحة .
 
2940 - وأستطيع أن أكظم مئات الآلاف ( من أنواع ) الغضب فان لك عندي هذا القدر وهذا الفضل .
- ولا أستطيع أبدا أن أرد لك ضراعة ، فإن ضراعتك هي ضراعتى على وجه اليقين .
- هذا بالرغم من أنه لو كانت السماء والأرض قد انقلبت رأسا على عقب لما انصرفت عن الانتقام من هذا الرجل .
- ولو كل ذرة منه قد صارت متضرعة لي ، لما نجا برأسه من حد هذا السيف .
 
« 292 »
  
- ونحن لا نمن عليك بهذا أيها الكريم ، لكن هذا إعلان لعزتك عندنا أيها النديم .
 
2945 - فأنت لم تقم بهذه الشفاعة بل قمت بها أنا يقينا ، يا من صفاتك قد فنبت في صفاتى
- انك مستعمل في هذا ولست عاملا ، إنك محمول على وجودي ولست حاملا لوجودك .
- لقد صرت مصداقا ل - « ما رميت إذ رميت » وتركت نفسك فوق الأمواج كأنك الزبد .
- لقد صرت فناء ، فاتخذ لك مكانا إلى جوار الوجود . . فواعجباه إنك أمير ( بي ) أسير ( بنفسك ) في نفس الوقت .
- إن ما أعطيته أنت لم تعطه بل أعطاه الملك ، وهو كاف والله أعلم بالرشاد .
 
2950 - لكن ذلك النديم الذي نجا من الضرب بالسيف والبلاء ، تضايق من ذلك الشفيع وارتد عن ولائه له .
- وقطع صداقته عن ذلك المخلص تماما ووجه وجهه إلى الحائط كي لا يقرؤه السلام .
- صار كالغريب تماما عن شفيعه هذا ، وتحير الخلق من هذا الأمر وازدادت دهشتهم .
- وصار يتساءلون : إنه ليس مجنونا . . . فكيف قطع وده عن ذلك الإنسان الذي اشترى روحه .
- لقد شراه تلك اللحظة من ضرب العنق ، وكان ينبغي في مقابل هذا أن يكون ترابا لحذائه .
  
« 293 »
  
2955 - لكنه تصرف عكس ما كان ينبغي وغضب عليه وزادت حفيظته على مثل هذا المواسى العطوف .
- لقد لامه أحد الساعين بالصلح في هذا الأمر قائلا له : كيف تقابل ناصحاً لك مشفقا عليك بهذا الجفاء .
- إن ذلك العطوف المقرب ( من الملك ) قد اشترى روحك ، ونجاك في تلك اللحظة من ضرب العنق .
- فإن كان قد أساء لا يجب أن تقاطعة ، فما بالك وقد أحسن إليك هذا الصديق الحميد .
- فأجاب : إن الروح مبذولة من أجل الملك ، فلماذا يقوم هو بالشفاعة .
 
2960 - في نفس تلك اللحظة ، كان « لي مع الله وقت » لا يسعني فيه نبي مجتبى .
- فانا لا أريد رحمة إلا أن يطعنني الملك ( بالسيف ) وليس لي سوى هذا الملك ملاذا .
- ومن أجل هذا نفيت كل ما سوى الملك . . . ذلك أن ولائى كله للملك فحسب .
- فلو قام بقطع رأسي غضبا منه على ، لوهبنى بدلا من روحي ستين روحا .
- ولا عمل لي إلا التضحية والانسلاخ عن الذات ، وعمل مليكى ليس إلا منحى الروح .
 
2965 - والفخر لتلك الرؤوس التي قطعها كف مليكى والعار لتلك الرأس التي تحيا بالغير .
- والليل الذي سوده المليك بالقار غضبا منه عليه يزرى بآلاف أصباح الأعياد .
 
« 294 »
  
- وطواف ذلك الذي يكون ناظرا للمليك ، يكون فوق القهر واللطف والكفر والدين .
- ولا توجد عبارة في الدنيا قد عبرت عن هذا الطواف العلوي ، ذلك لأنه شديد الخفاء .
- وذلك لأن هذه الأسماء والألفاظ الحميدة إنما ظهرت مناسبة لجسد آدم
 
2970 - لقد كانت « علم الأسماء » إماما ودليلا لآدم ، لكن هذا التعليم لم يكن في لباس الحروف .
- لقد وضع آدم من الماء والطين تاجا على رأسه ، وكانت تلك الأسماء روحية طاهرة - فضاقت ذرعا .
- فاتخذت هي الأخرى من الحروف والنطق نقابا ، حتى تصير المعاني واضحة للماء والطين « 1 »
- وإذا كان المنطق كاشفا من وجه واحد لكنه حجاب ساتر من عشرة وجوه .
 
قول الخليل لجبريل : أما إليك فلا عندما سأله عن حاجته
 
- إنني خليل الوقت وهذا ( الشفيع بمثابة ) جبريل ، وانا لا أريده دليلا لي ( للخروج ) من البلاء « 2 »
 
2975 - إنه لم يتعلم الأدب من جبرئيل العظيم لقد سأل الخليل في البداية عن مراده .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 547 :
وإذا كان قد خلصني من غضب الملك ، فان الملك نفسه هو موئلى وملاذى . وواضح أنه في غير موضعه .
( 2 ) هذا البيت قبل العنوان عند جعفري : ( 10 / 547 ) .
 
« 295 » 
 
- قائلا : ماذا تريد حتى أمد إليك يد العون ، وإلا مضيت إلى حال سبيلي ولم أثقل عليك .
- قال إبراهيم : لا . . . إمض إلى حال سبيلك ، فالواسطة تكون تكلفا بعد العيان .
- والرسول هو الواسطة في هذه الدنيا بالنسبة للمؤمنين فهو الرابطة ( بينهم وبين الله ) .
- ولو كان كل قلب سامعا للوحي الخفي . . . فمتى كان الصوت والكلام يخلقان في الدنيا ؟ !
 
2980 - وبالرغم من أنه ( أي عماد الملك ) ممحو من الحق فاقد لرأسه ، فان امرى أنا أدق من هذا !
- أن فعله هو فعل المليك لكن الذي أبداه ، بدا شرا أمام ضعفي وتسليمي
- وما يكون اللطف بعينه على العوام ، يصبح قهرا بالنسبة للمدللين الكرام .
- ومن ثم ينبغي على العوام أن يتعجلوا العناء والبلاء حتى يمكن لهم رؤية الفرق ( بين اللطف والقهر ) .
- فإن هذه الكلمات التي تعد واسطة أيها الصديق الحميم ، هي بالنسبة للواصل تكون بالتأكيد شوكا ( في الطريق ) .
 
2985 - ومن ثم وجب البلاء والعناء والتحير ، حتى تتخلص هذه الروح الصافية من ( واسطة ) الكلمات .
- ذلك أن بعضهم قد صاروا أكثر إعوجاجا من هذه الكلمات ، وبعضهم أيضا صار أكثر صفاء وسموا .
- أن هذا البلاء مثل ماء النيل ، هو ماء للسعداء ودم للأشقياء .
 
« 296 »
  
- وكل من هو أكثر رؤية للعواقب أكثر سعادة ، وذلك الذي حصل على ثمر أكثر يزرع بجد أكثر .
- وذلك لأنه يعلم أن هذه الدنيا مزرعة ، ( نعم مزرعة ) بخيرها وشرها .
 
2990 - ولا يكتب عقد قط من أجل ذاته ، بل يكتب في موضع الريح والنفع .
- وإذا نظرت لن تجد منكرا قط يكون إنكاره من أجل الإنكار في حد ذاته
- بل من أجل الانتصار على خصم يحمل له حسدا ، أو من أجل طلب الزيادة وإظهار النفس .
- وطلب الزيادة بدوره من أجل الطمع في شئ آخر . . ولا طعم للصور إن لم يكن ثم معنى .
- ومن هنا تسأل لماذا ( رسمت ) هذه الصورة ؟ ! فالصورة كالزيت بالنسبة للمصباح والمعنى هو النور .
 
2995 - وإلا فلماذا التساؤل عن السبب . . . إن كانت الصورة من أجل الصورة في حد ذاتها ؟ .
- فالتساؤل ب - « لماذا » هو من أجل البحث عن الفائدة ، وفي غير هذه المواضع يكون استخدامها سيئا .
- فمن أجل أي شئ تبحث عن الفائدة أيها الأمين، أن كانت فائدة الشئ هي الشئ في حد ذاته؟.
- وليس من الحكمة إذن صور السماء وأهل الأرض ، إن كانت قد خلفت من أجل ذاتها 
- فإن لم يكن سبحانه وتعالى حكيما فما هذا النظام ؟ . وإذا كان حكيما فكيف يكون فعله عبثا .
 
« 297 » 
 
3000 - وهل ثم أحد يزين حمامه ويتخضب إلا من أجل هدف سواء كان هذا الهدف صوابا أو غير صواب . « 1 »
 
سؤال موسى عليه السلام الخالق سبحانه وتعالى :
خلقت خلقا وأهلكتهم وتلقيه الجواب
 
- قال موسى : يا إله ( يوم ) الحساب . . لقد صورت فلم هدمت ما قد صورته ثانية ؟!
- لقد صورت الذكر والأنثى في صورة تشرح الصدور ولم تلبث أن أهلكتهم فلماذا ؟! 
- قال الحق : انني أعلم أن هذا السؤال منك ، ليس دافعة الإنكار والغفلة والهوى . .
- وإلا لقمت بتأديبك وعقابك . . ولقمت بإيذائك من جراء هذا السؤال .
 
3005 - لكنك تريد أن تبحث عن الحكمة في أفعالنا ، وتريد أن تصل إلى سر البقاء .
- وذلك حتى تنقل معرفتك بها إلى كل عامي ، وحتى تحول السذج من الناس إلى محنكين ناضجين .
- أيها الطالب ، أنك تسأل من أجل أن يكشف الأمر للعوام بالرغم من أنك واقف ( على كل الأسرار ) .
- وذلك لأن السؤال هو نصف العلم ، وليس لكل ناظر إلى ظواهر الأمور مجال ( مثل هذا السؤال ) .
- وكلاهما ينبعان من العلم ، أي السؤال والجواب ، كما ينبت الشوك والورد كلاهما من الماء والتراب .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 553 :
وكل ما تراه في الدنيا من آيات هي من أجل معنى ومن أجل حكمة ! !
 
« 298 » 
 
3010 - وكلاهما : أي الضلال والهدى ينبعان من العلم ، كما يظهر الحلو والمر من تأثير الندى .
- ومن التعارف ( بين الناس ) ينبع البغض وينبع الولاء . مثلما تتأتى الصحة ويتأتى السقم من الغذاء الجيد .
- لقد تظاهر الكليم بطلب الفائدة وتظاهر بالجهل وذلك حتى يجعل الجهلاء علماء بهذا السر .
- ولنجعل أنفسنا بدورنا جهالا أمامه لنضع الجواب الذي جاءه أمامنا وكأننا على غير علم به .
- لقد تظاهر باعة الحمير بالخصومة بينهم وبين أنفسهم وذلك حتى تتم الصفقة التي هم بسبيلها.
 
3015 - ثم قال الله تعالى يا ذا اللباب ما دمت قد سألت ، فتعال واسمع الجواب .
- وازرع يا موسى بذرة في باطن الأرض حتى تصل بنفسك إلى الجواب في هذا الأمر .
- وعندما رزع موسى . . وتمت زراعته . . استوت سنابلها طيبة منتظمه .
- فتناول المنجل وطفق يحصدها ، فبلغ مسمعه نداه من الغيب .
- قائلا : لماذا تقوم بالغراس وترعى زرعك . . قم تقوم بقطعه وحصاده عندما يكتمل ؟!
 
3020 - قال : يا إلهي . . إنني أقطع وأحصد وأدرس . . ذلك لأن الحصاد يحتوى على الحبوب والتبن .
- والحبوب لا تليق بمخزن التبن . . كما أن وجود التبن في مخزن القمح من قبيل الفساد .
- ولا يكون من الحكمة أن يوضعا معا بل ينبغي أن يفصل كل منها عن الاخر عند التذرية والغربلة .
 
« 299 »
 
- فقال الله تعالى : من أين وجدت هذه المعرفة حتى أملت عليك حكمتك أن تقيم بيدرا .
- قال لقد وهبتنى التمييز يا الله فأجابه : فكيف لا يكون لدى أنا تمييز ؟ !
 
3025 - إن هناك من بين الخلائق أرواحا طاهرة ، كما أن من بينها أرواحا كدرة علاها الطين .
- وهذه الأصداف ليست كلها في مرتبة واحدة ، فبعضها يحتوى الدر وبعضها الأخر ليس فيه إلا « سبه » « 1 » .
- ومن الواجب أن تفصل بين هذا الصالح والطالح ، مثلها تقوم أنت بفصل القمح عن التبن .
- لقد خلق هذا العالم من أجل إظهار (هذه الحكمة) وذلك حتى لا تبقى كنوزها مدفونة مخفية.
- فاستمع إلى كنت كنزا مخفيا . . ولا تفقد جوهرك وقم بإظهاره .
 
بيان أن الروح الحيوانية والعقل الجزئي والوهم والخيال مثل المخيض
والروح الباقية مخفية كما يختفي الزيت في هذا المخيض
 
3030 - لقد اختفى جوهر الصدق منك في باطلك ، كما يختفى طعم الزيت في طعم المخيض .
- وباطلك هو جسدك الفاني ، أما صدقك فهو تلك الروح الربانية .
- ولسنوات طويلة ومخيض الجسد هذا ظاهر ومعلن ، لكن زيت الروح مخفى فيها ومتلاش .
..............................................................
( 1 ) في النص الفارسي « شبه وهو نوع من الحجر أسود اللون عديم القيمة .
 
« 300 » 
 
- حتى يرسل الله سبحانه وتعالى عبدا رسولا ، يكون محركا للمخيض في قربته .
- وحتى يحرك بنسق ونظام وفن ، حتى أعلم « أنا » أن هناك « أنا » أخرى محفية داخلي .
 
3035 - أو ( يرسل ) كلاما من عبد يكون بضعه منه ، فيتسلل إلى أذن ذلك الذي يكون باحثا عن الوحي .
- وان أذن المؤمن تكون واعية لوحينا . . . ومثل هذه الأذن تكون مقترنة مع الداعي ! 
- كأذن الطفل بالنسبة لكلام أمة ، تمتلئ به ، فلا يلبث أن ينطق هو بالكلام .
- وان لم يكن لدى الطفل أذن راشدة ، فإنه لا يستمع إلى كلام أمة ويتحول إلى أخرس .
- وكل أصم بالميلاد يصبح أخرس والناطق هو ذلك الذي ولد سميعا .
 
3040 - فاعلم أن الأصم والأخرس كليهما عنده آفة ، فلا يكون قابلا لأنفاس الشيخ وتعليمه « 1 » .
- والذي يكون ناطقا بلا تعليم هو الله سبحانه وتعالى ، ذلك ان صفاته غير مرتبطة بأسباب أو علل .
- أو يكون كآدم لقنه الله سبحانه وتعالى ، دون وجود واسطة الآم والحاضنة وما إلى ذلك .
..............................................................
( 1 ) في نسخة جعفري : ( 10 / 563 ) بيتان يحتويان على معنى هذا البيت :
ومن تكون إذنه صماء ويكون أخرس من آفة ، كأن تكون أذناه اصيبتا بعله ما يكن غير قابل للتعليم وأنفاس ( الشيخ ) فلا جرم ألا يسلم له بالنطق .


 « 301 » 
 
- أو يكون كالمسيح الذي من تعليم الودود ، كان ناطقا منذ أن جئ به إلى الوجود .
- وذلك من أجل أن يدفع التهمة عن والدته ، ومن أجل أن يبين أنه لم يولد من زنا أو فساد .
 
3045 - ومن ثم تنبغى حركة ويلزم جهد ، حتى يرد المخيض ذلك الزيت من داخله .
- فالزيت موجود في المخيض لكنه كالعدم ، ذلك أن المخيض هو الظاهر المعلن في الوجود .
- فما يبديه وجودك اذن هو القشر ، لكن ما يبدو فانيا هو اللب والأصل .
- وهذا المخيض الذي لم يفصل زيته عنه وصار قديما ، لا تستخدم دون أن تنقى الزيت منه .
- فهيا أدره يدا بيد بمعرفة وفن ، حتى لا يبقى داخله ما قد أخفاه عنك :
 
3050 - ذلك أن الفاني يكون دليلا على الباقي ، وصياح السكارى دليل على وجود الساقي « 1 » .
 
مثال آخر أيضا في هذا المعنى
 
- إن الألعاب التي يقوم بها ذلك الأسد المرسوم على العلم ، تخبر عن وجود رياح خفية
- وإن لم توجد ثم حركة من الرياح ، متى كان الأسد الميت يتحرك في الهواء ؟ !
- ومن ذلك تعلم أن تلك الرياح سواء كانت صبا أو دبورا ، هي التي تفسر هذا الامر الخفي .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 564 : والزيت مختفى في المخيض ، يكون لك ما تصنعه منه ! !
  
« 302 » 
 
- أن هذا البدن يشبه أسد العلم ، يحركه الفكر لحظة بعد لحظة .
 
3055 - والفكر الذي يتأتى من المشرق هو الصبا ، لكن الفكر الذي يأتي من المغرب هو الدبور والوباء .
- إن مشرق ريح الفكر هو مشرق أخر ، ومغربها إنما يكون من الناحية الأخرى .
- إن القمر جماد ويكون مشرقه جمادا ومشرق روح روح الروح هو الفؤاد .
- ومشرق تلك الشمس التي صارت مضيئة للباطن ، إنعكاسه القشري الظاهر هو شمس النهار هذه .
- ذلك أن الجسد عندما يكون ميتا لالهب ( للحياة ) فيه ، لا يبدو أمامه ليل أو نهار .
 
3060 - وإن لم يوجد هذا الشعاع فما دامت شمس الروح موجودة ، فإنها تنتظم دون ليل أو نهار .
- مثلما تبصر العين في النوم الشمس والقمر ، دون أن يكون هناك شمس أو قمر .
- فإذا كان نومنا قد صار أخ الموت يا فلان ، فاعلم ذلك الأخ من هذا الأخ .
- وإذا قيل لك أن ذلك النوم هو فرع لهذا النوم ، فلا تستمع إلى هذا أيها المقلد الذي لا يقين لديه . . .
- إن روحك ترى في النوم وصف حال لا تراه في اليقظة خلال عشرين عاما .
 
3065 - وفي أثر تعبير هذا الحلم تسعى لأعمار متسائلا من سلاطين الدهاء .
- قائلا : بينوا لي تفسير هذا الحلم ، ومن الكلبية اذن أن يسمى مثل هذا السر فرعا .
  
« 303 » 
 
- إنه حلم العوام ( الذي يمكن اعتباره فرعا ) لكن أحلام الخواص تكون في حد ذاتها إجتباء واختصاصا .
- فينبغي أن يكون هناك فيل حتى يرى في الحلم عندما يغفو واقفا أرض الهند .
- فالحمار لا يرى الهند في نومه على الإطلاق ، فإن الحمار لم يغترب عن الهند .
 
3070 - فينبغي أن تكون الروح شديدة العظمة كأنها الفيل ، حتى تستطيع أن تسرع إلى الهند أثناء النوم .
- إن الفيل يذكر الهند أطراف النهار وذكره هذا يتخلق في الرؤى آناء الليل .
- إن الفيل يذكر الله سبحانه وتعالى ليس عمل كل حثالة دعى ، أما خطاب ( ارجعي ) فليس موجها إلى قدم كل محتال فدم .
- لكن مع هذا لا تقنط من رحمة الله . . . وكن فيلا ، وان لم تكن فيلا فاسع في أثر التبديل .
- وانظر إلى صناع كيمياء ( تبديل ) الفلك ، واستمع من صناع الميناء كل كل لحظة إلى طنين ( العمل ) .
 
3075 - وهناك مصورون في جو الفلك ، يهيئون الأمور من أجلى ومن أجلك .
- وإذا لم تكن ترى الخلق ذوى الجيوب المسكية ، فانظر أيها الأعشى هذا المرض .
- وهناك أذى في كل لحظة على إدراكك . . وانظر إلى النبات ينمو من ترابك أولا بأول .
- ومن هذا القبيل رأى إبراهيم بن آدم أثناء النوم ، ابنساط هند القلب بلا حجاب .
 
« 304 »
  
- فلا جرم أنه حطم القيوم ، وهجر المملكة واختفى .
 
3080 - إن أمارة مشاهدة الهند في النوم ، أن يفزع المرء من النوم ، ويصير مجنونا .
- ويذرو التدابير بالتراب ، ويمزق حلقات القيود .
- كما قال رسول الله عن النور ، أن أمارته تكون موجودة في الصدور .
- بحيث يتجافى المرء عن دار الغرور ، وينيب إلى دار السرور .
- ومن أجل تفسير حديث المصطفى هذا ، استمع إلى حكاية يا رفيق الصفاء .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:16 pm

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام

 وقد ذكر مولانا مصدر الحكاية لكنه استدرك بأنها في كليلة ودمنة مجرد صورة لكنها في المثنوى روح ومعنى .
 
( 2206 - 2212 ) السمكة العاقلة الحازمة لم تقدم حتى بمجرد استشارة رفيقتها فهي بعقلها وحزمها أدركت أن مشورة من يقل عقلا أو يعدمه خالية من القيمة وإنه من الممكن أن يثبطاها عما عزمت عليه . .
ومن ناحية أخرى كانت تعلم أنها سوف يحدثانها عن حب الوطن وأن الهجرة عن هذا الوطن أمر صعب على نفسيهما : فالمسافر عليه أن يستشير مسافرا مثله ، استشر عموما من هو
« 538 »
 
في مثل حالتك أو من خبرها أو من مرت عليه ، سل حكيما وسل عالما ، إن هاتين السمكتين سوف تتعللان بحب الوطن وحب الوطن من الإيمان حديث صحيح لكن متى كان المقصود هو هذا المكان الذي نعيش فيه وهل نسيت أن وطنك الحقيقي هو في تلك الناحية ، هو ذلك الذي خلقت أولا فيه ونفيت عنه ومن واجبك أن تعود إليه ، فاقرأ الحديث لكن لا تقرأه مقلوبا ، إن الله يرغبك في أن تعمل لكي تعود إلى وطنك لا أن يكون همك هذا التراب الذي تعيش عليه والدنيا التي تحجب عنك الوطن الحقيقي وقد أشار عبد الباقي ( 4326 ) إلى أن المعنى مأخوذ من قول للإمام على « إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان وسبيلان مختلفان فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها وهما بمنزلة المشرق والمغرب وما شئ بينهما كلما قرب عن واحد بعد منى الآخر وهما بعد ضرتان ( نهج البلاغة - فيض الإسلام / 1003 ) أدرك هذا وإلا صرت مثل الذي قلب الدعاء عند الوضوء .
 
( 2213 - 2220 ) الخبر الذي يشير إليه مولانا جلال الدين في هذه الأبيات :
إذا أردت الشروع في الوضوء تقول أولا : نويت الوضوء لله تعالى ورفعا للحدث والاستباحة للصلاة ، ثم بعد الاستعاذة والبسملة تقول : اللهم إني أسألك اليمن والبركة وأعوذ بك من الشؤم والهلكة ،
فإذا تمضمضت تقول :
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأعنى على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك ، فإذا استنشقت بأنفك اطلب من الرب الغنى رائحة الجنان وقل اللهم أرحنى رائحة الجنة وارزقني من نعيمها ولا ترحنى رائحة النار ،
وإذا غسلت وجهك تقول :
اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، وإذا غسلت يدك اليمنى تقول اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبنى حسابا يسيرا ، وإذا غسلت يدك اليسرى تقول : اللهم إني أعوذ بك أن تعطيني كتابي بشمالي وتحاسبنى حسابا
 
« 539 »
 
عسيرا ، وإذا مسحت رأسك تقول : اللهم غشني برحمتك وأنزل على من بركاتك وأظلنى تحت ظل عرشك ، وإذا مسحت أذنيك تقول : اللهم اجعلني ممن يستمع القول فيتبع أحسنه وأسمعنى منادى الجنة مع الأبرار ، وإذا مسحت رقبتك تقول اللهم فك رقبتي من النار وأعوذ بك من السلاسل والأغلال ، وإذا غسلت رجلك اليمنى تقول اللهم ثبت قدمي على الصراط مع أقدام المؤمنين ، وإذا غسلت رجلك اليسرى تقول اللهم أعوذ بك من أن تزل قدمي على الصراط يوم تزل أقدام المنافقين ، وروى عنه صلى الله عليه وسلم « من ذكر الله عند الوضوء طهر جسده فإن لم يذكر اسم الله لم يطهر منه إلا ما أصاب الماء ( مولوى 4 / 306 ) وعند الاستنجاء يستحب أن يدعى الله سبحانه وتعالى بأن يطهر النفس من جنابتها وأن ينقى الباطن من الأدران : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين واجعلني من العلماء الراشدين واجعلني من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( أنقروى 4 / 499 ) .
 
( 2221 - 2230 ) هذا المثال الساخر ورد في مقالات شمس الدين التبريزي ( مقالات شمس ص 361 مآخذ / 143 ) إن الدعاء صحيح لكن موضع الدعاء خطأ . . وهذه الشطرة ضل فجوة الدعاء أو اشتبهت عليه فجوة الدعاء مما يجرى مجرى الأمثال الساخرة في اللغة الفارسية لمن يطلب الشئ طلبا صحيحا لكنه يطلبه من غير موضعه أو في غير أواه أو للذي يستخدم الشئ في غير موضعه ( انظر داستانهاى أمثال ص 284 )
 ويضرب مولانا هذا المثل لخطأ ذلك الذي يذكر حب الوطن من الإيمان على أساس أن الرسول عليه السلام يقصد به هذا الوطن في الدنيا ، بل هو وطن الآخرة ، كما أن رائحة الجنة بفتحة الأنف وليس بهذه الفتحة الدنيا . . .
وهذا التفسير يمكن أن يكون أبلغ رد على دعاة القومية الضيقة الذين يعبدون التراب ، ويستشهدون بها الحديث
 
« 540 »
 
قائلين إن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى حب الوطن ، غافلين عن أنه إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى وطن ما فهو على الأقل هذا الوطن الذي ينضوى تحت رسالته وهو العالم أجمع أو حيثما يرتفع أذان من مسجد والرأي ما قاله العارفون .
 
( 2231 - 2234 ) تكون الشورى والخطر جاثم وماثل ووشيك ضربا من الحماقة ، أو عندما يكون ما على الإنسان أن يفعله واضحا ولا مجال فيه للاختيار بين رأيين ، فالسمكة العاقلة أو الرجل الحازم العاقل لا يضيع وقتة عند الخطر ، ويضرب المثل في الشطرة الثانية بالإمام على رضي الله عنه وتأوهه في البئر بدلا من أن يفشى الأسرار ، وفحوى الإشارة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسر ببعض الأسرار إلى سيدنا على . . .
وطلب منه عدم إفشائها وبعد عدة أيام ضاق صدره عن حملها . . فذهب إلى بئر وأسر إليه ببعض ما عنده فتحول ماء البئر إلى دم ومر الرسول بهذا البئر فطلب من بعض صحابته أن يستخرجوا منه بعض الماء . فوجدوه دما فقال صلى الله عليه وسلم ما هذا إلا لأن علىَّ تكلم فيه بالسر ( المولوي 4 / 309 - الانقروى 4 / 503 )
وزاد السبزواري على الرواية إن عليا رضي الله عنه قال حديث طويل رواه كميل آه آه إن هاهنا لعلما جمالو أصبت له حملة ( سبزوارى 4 / 304 ) وقد نظم العطار الجزء الخاص بمرور الرسول على الرسول على البئر في منظومته منطق الطير فقال نزل المصطفى في موضع من الطريق ،
فقال هاتوا الماء للمعسكر من البئر فذهب ثم عاد مسرعا قائلا : إن البئر ملىء بالدم ولا ماء فيه فقال لعله من الألم الذي أصابه عندما بث المجتبى فيه أسراره
( منطق الطير الأبيات 523 فما بعدها ) ويضيف المولوي رواية أخرى إن قصب الناى نبت في البئر فجاء شاب وقطع منه عودا أخذ ينفخ فيه فاسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يخبرني عن
 
« 541 »
 
الأسرار التي قلتها لعلى والرواية هنا محرفة عن حكاية لسنائى الغزنوي وردت في الحديقة ( انظر حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة الترجمة العربية ص 46 ) منسوبة إلى حلاق الإسكندر الأكبر والمراد هو حبس الأسرار عمن لا يستحقها من ناحية وحبسها عند الاستماع إليها على أساس أن « قلوب الأحرار قبور الأسرار » ، كما أشار سنائى إلى الواقعة في شطرة واحدة من البيت 3302 من الحديقة وقليل من يستحقون هذه الأسرار فتوار كالعسس وسر ليلا وليحفك ظلام الليل إن كنت غير أهل للأسرار وجاهد في ترك هذا الجدول ذي الماء الآسن واطلب بحر الحقيقة المحيط ( لبحر المعنى انظر 1 / 295 وما بعده ) .
 
( 2235 - 2237 ) ما أقرب التعبير هنا إلى محتوى الحديث النبوي الشريف ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها ( مولوى 4 / 310 - انقروى 4 / 504 ) .
 
( 2245 ) الحكاية التي تبدأ بهذا البيت من المأثورات المشهورة وردت في كتب كثيرة من أمثال العقد الفريد لابن عبد ربه وحلية الأولياء ( ج - 4 / ص 316 ) وإحياء علوم الدين وكتاب الأذكياء لابن الجوزي كما نظمها العطار في إلهي نامه ( مآخذ 144 / 145 ) .
 
( 2271 - 2273 ) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وموتوا قبل أن تموتوا . وقد مر تفسير الموت قبل الموت في الكتاب الثالث ( شرح الأبيات 3762 - 3768 ) ويريد مولانا هنا بالموت بالغنى أي الموت بمغريات الدنيا من ناحية والموت الاضطراري أي موت البدن دون توبة أو رجوع .
 
( 2282 - 2283 ) قال تعالى في سورة الملك «وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ
 
« 542 »
 
الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها : أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ؟ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ» ( آيات 6 - 9 ) .
 
( 2287 - 2300 ) قال تعالى «وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ( الأنعام / 27 - 28 )
ويجرى الحوار بين العقل والسمكة الحمقاء وهو في الحقيقة بين العقل وكل أحمق قلبه غلف لا يعرف العذاب إلا عندما يرى نفسه فيه ، وذلك لغياب عقله ، والخطاب موجه إلى السمكة وإلى كل أحمق : اذهب يا عديم القيمة فإن هذا التمني أيضا ليس من العقل فهو من قبيل تمنى المحال « كلا وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» ( سورة المؤمنون / آية 100 )
 
فهذه الفراشة تعود إلى النار مهما تدفع عنها ، ومهما تذق من لهيبها ، والندم أيضا من أمارات الحمق فهو لا يغير من الحقيقة شيئا ، وهو أيضا من ألم العقاب لا من ألم الذنب ، وهذه التوبة ليست في محلها وإنما تكون التوبة قبل التعرض للعقاب . .
إنما تكون التوبة من قريب وإلا فإن الذي ينتظر التوبة حتى الموت كالذي يسخر من خالقه وعندما يذهب الألم عنه ، يمضى ندمه وتمضى توبته كالقائل قولا بليل ( ليل الألم والعذاب والظلام ) فإذا طلع عليه النهار نسي ما بدر منه من ندم وتوبة ومن ثم فإن العقل يرد عليه ( ولو ردوا لعادوا ) .
 
( 2300 - 2306 ) ينشد مولانا الحقيقة دائما ، فيرى أن هناك ما يشبه العقل وليس بعقل ، بل هو وهم يبدو كأنه عقل ، كما يبدو الزيف كأنه ذهب ولهذا الوهم يحاول أهل الباطل قتل الحقيقة كما جادل فرعون موسى عليه السلام .
ويقول السهروردي في هياكل النور الوهم ينازع العقل حتى إن المنفرد يبيت بالليل يفر منه عقله ووهمه حتى ربما يغلب تخويفه ، فينفرد الإنسان وهو يخالف العقل في أمور غير محسوسة حتى أن الذين يتبعون قضاياه ينكرون
 
« 543 »
 
ما وراء المحسوسات » ( أنقروى 4 / 515 ) الفيصل إذن في التمييز بين العقل والوهم عند صاحب الهياكل أن صاحب الوهم ينكر ما وراء المحسوسات ، وعند مولانا محك آخر فإن الذي يدبر من أجل شهوات الدنيا ليس عقلا بل هو وهم . . . على أساس أنه يدبر ويفكر في الزيف والوهم . . وهناك محك آخر يقدمه مولانا : اعرض أفعالك على معيار القرآن وأحوال الأنبياء ، وها هو العقل يخاطبك : إن تعرض نفسك على هذا المحك سوف ترى نفسك لست أهلا لطريقتى ، ولا صبر لك على ما أمليه عليك . . لكن العقل الحقيقي إن تعرض لأشد أنواع العذاب حتى لو قسم بالمنشار فهو يضحك لأنه يعلم أن هذا البلاء مخصوص به الأولياء وأنه دليل على صدق معدنه ( انظر الكتاب الثالث / 1511 - 4120 - 4123 ) .
 
( 2307 - 2321 ) يجسد مولانا المعاني ليقربها فموسى عليه السلام هو العقل ، اما الوهم فهو فرعون الذي أحرق العالم بنيران ظلمه وجبروته وتعديه على العباد وجرأته على الحق ، وهكذا يدير مولانا حوارا بين موسى وفرعون :
فرعون لا يرى من موسى إلا ما يعرفه عنه وهو الذي رباه ولا يعرف عنه شيئا يذكر ( الوهم ) وموسى يحاول ان يفهم فرعون أنه وجود غير الذي رباه ، وانه وهب ما لم يكن آلاف الفراعين يستطيعون ان يهبوه إياه دون فائدة ، ان فرعون يسأله : من تكون ؟ !
قال له : « إني رسول من رب العالمين » لكن هذه النسبة بالذات لا يريدها فرعون فيقول له : دعك من هذا الادعاء أذكر نسبك القديم عندما كنت تعيش بيننا ، يجيب موسى بأن النسبة الحقيقية له أنه عبد الله من نسل عبيد وإماء وأنا من تراب ومرجعي إلى التراب مثلك تماما أيها المهول فهذا هو نسبك أيضا الذي خرجت منه ، ومرجعنا جميعا إليه سبحانه وتعالى يوم لا أنساب بينهم ولا يتساءلون ، أنسابنا واحدة نحن الأنبياء والعصاة ونحن جميعا
  
« 544 »
  
من هذه الناحية أكفاء غير أن فرعون يريد أن يذكر موسى عليه السلام بأنه كان مجرد عبد لهأَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( الشعراء / 18 - 19 ) بل أنت عبد متمرد عاص هربت من وطنك بعد جريمتك المشئومة ، إن كلام فرعون كله واضح الصدق لكنه بعيد عن الحقيقة وأقرب إلى الوهم ، كل القياسات التي يقدمها صادقة وذلك لأنه لا يعلم أن موسى عليه السلام أصبح عبدا ربانيا .
 
( 2322 - 2340 ) ينفد موسى عليه السلام خطاب فرعون إليه إلى أي مدى هو كاذب رغم لهجة الصدق التي يتحدث بها ، فموسى هو عبد الله وحاشا أن يكون عبدا لسواه ، وحاشاه أن يكون له شريك في ملكه ، ثم إن الله هو خالقه ولا يستطيع فرعون أن يصور حاجبا واحدا من حاجبيه ، فمن أين يستطيع أن يعرف ما يدور في روحه ، ثم إن فرعون هو الطاغية المشئوم لأنه يدعى الملك مع الله ، ثم إن فرعون الملوث الأيدي بدماء الآلاف من آل يعقوب يعير موسى بفعلة واحدة لم يفعلها عن عمد أو عن قصد لقد وكزه فقضى عليه ومتى كانت الوكزة تقتل انسانا لا يريد الله سبحانه وتعالى له أن يقتل ؟ لقد قتلت كلبا كافرا . . .
 
وقتلت أنت آلاف الأبرياء ، وكنت أنا المقصود ولكن الله سبحانه وتعالى اجتبانى واصطفانى برغمك . وهكذا عندما يفحم فرعون لا يجد ما يقوله امام الناس ، إلا أن موسى عليه السلام أساء الأدب . .
لقد حط من كرامة فرعون أمام الناس ، انه لم يفكر في يوم الحشر العظيم ، انه سوف يذل أمام الخلق أجمعين وهكذا فإن النفس الفرعونية في كل عصر وكل أوان ، داخل كل لباس . .
عندما تحصر ولا تحار جوابا لا تملك إلا أن تتوسل بظاهر المبادئ الأخلاقية وكيف يجرؤ على من رباه ؟
وإن لم يكن قد رباه كيف يجرؤ على كبير القوم ورب الأسرة ؟
كيف يحطم ما بناه رب الأسرة ؟ وكيف يخرب بنيانه ؟ إن هذا المنطق يغفل عن نقطتين
 
« 545 »
 
مهمتين : الأولى أنه لا شئ يعلو على الله وإذا كانت القضية حق الله وحقوق الناس فلا كرامة لأقرب الأقربين : «قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» ( التوبة / 24 ) .
 
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى : فإن ليس كل هدم تراه بالهدم وغالبا ما تكون العناصر الهدامة تسعى في هدم بناء واه لكي تقيم مكانه صرحا عاليا ، والبقاء في الفناء فكرة دق عليها مولانا جلال الدين كثيرا وهي الفكرة الجامعة للكتاب الثالث
 
( انظر مقدمة الكتاب الثالث ) ، كما وردت في الكتاب الأول بشكل مختصر « وصحة حسن الدنيا تجىء من سلامة البدن وأما صحة حسن الدين فتأتي من خرابه وأن طريق الروح يخرب الجسم لكنه يعود فيعمره بعد هذا التخريب ، فهو كمن خرب دارا من أجل كنز من الذهب ، ثم زادها عمرانا بذلك الكنز ذاته ، أو كمن قطع الماء وطهر مجرى النهر ثم عاد وأجرى ماء الشرب فيه ، « أوكمن » شق الجلد وانتزع منه رأس الحربة فنما على الجرح بعد ذلك جلد جديد ، أو كمن هدم القلعة وأخذها من الكفار ثم أقام على أرضها مائة برج وسد ، ومن ذا الذي يصف من لا شبيه له ؟
إن ما قلته ليس إلا ما تمليه الضرورة ( الأبيات 305 - 311 من الكتاب الأول )
وانظر أيضا مثال قيمة الحرص في الكتاب الثالث
( الأبيات 4159 وما بعده ) ( 2341 - 2354 ) ورد هذا المثل في مقالات شمس الدين التبريزي ( 295 ) ( مآخذ / 146 ) ويضرب مولانا أمثلة عديدة من الواقع المعاش :
حراثة الأرض :
جراحة التقيح ، والخياط عندما يقطع الملابس والأدوية عندما تدق والقمح عندما يطحن ليكون دقيقا ، وكل بناء قديم يراد تجديده ، أجل كل بناء قديم يراد
 
« 546 »
 
تجديده لا بد وأن يهدم هذا البناء من البداية لكي يقام البناء الجديد خاليا من كل عيوب البناء القديم . . دعك من كل الألفاظ والمصطلحات المعاصرة كالأصولية والراديكالية وما إليها ، فهذه هي روح الإسلام الحقيقية ، كل واقع جديد لابد وأن يقوم على أنقاض القديم ، وألا يقبل الرسول أن يحكم عاما وقريش عاما آخر . .
 
أو لتنازل لهم عن بعض ما كانوا يطالبون به من مسائل قد لا تمس روح الدين ، لكن الأمور كلها لا تتجزأ ، ولست أقول إنها روح الاسلام فحسب لكنها أيضا روح الفطرة التي يدق عليها مولانا جلال الدين كثيرا . .
فالعالم كله في حالة تهدم وبناء ، وقديم يمضى وجديد يأتي ، وكل شئ هالك الا وجهه .
إن ما يظنه فرعون تخريبا من موسى وحطا من شأنه هو في الحقيقة عمل من شأنه أن يعلى من شأنه ويخلصه وهو السمكة الحقيرة من شص الدنيا والإصرار على الذنب الذي أمسك بحلقها ، وعلى المستوى الصوفي والتربوي النفسي : عدم الوجود المادي يؤدى إلى عمران الوجود المعنوي ( انظر 1 / 1897 - 1906 وما بعدها ) .
 
( 2355 - 2359 ) لا يزال الحديث موجها من موسى عليه السلام أو العقل إلى فرعون لعنه الله أو الوهم : لقد جعلت من نفسك حية تسعى ذات فحيح وهي مجرد دودة ، وهذا هو فعل الوهم وهو أن يضخم الشئ الحقير التافه ويجعله كبيرا ، ويجعل المرء الهالك الميت يظن في نفسه ما ليس فيها حتى ينقلب إلى فرعون ، ولأن دودة فرعون نفسه قد صارت أفعى ولأن فرعون الذي لا يزيد عن دودة قد ظن بنفسه أنه أفعى فقد أحضر الأفعى من أجله ، فلا يصلح للأفعى إلا الأفعى ولا يكسر حية النفس الفرعونية إلا حية موسوية فإن رضيت يا فرعون نجوت من هاتين الحيتين حية نفسك وحيتى .
 
« 547 »
 
( 2360 - 2375 ) رد فرعون على موسى انه ألقى بسحره في الأرض الفساد وفرق بين الخلق ( انظر الكتاب الثالث شرح الأبيات 1067 - 1085 ) ، لكن موسى يفرق بين ما يراه سحرا وبين الاستغراق في الرسالة الإلهية الذي يجعل من موسى مخلوقا إلهيا ساعيا بالله ناطقا به وليس مجرد ساحر . وشتان ما بين الرسالة والسحر ، فالسحر من الغفلة والكفر ، وأي شبه لي بالسحرة ومتى كانت أنفاس الساحر تحيى الموتى ، ومتى كانت الكتب المنزلة تستضاء بنور السحرة ، ان هذا الذي يظنه فرعون في موسى ليس إلا من أوهام فرعون التي تستنكر على موسى الرسالة ، وانه إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يلقاه من توهم ، إنما ترى العالم كما تكون ، فإذا كنت دائر الرأس ترى المنزل يدور بك .
 
وإذا كنت في سفينة تسير بك في اليم فذلك ترى الساحل يسير بينما تكون أنت السائر لا الساحل ، وأنت في الحرب في ميدان القتال عندما يضيق بك الحال ألست ترى الدنيا أيضا قد ضاقت بك في حين أن الدنيا هي الدنيا بل الضيق نابع منك أنت ، أنت الذي يمكن تحس بهذا العالم كأنه روضه ومن الممكن أن تحس أنه مجرد سجن لك وأنت ترى من العالم ما يفيض من داخلك أنت وهذا المثال ورد في معارف بهاء ولد ( 1 / 234 )
 
قلت لنفسي : إذا كنت خربا فكل العالم المعمور خراب وإذا كنت ضياء فكل الظلمات ضياء وإذا كنت متعبا فكل ألوان الراحة تعب وإذا كنت عامرا فكل أنواع الخراب عمران المدرك والمدرك من جنس واحد فإذا كنت فانيا عن نفسك يكون العالم أمامك فانيا ، وإذا كنت باقيا يكون العالم أمامك باقيا ، وإذا صرت نورا يكون العالم نورا لا أرضا ولا سماء ولا عناصر ولا مواليد كما يقول القائل في مقام الشهود لا إلا ولا لا كل ما يبدو للنظر هو الله هو الله هو الله . .
إن المكرم يرى كل شئ مكرما وهكذا ترى العين الطاهرة فمدرك النور يرى نورا ، ومدرك الظلمة يرى الظلمة وما أصدق ما يقول مجد الدين سنائى » الصوفية يقيمون كل نفس عيدين . . بينما تقدد


« 548 »
 
العناكب الذباب ( سبزوارى 4 / 305 - 306 ) وهكذا يستمر مولانا جلال الدين في تقصى فكرته : لا بالسفر ولا بالإقامة فحيثما ذهبت لا ترى إلا ما يفيض من نفسك ، وما تكون هذه النفس مهيأة لرؤيته أنه كاللحم القديد المنشور على وتد الطبيعة . . هل يتغير هذا اللحم وهل يحس وهل يبدر منه ما يدل على أنه موجود ! ( 2380 - 2383 )
لكنك إذا كنت في أرض تخرق فيها الأسباب والعلل لا يرتبط ما فيها بمنطق الأشياء وبما يفيض من النفس إلى الخارج ، فأنت قد أصبحت في أرض الله ، وأرض الله توصف بأنها واسعة حيث تفنى المظاهر وما يرتبط بها من أسباب أو علل ، هي أرض القلب حيث تتفتح العوالم الرحبة ، وحيث تتبدل صورها هي أمامك كل لحظة ، لا بتلك الصور التي تنبت من وهمك ومن ظنك ومما تفيض به نفسك ، وكأنها تلك الصور التي يراها عالم الأرواح . .
 
ان هذا الحسن من التبدل الذي يطرأ عليها ، من الجديد الذي تبديه لك كل لحظة وأخرى ، فلو أن الجنة نفسها كانت ثابتة الصور لا نقلبت إلى صورة قبيحة من دوامها واستمرارها على وتيرة واحدة ، فإن اللذة في التغير لكن ليس التغير على عواهنه ، بل التغير الذي تسيطر عليه الروح والذي يكون تابعا للقلب ، هذه هي النعمة التي لا توصف .
 
( 2384 - 2399 ) وإذا كنت لا تصدق ان المدركات الروحانية تختلف من إنسان إلى إنسان ، فأمامك في خلقتك أنت الدليل ، هذه الحواس وآلاتها المركب فيك : فلا الأنف يستطيع أن يبصر ، ولا العين تستطيع أن تشم ، ولا الأذن تستطيع أن تلمس ، كل آلة من هذه الآلات أستاذة في فنها ، لكنها إن كانت معطوبة أو تشكو آفة ما فإنها لا تدرك المدركات إدراكا صحيحا مهما كانت هذه المدركات صحيحة ، إن عين الأحول لا ترى الوحدانية ، هي دائما في شرك ( انظر
 
« 549 »


مثالا على هذا الكتاب الأول ، فهذه الحواس إذن في حاجة إلى غسل حتى تكون طاهرة ولا تريك إلا الطاهر ، وهذا ما يسمى عند الصوفية بتطهير الثياب : ذكر عن أبي الحسن الخرقانى رأيت رسول الله في النوم فقال لي يا أبا الحسن طهر ثيابك من الدنس تحظ بمدد الله في كل نفس ( انقروى 4 / 515 ) والكلام لا يزال لموسى : وحتى تدرك يا فرعون أن هناك فرقا شاسعا بيني وبينك لا تنظر إلى بعينك ولكن انظر إلى بعيني أنا . . ترى عالما من العشق ، وهذا عندما تنجو من البدن ومن آلات البدن ومن الاثنينية .
 
( 2400 - 2411 ) عندما تنجو من البدن فإن كل قوانين البدن تنعدم ، ومنها تلك القوانين التي تحكم كل اله بأن تدرك جانبا من المدركات فتستطيع الأذن والأنفس أن تكون عينا ليس هذا فحسب بل كما قال ذلك الملك حلو البيان « إن كل شعرة من شعور العارفين تنقلب إلى عين ( انقروى 4 / 539 ) قال جعفري انه أبو اليزيد البسطامي ( 10 / 419 ) وقال استعلامى انه أبو اليزيد البسطامي اعتمادا على رواية وردت في تذكرة الأولياء لقد هتف به جزاء عبادته ثلاثين عاما : يوم القيامة أحول وجودك الجسدي إلى ذرات وأهب كل ذرة منها بصيرة ( 4 / 320 )
وما أشبه البيت بما ورد عند ابن الفارض :
فكلى لسان ناظر مسمع يد * لنطق وادراك وسمع لبطشت
فعينى نامت واللسان مشاهد * وينطق منى السمع واليد أصغت
وسمعي عين تجتلى كلما بدا * وعيني سمع ان شدا القوم تنصت
ومنى عن يد لساني يد كما * بدى لي لساني في خطابي وخطبتي
كذاك يدي عين ترى كلما ترى * وعيني يد مبسوطة عند بسطتى
وسمعي لسان في مخاطبتى كذا * لساني في اصغائه سمع منصت
( أنقروى 4 / 538 )
 
« 550 »
 
ألم يكن هكذا الجسم في البداية عندما كان جنينا دون عين ؟ ! فهل تظن أنت أن النور من هذه الشحمة ؟ ! والشيطان يرى والجنى يرى دون هذه الشحمة المسماة بالعين ، فليست هذه الشحمة إذن هي السبب في الرؤية وإلا ما رأت العين شيئا في النوم ، إنما يضع الله فيها النور ، فليست الشحمة إذن هي سبب النور وإلا فأية صلة للانسان المخلوق من التراب بالتراب ، وهل الجن يشبه النار ؟
والطير من الهواء فهل يشبه الهواء ؟ ،
إن هذه الفروع منسوبة إلى أصلها بلا كيفية ، والافاى شبيه للتراب مع الانسان أو الانسان مع التراب ؟ ! !
إن كان ثمة شبه فهي مخفية عن العقل ، إنها بلا كيفية وكيف يفهم العقل ما لا كيفية له .
 
( 2412 - 2422 ) الموضوع المفضل عند مولانا جلال الدين : كيف تعطى الجمادات الإدراك من لدن الله مباشرة ، والدليل على ذلك أنه سلط الريح على قوم عاد فكانت تفرق بين المؤمن والكافر ببصيرة ممنوحة من الله سبحانه وتعالى ، وإذا لم تكن هناك بصيرة عند نار النمرود فكيف عرفت إبراهيم الخليل وامتثلت للأمر ولم تحرقه ؟
وإذ لم يكن للنيل هذه البصيرة فكيف كان تتحول دما لآل فرعون ويظل على طبيعته المائية لقوم موسى ؟
وكيف أوب الجبل مع داود إن لم يكن له سمع وبصر ونطق ؟ !
وإذا لم يكن لهذه الأرض عين وروح فكيف ابتلعت قارون وما رأيك في الجذع الحنان ؟
وفي الحصى الذي نطق بنبوءة محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، وإذا لم تكن تصدق فاقرأ «إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَهافكيف تزلزل الأرض إن لم يكن عندها حياة وإحساس ؟ !
 
( 2423 - 2434 ) الخطاب ما زال لفرعون ومولانا شديد الاهتمام بقصة موسى وفرعون على أساس أن فرعون وموسى موجودان في كل جبلة وفي كل ذات يتصارع هذان القطبان المتنافران ( انظر الكتاب الثالث شرح الأبيات 975 و 1259 و 971 و 1252 ومقدمة الترجمة العربية للكتاب السادس ) ، إن مجرد
 
« 551 »
 
إرسالى إلى مثلك أميرا لدليل على أن الله سبحانه وتعالى لطيف وخبير يعلم بأنك على كثرة ما عندك إنسان ضعيف في حاجة إلى هداية ، وهو يرى أن داءك الوبيل الذي لا شفاء منه يحتاج إلى هذا العلاج أي العصا ، بهذه العصا سوف يكسر قرن وقاحتك وجبروتك ، وقد أنذرك الله وحذرك وأبدى لك من الواقعات المخفية ما كان فيه رادع لك لكنك أولتها كلها واعتبرتها أضغاث أحلام من النوم الثقيل وعميت عن فحواها ، وصرت أصم عن سماع النذير فيها ، وسار منجموك وبحثوا لها عن أسباب أخرى غير طغيانك وكفرك ذلك لأنهم رأوك لست مجرد طالب نصح مسكين ، بل خافوا منك لجبروتك وظلمك وتعطشك للدماء ، فسددت على نفسك بذلك أبواب النصح ومضيت في وادى الهلاك .
 
( 2435 - 2436 ) والملك الحقيقي هو الذي لا يسفك الدم إلا لمصلحة ، والذي تخلق بخلق الله فتسبق رحمته غضبه ، كما ورد في الحديث القدسي سبقت رحمتي غضبى .
 
( 2441 - 2445 ) هذا مثال على أساس أن أهل الدنيا عندما يأنسون غفلة من أهل الدين يهاجموهم هم ، ويحاولون قطع الطريق عليهم حتى في الأصلاب والأرحام ، كما فعل فرعون عندما أراد أن يمنع ميلاد موسى ( لتفصيلات في الكتاب الثالث شرح الأبيات 840 - 845 ) ،
وهذا على أساس أن المسلم إن لم يغز غزى هو في عقر داره ، وفي خطبة للإمام على رضي الله عنه : ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا وإعلانا وقلت لكم أغزوهم قبل ان يغزوكم فوالله ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ( عن جعفري 10 / 463 )
وهكذا عندما حلم أهل الروح على فرعون ، تجرأ بطبيعته الخسيسة وأراد أن يقطع الطريق على مجىء موسى . . . فكأنه أراد أن يسد الطريق التي جعلها الله للتناسل فكانت السخرية منه في قمتها وكان موسى المقصود في صدر داره وهو منهمك في جرمه .
 
« 552 »
 
( 2458 - 2467 ) إن الله سبحانه وتعالى عادل يعطى لكل إنسان ما يستحقه تماما وما يليق به ، ومتى قام الإنسان بشر أو عصيان والتواء لم ير من بعده ما يناسبه من جزاء ؟ ! ! على المرء أن يكون مراقبا لفعله ووجوده ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا . .
حينذاك لا تكون في حاجة إلى قيامة وحساب ما دامت كل لحظة من لحظات وجودك قيامة وحساب ، وذلك الحر الذي تكفيه الإشارة متى كان في حاجة إلى القول الصريح ؟ !
أن البلاء قد حاق بك من حمقك أنك لم تفهم الرموز . . وإلا فهل كان فرعون في حاجة إلى الأنبياء بعد الآيات التسع . . وفي هذا تنبيه على فرعون كل زمان إذا ظهر في زمانه شئ من التسع أو غيرها تزداد حتى يهلك وإن تاب ورجع تاب الله عليه . . . ويتوب الله على من تاب ( مولوى 4 / 338 ) .
 
وإياك والعكوف على الذنوب حتى لا يسود قلبك ، ولا يكون لك أمل في عودة أو أوبة أو توبة مصداقا للحديث النبوي الشريف إذا أذنب العبد ذنبا حصلت في قلبه نكتة سوداء ، إن تاب واستغفر صقلت ، وإن عاد زيدت حتى يسود قلبه ، إن كل فعل خيرا كان أو شرا يتولد لك منه شئ في داخلك .
 
( 2468 - 2472 ) هذا الجسد الذي أصله من الطين كحديد حسن الصنف ، يمكن أن يصقل فيتحول إلى مرآة يتجلى فيها كل شئ ، وعادة ما يضرب الصوفية بهذا مثلا على أن الجسد وهكذا طبيعته يستطيع أن يسمو عنها لكي يصير مرآة يتجلى فيها كل شئ . . . فما بالك بالروح وطبيعتها أنها نفحة أو نفخة من ذي الجلال .
 
( 2475 - 2486 ) لقد أعطى الله سبحانه وتعالى العقل لكي يكون صقالا لهذا الجسد ولكي ينور القلب . . . وما العقل هنا إلا العقل القدسي ، لكنك بتركك للصلاة عطلت هذا العقل عن عمله وأطلقت يد الهوى تفعل فيك فعلها ،
 
« 553 »
 
ولو أنك حبست الهوى وأطلقت العقل لصقل جسدك لكنك فعلت العكس وهذا هو السعي بالفساد في الأرض منذ عطلت آلة الاصلاح أي العقل وأطلقت آلة الفساد « الهوى » ولا تكدر ماء الجدول ( القلب ) حتى ترى الجواهر أو المعاني الإلهية في قاعه وروح الإنسان مثل الهواء إن علق بها التراب يحجب السماء ( الدعاء والرحمة ) بل ويمنع الشمس نفسها من الظهور فانظر إلى الكدر والتراب ماذا يفعلان في الكون حتى تطهر وجودك من كدر الخطايا وتراب الدنس وتصقله ، وانظر رحمة الله بك . . . إذ يرسل إليك في منامك التحذيرات ويدعوك إليه على فحوى الحديث المروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم « إذ أراد الله بعبد خيرا عاتبه في منامه » ( مولوى 4 / 341 ) .
 
( 2487 - 2500 ) ها هو موسى عليه السلام يفاجئ فرعون بما كان يعن له . . . بالنذر الإلهية التي أيسرها انقباض النفسي واكتئابها . كانت أفعال فرعون السوداء ترتد على ذاته كما تعكس المرآة صورة حاملها عله يحاول التخفيف من قبحه ، لكن النفسي الفرعونية كلما جوبهت بعيوبها ازدادت فسادا وصلفا ، كان فرعون يرى قبحه مجسدا في النوم ، فكان يفر منه دون أن يعلم أن قبحه معه ، كذلك الزنجي الذي رمى المرآة مدعيا أنها قبيحة ( مثل ورد عند سنائى الغزنوي انظر . حديقة الحقيقة الأبيات 4035 - 4040 وشرحها )
 
وتكررت في أكثر من موضع من مقالات شمس ولها أصل عربى . إن كل ما يحدث لك أعرفه . . . كل الكوابيس التي تتوالى عليك . . .
 وكل الأصوات التي تسمعها وهي تلعنك وتنذرك بسوء العقاب إلى غير ذلك مما لا يليق بنبي أن يتفوه به ، وما يحدث لك كثير ، بل ذكرت لك قليلا من كثير لتعلم أنى عالم بكل أحوالك خبير بها ، هذا الكفر يجعلك تتجاهل كل هذه النذر كما تجاهلت الآيات التسع وقد دفع إلى شقاء الكفر والعصيان وادعاء الربوبية فلم تنفع معه كل هذه النذر .
 
« 554 »
 
( 2505 ) في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم « باب التوبة خلف المغرب له مصراعان من ذهب مكللان بالدر والياقوت ما بين المصراعين مسيرة أربعين عاما للراكب وهو مفتوح منذ خلقه الله تعالى إلى طلوع الشمس من مغربها » ( مولوى 4 / 343 ) وفي حديث آخر من تاب قبل ان تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ( انقروى 4 / 565 ) .
 
( 2506 ) للجنان الثمانية ثماني أبواب وهي عدن والوسيلة والفردوس والخلد والنعيم والمأوى ودار السلام ودار القرار ويقال لباب جنة عدن باب التوبة ويقال لباب الوسيلة باب الزكاة ويقال لباب الفردوس باب الصلاة ويقال لباب الخلد باب الريان يدخل منه الصائمون ويقال لباب النعيم باب الحج ويقال لباب المأوى باب الجهاد ويقال لباب السلام باب الورع ويقال لباب دار القرار باب صلة الرحم ( مولوى 4 / 343 )
 
( 2507 ) الحوار الذي يبدأ بهذا البيت ورد في موضعين من قصص الأنبياء للثعالبي . . قل له : ان ناصيته بيدي ولا يطرف ولا ينطق ولا يتنفس عن شئ إلا بعلمى وأخبره بأنى من العفو والمغفرة أسرع منى إلى الغضب والعقوبة . .
وقل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة وقد أمهلك في طول هذه المدة ، وفي كلها تدعى الربوبية دونه وتصد عن عبادته ومع كل ذلك يمطر عليك السماء وينبت لك الأرض ويلبسك العافية حتى لا تهرم ولا تسقم ولا تفتقر ولا تغلب ( ص 170 ) والموضع الثاني : فأوحى الله لموسى أن قل لفرعون : إنك إن آمنت بالله وحده عمرتك في ملكك ورددتك شابا طريا ، فاستنظره فرعون ، فلما كان من الغد دخل إليه هامان فأخبره فرعون بما وعده موسى من ربه فقال هامان :
والله ما يعدل هذا عبادة هؤلاء لك يوما واحدا ونفخ في منخره ، فقال له هامان
 
« 555 »
 
أنا أردك شابا فأتى بالوشم فخضبه به ( ص 184 ) فهو أول من خضب بالسواد فلذلك كرهه صلى الله عليه وسلم ونهى عنه ( قصص الأنبياء المسمى عرائس المجالس للثعالبي ط 4 / 1954 القاهرة ) ،
ومن قائل إن وعود موسى لفرعون كما وردت على لسان مولانا جلال الدين مستوحاة من حديث نبوي : « إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا » استعلامى 4 / 273
 
( 2515 - 2522 ) الأنهار الأربعة في الجنة تعبيرات عن بعض أخلاق المؤمنين في الدنيا . لتفصيلات أكثر انظر ( الكتاب الأول شرح الأبيات 3459 إلى 3484 وهذا الكتاب شرح الأبيات 476 / 483 ) وتدعوهم إلى هذه الأخلاق .
 
( 2523 - 2527 ) تماما كما أنها أنهار الجنة الأربعة هي انعكاس وتعبير وتمثيل عن بعض أخلاق المؤمنين في الدنيا ، فإن بعض أخلاق الكفار والأشقياء تجد انعكاسها في بعض صفات الجحيم . . فنار الغضب من نار غضب الله سبحانه وتعالى « من غضب منكم فليتوضأ فنار الغضب من النار » . .
 
ومن الغاشية ( حية جهنم ) صار فرعون كأنه الحية يبث سمومه في المؤمنين ومن ماء الحميم الذي يسقاه أهل الجحيم يكون الظلم ، ظلم كل فرعون يترك الخلق كالرميم ، وهو من انعكاس مصيره عليه ، يمثل تماما هذا المصير ، هو مثال لجهنم على الأرض ، تلك التي يعذب فيها الفقير والمظلوم .
 
( 2532 - 2538 ) سوف تتمنى الموت إن كنت طائعا . . لا فرارا من عجزك في الدنيا بل طمعا في كنوز الآخرة . . سوف ترى الدنيا كالخرابة إن هدمتها وجدت تحتها كنزا . . سوف ترى هذه الدار حائلا دون الكنز العظيم ، تراها كأنها حبة واحدة حجبت عنك البيدر كله . . تكون إن قنعت بها كدودة قنعت بورقة
 
« 556 »
 
واحدة من الكرمة وعكفت عليها ، لكنها إن استيقظت من جهلها هذا بكرم الله استطاعت أن تفترس حيات الجهل .
 
( 2540 - 2560 ) لقد شبه الله تعالى نفسه بأنه كنز مخفى . . أو قال في حديث قدسي « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبى عرفوني » وفي تفسير للآية الكريمة «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» أي ليعرفون . . ومن ثم فإن أساس الوصول إلى الكنز السعي من أجله ويدق مولانا على هذا المثال كثيرا ويشبه وجود الإنسان في الدنيا بإقامة في خرابة تحتها كنز . .
لكنه لا يريد أن يهدم الخرابة ليجد الكنز ، وفي النهاية فإن الخرابة سوف تتهدم وحدها . .
لكنه لن ينال شيئا ، وما هذا البيت الذي أنت فيه إلا بيت بالكراء هو ليس لك ببيع أو شراء . .
وهذا الكراء بالأجل . . وسوف تخرج منه دون أن تستفيد شيئا ، ثم يقدم مولانا مثالا آخر : إنك تقوم بخصف النعال في دكان بالكراء . .
في حين أن هذا الدكان تحته كنزان . . ها أنت تعيش في ذلة ما لم تهدم هذا الدكان . .
وما هذا الرتق إلا تعلقك بالطعام والشراب فإن ترتق وجودا مآله إلى الفناء . . وتترك الكنزين : القلب والروح . . أنت ترضى لنفسك هذه الذلة في حين أنك عريق الأصل : أنت ابن الخليفة . . ألست ابن آدم آخر الأمر . . أم ينص على أن آدم خليفة . . أليست هذه الأرض منفاه ومنفاك ؟
أليس هذا الكنز هو الذي سوف ينجيك من السعي والشقاء ؟ !
 
سوف ينتهى إيجاز الدكان في النهاية وسيخرجونك منه عندما يجئ الأجل ، وسوف تعض بنان الندم على أنك لم تستفد شيئا عندما كان كل شئ مهيئا لفائدتك « يوم يعض الظالم على يديه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا » .
 
( 2563 - 2567 ) أتدري لم كل هذا ؟ ! لأنك مجرد طفل لم تبلغ مرحلة الرجولية . . لقد رأيت الدار منقوشة مزدانة فلم تهن عليك ، والبيت والأبيات التالية كلها مستوحاة من بيت واحد لسنائى :
 
« 557 »
 
كل نصيحتى لك هي هذه أنك طفل والدار ملونة . ( حديقة بيت 6440 ) .
 
( 2585 ) الحديث « من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة » موضوع من الأحاديث الضعيفة ويرى الشيعة أنه موضوع على أساس أن الرسول ، قد توفى - طبقا للروايات الشيعية - في السابع أو الثامن والعشرين من صفر ، بينما تجعل أغلب الروايات السنية وفاته ، في الثاني عشر من ربيع الأول وبعض الروايات تجعله في الثالث عشر من ربيع الأول . . وقد ضرب بالحكاية كلها مثلا على اشتياقه ، إلى الملأ الأعلى . . إذ كان دعاؤه ، في أخريات أيامه « اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى » .
 
( 2594 - 2595 ) عن انتقال الرجال من هذا العالم وعن أن الموت عند الصوفية المحققين هو عبارة عن زفاف ، ( انظر الكتاب الثالث شرح الأبيات 3519 - 3536 ) والماء المالح هو الدنيا والماء العذب هو الآخرة ولمولانا في ديوان شمس تبريز :
فلترحل من الماء المالح نحو ماء الحياة وعد من صف النعال نحو الصدر ( كليات ديوان شمس غزل 1353 ص 525 ) .
 
( 2598 - 2627 ) لم تؤد مشورة فرعون مع زوجته المؤمنة آسية عليها السلام إلى نتيجة وإن استطاعت الرسالة أن تؤثر في قلب آسية المؤمنة بحيث تواجدت من هذا الفتوح الذي نزل على زوجها دون استحقاق ، وأن يصير مطلوبا هكذا دون أن يقوم بأي جهد في الطلب ، إنها تعلم أنه مثل إبليس ، لكن هل يفتقد الله سبحانه وتعالى إبليس . . نعم 
- كل عاص مهما بلغت درجة عصيانه يظل الله سبحانه وتعالى يناديه ، وآسية عليها السلام هي رمز للقوة الإيمانية تلجأ إليها النفس الأمارة بالسوء ، 
وفي تفسير لنجم الدين كبرى لقوله تعالى «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ : رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» ( التحريم / 11 ) أي ضرب الله مثلا
 .
الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء الرابع د. أبراهيم الدسوقي شتا 

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:17 pm

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام

« 558 »
 
للقوى المؤمنة من قوى النفس اللوامة امرأة فرعون أي القوى الصالحة القابلة تحت القوة الفاسدة الفاعلة المستكبرة ( مولوى 4 / 355 ) . وها هي تتعجب كيف لم يؤمن في التو واللحظة وقد عرض عليه تاج من الإيمان يخفى « قراع » نفسه وكفرها ؟ وأي غفلة هذه زادت عن الحد الذي يحفظ المرء . . أجل قليل من الغفلة ينفع . . وإلا لو لم يكن فرعون غافلا لهلك لساعته فرحا من هذا الطلب وهذا العرض وفي الحديث جعلت معصية ابن آدم سببا لعمارة الكون ( استعلامى 4 / 232 ) ولكن أن تكون الغفلة لهذا الحد هو أيضا من قبيل الهلاك . .
وإلا فمن الذي يرفض مائة أجمة من الأشجار عوضا عن بذرة واحدة . .
 
ومن الذي يرفض مائة منجم عوضا عن حبة واحدة ؟ أن يكون إنسان لله فيكون الله له . . أن تأمن القطرة من الرياح والتراب وتعود سالمة إلى لجة البحر . . لكن النفس الفرعونية تظل النفس الفرعونية وإلا لما ألهم فرعون استشارة هامان ولما سقط بين يدي هامان كما سقط البازي في يد المرأة العجوزة المعتوهة .
 
( 2628 ) وردت الحكاية التي تبدأ بهذا البيت في الكتاب الثاني من كتب المثنوى ( انظر الأبيات 325 - 337 وشروحها ) وقد وردت القصة في كشف المحجوب إشارة » ولا محالة أنه عندما يطير بازى الملك فوق جدار امرأة عجوز فإنها تقص جناحه وقوادمه ( النص الفارسي ص 8 العربي ص 11 )
كما وردت نظما في أسرار نامه للعطار ص 101 / 102 ، كما وردت أيضا في مقالات شمس الدين التبريزي ( مآخذ / 44 - 45 ) ولا جدال أن البازي هنا رمز لمن يلجأ إلى من لا يعرف قيمته
 
وقدره ، أو إلى الروح الغالية ومكانها ساحة الملك لكنها تقع في يد العجوز ( الدنيا ) التي ترهقها من أمرها عسرا وعند استعلامى أنه العبد الذي يبتعد عن طريق الحق ( 4 / 333 ) وهو مستبعد إذ يشبه مولانا الروح
 
« 559 »
 
دائما بالبازى ، وهكذا يكون فرعون وهو على أبواب الهداية يطلب مشورة هامان فيضله .
 
( 2635 - 2644 ) من هنا زيادة عن الحكاية الواردة في الكتاب الثاني : أن العجوز تزيد في تعذيب البازي عندما لا يلتفت إلى ما تظنه كرما منها وعطفا على البازي وتزداد العجوز سوءا . . فتصب الماء الساخن على رأسه وتجعل الدموع تسيل من عينه تلك العين التي كانت تنظر إلى عوالم لا تراها العين الطبيعية . .
وهكذا تصاب العين الناظرة إلى الملأ الأعلى بالأذى في الدنيا من تلك العيون الأرضية التي لا ترى أبعد من مؤطئ قدمها . .
وينصرف مولانا عن عين البازي الوارد في الحكاية وينطلق إلى وصف عين العارف التي تتجاوز المحسوسات وترى بالغيب وترى انبساط المحيط كأنه شعرة واحدة .
أو التي عبر عنها ابن الفارض بقوله :ومن مطلعى نور البسيط كلمعة * ومن مشرعى بحر المحيط كقطرة .( انقروى 4 / 597 ) هذه العين لها صفات أود لو أقولها ولكن أين هي الأذن التي تسمع ؟
 
( 2645 - 2650 ) كان البازي يذرف الدموع وجبريل يأخذ هذه الدموع مع شرفه ومرتبته فيدهن بها جناحه ومنقاره ، وهكذا أيضا قطرات دموع العارفين ( أنين المحبين وبكاء المستغفرين أحب إلى الله من تسبيح الملائكة ) ( أنقروى 4 / 599 ) وكان البازي يتصبر . . ان الدنيا وإن أذلته هكذا فلم تقض على دينه وعلمه والنور الذي أخذه من المليك . . إن الجفاء كان على ناقة البدن لا على صالح الروح . . وما دام صالح الروح موجودا فإنه بنفس واحد من أنفاسه المباركة يستطيع أن يجعل متن الجبل يلد مائة ناق . .
وهكذا ينطلق البازي في الحديث :
إلا أن القلب يصيح به : أصمت كفاك بوحا بالأسرار وإلا فإن الغيرة الإلهية سوف
 
« 560 »
 
تنتقم منك وتمزق سداك ولحمتك جزاء على إفشائك هذه الأسرار .
 
( 2562 - 2657 ) عودة إلى فرعون : إن كبرياء الملك منعه من سماع النصيحة ليس الكبرياء فحسب بل لأن الشقاء قد كتب عليه وضرب ما بينه وبين الهداية سورا : فهو لم يمل إلى هامان إلا لأن هامان من جنسه ، وهكذا فإن لكل ملك وزراء من جنسه ، وكل طاغوت إنما يحيط نفسه بطواغيت صغار ، يكون هو مثلهم في الطاغوتية ، وهكذا فإن أبا لهب كان مستشارا لأبى جهل بينما كان الصديق هو مستشار المصطفى ، هذا هو عرق التجانس يجعل «الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ» و « الجنس إلى الجنس يميل » .
 
( 2658 ) قال فروزانفر إن أصل الحكاية في الرواية التالية « عن جابر قال :
كنا عند النبي فجاءه رجل من الأنصار
فقال إن ابنا لي دب من سطح إلى ميزاب فادع الله أن يهبه لأبويه ، فقال النبي : قوموا . .
فقال جابر : فنظرت إلى أمر هائل فقال النبي : ضعوا لي صبيا على السطح فوضعوا له فناغاه ، فدب الصبى حتى أخذه أبواه . فقال رسول الله هل تدرون ما قال له .
قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : لم تلقى بنفسك فتتلفها . قال : إني أخاف الذنوب .
قال : فلعل العصمة أن تلحقك . قال وعسى فدب إلى السطح » ( مآخذ : 147 ) وواضح أن مولانا استفاد من الجزء الأول من الرواية .
 
( 2670 - 2682 ) إن التجانس يكون في الصورة وفي المعنى فقد بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء صلوات الله عليهم من البشر وذلك لكي ينجذب البشر إليهم وإن كان هناك بين معنى النبي ومعاني بقية البشر بعد المشرقين «قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ *» . .
وجاذبية التجانس عجيبة ، إنها هي التي تبين في النهاية الإنسان . وإن لم تعرف الإنسان فانظر إلى من يصاحب ومن يجالس . .
 
« 561 »

ألم يكن عيسى وإدريس وهما بشر من جنس الملائكة فسكنا السماء مع الملائكة ؟ ! وألم يكن هاروت وماروت من جنس البشر مع أنهما من الملائكة فكانت عاقبتها أن هبطا إلى الأرض ؟ !
أليس الكفار من جنس الشياطين فتعلموا من الشياطين مئات الآلاف من الخصال الذميمة أقلها الحسد الذي حرم إبليس من رحمة الله تعالى ومن الفردوس . . نعم تعلم الكفار من الشياطين الحقد والحسد على بني آدم إذ كانوا يحسدونهم على ملك الأبد ، وعن التجانس تحدث بهاء ولد بأن كل ما في الخلق له مغناطيسه ( 1 / 421 ) 357 كما أن هناك بيت شعر فارسي جرى مجرى الأمثلا « كل يطير مع من هو من جنسه ، الحمامة مع الحمامة والصقر مع الصقر ( عبد الباقي 385 / 4 )
 
وانظر إلى هذه الصورة :
إنما يصاب الشيطان بمرض القولنج عندما يرى إنسانا متصفا بالكمالات الروحانية عن يمينه أو عن شماله . . وهو أن حصل على الكمال لما أحس بحسد بالنسبة لكمال الآخرين . . فاطلب من الله أن يدفع عنك الحسد ، وأن يشغلك بتربية الباطن عن الاهتمام بالظاهر .
 
( 2684 - 2690 ) إن أنواع السكر في هذه الدنيا كثيرة ، والله سبحانه وتعالى يخلص الأشرار من شرهم ، ويريح العاشقين من عشقهم بوسائل عديدة ، إنه يعطى لجرعة من الشراب خاصية الإراحة من قيود الدنيا والآخرة ، فما بالك بسكران الخمر الإلهية ؟ وفي المخدرات ألا توجد هذه الخاصية . . ينسى متعاطيها كل ما يحيط به . . والنوم . . أليس النوم عطية في النهاية لكي يستطيع الإنسان أن ينجو من تفكيره في هذا العالم ( انظر تفصيلات رائعة عن النوم . . الكتاب الأول . الأبيات 385 - 406 ) ،
أو يشغل المرء بشئ من خلقه . . كما شغل المجنون ببضعه من الجلد . . وهناك مئات آلاف من أمثال هذه الوسائل يطلقها الله سبحانه وتعالى على إدراكاتك ، مئات من خمور الشقاء التي تعبها النفس أو خمور السعادة التي يصيبها العقل . . بحيث يجد الإنسان مطلبه دون
 
« 562 »
 
أن ينتقل من مكانه ، أن يخلع خيمة الفلك . . ألا تكون خيمة الفلك مانعا بالنسبة له ، وأن يتجاوز أقطار السماوات .
 
( 2691 - 2720 ) لكن ليست كل أنواع السكر تيسر لك ذلك ، فحذار ، لا تغتر أيها القلب بأي سكر ، فليس سكر عيسى من تلك الخمر التي تظنها ، فأبحث عن هذه الخمر من هذه الدنان الإلهية ، من الخمر الصافية لا من الدردى ، وذق من الشراب بكل حذر حتى تتبين أولا بأي شراب سوف تسكر . . فكل الدنان تسكرك . ، لكن شتان بين دن يعطيك المرودن يجذبك إلى رب السماوات .
 
. ينجيك من كل وسواس ، يصفيك من كل شر . . وهكذا جذب الأنبياء إلى حيث يكون الملائكة لأنهم من جنسهم . . وإليك هذا المثل البسيط : الريح من جنس النار . . فكلاهما نزاع إلى العلو . . وإن وضعت كوزا فارغا على الماء فإنه لا يغوص أبدا . . إنه مملوء بالهواء والهواء ينزع به إلى أعلى . . وهكذا أرواح الأنبياء انها نزاعة إلى العلو لأنها من جنس أرواح الملائكة ، وذلك لأن عقولها ناجية من الشك . . ذلك الشك الذي يأخذ العقول وينزع بها إلى أدنى وإلى أسفل . . وهكذا فإن آل فرعون من جنس فرعون . . وهامان من بينهم أكثر تجانسا . .
 
ومن ثم فقد جذبه معه إلى قاع الجحيم . . لأنهما معا من جنس النار . . فكل منهما محرق كالنار . . ولان المؤمن ليس من جنس النار فإن النار تقول له : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ ناري . . « تقول النار اللهم أجرني من المؤمن كما يقول المؤمن اللهم أجرني من النار » والمراد بهذا الحديث أن تنظر إلى نفسك أنت . . إلى أي شى تنجذب . . إلى من تنجذب . . هل أنت ميال إلى النفس والهوى أو ميال إلى العقل والقلب ؟ ويكفيك في هذا الصراع فخرا وسرورا أن تنتصر في كل لحظة على عدوك « نفسك التي بين جنبيك » والتي تجرك جرا إلى الأسافل .
 
« 563 »
 
( 2722 - 2736 ) هذا رأى هامان ، وانظر إلى كمية المغالطات التي يقدمها هامان ، أنه لا يرد على ما اقترح موسى ، لكنه يعدد في فرعون ما ليس فيه وإن كان فيه فهو وقتي وعابر ولا دوام له ، إنه يتساءل : كيف هانت على فرعون نفسه وأبهته وعظمته وكبرياؤه حتى سمح لموسى أن يقول ما قاله ؟ !
وكيف يهون عليه كل هذا الملك ليسجد لواحد من عبيده ؟ !
هكذا فهم هامان الدعوة ، وهكذا يفهم كثير من المتكبيرن الدعوات الكبرى ، احتقار لصاحب الدعوة يمنع من مجرد التفكير في الدعوة . . تماما كبعض كفار مكة : لم ينكروا القرآن لكنهم أنكروا أن ينزل على يتيم أبى طالب . .
وقالوا : « لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم » . . إن مجرد قبول فرعون لدعوة موسى لا يترتب عليه كل ذلك . . لن يترتب عليه أن يكون فرعون عبدا لموسى . . لن يترتب عليه سرور الأعداء « أعداء فرعون » وحزن الأصدقاء . . لكن متى كان هامان يقف عند منطق ، ومتى كان المنطق الهامانى يقف عند حدود المعقول ؟ !
 
( 2737 - 2755 ) تفسير للمنطق الهامانى : إنه يقسم الناس إلى أعداء وأصدقاء بينما لا عدو له سوى نفسه . . إنه يفسر الأمور بالمقلوب ، فما هذا الملك الذي يتحدث عنه . . ولمن دام قبل فرعون حتى يدوم لفرعون . . وهل هذه الأرض نفسها ساكنة حتى يكون من عليها ساكنا ؟ ! يقول ناصر خسرو :
أي انتظار لديك للاستقرار تحت هذا الفلك ما دام هذا الفلك نفسه لا يقر له قرار (ديوان / 9).
 
إن كل الذي جرى أن سجود الناس لفرعون وهامان كان كالسم الذي اختلط بروحيهما . . وما أكثر المتكبرين الذين يرديهم إقبال الناس عليهم . . وما أكثر الطواغيت الذين يصنعهم البشر ثم يضجون منهم بالشكوى . . كل قوم خالقو نيرونهم ، إن هذا الملك وهذا الكبرياء كالخمر المسمومة ، إنه يحرك رأسه سكرا للحظة واحدة . . وسرعان ما يفعل السم فعله . . الكبرياء
 
« 564 »
 
كالخمر المسمومة « ورد عند بهاء ولد ( معارف 1 / 387 ) وإن لم يكن سما . .
فلماذا يدفعه إلى كل هذا الظلم ؟ ! لماذا يرديه فعله ؟ لماذا يقتل الأبرياء ؟ ! حتى قاطع الطريق لا يهاجم فقيرا . . حتى الذئب لا يعض ذئبا ! إن الأنبياء والأولياء قد يقومون ببعض ما يظنه الآخرون ظلما لكنه عين العدل . . والخضر قد حطم السفينة فنجت من الفجار . . فكن كسيرا تنجو . . وكن فقيرا تنجو ، ولابن الفارض : ( متى عصفت ريح الولا قصفت أخا عناء ولو بالفقر هبت لربت ) ( انقروى 4 / 620 ) فحتى الجبل لا ينجو من ضربات المعاول طمعا لما فيه . .
 
الخلاصة أن الذي أردى فرعون هو كبرياؤه « الكبرياء ردائي والعظمة إزاري » وفي خطبة للإمام على « الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما حمى وحرما على غيره واصطفاهما لجلاله وجعل اللعنة على من ينازعه فيهما » ( عن جعفري 10 / 497 ) ، وروى الأفلاكى :
طوبى لمن زلت نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته ( 1 / 298 ) الكبرياء اشراك . . هذا هو الأصل وناهيك عن فروعه .
 
( 2775 - 2777 ) الخلاصة أن هذه العطية لم تكن من نصيب فرعون لقد قنع بسلطان العوام ولم يرض بالسلطان الذي يمنحه الله تعالى . . رضى بالسلطان المستعار الفاني . . ولم يرض بالسلطان الباقي ، رضى بسلطان محل تنازع ، ولم يرض بالسلطان الذي لن ينازعه فيه أحد ، فإن السلطان الذي يستند على شرع الله فحسب هو السلطان الباقي ، وأما السلطان الذي يعتمد على شريعة البشر ، فإنه فرعونى ، وكل فرعون يحاول أن يمحو آثار من سبقه ليكون هو وحده . . ومن ثم لا يدوم ذكر فرعون واحد بالخير بل يدوم ذكره بالسوء .
 
« 565 »
 
( 2779 - 2786 ) من الغريب أن فروزانفر لم يلتفت إلى الحادثة التي تبدأ بهذا البيت كما لم أجد لها أصلا ، اللهم إلا ما يقال من أن كفار مكة عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة أن يحكم عاما ويحكموا عاما . .
أو أن يعبدوا الله عاما وتعبد آلهتهم عاما . ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الحل ( الوسط ) ! !
ومولانا يفرق هنا بين نوعين من الولاية : الولاية الإلهية المعقودة لمحمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين . . فكل من يحكم بالشريعة التي جاء بها إنما يكون نائبا له في الحكم ، والحكم الحقيقي لصاحب الشريعة ، وهي أيضا ولاية دينية باقية ما بقي الدين . .
ولا يمكن أن تعين فحسب بالفترة التي أسس فيها النبي صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية في المدينة . .
أما الملك الدنيوي ، فهو مجرد عارية . . لقد أتى عادة بالميلاد ( البيت 2785 ) وقد ترجمها نيكلسون من أجل الزاد على أساس أن زاد عربية بينما أن زاد الموجودة في البيت فارسية ومعناها التوالد والمقصود أنه يأتي بالإرث ، وواضح بالطبع أن الملك القائم على الدين لا وراثه فيه . .
 
( 2790 - 2810 ) لم أعثر أيضا على بقية الخبر . ويقيم مولانا جلال الدين مقارنة بين الحراب التي ألقاها أمراء العرب في طريق السيل وبين القضيب الذي ألقاه المصطفى عليه السلام . وفي نسخة جعفري ( عاشر / ص 507 ) بيت يقول أن هؤلاء الثلاثة هم أبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان ( ط 11 بهار 1367 ه - ش ) . لقد جرف السيل كل حراب أمراء العرب بينما بقي القضيب النبوي - رمز حكم النبوة - تدق له الطبول الخمسة كل يوم ( الصلوات الخمسة ) حتى تقوم القيامة . . وإما أن ترضخ بعقلك . . لكن إن كنت يا فرعون حمارا لا عقل لك فقد خلق الله العصا . . يسوقك بها خارج اصطبل الدنيا لينجو من شرك . . وإن لم تنفعك العصا وكنت أكثر فرعونية فإنه يحول لك العصا إلى
 « 566 »

حية . . لكي ترى الجحيم في الدنيا . . ما دمت تنكر وجود الجحيم في الآخرة . .
وتتساءل أين جحيم الله ؟ ! .
 
( 2811 - 2819 ) إن عذاب الله ليس مخصوصا بالآخرة ، بل أحيانا يجعل الفضاء ضيقا على الطائر فيقع على الشراك ( إن جاء القضاء ضاق الفضاء ) أو يبتليك بألم من آلام الجسد كألآم الأسنان ومن شدة هذه الآلام تقول إنها كالجحيم وكالأفاعى . . يجعل ريقك حلوا . . وكأنما السكر من تحت اسنانك فتحس أنك في جنة ونعيم . . وهذا كله مرتبط بتعاملك مع خلق الله فقلل إذن من ظلمك للخلق فإن الظلم ظلمات وليس في القيامة فحسب بل وفي الدنيا أيضا . . وإلا فلم أنزل الله العذاب بآل فرعون في الدنيا فجعل عليهم ماء النيل دما ولقوم موسى ماء ، فكيف كان الماء يتحول هكذا ؟ ! لقد منحه الله التمييز . .
بينما قد يحرم الإنسان والمفروض فيه العقل من التمييز ومن العقل فيصبح سفاحا سفاكا لدماء أخيه مثل قابيل .
 
( 2820 - 2831 ) عن وجود العقل في الجمادات وعن تسبيحها أنظر الكتاب الثالث شرح الأبيات 1008 - 1028 ( 2833 ) الحكاية التي تبدأ بهذا البيت وردت ببعض التصرف في تذكرة الأولياء أن مالك بن دينار تناظر مع دهري ، وطالت المناظرة فاتفقا أن يضع كلاهما يده في النار ، ومن تحترق يده فهو على الخطأ ، فوضعا أيديهما ، فلم تحترق ، فذهب مالك إلى داره محزونا وركع مخاطبا ربه : لي سبعون سنة وأنا على الإيمان حتى أتساوى مع أحد الدهرين فسمع هاتفا : إنما حفظت يدك يد الدهري ، دعه يضع يده وحده ثم أنظر النتيجة ( تذكرة الأولياء 1 / 50 - 51 ) كما وردت نفس الحكاية عن كرامات الحسن البصري في نفس الكتاب ص 34 وما بعدها ( عن مآخذ ص 145 ) والجو العام للقصة
 
« 567 »
 
يشبه إلى حد كبير مناظرة الإمام أبي حنيفة مع الدهري التي نظمها سنائى في قصيدة طويلة في ديوانه ( ديوان سنائى 238 - 246 ) ( 2834 - 2837 ) الاختلاف هنا واضح بين نظرة المتفلسف ونظرة الصوفي ، وهذا الاختلاف ناشئ من اختلاف وجهة نظر كل منهما في الإنسان :
 
فالإنسان عند المتفلسف عبارة عن ذرة في هذا الكون الواسع ، هو بمصطلح الخيام : قطرة ماء ثم توحدت بالبحر ذرة تراب وتوحدت بالأرض : ومجيئتنا ما هو إلا مجئ ذبابة . . دخلت ثم اختفت ( من رباعيات الخيام ) لكن الأمر يختلف عند الصوفية . . فهو أول الفكر وهو آخر العمل وهو سيد الخليقة وهو ابن الخليفة وفيه النفخة الإلهية .
 
( 2850 - 2862 ) من الواضح أن الحجج التي يقدمها « السنى » أو المتصوف لا تنفع المتفلسف فهي كلها حجج نابعة من الباطن والمتفلسف يريد حججا ظاهرة وواضحة يستطيع أن يدركها بمحسوساته ، إن الإيمان بالخالق عند الصوفي خفى وواضح مثل سر العاشقين ولا تبقى إلا نار الامتحان . .
والامتحان هنا غريب على مولانا جلال الدين فإن امتحان النار فيه اختبار لله إلى حد كبير وهو ما هجمه مولانا في أول هذا الكتاب ( شرح الأبيات 352 - 365 ) لكن الموضوع قد يختلف هنا إلى حد ما ، فإن المناقشة العلنية أمام الناس كان من الممكن أن تزلزل إيمان بعضهم ، ويشير مولانا إلى أن الباطن لا يصلح إلا للتعامل مع أهل الباطن ، أما أهل الظاهر فلا بد من التعامل معهم بما يفهمون « خاطبوا الناس على قدر عقولهم » و « إن الله لا يرضى أن يضيع إيمانكم » .
 
( 2863 - 2871 ) إذا قال لك هذا المتفلسف : إن ما أنت عليه هو التقليد ، فهل رأيت الأنبياء والرسل - فقل إن الأذان شاهد عليها وعلى أنها وجدت
 
« 568 »
 
وسوف يظل الأذان باقيا إلى يوم الدين ، والشريعة تدل على المشرع . . وهناك في كل العصور أمثال هذه الرهانات وهذه المباهلات والمجادلات التي تمزق منها المنكرون ، إن حجة المنكر هي إصفرار وجهه وضعف حاله ، وانظر إلى أي منكر للألوهية فلا بد أن تجد فيه عيبا ظاهرا وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يبدي غضبه على وجهه . . فهل سمعت عن منبر يذكر فيه منكر والألوهية . .
( إن أي منكر للألوهية في عصرنا الحالي . . عصر الدين أفيون الشعوب - لا يستطيع أن يجهر هذه الدعوة عيانا ، بل يغلفها بكثير من الأشياء كالهجوم على رجال الدين ، أو وصف المتدين بالرجعية . . والروايات لا تنتهى عن أقوال كبار الملحدين عند اختبار الموت . . )
وأخيرا فإن الجهر بهذا السوء خف كثيرا ، ولم يكن مولانا جلال الدين عندما قال هذه الأبيات يتصور أنه سوف يخرج من بين المسلمين من يقول إن الإسلام مرحلة وانتهت وأنه كان مجرد وسيلة لسيطرة الجنس العربي . . ومن يجعل الدين الذي نزل للناس كافة دينا لشعب واحد . . ومن يقول إن الغلبة للعلم وكأن الإسلام ينافي العلم . . لكن إن هي إلا مرحلة قصيرة من مراحل التاريخ أثبتت فشلها وعقمها ولم تقدم الناس جنة على الأرض بل قدمت لهم جحيما مركبا . . أي جحيما بلا أمل .
 
( 2872 ) في الكتاب الأول :
واسم أحمد هو اسم جميع الأنبياء .
فعندما يصل العدد إلى مائة تكون التسعون متضمنة فيه .
أنظر البيتين 1105 - 1106 وشرحهما .
 
( 2875 - 2880 ) إن لم يكن هذا يكفيك أيها المنكر ، فيكفيك القرآن بيانا ، إنه يحدثك بمائة لسان أو سمى بذلك لأنه أصل كل الكتب الإلهية التي نزل كلَّ
 
« 569 »
 
منها بلسان قومه وهو مبين لجميعها وهو أم الكتاب . . فهل يستطيع أحد أن ينقص منه حرفا أو يزيد عليه حرفا إلى يوم الدين . . إنه محفوظ من لدن الله سبحانه وتعالى وهو الغالب . . فكن مع الغالبين . . إن المنكر أنه يقيم على الظاهر لا يرى سواه وهذا من حمقه وسذاجته . . أليس يرى أن في بعض الأشياء الظاهرة باطنا هو مكمن الفائدة فيها ؟ ! إذن فلتعلم أن لكل ظاهر باطنا هو فائدته ولبه وحقيقته.. تماما كالدواء نفعه كامن في داخله المختفى وفي باطنه.
 
ويقدم مولانا في غزليات شمس الدين التبريزي ( غزلية 472 ص 212 ) ردا آخر :
- أيه علامة هناك على أن هناك عالما آخر * تجدد الأحوال وذهاب تلك الأحوال القديمة - يوجد صباح جديد ومساء جديد وحديقة جديدة مع نفع جديد * وكل نفس فكرة جديدة وسعادة جديدة وفيئ جديد - فمن أين يصل الجديد وإلى أين يذهب القديم * إن لم يكن وراء النظر عالم لا نهاية له - إن العالم يبدو كأنه جدول متجمد لكنه * يمضى ويعود من جديد فمن أين هذا ؟ !
 
( 2881 - 2892 ) المقصود بتفسير الآية الكريمة ( الحجر / 58 ) أي أننا لم نخلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بمقتضى الحكمة . . وليس لأجل الظاهر الذي ترونه . . بل خلقناهم من أجل المعنى والحكمة الباقية التي لا ترونها ( مولوى 4 / 397 ) وإن كنت لا تصدق . . أو لا يزال عندك شك من

« 570 »
 
 
هذا الأمر فأي صانع ممن تراه من الصانعين يصنع الصنعة لذات الصنعة ؟
حتى المصور إنما يقصد من الصور التي يرسمها والتي تظنها بلا فائدة المتعة للصغار والكبار ( كل المتع الفنية من موسيقى وتصوير وخطوط وما إلى ذلك كان مولانا جلال الدين يراها نوعا من المحاكاة الإلهية ، أو محاكاة الخالق الصغير المبدع الفنان من البشر لسيد الخالقين ولأحسن الخالقين ) . ويصور نفسه في غزليات شمس مصورا يخلق من المعاني تماثيل :
- أنني مصور نقاش أصنع تمثالا في كل لحظة ، ثم أذيب كل هذه التماثيل في حضرتك .
- أنني أخلق مائة صورة أمزجها بالروح ، وعندما أرى صورتك . . ألقى بها كلها في النار ( غزليات باهتمام فروزانفر ص 199 - 200 ) والمعنى ورد برمته في معارف بهاء ولد ( 1 / 422 )
إن هذه الصورة الظاهرة من أجل معنى خفى . . وعندما يصير المعنى الخفي ظاهرا ، إنما يظهر لكي على يدل معنى خفى وراءه وهكذا دواليك بقدر قدرتك على النظر . .
هذا النقش علة لما بعده وما بعده معلول له ، وهو في نفس الوقت إن ظهر لك له لشئ آخر من مراتب الخلق والأمر وهي جد كثيرة لا يعلمها إلا هو . .
وإذا كان لاعب الشطرنج يجعل كل لعبة قائمة على ما قبلها وممهدة لما بعدها حتى يصل إلى الانتصار ، فكيف تظن أن الخالق قد خلق السماوات والأرض وما بينهما دون حكمة ، حتى اللاعب له خطة تكفل له النصر . . فما بالك أنت بهذا الكون ؟ أتظنه دون الألعوبة ؟ إنك إذا حركت ذرة واحدة من مكانها لاختل نظام الكون وهو ما عبر عنه فيما بعد الشيخ الشبسترى « إنك إذا حركت ذرة واحدة من مكانها لأصاب الخلل كل العالم ( انقروى 4 / 652 ) .
 
« 571 »
 
( 2894 - 2900 ) حتى الشهوات ، ليس لمجرد المتعة والعبث . إن شهوتك للطعام هي دون أن تقصد من أجل المنى . . والمنى هو الذي يتحول إلى نسل يعمر الأرض وتكتحل بهم عيناك . . لكن بطئ الرؤية لا يرى في الشهوة إلا الشهوة . .
إنه لم يجاوز مرحلة النباتية فهو كالنبات ثابت الجذور في الطين ، وإياك أن تظن أن النبات يتحرك حتى لو حركة نسيم الصبا فحركته ليست منه ولكنها مستعارة . . أنه يقول لريح الصبا « سمعنا » لكن جذوره الممتدة في الطين لا تتحرك وتقول « عصينا » . .
وهذا الذي لا يعلم السير في الآفاق والأنفس - والنظر بعين البصيرة لحكمة الخلق ، وتتبع هذه الحكمة - إنما هو من العوام ( والعوام كالأنعام ) . . أنه يضع قدمه كيفما اتفق . . دون بصيرة ودون تفكير . .
 
كما يفعل الأعمى . . ويقول أنه يفعل هذا على التوكل . . أي توكل هذا . . إنه توكل العابثين لاعبى النرد . . ينتظر ما يأتي به الزهر . . إنما يكون التوكل مع المجاهدة . . والمجاهدة لابد لها من مرشد . . والتوكل التام شديد الندرة .
 
( 2901 - 2911 ) في مقابل هؤلاء العوام كالأنعام هناك أصحاب البصيرة النفاذة غير الجامدة . . إنها بصيرة نفاذة تمزق الحجب . . تعلم قوانين العلية والسبية . . تدرك عواقب الأمور التي يمكن أن تجد بعد عشرة سنوات بنظرة واحدة . . وهكذا فكل امرئ بقدر نظره يستطيع أن يسير هذا السير المعنوي « والعارف بقدر همته » . . إنه المشرف على الأزل والأبد : يرى ما حدث يوم الخلق ، يوم أنكر الملائكة على الله سبحانه وتعالى أن يجعل في الأرض خليفة . .
ثم يلقى بنظرة إلى الأبد فيرى حتى الحشر ، أنه مشرف على أصل الأصل ويرى ما هو آت حتى يوم الفصل وبأي شئ تيسر له هذه المعرفة الشاملة ؟ بهذا القلب الموجود دوما بين إصبعين من أصابع الرحمن . . بقدر جلائه تنعكس فيه صور الماضي والحاضر . . فإذا قلت : إنه من فضل الله إنه من العطاء ولا دخل للإنسان
 
« 572 »
 
فيه . . إن الله يهب هذا لمن يشاء من عباده ويرضى عنهم . . وانه لا دخل للانسان في العطية . أقول لك مجاهدتك أيضاً من العطيات وصقلك للقلب من العطيات والله سبحانه وتعالى لا بد وأن يهيئ الأسباب .
 
( 2912 - 2920 ) وكله بفضل همتك ، حتى الطلب والدعاء بقدر الهمة . .
والعطيات بقدر القابليات ، والقابليات إنما تتحدد تبعا للهمم ، والله تعالى أيضا واهب الهمم ، من الناس من تطمح همته إلى الملك ، ومنهم من تكون همته قاصرة على ما يسد شهوات الجسد و «أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى» . .
والله سبحانه وتعالى لم يخص أحدا بشئ أو بعمل . . لم يخلق إنسانا للملك وإنسانا للكدح ، لم يخلق أحدا تجرى في عروقه الدماء الزرقاء . .
وأحدا تجرى في عروقه الدماء الحمراء . . وأحدا لا تجرى في عروقه دماء قط . .
وإلا لكان ذلك جبرا على الإنسان ، والحق سبحانه تعالى عن الظلم علوا كبيرا بحيث يجبر أحدا على شئ ثم يحاسبه عليه ( انظر مناقشة الموضوع في الكتاب الثالث في شرح بيت الحكيم سنائى الغزنوي - شرح الأبيات 2741 - 3761
وانظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الخامس ) لكن الشقي الذي إذا ابتلى كفر أما السعيد فإنه كلما ابتلى صبر وشكر . . العمل واحد وهو الابتلاء . .
لكن الهمة الواهنة الضعيفة تجعل الشقي يكفر . . أما همة السعيد فإنها تجعله يصبر ويشكر ويزداد عبادة .
 
( 2916 - 2920 ) وإن أردت أن تنكر أن رد الفعل لعمل واحد قد يختلف عند شخصين فإليك مثل يتكرر أمامك عندما تقوم حرب : الجبان يهرب خوفا على حياته . . لكن الشجاع يقدم ويهاجم خوفا على حياته أيضا . . انظر هو خوف واحد على الحياة ، لكنه أدى إلى تصرفين متناقضين تماما وهذا المعنى مأخوذ من قول الشاعر العربي أبى الطبيب المتنبي :

 
« 573 »
 
- أرى كلنا يبغى الحياة لنفسه * حريصا عليها مستهاما بها صبا
فحب الجبان النفس أورده التقى * وحب الشجاع الحرب أورده الحربا
ويختلف الرزقان والفعل واحد * إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا
( ديوان - دار صادر / ص 327 د . ت )
فالمحك يبدي الشجاع من الجبان ( أنظر أيضا الكتاب الثالث تفسير قول الإمام على رضي الله عنه لا شجاعة يا فتى قبل الحروب ) .
 
( 2921 ) يرى فروزانفر أن الموضوع الوارد في الأبيات التي تبدأ بهذا البيت وقيل المتوكل كالطفل لا يعرف شيئا يأوى إليه إلا أمه كذلك المتوكل لا يهتدى إلا إلى ربه ( الرسالة القشيرية ) والدرجة الثانية من درجات التوكل وهي أقوى وهي أن يكون حاله مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإه لا عرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد على إلا إياها فإذا أول سابق إلى لسانه يا أماه وأول خاطر على قلبه أمه ، فإنها مفزعه ( إحياء العلوم ج - 4 ص 185 ) وقد أخذ على شريعتي الجدلية وجعلها للشعوب المغلوبة ( الطفل ) والشعوب الغالبة ( الأم ) ( أنظر العودة إلى الذات ) .

( 2926 - 2931 ) ليكن خاطرك أيها الآمن متعلقا بالله تعالى تعلق الطفل بأمه ، وليكن كل ما هو سوى الله عندك كالحجر والمدر وهذا هو معنى « إياك نعبد وإياك نستعين » ، و « إياك » هنا هي للحصر ونفى الرياء في نعبد وهي للحصر في نستعين : أي أنت فحسب نعبد ومنك فحسب نطلب العون . . وقد وردت في الفاتحة معاني كثيرة . قال ابن عباس رضي الله عنهما : نعبدك ولا نعبد غيرك .
 
« 574 »
 
( 2932 ) الحكاية التي تبدأ بهذا البيت قائمة على حكاية وردت في تذكرة الأولياء ( 2 / 191 / 192 ) وفي الرسالة القشيرية ( 10 ) عن أبي على الدقاق أن سيدا غضب على عبده فتقدم أحد الشفعاء حتى عفا عنه وظل العبد يبكى : فقال الشفيع : لقد عفا عنك فلم البكاء ، قال السيد : إنه يطلب رضاى ولا طريق عنده إليه ولذلك فهو يبكى ( مآخذ 49 ) والواقع أن الحكاية قائمة على بعض المعاني التي تكررت عند الصوفية من أن « كل ما يأتي من المحبوب محبوب » و « وأن ظلم الحبيب أحلى من رعاية الشفيع » وإن « حقيقة الحب ألا يحاول المحب الشكوى من ظلم حبيبه له « وعليها معاني عديدة والمحب أو النديم هو العبد والمليك هو الملك . . ولا يستبعد هذا الرمز الصوفي ( أنظر قصة وكيل صدر جهان في الكتاب الثالث ) .
 
( 2941 ) إن الشفيع هنا من جنس المشفع إليه . . والحب بينهما قائم . . فبه يرى وبه يسمع وبه يسعى وبه يبطش : ( انظر الكتاب الثالث / البيت 2220 ) .
 
( 2944 - 2949 ) ليس المقصود أن أبين قدر شفاعتك أو أن أمن عليك بل المقصود أن أبين مدى عزتك . . فالسلطان هو هو السلطان الحق الواحد وعماد الملك المتشفع هو المحمدي المشرب الذي ذابت صفاته في صفات المليك . . والنديم المجرم هو العاشق إذا كان خليلي المشرب ناجيا من حب السوى والأغيار مفوضا جميع أموره لربه تعالى .
 
كان له من علو المرتبة وشرف الرفعة بحيث إذا شفع في ألوف المجرمين لا ترد شفاعة من الله تعالى . ( مولوى 4 / 396 ) ولأن الشفيع هكذا فلم يقم بالشفاعة بل قام بها المشفع إليه . . فما أعطاه لم يعطه هو بل أعطاه المليك . . ما دامت صفاته فانية في صفات المليك « من رآك رآني ومن أهانك أهاننى ومن أعطاك أطاعني فإذا أعطيت لأحد شيئا فأنا قد أعطيته ، وأنا الدائم القائم ولا موجود سواي وأنا أعلم بالرشاد وإلى المبدأ والمعاد ، ( انقروى 4 /
 
 
« 575 »
 
670 ) ومعنى خذك « إلا » مكانا بجوار لا : أي أعبر مقام النفي والفناء واتخذ لك مقاما بجوار البقاء أي لا تيأس من رحمة الله وروح الله فأنت الأسير في الدين الأمير على المخلوقات .
 
( 2959 - 2967 ) إن المعفو عنه ضائق من تدخل الشفيع لأنه كان يريد أن يبذل الروح في سبيل المليك ، والشكر ليس للشفيع ، فقد تدخل بين العاشق ومنتهى أمله . . وحياته الدائمة ، وخلوده ، فكأنه أضره من حيث أراد نفعه ، وفصلة من حيث أراد وصله ، وضيع « ذلك الوقت » العزيز الذي كان له . .
والصوفي هو ابن وقته لا يريد ضياعه بعد أن عثر عليه « ولى مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل » حديث نبوي ورد في الكتاب الأول فليطلب تفسيره عند الأنقروى في طلب الرسول فتح مكة . . وإن قهر الحبيب في حد ذاته التفات واهتمام ، وقتله للمحب حياة خالدة . . فهو إن أخذ روحا يهب أرواحا . . وإن خلص الإنسان من عالم ضيق يهبه عوالم واسعة . . وكان قهر المليك فتحا وظنه الشفيع غضبا . . كان لطفا مخفيا في ثوب القهر ، وكيف تستطيع الألفاظ أن تعبر عن هذه المعاني وهي فوق الألفاظ ؟ وآفة الحال ادراك المقال .
 
( 2968 - 2974 ) يضيف مولانا تفسيرات جديدة إلى فكرته عن قصور الألفاظ الأرضية عن التعبير عن أمثال هذه المعاني ، وبخاصة عن تجربة العشق الصوفي . . فتعبيرات العشق أشد خفاءً يكرر مولانا صفة الخفاء للتوكيد . . إن هذه الأسماء التي تعلمها آدم جاءت مناسبة لقول آدم ( في نص المولوي ) أو لجسد آدم ( في نص نيكلسون ) والمراد احتياجات آدم . . فلا يخص العشق معانيها ولا يقدر على النطق بأسرارها . أنه أشبه بصب البحر في كوز . . لقد علم آدم الأسماء بالإلهام . . وليس في ثياب الحروف . . وعندما خلق جسد آدم من الماء والطين . فإن الأسماء الروحانية والمعاني الروحانية لم تستطع تحمل
 
« 576 »
 
هذا الجسد ولفها الطين في ظلامه وهبط بها فتلفعت في حجب الحروف والألفاظ لتبدو معانيها للماء والطين . . فكشف عن بعض معانيها أو كشف عنها في وجه لكنها أخفيت من عدة وجوه . . أي فقدت كثيرا من أبعادها الروحانية لمجرد وضعها في نقاب الحروف . . فكلما أردت أن تكشفه باللفظ فقد حصرته في نطاق هذا اللفظ . .
 
وتكون قد ألغزت من حيث أردت التوضيح وأشكلت من حيث أردت اليسر ، وهذا هو معنى آفة الحال إدراك المقال أو معنى غسل الدم بالدم ( ورد في الكتاب الثالث وبعد تقديم الكتاب الثالث للطبع اكتشفت أن هذا التعبير غسل الدم بالدم ليس لمولانا جلال الدين في الأصل بل هو لسنائى وورد في الحديقة ( بيت 6420 ) ولا يفزع القلب إن أمن كثرة الكلام فلماذا غسل الدم بالدم ؟ ! .
 
( 2975 - 2984 ) الخبر الذي يبدأ بهذا البيت ورد مصادر عديدة منها قصص الأنبياء وإحياء علوم الدين . . والرواية أقرب إلى رواية كشف المحجوب للهجويرى ( ص 83 ) ( الترجمة العربية ص 89 ) . مثلما أشعل النمرود نارا ووضع إبراهيم عليه السلام في المنجنيق فجاء جبريل عليه السلام وقال : هل لك من حاجة ؟ ،
وقال : أما إليك فلا ، قال : فاطلب إذن من الله سبحانه وتعالى . فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ( مآخذ / 149 ) ويشبه مولانا في معالجته لهذا الخبر الشفيع بالواسطة من بعد العيان ( أو بحديث الدلالة في وجود المحبوبة ) طلب الدليل بعد الوصول إلى المدلول قبيح .
 
فالواسطة هنا في الدنيا ولو أن كل قلب كان يسمع حديث الحق لما كانت هناك حاجة للحروف والأصوات في الدنيا . . 
ويعود من البيت 2980 إلى حديث العاشق المعفو عنه : إن عماد الملك بالرغم من مرتبته ، إلا أنني أدق حالا منه . . فالخير الذي أبداه هو شر بالنسبة لصفتى أنا . . وإن الموضوع لمتعلق باللطف والقهر وهي أمور نسبية فحسنات الأبرار سيئات المقربين : وما قد وجده العوام لطفا قد يكون قهرا للواصلين كما يقول ابن الفارض :
.
الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء الرابع د. أبراهيم الدسوقي شتا 

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:18 pm

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مشورة فرعون مع وزيره هامان على مدونة عبدالله المسافر بالله

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام

« 577 »
 
وكل أذى منك في الحب قد بدا * جعلت له شكري مكان شكايتى
وما حل بي من محنة فهو منحة * وقد سلمت من حل عقد عزيمتي .
و « وسبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته ولأعدائه في سعة رحمته ( انقروى 4 / 681 ) 
وهذا الكلام والحديث هو مجرد واسطة ، لكنه عند الواصلين يحجب الكثير من مواجيدهم ويكون أشبه بالشوك في الطريق .
 
( 2985 - 2989 ) لكن ما هو الفيصل ؟ ! هو تحمل البلاء فبتحمل البلاء تنجو الروح من قيد الحروف . . فمع المعاني مباشرة يلقى بها في القلب . . هذا البلاء للأمثال فالأمثل . . يكون بشرى عند قوم . . ونذيرا عند قوم آخرين . . هو لقوم سعادة ولآخرين شقاء . . أنهم سوف يقفون عن الأسماء دون البحث عن المسمى . . وكلما رأى الصالحون ثمار البلاء . . يعرضون أنفسهم للبلاء أكثر . .
ومن هنا تكون « الدنيا مزرعة الآخرة » ليس تحمل البلاء من أجل البلاء نفسه . .
من أجل ما يتأتى وراءه من نفع ، وفي بوتقه الامتحان يصبح الذهب النضار أصفى لونا ، أما الزيف فيسود ويحترق .
 
( 2990 - 3000 ) وهكذا كل أمور الدنيا ، فهل رأيت « عقدا » مطلوبا في حد ذاته ؟ ! إنما يكون العقد من أجل النفع الذي يتأتى منه ؟ ! هل رأيت منكرا من أجل الإنكار نفسه ؟ ! إنه يكون من أجل قهر الخصم أو إظهار النفس . . وهذا التفوق في سبيل طمع آخر ، فلا قيمة لكل هذه الصور دون معانيها المستترة خلفها وكما أن المقصود من وضع الزيت في القنديل ( صورة ) هو الضياء ( معنى ) فكذلك المقصود من كل صورة معانيها . . وإلا فلماذا
 
« 578 »
 
الاستفهام عن أسباب الأفعال إن قولك لماذا هو سؤال عن الفائدة . . فلماذا تطلب الفائدة إذا كانت الفائدة متضمنة في صورة الشئ وليست كامنة فيه . .
ومن ثم فإن السماء والأرض وما فيهن من صور ليست حكمتها أنها هكذا ، فإذا لم يكن الصانع حكيما وعليما فمم هذا الترتيب ؟ !
ولما ثبت أنه حكيم وعليم فكيف يكون فعله خاليا من الفائدة ؟ !
إذا كنت تريد أن تبحث عن الفائدة . فاعلم أنه لم يوضع شئ في الأرض أو السماء دون فائدة أو نفع .
 
( 3001 ) الرواية التي تبدأ بهذا البيت وردت في حلية الأولياء « قال موسى عليه السلام ، يا رب خلقت خلقا وهم عبادك ثم تحرقهم بالنار ، قال يا موسى أذهب فازرع زرعا قال قد فعلت قال فأحصده ، قال قد فعلت قال فأجعله في كدوسه قال قد فعلت قال : فلا تدع منه شيئا إلا رفعته قال قد فعلت قال فلعلك قد تركت منه شيئا قال : لا إلا ما لا بال به ، قال فمثل أولئك أدخل من عبادي النار ( حلية الأولياء ج - 4 ص 360 وأيضا ص 286 وج - 5 ص 94 عن مآخذ ( 150 ) .
 
( 3003 - 3011 ) السؤال من موسى عليه السلام لرب العالمين ليس صادرا عن غفلة أو عن هوى أو عن اعتراض ، ولكن كسؤال إبراهيم عليه السلام « رب أرني كيف تحيى الموتى » « والسؤال نصف العلم مأخوذ عن حديث منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم العلم خزائن ومفتاحها السؤال ، فإن المتنزه عن السؤال المستنكف عنه يظل مأخوذا بورطة الجهل . . هكذا يكون الجهل المركب ومن السؤال يأتي الجواب . .
وهناك جواب كالشوك ، وجواب كالورد ، وهناك جواب مضل وهناك جواب هاد وشاف . . تماما كما يقوم الحب والبغض من التعارف أولا . . فإن من لا تعرفه لا تحبه ولا تبغضه ، يبتليك التعارف بالمحبة أو البغض أو كما يصيبك الطعام بالقوة أو السقم والمرض .
 
« 579 »
 
( 3012 - 3014 ) وما كان موسى عليه السلام بالجاهل ، لكنه تجاهل تجاهل العالم ، والأعجمى في مصطلح مولانا هو الجاهل . . وقد تجاهل موسى ليجعل الجهال عالمين بالسر . . ونحن أيضا معشر العارفين نتظاهر بأننا جهال بالسر مصداقا ل - « إذا كان العارف بين أعاجم يتعاجم » وكل جماعة فيما بينها وبين أنفسها هكذا تعمل . . لكي تتفتح أمورها ، حتى باعة الحمر يصطنعون خصومة فيما بينهم لكي يروجوا سلعهم .
( 3022 ) قال يحيى بن معاذ بن الرازي : الدنيا مزرعة الله تعالى والخلق زرعه والموت حصاده وسيدنا عزرائيل أكله والمقبرة بيته ، والجنة والنار مقره ( مولوى 4 / 405 ) .
 
( 3025 - 3029 ) وهكذا ديدن الله سبحانه وتعالى ، فهناك في الخلائق أرواح طاهرة وأرواح دنسة ، ولا بد أن تعود هذه الأرواح إلى بارئها ليحاسبها ، وليميز الخبيث من الطيب ، وليعلم الصابرين ، وهذا التمايز موجود بين كل أنواع الخلق ، كما تحتوى صدفة على درة وصدفة أخرى على سبه . . وإذا أردت أن تفهم هذا المعنى فعد إلى تفسير « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبى عرفوني » وجاهد كي تعرف روح الوحي عندك وهي كامنة في طبقات من الخلق عندك .
 
( 3030 - 3035 ) يحاول مولانا جلال الدين أن ينقل إلى سامعيه فكرته على اختلاف مستوياتهم متوسلا بصور من الواقع المعاش ، وفي الكتاب الثالث رأينا كيف استطاع أن يدير حوارا بين حبة الحمص وبين السيدة التي تقوم بإنضاجها ، وهو هنا توسل بهذه الصورة المعاشة اليومية في كل منزل إيرانى أو تركى ، اللبن المخيض الذي يسمى في الفارسية « دوغ » وفي التركية « إيران » فجوهر الصدق أو روح الوحي خفية في الجسد كما يخفى الزيت في المخيض ، و
 
« 580 »
 
من هنا يرسل الله تعالى الرسل ليحرك تلك القرب بنسق ونظام وفن وما هو صالح للبشر يمكن أن تستخرج أفضل ما فيهم لا يؤيسهم ولا يقنطهم ، كما لا يقوم بجعلهم يأملون أملا واهيا . . إنه يخضها برفق حتى يصعد الزيت على وجه المخيض وهذا واجب الأنبياء ، وواجب العرفاء والأولياء بعد ختم النبوة .
 
( 3036 - 3040 ) لكن ليس الكلام فحسب اللازم بل وأن تكون أذن المؤمن منصته لنا ، تمتلئ بكلامنا فتنطق . . تماما كالطفل يمتلئ في البداية بكلام أمه ثم ينطق . . وإن لم تكن أذن الطفل صحيحة فإنه لا يستمع الكلام ويكون أخرس وكل أبكم في البداية أصم ، ومن ثم فمن كان بأذنه آفة فهو غير قابل للتعلم ومولانا يرى أن الطالب المستعد ليس أقل أهمية من العارف المتعلم ( أنظر الكتاب الثالث أبيات 3602 وما بعدها ) وأول كلمة في المثنوى هي « استمع » ( البيت الأول : أستمع للناى يأخذ في الحكاية.. ومن الفرقة يمضى في الشكاية).
 
( 3041 - 3050 ) النطق بلا تعليم خرق للأسباب والعلل ، والله سبحانه وتعالى هو الناطق بلا تعليم ، إنه لا تجرى عليه عللنا ، وآدم عليه السلام علمه الله إذ لا أم له ، وعيسى في المهد لكي يبرئ أمه البتول عليها السلام من افتراءات اليهود . . لكن مع هذا التحريك للمخيض ، ينبغي أن تكون هناك حركة ، جهد ، كدح ، فالزيت مكتوم والجسد بين ظاهر ، في حين أن الظاهر هو القشر وهو الواهي وهو المؤقت ، والباقي هو الذي يبدو فانيا . . وإذا كنت قد وصلت إلى مرحلة الشيخوخة ، فلا تنفق هذا المخيض الذي يبدو بلا زيت ، بل جاهد في أن تقوم بتنشيطة وتدويره وتحريكه بالعلم حتى يبدو ما هو خفى فيه من زيت ، ذلك أنه ما دام هذا البدن الفاني موجودا فهو دليل على وجود الروح الباقية ، تماما كما تدل ضجة السكارى على وجود الساقي .
 
« 581 »
 
( 3051 - 3060 ) يقدم مثالا آخر : أليس هذا الأسد المرسوم على العلم مجرد صورة ميتة . . أنظر حركاته وهو يهتز . . أليس اهتزازه هذا دليلا على وجود رياح تحركة ؟ وإن لم تكن هذه الرياح فكيف ومتى كان لهذه الصورة الميتة أن تبدو لك وكأنها تفقز متوثبة ؟ ! لتكن هذه الريح ، ليس من المهم أن تكون من رياح الصبا أو رياح الدبور ( رياح اللطف ورياح القهر ) المهم أن المتحرك لا بد وأن يلزمه محرك - هذا البدن إذن مجرد صورة أشبة بأسد العلم » لكن « الفكر » هو الذي يحركها . . هذا الفكر من جانب الروح أو القلب ( الصبا الريح الشرقية ) أو من جانب النفس والهوى
 
( الرياح الغربية أو ريح الدبور ) ( في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلك قوم عاد بالدبور ) ، وحتى لا يلتبس عليك الأمر بالمشرق والمغرب المكانين أقول لك أن الفكرة الشرقية مشرقها الله سبحانه وتعالى ، أما الفكرة الغربية فمشرقها النفس والهوى والشيطان . .
 
ومشرق أي فكرة من جنس هذه الفكرة . . فالقمر ومشرق الفلك جماد أيضا . .
لكن مشرق روح روح الروح ( الحقيقية ) هو الفؤاد ولابن الفارض :ومن مشرعى بحر المحيط كقطرة * ومن مطلعى نور البسيط كلمعة.ولا فلك إلا ومن نور باطني * به ملك يهدى الهدى بمشيئتى .( انقروى 4 / 699 ) وإن عين البعير لهذا تكون ممطرة نورا ، فإنه يرعى الشوك من أجل ( الحصول على ) نور العين ، وتلك الشمس ، وشمس الحقيقة التي تسطع
 
« 582 »
 
فتنيره هي الشمس الحقيقية ، وهي لب الشمس ، بينما تمثل تلك الشمس الساطعة على الأفلاك قشرا لها وانعكاسا لها . . لأن ذلك اللهيب المسمى بالروح إن غادر الجسد مات الجسد . . ولم يعد له ليل أو نهار ، لكن إذا قويت فيه الروح ملك الشمس الباطنية لأصبح نوره دائما لا مغرب له ولا ليل له ( انظر مشكاة الأنوار للغزالي ) .
 
( 3061 - 3069 ) : وبنور الروح ترى العيون في الأحلام ، ولما كان « النوم أخ الموت » فاستدل على الأخ الذي تعرف من الأخ الذي تعرف : وإن قال لك واحد منهم : إن النوم فرع لكن الموت أصل لا تستمع إليهم ، بل استمع إلى قوله تعالى «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ، فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ( الزمر / 42 ) . وترى روحك في النوم من المشاهد ما لا تستطيع أن تشاهده في عشرين عام وما لم تشاهده قط في عالم اليقظة ، وتسرع أنت خلف معبرى الأحلام الدهاة تسألهم ، فإن كان هذا يحدث لك فلماذا تنكر وتسميه فرعا إذن . . هذا هو حلم العوام ، وحلم الخواص اجتباء واختصاص . . .
 
لماذا ؟ ! لأن . . كل إنسان يحلم ليلا بما يمسك عليه فكره نهارا ، يرى علماء النفس المعاصرون أن ثمة شيئين يسيطران على ما يمكن أن يحلم به الإنسان أولهما : ما يعيشه بالعقل نهارا وثانيهما ما يتمناه وما يتمسك به خياله ( انظر الأحلام لسيجموند فرويد ) .
وفي ديوان شمس الدين يقول :

« 583 »
 
ليلة الأمس تذكر فيلنا الهند ثانية فأخذ يمزق حجاب الليل من جنونه حتى الصباح .
( غزل 735 / 306 ) وهكذا فالفيل هو الذي يحلم بالهند ( وهو مثل أيضا في الفارسية عن الإنسان الذي يحلم بما كان في حياته الماضية ، ولعب الصوفية الفرس على هذا المعنى كثيرا على أساس أن الإنسان دائم الحلم بالجنة . .
كما أنه عندما يقال إن فيل فلان تذكر الهند يعنى أنه ارتكس بعد هدى وحن إلى حياته القديمة بعد أن تأقلم بالحياة الجديدة ) وهكذا لا يحلم الحمار بالهند لأن الحمار لم يغترب عن الهند .
 
( 3070 - 3084 ) : ومن هنا ينبغي أن تكون الروح قوية ( في قوة الفيل وقدرته ) حتى تستطيع أن تذهب إلى « هندها » أي إلى عالم الملكوت ( المثنوى كله حنين الروح إلى أصلها وتربية الانسان لكي يكون جديرا بالعودة من منفاه أي الأرض لموطنه ) . . إن الفيل يرى الهند لأنه يطلبها طلبا حثيثا طوال النهار وبمجرد أن يغفل صاحبه عنه يغمض عينيه ويمضى إليها ، وكذلك كل ما تذكره بالنهار ، ومن هنا فإن « ذكر الله » ليس عمل الأوباش الرعاع ، كما أن الروح التي ترجع إلى ربها راضية مرضية ليست روح أي محتال . . . 
ولكن لا تيأس : إن لم تكن فيلا فجاهد ، وبدل نفسك بالتدريج إلى فيل ، واعرض نفسك على المشتغلين بكيمياء الرجال من العارفين الذين يبدلون نحاس الرجال ذهبا وأوباشهم إلى عارفين وحمرهم إلى فيلة . . 
واستمع في معملهم إلى هذا الطنين الذي يصحب عملية التبديل هذه ، انهم هم الذين يرسمون في أجواء الفلك يخرقون العادة . .
يهيئون الأمور لي ولك أي لنا جميعا . يطوفون أجواء الفلك من أجلى وأجلك ، وإن لم تكن تبصر هؤلاء الأولياء فأنت أعشى ولا بد أن تعالج
 
« 584 »
 
نفسك في البداية من هذه الآفة لكي تكون مستعدا للرؤية ففي كل لحظة هناك آفة فوق إدراكك . . وينبت منك من الوساوس الشيطانية والخواطر الابليسية أولا بأول ، ولأن إبراهيم بن أدهم كان يملك هذه الرؤية فقد بسط له العالم أثناء النوم ( أو بين النوم واليقظة إن شئنا الدقة ) فلا جرم أنه من هذه الرؤيا قطع كل علائقه ، وترك الملك واختفى . .
وأهمل كل شئ ، وهذه هي علامة النور كما قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم أي التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار السرور كما ورد في الحديث النبوي « الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا وهما حرامان على أهل الله » وورد عن ابن مسعود أنه عليه السلام قرأ « من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء » 
ثم قال « إذا دخل النور في القلب انشرح وانفسح قالوا وما علامة ذلك يا رسول الله قال عليه السلام » التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار السرور والتأهب للموت قبل نزوله » ( مولوى 4 / 415 ) .


الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء الرابع د. أبراهيم الدسوقي شتا 
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.docx   مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 7:19 pm

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.docx

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.txt

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.pdf

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مشورة فرعون مع وزيره هامان في الإيمان بموسى عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جلوس الشيطان في مقام سليمان عليه السلام وتشبهه في أعماله بسليمان عليه السلام .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» إنذار سليمان عليه السلام لبلقيس طالبا منها ألا تصر على الشرك .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة نجدة الرسول عليه السلام لقافلة من العرب هدها الظمأ .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» ديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» تشبيه فرعون وادعائه الألوهية بابن آوى .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: